قال صندوق النقد الدولى إن النمو السكانى السريع فى مصر أدى إلى ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى الناتج عن الاستهلاك، ومع ذلك كانت المساهمات من صافى الصادرات والاستثمارات الخاصة منخفضة.
وأضاف فى ملحق خاص أعده عن دور الصادرات فى زيادة نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصر على المدى الطويل، ونشره ضمن وثائق المراجعة الثانية والأخيرة من برنامج اتفاق الاستعداد الائتمانى الذى وقعه مع مصر منتصف العام الماضى لمواجهة تداعيات وباء كورونا والبالغة قيمته 5.2 مليار دولار، أنه فى حين أن الاستهلاك الخاص سيستمر فى لعب دور كبير فى نمو الناتج المحلى بمصر نظرًا للديناميكيات الديموغرافية، فإن هذا النموذج الاقتصادى سوف يطيل أمد انخفاض الإدخار والاستثمار مما يمنع مكاسب الإنتاجية ويحد من النمو المحتمل -بحسب الصندوق.
ونشر الصندوق تلك الوثائق على موقعه الالكترونى مساء يوم الخميس الماضي.
وأكد صندوق النقد أن قطاع السياحة يمكن أن يكون مصدرًا مهمًا للنمو ودخل العملات الأجنبية، ولكن كما إتضح من الأزمة التى ترتبت على جائحة كورونا يمكن أن يكون متقلبًا.
وقال إن محركات النمو التى ستعزز أيضًا إنتاجية القوى العاملة ستضمن استمرار مصر فى النمو بشكل مستدام مع خلق فرص عمل لفئات العمال الوافدة، مشيراً إلى أن الموجة الأولى من الإصلاحات الهيكلية التى نفذتها الحكومة المصرية ساهمت فى زيادة نمو الإنتاجية فى السنوات الأخيرة مع وجود مجال لتحقيق المزيد من المكاسب.
وقال إنه يمكن للنمو المدفوع بالتصدير أن يساعد فى تحقيق نمو أعلى للإنتاجية مما يضمن استمرار النمو على المدى الطويل، مشيراً إلى أن الشركات المصدرة تستفيد من الوصول إلى أسواق أكبر ونقل التكنولوجيا من الشركاء التجاريين وتحسين الكفاءة عن طريق المنافسة.
ويمكن أن يكون لهذه الفوائد آثار غير مباشرة إيجابية على بقية الاقتصاد من خلال زيادة الاستثمار ونقل المعرفة وتخصيص الموارد بشكل أفضل وخلق فرص العمل.
أكد أن إن العلاقة الإيجابية بين نمو الصادرات ونمو الناتج المحلى الإجمالى تدعمها أدلة من عدة بلدان.
وقال إن قطاع التصدير المصرى يتمتع حاليًا بإمكانيات هائلة غير مستغلة، مضيفاً أن صادرات السلع والخدمات شكلت حوالى 50 مليار دولار أو %17.5 من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2018/2019.
أضاف أن الحصة الصغيرة نسبيًا للصادرات من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بالعديد من الأقران الذين لديهم نفس حجم السكان أو دخل الفرد تعكس أن مصر تصدر منتجات أقل إلى وجهات أقل.
ويرى الصندوق أن الموقع الجغرافى لمصر – على مفترق طرق أوروبا وآسيا وأفريقيا – يوفر ميزة رئيسية ظلت حتى الآن غير مستغلة إلى حد كبير.
وأشار إلى أن سوق التصدير فى مصر تعد مركزة بشكل كبير؛ حيث اتجهت %54 من الصادرات إلى تسع دول فقط (الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، والهند، والمملكة العربية السعودية، وسويسرا، وتركيا، وألمانيا) فى العام المالى 2020/2019.
أكد أن مصر شهدت نموًا سريعًا فى الصادرات بعد انضمامها إلى منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA) فى عام 1997 واتفاقية أغادير (مع الأردن والمغرب وتونس) فى عام 2004، ولكن مع أنه تم إجراء حوالى %11 فقط من التجارة داخل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى و %3 فقط مع بلدان أغادير، فهناك مجال لزيادة التكامل الإقليمى أمام مصر.
