ضمانات التوازن الإقليمى العالمى فى الشرق الأوسط

ضمانات التوازن الإقليمى العالمى فى الشرق الأوسط
شريف عطية

شريف عطية

6:14 ص, الثلاثاء, 15 سبتمبر 20

ليست الجغرافية السياسية للشرق الأوسط، كمنطقة متاخمة للحدود الجنوبية الحساسة لروسيا، ببعيدة عن الاهتمامات الأمنية الغربية.. المرتبطة كذلك بأمن البحر المتوسط والشرق الأوسط، سواء حين غزو «نابليون» لروسيا «القيصرية» قبل هزيمته المهينة فى العام 1812، أو حين نقضت ألمانيا مطلع أربعينيات القرن الماضي معاهدتها مع روسيا «السوفيتية» قبل اندحار الجيش «النازي» عن «ستالينجراد»، أو سواء فى الصراع مع الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة بينهما 1947 – 1989، حيث قامت إسرائيل خلالها- وهى الحليفة السابقة للثورة البلشفية- بدور «قرة قوز» (الأراجوز) لحساب الإمبريالية الغربية، بحسب تعبير القادة السوفيت، ما دفع مصر «الخمسينيات»- الرافضة الانضواء من قبل فى الأحلاف الغربية- إلى الاتجاه نحو موسكو طلباً للتسليح والتصنيع، ما أتاح لها الدخول- لأول مرة- إلى المياه الدافئة فى الشرق الأوسط، إلى أن خرجت منها فى التسعينيات.. بالتزامن مع تفكك الاتحاد السوفيتى، لصالح الأحادية الأميركية (ومن فى معيتها من داخل الإقليم)، الأمر الذى رمى بثقله بشكل حاسم على الأوضاع السياسية والاجتماعية للشرق الأوسط، وفى وقت كادت روسيا أن تصبح مجتمعًا منقسمًا على نفسه، قبل أن تعاود الدولة فى العقدين الأخيرين موقعها المستحق على خريطة السياسة العالمية، وفى قلب الشرق الأوسط كحقيقة ثابتة على المستويين العسكرى والسياسى، رغم جهود أميركية هائلة لإحباط تقدم موسكو فى المناطق التى تحسبها واشنطن جزءًا أساسيًّا من مجال نفوذها- كأوروبا والشرق الأوسط- خاصة بالنسبة لدعم الاعتراف العربى بإسرائيل، كدولة طبيعية من دول المنطقة.. التى ينحسر عنها الاهتمام الأميركى باستثناء ما تعتبره الإدارات الأميركية المتتالية «كنزها الاستراتيجي» الإسرائيلي. إلى ذلك، وفى ضوء تزايد الضغوط الأميركية على العالم العربى باتجاه التطبيع مع إسرائيل، من المتوقع لجوء الأطراف العربية والإقليمية- غير القابلة بهيمنة «الحقبة الصهيونية» على منطقة الشرق الأوسط- للتوجه مجدداً نحو روسيا- عودًا على بدء إلى الخمسينيات، مع الفارق بين روسيا «الأيديولوجية» ونظيرتها «المنفتحة» بوصفها قوة جديدة جاهزة لتغيير التوازن، إقليميًّا وعالميًّا، ومن دون سابق تجدد الاستقطاب الثنائى بنفس الحدة والتطرف الذى كان عليه فى حقبة الحرب الباردة السابقة، نظرًا لاتجاه النظام الدولى للتعددية القطبية، الأمر الذى سيكون له تداعياته العربية الإيجابية على دول الإطار المباشر مع إسرائيل، سوريا- لبنان- فلسطين- الأردن، بالنسبة لمستقبل تسويات سياسية تتسم بالعدل، ورد الحقوق لأصحابها، وحيث يمثل وجود الثقل الروسى.. ضرورة للتوصل إلى وقف الأعمال القتالية فى مناطق الأزمات، خاصة ما يتعلق منها بقضايا تقرير المصير، فى مقدمتها تسوية المسألة الفلسطينية بإقامة الدولتين، وفى إطار من الشراكة المصرية- الروسية، الأكبر فى العالم العربى وأفريقيا.. التى أدى تغاضى القاهرة عن أهميتها فى السبعينيات إلى خلل فى السياسية الخارجية مازالت تبعاته قائمة إلى الآن، فيما سوف يحتاج تصويبها إلى قدر كبير من الكياسة الدبلوماسية مع القوى الكبرى الأخرى بحيث لا تنفرد إحداها بفرض نواهيها على العالم العربى، مصر فى مركز الدائرة منه، الأمر الذى لن يستقيم مساره سوى بضمانات التوازن الإقليمى العالمى فى الشرق الأوسط