استهلكت الدول الأكثر هشاشة من الناحية المالية حول العالم احتياطيات صندوق النقد الدولي الإضافية التي تلقتها السنة الماضية، مما أثار دعوات لعملية ضخ جديدة لمساعدتها على مواجهة أسعار الفائدة العالية وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود.
القدرة على دعم الدول الأكثر هشاشة
قال مركز الاقتصاد والسياسة، وهي مؤسسة بحثية تقدّمية مقرها واشنطن، في تقرير يوم الأربعاء، إنَّ الإصدار القياسي لصندوق النقد الدولي البالغ 650 مليار دولار للأصول الاحتياطية المعروفة بحقوق السحب الخاصة (SDRs)، في أغسطس العام الماضي “كانت توجد حاجة ماسة له”، واستُخدم بصورة حصرية تقريباً من قبل الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل.
حقوق السحب الخاصة
قال أندريس أراوز وكيفين كاشمان، وهما مؤلفا التقرير، إنَّ عملية التخصيص حققت “نجاحاً ملموساً”، حيث استخدمت 105 من أصل 190 دولة عضو الاحتياطيات – موزعة بما يتناسب مع حصة كل بلد في الصندوق- إما لتخفيف الديون، أو الحصول على عملة صعبة، أو المساعدة المالية،أو من خلال خليط من الثلاثة.
من بين تلك البلدان، استهلك ما يفوق 30 دولة على الأقل 90% من حقوق السحب الخاصة الخاصة بها.
قال المؤلفان إنَّ حقوق السحب الخاصة توزع بحسب حصص البلدان في صندوق النقد، حيث يذهب جزء كبير منها إلى الدول الغنية التي لا تحتاج إليها.
خُصص ما يزيد على نصف حقوق السحب الخاصة الجديدة للاقتصادات المتقدّمة، بجانب 42% للاقتصادات الناشئة والنامية، و3.2% فقط لمجموعة فرعية أصغر من البلدان منخفضة الدخل.
ووجد أراوز وكاشمان أنَّ الولايات المتحدة – أكبر مساهم في الصندوق – ربحت حوالي 15.6 مليون دولار من الفوائد على حقوق السحب الخاصة غير المستغلة.
دعت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، البلدان الغنية لإعادة توجيه بعض مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة إلى الدول الأشد احتياجاً، وروّجت لفكرة توجيه دعمها عبر بنوك التنمية متعددة الأطراف، برغم أنَّ ذلك لم يحدث حتى الآن.
دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا البلدان الغنية إلى التبرع – وليس للإقراض فقط – بمخصصاتها.
يكشف بحث مركز بحوث الاقتصاد والسياسة أنَّ 11 دولة فقط التزمت بإعادة توجيه مواردها إلى الدول الفقيرة، ولم يجر ِتلقي أي أموال.
إصدار إضافي
قال الباحثون: “نتيجة لحقيقة أنَّ إعادة التوجيه لم تفِ بوعودها حتى الآن، يوجد جهد يتنامى لمساعدة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل من خلال إصدار إضافي لحقوق السحب الخاصة، وفي إطار الأزمات العالمية الإضافية، على غرار زيادة أسعار الفائدة، وتصاعد تكاليف الغذاء والطاقة، والآثار غير المباشرة للحرب في أوكرانيا، سيوفَّر تخصيص بحجم مماثل للسنة الماضية 209 مليارات دولار لهذه الدول”.
تداعيات الغزو الروسي
في يوليو المنصرم، دعا أعضاء ديمقراطيون بارزون في الكونغرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لدعم عملية ضخ موارد جديدة لبلدان في صندوق النقد الدولي لمساعدتها على مواجهة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
مرة أخرى في 2020، قبيل انتخاب بايدن مباشرة، دعا وزير الخزانة السابق لاري سمرز، الذي وفّر المشورة للحملة الانتخابية فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، ورئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون إلى إصدار “يفوق تريليون دولار”.
سيتطلّب مثل هذا التحرك الحصول على تأييد 85% من حصة التصويت بين 190 اقتصاداً عضواً في المؤسسة، بالإضافة إلى التصميم على وجود حاجة طويلة الأجل لسيولة مالية أكثر على مستوى العالم حتى عقب توفير أكبر احتياطيات في التاريخ.