عقبات فى طريق الدفع الإلكتروني .. و«المركزي» يتدخل

جابر: ضعف أعداد المتعاملين مع المصارف أحد التحديات التي يجري العمل عليها عبر أدوات الشمول المالي

عقبات فى طريق الدفع الإلكتروني .. و«المركزي» يتدخل
‫محمود الصباغ‬‎

‫محمود الصباغ‬‎

8:59 ص, الأثنين, 21 سبتمبر 20

تقف مجموعة من التحديات أمام نشر وتعميق المدفوعات الإلكترونية بالرغم من النجاحات التى تحققت فى الفترة الماضية، ويتصدر تلك التحديات وفق مسئولين وخبراء تحدثوا لـ«المال»، ضعف الوعى بأهمية التعامل غير النقدى لدى نسبة كبيرة من العملاء بجانب نقص وسائل قبول المدفوعات وتركزها فى بعض المحافظات مثل القاهرة والإسكندرية.

خبراء: كود المدفوعات السريع يمثل طوق نجاة من التكلفة المرتفعة لنقاط التحصيل POS

وقال الخبراء إن هذه التحديات استدعت تدخل البنك المركزى مؤخرا عبر تدشين مبادرة لنشر نحو 100 ألف نقطة تحصيل إلكترونى POS لتشجيع المدفوعات وتصل تكلفتها إلى 600 مليون جنيه، كما أصدر بالتعاون مع اتحاد بنوك مصر مبادرة توعية عن أهمية الدفع الرقمى.

وأشار الخبراء إلى أن السوق المصرية بحاجة لمئات الآلاف من نقاط التحصيل الإلكترونية بجانب نشر أكبر لوسيلة كود الاستجابة السريع QR code والذى يوفر البديل الأيسر والأكثر فاعلية لنقاط التحصيل ذات التكلفة المرتفعة، حيث يمكن من خلالها تنفيذ المدفوعات عبر الموبايل والتطبيقات المختلفة لشركات الدفع الإلكترونى.

ودعا الخبراء إلى أهمية أن يكون هناك نوع من الإلزام لمقدمى الخدمات المختلفة بتوفير وسيلة أو أكثر للدفع الإلكترونى.

على البنوك والشركات بذل المزيد من الجهد فى مجال توعية العملاء بأهمية التعامل غير النقدى

كما أشاروا إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد من جانب البنوك وشركات الدفع المختلفة لزيادة نسب استخدام المدفوعات الإلكترونية والتى لا تزال محدودة للغاية ولا تتجاوز %10 من أعداد المشتركين فى تطبيق محافظ الهاتف المحمول على سبيل المثال.

عكاشة: مصر بدأت من الصفر وحققت نجاحات جيدة فى السنوات الثلاث الماضية

من جانبه، قال محمد عكاشة، مؤسس صندوق ديسريبتك المتخصص في الاستثمار بالتكنولوجيا المالية، إن مصر شهدت خلال الثلاث سنوات المنقضية طفرة في التحول الرقمي على صعيد القطاع المصرفي وغير المصرفي، فهناك ما يزيد على 30 مليون مشترك فى المحافظ الرقمية عبر الهاتف المحمول وما يزيد على 35 مليون بطاقة دفع.

وأوضح أن البنية التحتيه للقطاع المصرفي قبل الثلاث سنوات المنقضية كان معظمها غير رقمي، لذى يمكننا القول إن الدولة بدأت من الصفر في بناء البنية التكنولوجية الخاصة به.

وأشار إلى أن المركزي لجأ إلى إطلاق العديد من المبادرات لدعم التحول الرقمي من نشر 100 ألف نقطة بيع فهي خطوة جيدة لكنها ما زالت تمثل تحديي مقارنة بـ100 مليون مواطن مصري.

وأوضح أن أبرز الحلول في تحقيق التحول الرقمي هو أن يكون التاجر الصغير والمحلات وحتي سائق التاكسي وغيرها.. يمتلكون أدوات دفع إلكتروني إما نقاط البيع pos، أو QR code.

ولفت إلى أكبر المعوقات التي التي تواجه التحول الرقمي في مصر هي عدم امتلاك التاجر الصغير لماكينات قبول نقاط البيع.

