في إطار جهود إصلاح الهيكلية الحكومية، تبدو تخفيضات النفقات التي يقودها إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، بالشراكة مع الرئيس دونالد ترامب، موجهة بشكل أكبر لأهداف أيديولوجية تستهدف وكالات اتحادية غير مرغوب فيها من قِبل المحافظين، بدلًا من كونها محاولة جادة لتوفير أموال دافعي الضرائب. وفقًا لخبراء الميزانية الجمهوريين، تركز هذه الجهود، حتى الآن، على وكالات تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي الميزانية الفيدرالية التي من المتوقع أن تصل إلى 7 تريليونات دولار في هذا العام المالي.
منذ تنصيب ترامب في 20 يناير، قاد ماسك فريق “إدارة كفاءة الحكومة” (DOGE) لتدقيق بيانات حساسة وإدارة حملات لتفكيك وكالات تشمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ومكتب حماية المستهلك المالي (CFPB). وعلى الرغم من إشادة ترامب بهذه الجهود واعتبارها مبادرة ضرورية لوقف الإنفاق غير الضروري، يرى منتقدون أن هذه التخفيضات تستهدف وكالات تَعدُّها الأوساط المحافِظة معادية لأيديولوجياتهم، مثل حماية المستهلك والتعليم والمساعدات الخارجية، بدلًا من معالجة الإنفاق الكبير على برامج مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وفقًا لـ”رويترز”.
خلال الأسبوع الماضي، أغلقت إدارة ماسك مكتب حماية المستهلك، بعد انتقادات متكررة من الجمهوريين منذ تأسيسه في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، حيث وصف ماسك المكتب بأنه “رمز للإفراط الليبرالي”.
كما تركزت الجهود على وكالة NOAA التي تُتهم بتهويل تهديدات تغير المناخ، ووزارة التعليم التي يصفها المحافظون بأنها تدفع بسياسات ليبرالية، ووكالة USAID التي تُتهم بتمويل دول لا تُعد حليفة لأمريكا.
تلك الجهود، التي يدعمها مشروع “2025”، وهو وثيقة أعدّتها مراكز أبحاث محافظة لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية، تتماشى مع أهداف سياسية لإعادة هيكلة الحكومة، لكنها أثارت جدلًا واسعًا بسبب تأثيرها على الآلاف من العاملين الفيدراليين.
وأشار دوغلاس هولتز-إيكين، المدير السابق لمكتب الميزانية في الكونغرس، إلى أن هذه الوكالات تمثل أهدافًا سهلة بسبب محدودية تأثيرها على الإنفاق العام، لكنه حذّر من أن استهداف البرامج الكبيرة مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية سيكون معركة سياسية شاقة.
من جانبه، دافع ماسك عن هذه التحركات، مشيرًا إلى أن الحكومة الفيدرالية يجب أن تكون أكثر استجابة لمطالب الشعب، وتعهّد بتحقيق وفورات بقيمة تريليون دولار من خلال مكافحة الاحتيال والهدر في الإنفاق. ومع ذلك، لم تقدم إدارة DOGE أدلة كافية لدعم الادعاءات بشأن توفير 37.69 مليار دولار منذ بدء عملها.
في ظل هذه الجهود، يبقى التحدي الأكبر أمام إدارة ماسك وترامب هو معالجة البرامج الكبيرة التي تشكل نحو نصف الميزانية الفيدرالية، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وهي برامج تلقى قبولًا واسعًا بين الناخبين الجمهوريين والديمقراطيين.
وأشار الخبراء إلى أن أي محاولة للمساس بهذه البرامج ستكون بمثابة اختبار حقيقي لإرادة الإدارة في تحقيق تغييرات جوهرية بعيدًا عن الحسابات الأيديولوجية.