ثمنت الدكتورة نيفين الأنطونى، عضو لجنة «الصحة» بمجلس الشيوخ، مشروع التأمين الصحى الشامل، مضيفة أنه من القطاعات الجاذبة للاستثمار، وتابعت أنه لحل أزمة كتابة الروشتة لا بد من إنشاء هيئة متخصصة للغذاء والدواء، مثل كل دول العالم، والمنوط بها متابعة السياسات الدوائية والتنبؤ بأى أزمات قبل حدوثها.
وقالت «الأنطونى» فى حوار مع «المال»، إن منظومة التأمين الصحى الحديثة ستتيح الاعتماد على مستشفيات القطاع الخاص بنسبة كبيرة فى تنفيذه، إضافة إلى توافر الكفاءات الطبية المطلوبة، وانخفاض التكلفة مقارنة بكثير من الدول أخرى.
الوزارة حققت نجاحًا فى مكينة الخدمات وربط غرف الإسعاف بالمستشفيات
وأضافت أن وزارة الصحة نجحت فى مشروع ميكنة الخدمات، فى إطار سعيها لتطبيق استراتيجية الدولة للتحول الرقمى، خاصة ربط المستشفيات بغرف عمليات هيئة الإسعاف، إلى جانب نجاحها أيضًا فى مبادرة إنهاء قوائم الانتظار، مؤكدة أن أزمة تفشى جائحة كورونا منحت دول العالم حافزًا كبيرًا لتسريع تبنى تقنيات الصحة الرقمية.
وطورت وزارة الصحة التقنيات الرقمية الأكثر ابتكارًا، بدءًا من التشخيص والتأمين الصحى والتطبيب عن بُعد، وهو ما أفاد كثيرًا فى إنقاذ آلاف الأرواح.
علاوة على ربط المستشفيات بغرف عمليات الإسعاف، والغرف المركزية لإدارة توزيع الحالات على المستشفيات، وكل هذا التطور حدث من خلال قوائم بيانات المصابين التى وفرتها منظومة الميكنة الذكية.
الأزمات المادية وقلة الموارد سبب مشكلات أجهزة الغسيل الكلوي
وعن أزمة نقص أجهزة غسيل الكلى فى بعض المحافظات، أوضحت «الأنطونى» أن سبب هذه الأزمات فى المقام الأول هو سوء الإدارة لدى الكثير من المستشفيات، بجانب الأزمات المادية، وقلة الموارد، وعجز الموازنة، خاصة أنَّ مستلزمات الغسيل الكلوى أغلبها مستوردة، إلى جانب أنَّ الكثير من المستشفيات كانت مُهملة لسنوات طويلة، وكانت الخدمة متدنية لأبعد الحدود، وأدت لمعاناة شديدة نتيجة الإهمال فى توفير المستلزمات الطبية للمرضى.
وأشارت إلى الاهتمام بالخدمات الطبية الآن، وبات الوضع الصحى بمصر فى تحسن خلال السنوات الأخيرة عبر الاهتمام بمكافحة العدوى، وتحسين بيئة المستشفيات، إلى جانب البدء فى تطبيق مشروع التأمين الصحى الشامل الذى سيخدم الكثير من المرضى.
ولفتت إلى أن الدولة اتبعت بعض الإجراءات لزيادة فرص الاستثمار فى القطاع الصحى، وانطلقت جهودها نحو مسار التطوير وإعادة التأهيل، سواء للبنية التحتية الصحية، أو تطوير العنصر البشرى والوحدات الصحية بالقرى.
وتابعت: كما وجهت الدولة استثمارات ضخمة تقدر بأكثر من 120 مليار جنيه، لتحسين القطاع الصحى، ما أحدث طفرة فى هذا القطاع، وخلق نوعًا من الجذب للكثير من الاستثمارات، بعد أن نفذت الدولة خلال الفترة بين عامى 2014 وحتى العام الماضى نحو 960 مشروعًا فى مجال الصحة والسكان، بإجمالى استثمارات قيمتها 81.290 مليون جنيه.