لا يمكن الوصول إلى 100 مليار دولار إلا من خلال تسريع عملية تطويرها والاستفادة من الوجهات الجديدة
وقال إنه لا يمكن تحقيق هدف الحكومة المعلن مؤخرًا المتمثل فى الوصول إلى 100 مليار دولار من الصادرات إلا من خلال تسريع عملية تطوير الصادرات والاستفادة من وجهات تصدير جديدة.
أضاف الصندوق إنه يمكن أن تؤدى زيادة المشاركة فى سلاسل القيمة العالمية (GVCs) إلى زيادة حجم الصادرات وتحسين تطورها وتنويع وجهات التصدير.
وأكد أنه لزيادة الصادرات المصرية بطريقة مستدامة وشاملة، من الضرورى إجراء إصلاحات هيكلية عميقة ومتسلسلة بشكل جيد، مضيفاً أن الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى والحماية من اختلال أسعار الصرف سيضمن إمكانية التركيز المستمر على الإصلاح الشامل نحو قطاع تصدير أكثر حيوية.
وسيكون تنفيذ قانون الجمارك الجديد أمراً أساسياً، لاسيما وأن هذا القانون يعد بتبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير و تحسين الشفافية والقدرة على التنبؤ فى تطبيق الجمارك؛ لذلك من الأهمية بمكان أن يحافظ تطبيق القانون على هذه الروح المعنوية لتقليل الحواجز غير التعريفية.
وقال إنه مع رفع القيود المفروضة على المصدرين، ينبغى إلغاء دعم الصادرات والضمانات والإعفاءات الضريبية، وبدلاً من ذلك يمكن للحكومة دعم المصدرين من خلال تقديم المساعدة الفنية مثل أبحاث السوق وبرامج التدريب على عملية التصدير وتلبية المعايير الدولية وإنشاء مكاتب تجارية فى أسواق التصدير الرئيسية لتقديم الدعم اللوجستى للمصدرين.
وقال إن تطوير استراتيجية التجارة الإقليمية والربط التجارى بالاشتراك مع شركاء اتفاقيات التجارة سيسمح أيضًا للمصدرين بالوصول بسهولة أكبر إلى الأسواق الإقليمية للاستفادة من المزايا الإقليمية.
وأشار إلى أنه بالتوازى مع ما سبق، يجب على الحكومة اعتماد إصلاحات تكميلية لتحسين القدرة التنافسية للقطاع الخاص – بما فى ذلك من خلال الاستثمار فى البنية التحتية والخدمات لخلق بيئة أعمال مواتية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستثمار فى التعليم والتدريب وتحسين تصميم المناهج الدراسية لتعكس احتياجات مهارات الصناعات من شأنه أن يسهل بمرور الوقت إعادة توزيع العمالة نحو قطاعات أكثر إنتاجية وتنافسية.
وأكد أن هذه السياسات ستضمن دعم نمو الصادرات بشكل مستدام من قبل قطاع خاص نشط وقوة عاملة ماهرة مع توفير فرص عمل مناسبة للسكان المصريين.
كان وزير المالية الدكتور محمد معيط، قال فى تصريحات صحفية سابقة، إنه تم تخصيص 8 مليارات جنيه لدعم وتنمية الصادرات فى العام المالى الجارى 2021/ 2022 ؛ بما يعكس حرص الحكومة على مساندة القطاع التصديرى فى مواجهة أزمة كورونا؛ باعتباره أحد دعائم الاقتصاد القومى، من خلال السعى الجاد لسرعة رد الأعباء التصديرية المتأخرة للشركات المصدرة لدى صندوق تنمية الصادرات؛ بما يسهم فى توفير سيولة نقدية تُمكِّنها للوفاء بالتزاماتها نحو عملائها، والحفاظ على العمالة فى ظل جائحة كورونا.