كما أكد عكاشة أنه قبل أزمة فيروس كورونا كانت أكبر المشاكل تتمثل في عدم قابلية المواطنين للدفع الإلكترونية، لكن التباعد المجتمعي وحظر التجوار ذلك ساعد في حل تلك المشكلة وكسر الحاجز الذي كان بين المواطنين والدفع الإلكتروني.

وأشار عكاشة إلى عدم وجود الحوافز الكافية لجذب المواطن والتاجر الصغير للعمل تحت مظلة الدفع الإلكتروني، موصيًا بوضع حوافز للجهات الثلاث المتعاملة من البنوك والتاجر والمواطن.

وقال إنه لا يمكن لأي تاجر في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة العمل دون أن يمتلك آلية لقبول الدفع الإلكتروني.

وأضاف عكاشة أن من التحديات الكبرى التي تواجه الوصول للدفع الإلكتروني بالصورة المطلوبة هو إزالة الخلفية التي لدى المواطنين بأن المتعاملين تحت مظلة الدفع الإلكتروني سينزلون تحت مظلة الضرائب.

وفيما يخص التجار الكبار والاستيراد والتصدير، أشار إلى أنها لا تمثل عقبة كبير على الدفع الإلكتروني، موضحًا أنه يتم التعامل من خلال البنوك.

وأشار إلى أن بعض التجار يدعون تواجد مشكلة في شبكة الإنترنت أو عطل بالماكينة لأسباب منها ضعف السيولة لدي التجار، لذا على الدولة بحث تلك المشاكل التي تواجه التجار والسعي لحلها.

جابر: ضعف أعداد المتعاملين مع المصارف يمثل أحد التحديات التى يجرى العمل عليها عبر أدوات الشمول المالى

فيما يرى هاني جابر، رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات ببنك التنمية الصناعية، إن القطاع المصرفى يواجه العديد من التحديات التى تحول دون انتشار الخدمات المالية الإلكترونية بين جميع المواطنين بمختلف شرائحهم، مشيرًا إلى أن عدد المتعاملين مع القطاع المصرفى نحو %33 فقط من إجمالى المواطنين، منهم %28 يستغلون خدمة أو خدمتين فقط من الخدمات البنكية، بينما %36 يستخدمون الحسابات لإتمام عمليات المدفوعات الأساسية، مثل الكهرباء، و%2 فقط هم من يستخدمون كل الخدمات البنكية.

وأكد أن التحول الرقمى يمثل أحد المتطلبات الضرورية لإنجاح مشروعات إصلاح الاقتصاد وسوق العمل والتدريب وجاء ذلك متسقا مع اتجاهات المستقبل ولأهمية التطور الإلكترونى بديلا للتعامل الورقى والمضى قدما فى جهود تحقيق الحوكمة وإنشاء قاعدة البيانات القومية وتوحيد رؤى الدولة نحو المزيد من الإصلاح الإدارى وتدعيم مكانة مصر فى مؤشرات الشفافية وزيادة الإستثمارات الرقمية وتعظيم الفوائد الاقتصادية وخلق فرص عمل جيدة.

ويشير رئيس قطاع التكنولوجيا إلى أن محدودية انتشار ماكينات الـATM فى الريف والمناطق الحدودية أحد أهم التحديات التي تواجه التحول الرقمي، لما توفره للعملاء من إجراء المعاملات المالية فى الأماكن العامة كبديل عن الحاجة إلى التعامل المباشر مع موظف البنك، وتتركز ماكينات الصراف الآلى فى القاهرة والإسكندرية، بينما تعانى محافظات الصعيد، والمحافظات الحدودية من محدودية انتشارها.

وقال جابر إن تركز فروع البنوك فى المدن والمناطق الحضرية، يعيق نشر الثقافة المصرفية، مما يدفع الكثير من المواطنين إلى العزوف عن التعامل مع البنوك.