ولفتت إلى أنه وفقًا للبيانات الحكومية، بلغت حجم استثمارات القطاع الخاص فى قطاع الرعاية الصحية خلال العام المالى 2018 / 2019 نحو 9.3 مليار جنيه، بما يمثل %42 من إجمالى استثمارات القطاع المنفذة محليًا خلال نفس العام، كما استحوذت منشآت الرعاية الصحية الخاصة على ما يزيد على %25 من حجم أسِرَّة المستشفيات فى مصر، أى ما يعادل 36 ألف سرير تقريبًا.
وتوقعت «الأنطونى» أن تزداد حجم استثمارات القطاع الصحى خلال الـ10 سنوات المقبلة، كما يتضح فى صفقات الدمج والاستحواذ الكبيرة فى مجال الرعاية الصحية خلال عام 2020، الذى شهد أكثر من 19 صفقة دمج كبرى فى هذا الإطار.
ونوهت بأن قطاع الصحة يتضمن معايير عالمية للجودة تطبق بالمستشفيات كتطبيق بروتوكولات العلاج، وإجراءات أمان المريض، وتفاصيل كل إجراء وخدمة، ومعايير أمان استخدام الأدوية الخطرة، والعلاج الكيماوى، وحقوق وتثقيف المريض وأهله فيما يخص المرض، وكيفية العلاج والتعامل معه، والمعايير العالمية فى الممارسات التمريضية والطبية التى أهمها مكافحة العدوى، وتأهيل وتدريب العاملين فى المجال الطبى.
كما يشمل أيضًا معايير أمان ونظافة وصيانة المنشأة، وسلامة الغذاء المقدم للمرضى، بعد أن استطاعت المستشفيات، سواء فى القطاع الخاص أو التابعة لوزارة الصحة تحقيقها، وحصل أغلبها على شهادة الجودة، والتدقيق من قِبل الوزارة لتوافر هذه الاشتراطات لخدمة المرضى فى المقام الأول، إلى جانب تنفيذ الأهداف الاستثمارية للمشاريع.
وطالبت «الأنطونى» بضرورة تدريب كوادر فى هيئة الدواء المصرية للتفتيش الجيد والكامل على الصيدليات بجميع محافظات الجمهورية، وإعداد تلك الكوادر باستخدام وسائل متطورة وحديثة، بما سيؤدى إلى ضبط مخالفات عديدة ظهرت نتائجها السلبية فى المجتمع مؤخرًا، ومنها بيع بعض الصيدليات لأدوية مدرجة فى جدول الممنوعات.
وتابعت أن التفتيش سيحقق دورًا محوريًا ومهمًا فى ضمان وصول الدواء الآمن لكل مريض، علاوة على منع الاحتكار والاستغلال فى سوق الدواء المصرية.
كما شددت على أهمية إنشاء مقار تابعة لهيئة الدواء فى جميع المحافظات تكون مهمتها الأولى التفتيش على الصيدليات، خاصة تلك التى تعمل بدون إشراف صيادلة، حيث يدير أغلبها مساعدو الصيادلة والعاملون، مشيرة إلى أن الأمر تحول إلى ظاهرة يجب مواجهتها لما تمثله من تهاون بالغ فى صحة المواطنين، فبعض المرضى أصيبوا بمشكلات صحية كبيرة نتيجة التشخيص الطبى الخاطئ من عاملين غير مؤهلين لصرف الأدوية أو التعامل معها.
وعن آلية كتابة الروشتة بالاسم العلمى للدواء، وكيفية تطبيقها، أكدت أهمية التفرقة أولًا بين الاسم العلمى للدواء (Generic name) وهو الاسم الذى يسجل به فى الجهات المعنية، مثل وكالة الغذاء والدواء الأمريكية، والاسم التجارى (Brand ame) الذى تختاره الشركة المنتجة للدواء، ويصبح ملكًا خالصًا لها متى امتلكت براءة اختراعه فإذا أنتجته شركة أخرى يمكنها أن تختار له اسمًا مختلفًا تمامًا وفقًا لسياستها.
