ظاهرة «نتنياهو» فى الشبق للسلطة

ظاهرة «نتنياهو» فى الشبق للسلطة
شريف عطية

شريف عطية

7:36 ص, الأحد, 14 مارس 21

تتميز إسرائيل عن مجمل بلدان منطقة الشرق الأوسط.. بمراعاة مبدأ تداول السلطة.. حتى بين قادتها التاريخيين (..) إلا أنها هوت فى العامين الأخيرين إلى قاع الفراغ الحكومى من بعد عجزها ثلاثة انتخابات نيابية متتالية عن ترسيخ منصب رئيس الوزراء.. الذى يشغله «نتنياهو» منذ العام 2009، رافضًا التخلى عنه كاستمساك كلب الصيد بفريسته، وبدعم ديماجوجى من سيكوباتية مختلف أجنحة التيار اليمينى المتشدد، التى استطاعت إزاحة حزب العمل- المؤسس لقيام الدولة – عن الحكم لأول مرة فى العام 1977 إيذانًا بتطبيق الأدبيات السياسية والأيديولوجية (التوراتية) لمنظمات «الأرجون» و»ستيرن»، ومشتقاتهما، على رأس الحكومة، بيجن- شامير، لنحو عقدين من الزمان إلا قليلًا، إلى أن لحق «نتنياهو» على دربهما 1996 – 1998 .. حيث ابتدأ عهده بالإشارة إلى المصريين، رغم اتفاق السلام بين البلدين، بالقول «أعداؤنا الذين فى الجنوب»، ذلك من قبل أن يليه «شارون» مطلع الألفية الثالثة الميلادية، إلا أنه تحول، وخليفته «أولمرت» من حزب الليكود إلى الوسط «حزب كاديما» الذى سرعان ما تفكّك بدوره من بعد غيبوبة عميقة للأول، والحكم بالسجن على الثاني، ليعود «نتنياهو» مجددًا إلى رئاسة الحكومة فى 2009حيث واصل سياسته لتجميد عجلة السلام المتوقفة منذ منتصف التسعينيات دون التقدم ولو قيد أنملة للأمام، بما فى ذلك اعتراضه فيما يشبه التمرد على مبادرات البيت الأبيض لاستئنافها 2009- 2017، إلى أن تحالف مع «ترامب» عبر مفهومهما المشترك لليمين الشعبوى.. لما يسمى «صفقة القرن»، لغير صالح الجانب العربى من الصراع مع إسرائيل، إلا أن الهبات المجانية الأميركية لإسرائيل (..) لم تشفع لـ»نتنياهو» فى حسم نتيجة الانتخابات الثلاثة الماضية- خلال عام ونيف- لصالح انفراده برئاسة الحكومة الائتلافية، ما يدعو إلى انتخابات رابعة فى أبريل المقبل.. من غير المعلوم مصير مستقبله السياسى عندئذ، إذ ينقسم بشأنه المناخ الحزبى والسياسى داخل إسرائيل، كما ترفض استقباله دول عربية ممن لها علاقات دبلوماسية مع بلاده، وبالتزامن مع الخشونة فى التعامل معه من جانب الرئيس الأميركى «بايدن» ذات الاتجاه الجديد المغاير عن سلفه بالنسبة للمسألة الفلسطينية، ما يعنى كونها مواقف لعدم إقحام العلاقات مع إسرائيل لصالح «نتنياهو» فى معركته الانتخابية المرتقبة مع خصومه الحزبيين رغم الحرص الشديد من جانبه على استخدامها لصالحه، بما فى ذلك- على سبيل المثال- تعهده بألا تصبح إيران ذات قدرات عسكرية نووية ما دام يجلس على كرسى رئاسة الحكومة، وكأن لا توجد مؤسسات فى إسرائيل، غيره، ما يشير إلى استخفافه بمعارضيه ممن يُظهرون بدورهم صورًا له فى الإعلام وهو فى قفص الاتهام بالمحكمة العليا، كذلك صور تداعيات أزمة «كورونا»، وضحايا العنف المجتمعى فى الأوساط العربية، ناهيك عن تلقّيه صفعة من خصومه بنشر اتفاق موثق سرى (مزعوم) بينه مع زوجته يلتزم لها بمقتضاه بأن تحضر لقاءاته السرية، وأن تكون شريكة فى قرارات تعيين قادة الجيش والمخابرات، فضلًا عن تحكمها بالشئون المالية الكاملة للعائلة، وكأن الأمر- رغم غرابته- قد يشير، ربما إلى دور مطلوب أن تباشره الزوجة نيابة عن منظمات (خفية) داعمة للمركز الحكومى للزوج طوال السنوات الفائتة، وإذ بصرف النظر عن مصداقية هذه «الوثيقة» من عدمه، فإنها ذات دلالة لا تخطئها العين عن مستوى التدنى الذى بلغته تفاصيل الصراع على السلطة فى إسرائيل، وعن كيفية إهدار «نتنياهو» المصالح العليا للبلاد فى سبيل إشباع رغباته الاستمرار فى السلطة التى يحرص مع تياره السياسى المتطرف- للاستمرار فيها- من خلال توظيف المشاعر السيكوباتية المفزوعة للمواطنين، إلى جانب الاستخفاف بمعارضيه إلى حد اتهامهم بتعريض الأمن الإسرائيلى لمخاطر (الإرهاب) العربي، وما إلى غير ذلك من سلوكيات أخرى تمثل جوانب من ظاهرة «نتنياهو» فى الشبق للسلطة.