وقال محمد الأتربي، رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، ورئيس بنك مصر، في تصريحات صحفية سابقة، إن عدد بطاقات الدفع الإلكتروني المصدرة من البنوك وصل إلى مستوى 17.3 مليون بطاقة خصم، و16.2 مليون بطاقة مسبقة الدفع و3.3 مليون بطاقة ائتمان بنهاية مارس الماضي، فيما بلغ عدد نقاط البيع 88.3 مليون نقطة وماكينات الصراف الآلي وصلت إلى 13.3 مليون ماكينة منتشرة في الجمهورية.

وتابع جابر إن كثرة المستندات التى تطلبها البنوك من العملاء «سواء لفتح حساب أو الحصول على قرض»، أحد العوائق المهمة التى تحد من تعامل المواطنين مع البنوك، والتى تؤدى فى أغلب الأحيان إلى توجه العميل لشركات التمويل الاستهلاكى، لتوفير الوقت والجهد، أو اللجوء إلى الاقتراض من أحد التجار دون شروط أو مستندات، ما يُفقد القطاع المصرفى جزءاً من التعاملات المالية للمواطنين ويحد من نشر الشمول المالى.

كما يرى جابر أن خدمات التعهيد والكول سنتر تعتبر تحديا كبيرا أمام القطاع المصرفي لتحقيق الدفع الإلكتروني المطلوب، مشيرًا إلى وجود أزمة فى «كول سنتر» بالبنوك تكمن فى انخفاض عدد العاملين.

وتابع إن البنوك الدولية العالمية الكبرى تقسم %50 من موظفى البنك لخدمة «الكول سنتر» فقط، ضماناً للتواصل مع جميع العملاء على عكس البنوك المحلية، كما يجب تقديم التدريب الكافى للموظفين للرد على جميع استفسارات العملاء.

وعلى صعيد نشر الوعي بالمدفوعات الإلكترونية، قال جابر إن الاهتمام بتبنى مبادرات ومؤتمرات التوعوية مازال يحتاج إلى جهد كبير، موصيًا بضرورة تدشين حملات توعية ممنهجة من خلال مواقع التواصل الاجتماعى حول أهمية الشمول المالى، والتعامل المصرفى، وكيفية تأثير التكنولوجيا على تيسير المعاملات المالية.

وأطلق البنك المركزي المصري واتحاد بنوك مصر، حملة قومية للتوعية بمزايا السداد الإلكتروني تحت شعار «باي باي نقدية.. ده زمن الإلكترونية».

وتستهدف حملة المركزي واتحاد البنوك زيادة الوعي وثقافة التعامل بماكينات نقاط البيع «POS» ورمز الاستجابة السريع “QR code” لتنشيط عمليات الدفع الإلكتروني باستخدام كروت الدفع الإلكتروني والهاتف المحمول للتسهيل على المواطنين والتجار في تعاملاتهم اليومية.

كما أوصى رئيس قطاع التكنولوجيا بسن بعض القوانين وحاجة بعض التشريعات إلى تعديلات كثيرة لتيسير التعامل الإلكترونى وضمان قانونية الأوراق والمستندات المقدمة من العميل إلكترونيا بدلا من التعامل الورقى المباشر.

وأضاف أنه توجد معوقات تقف أمام تطور وتقدم المعاملات والتجارة الإلكترونية بالوطن العربى بصفة عامة فمن بين 22 دولة يوجد عدد قليل فقط منهم من لديه بالفعل قانون خاص بتنظيم المعاملات المالية الإلكترونية، والبعض ما زال فى مرحلة الإنشاء فأغلب المعاملات الإلكترونية تتم بشكل غير منظم ولا تحكمه قوانين تشريعية مما يتسبب فى حدوث بعض الأزمات والمشكلات بين مقدمى الخدمة والمستفيدين.

من جانبه يرى وليد ناجي الخبير المصرفي إن تكلفة وربحية حركة نقاط البيع تعتبر أكبر العقبات التي واجه الدفع الإلكتروني والتحول الرقمي.

وأوضح الخبير المصرفي أن تكلفة حركة نقطة البيع غير مرضية لكل من التاجر والمواطن، لا تشجع المواطن وحتي التاجر للتوجه إلى الدفع عبر نقاط البيع، مضيفا أن ربحية حركة نقطة البيع ليست مرضية على الطرف الآخر من البنوك والشركات لا تساعد تلك الربحية البنوك علي الانتشار.