وأضافت: فاستخدام الاسم العلمى يمنع أخطاء الأطباء أو الصيادلة فى كتابة أو صرف العلاج، ويسمح للمريض أنَّ يختار بين المثيل الغالى، وبين المثيل الرخيص لرغبته، كما أنَّ جميع الأدوية تتم الموافقة عليها من وزارة الصحة بعد تحليلها والتأكد من أنها تعطى نفس فاعلية المثيل الأجنبى.
وقالت إنه لحل أزمة كتابة الروشتة لا بد من إنشاء هيئة متخصصة للغذاء والدواء، مثل كل دول العالم، والمنوط بها متابعة السياسات الدوائية والتنبؤ بأى أزمات قبل حدوثها.
العجز فى التمريض وصل إلى %33.. والأطباء %34
وأوضحت «الأنطونى» أن أزمة نقص الأطباء مزمنة وقديمة، ودائمًا ما نعانى منها، مشيرةً إلى أن العجز ليس فى الأطباء فقط ولكن فى التمريض أيضًا، ليصل إلى %33 مقابل %34 فى الأطباء .
وأكدت أنه لتجنب هذه الظاهرة يتطلب الأمر إعادة النظر فى توزيع الأطباء من جديد بشرط تحقيق عدالة التوزيع وإعطاء حوافز مقبولة للمناطق البعيدة والنائية بشكل مبدئى، منوهة بأن معظم الأطباء تقريبًا الذين يجدون فرصة بالخارج لا يفكرون بالعودة للعمل بالمستشفيات الحكومية.
وتابعت أنه بالتالى من المهم إيجاد عوامل لتحفيزهم إلى جانب الانضباط، والرقابة على الحضور والغياب، ثم سد العجز فى التمريض بالتوسع فى فصول التمريض مع فتح فصول للبنين، مشيرة إلى أن الحل أيضًا أن يتم سد العجز بالتعاقد مع أطباء المعاش.
وعن انتشار ظاهرة البرامج الطبية، أكدت «الأنطونى» أنه نتيجة عدم وجود رقابة إعلامية قوية، إضافة لقلة الوعى لدى المواطنين، انتشرت مؤخرًا ظاهرة الترويج للمنتجات الطبية بواسطة بعض القنوات التى لا تخضع للرقابة الكاملة؛ إذ تذاع تلك الإعلانات المدفوعة الأجر، ولا يتم البحث وراء تلك المنتجات المُعلنة للتأكد من مطابقتها للمواصفات أم لا.
وقالت إنه بات من المهم جدًّا والضرورى وضع ضوابط تحكم عمل البرامج الطبية على شاشات التلفاز، منها أن يكون الطبيب معروفًا، وذا مصداقية بين الناس، ويحمل كارنيه النقابة، وشهادة مزاولة المهنة، أما فى حالة الظهور من داخل مركز طبى، فيجب إبراز صورة من الترخيص للمركز، وتتسلم القنوات هذه الأوراق، كما يجب أن تمنع البرامج الطبية مدفوعة الأجر، ويمنع كل طبيب يدفع أجرًا للإعلان عن عيادته أو مركزه أو مستشفاه منعًا باتًا من الظهور على الشاشات.
وأشارت إلى أن البدء فى تفعيل قانون رقم 206 لسنة 2017 الخاص بتنظيم الإعلان عن المنتجات الطبية، سيكون خطوة مهمة فى طريق مواجهة فوضى هذه الإعلانات، التى انتشرت مؤخرًا بصورة مزعجة وضارة على الصحة العامة للمواطنين.
وأضافت «الأنطونى» أن هذا القانون صريح وبه عقوبات رادعة، إذ يُلزم بضرورة منح الإعلان ترخيصًا قبل بثه، كما أنه يتصدى لفوضى البرامج الطبية، وكذلك إعلانات المنتجات الطبية وتقنين ضوابط نشر الإعلانات المتعلقة بالمنتجات الصحية، ويسمح فقط بالإعلان عن المنتجات الخاضعة لاختبارات وزارة الصحة وهيئة سلامة الغذاء.