أشاد صندوق النقد الدولى، بالخطوات التى تتخذها الحكومة المصرية لمواجهة تغير المناخ، مؤكداً أنها تتخذ خطوات إيجابية نحو تحقيق الانتعاش الأخضر، وأضاف أنه تم تطوير خطط متعددة القطاعات للتكيف والتخفيف والحد من تعرض مصر لآثار تغير المناخ بما فى ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر والظروف الجوية القاسية.
أضاف صندوق النقد فى وثائق المراجعة الأولى لبرنامج ترتيب الاستعداد الائتمانى البالغ قيمته 5.2 مليار دولار والتى كشف عنها يوم الخميس الماضى، أنه من المتوقع أن يؤدى إصلاح تسعير الوقود والاستثمار فى مجمعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكذلك مشاريع تحويل المركبات التى تعمل بالبنزين إلى غاز طبيعى وتحويل النقل العام إلى كهرباء إلى تعزيز التعافى الأخضر وخلق فرص عمل على المدى المتوسط.
كان المجلس التنفيذى لصندوق النقد وافق فى 26 يونيو الماضى على اتفاق للاستعداد الائتمانى لمدة 12 شهرا بقيمة تعادل حوالى 5.2 مليار دولار أمريكى، أو %184.8 من حصة العضوية، وذلك لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى وضعته السلطات المصرية أثناء أزمة كوفيد-19.
من المتوقع أن يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة وتيرة الظواهر الجوية كموجات الحرارة والعواصف الرملية والأمطار الغزيرة على البلاد بشكل كبير
واستكمل المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى فى 18 ديسمبر الماضى المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر الذى يدعمه اتفاق للاستعداد الائتمانى، وأكد الصندوق أنه باستكمال هذه المراجعة يُتاح للسلطات سحب مبلغ قدره حوالى 1.6مليار دولار ليصل مجموع المبالغ المنصرفة بموجب الاتفاق إلى حوالى 3.6 مليار.وتضمنت الوثائق ملحقاً خاصاً بعنوان “تخضير الانتعاش فى مصر”، مشيرةً إلى أن مصر تتعرض بشدة لتغير المناخ وأنه من المتوقع أن يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات فى تدفقات النيل وارتفاع وتيرة الظواهر الجوية مثل موجات الحرارة والعواصف الرملية والترابية والفيضانات السريعة والأمطار الغزيرة على البلاد بشكل كبير.
وأضاف الصندوق فى هذا الملحق أنه بالتالى سيكون لتغير المناخ عواقب وخيمة بما فى ذلك انعدام الأمن الغذائى والمائى وانخفاض إنتاجية المزارع ومصائد الأسماك، بجانب الأضرار التى تلحق بالبنية التحتية وتدهور السواحل ومخاطر الصحة العامة وضعف الشعاب المرجانية التى تعد هى عامل جذب سياحى رئيسياً فى البحر الأحمر.
وأشار الصندوق إلى أنه فى حين أن نصيب الفرد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى مصر منخفض نسبيًا، إلا أن هذه الانبعاثت شهدت نموًا حادًا فى العقود الماضية.
وقال إنه بالإضافة إلى مساهمة تلك الانبعاثات فى تغير المناخ فإنها تعد هى المسؤولة جزئيًا عن مشاكل التلوث الخطيرة فى القاهرة.
وأشار صندوق النقد إلى أن مصر طورت خطة طويلة الأجل ومتعددة القطاعات للتخفيف والتكيف فى مواجهة المخاطر البيئية الرئيسية، وتهدف هذه الخطة إلى التخفيف من تأثير تغير المناخ على المناطق الساحلية والصحة العامة.
وأضاف الصندوق أنه تم التخطيط لإجراءات لضمان الأمن المائى والتحول من مصادر الطاقة المعتمدة على الكربون إلى الطاقة الخضراء والنظيفة وتعزيز إدارة النفايات وتحسين الأمن الغذائى، مشيراً إلى أنه يتم مراجعة الخطة وتحديثها باستمرار مع توفر معلومات جديدة ومع تزايد طموحات السلطات المناخية.
وقال إنه على سبيل المثال، يتم تطوير خطة تكيف وطنية لتنقيح وتحديث الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارث، مشيراً إلى أنه لضمان الاستدامة، يُطلب الآن من السلطات والوزارات المصرية دمج البعد البيئى فى عملياتها.
وقال صندوق النقد إن مصر تكثف جهود التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال إصلاح أسعار الوقود، لافتاً إلى أنها أكملت بنجاح إصلاح دعم الوقود الذى أدى إلى خفض العبء المالى لدعم الوقود من %3.3 من إجمالى الناتج المحلى فى السنة المالية 2017/2016 إلى %0.4 فى السنة المالية 2020/2019.
وأشار الصندوق أنه تم الانتهاء من الإصلاح بنجاح مع تدابير مصاحبة لدعم الأسر الفقيرة، وبفضل هذا الإصلاح جزئيًا، انخفض استهلاك المنتجات البترولية بنسبة %2.1 فى السنة المالية 2019/2018.
وأضاف الصندوق أنه انخفضت الانبعاثات من استهلاك الوقود هبطت بنسبة %3.3، لافتاً إلى أنه للمساهمة فى تمويل تكلفة الوباء، فرضت مصر رسوم تطوير على البنزين ووقود الديزل من المتوقع أن تزيد بنسبة %0.1 من الناتج المحلى الإجمالى.
وقال إنه بدعم من البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، ستشرع السلطات أيضًا فى تحديث مصفاة الديزل فى الإسكندرية لتحسين كفاءتها فى استخدام الطاقة، مؤكدا التزام السلطات بالتحول نحو مصادر طاقة أكثر اخضرارا، وأشار إلى أن محطة بنبان للطاقة الشمسية ومزرعة الرياح فى جبل الزيت ساهمتا فى رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة فى توليد الكهرباء إلى %11 فى عام 2019.
وذكر أن السلطات المصرية تهدف إلى زيادة هذه الحصة إلى %20 بحلول عام 2022 و%42 بحلول عام 2035، مع مشاركة القطاع الخاص ومجتمع المانحين بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية وبنك التنمية الأفريقى.
وقال إن هناك أيضًا مشاريع جارية لتحديث الشبكة الكهربائية للسماح بتكامل مصادر الطاقة المتجددة ورفع الكفاءة معها بدعم من هيئة “JICA” اليابانية.
وبالنسبة لقطاع النقل، أطلقت السلطات مخططًا مدته 5 سنوات لتحويل المركبات التى تعمل بالبنزين إلى غاز طبيعى وهو أرخص وأقل تلويثًا، ومشاريع لدمج الحافلات والقطارات الكهربائية فى نظام النقل العام، بما فى ذلك بدعم من البنك الدولى.
علاوة على ذلك، تخطط مصر لإنتاج حوالى 25 ألف سيارة كهربائية سنويًا بدءًا من عام 2021.
وعلى المدى الطويل، تقوم مصر ببناء محطة للطاقة النووية لتزويد البلاد بمصدر نظيف ومستدام للطاقة، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيلها بحلول عام 2026.
وقال صندوق النقد إن مصر تستثمر فى التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، ومن المتوقع أن تشكل مشاريع الاستثمار الخضراء %14 من إجمالى الاستثمار العام فى العام الماضى 2020.
وأضاف أنه سيتم تطبيق إرشادات الاستدامة البيئية الجديدة على %30 من المشاريع فى العام المالى الجارى 2021/2020، مؤكداً أنه سيتم مراجعتها وتوسيعها لتشمل جميع مشاريع الاستثمار العام فى غضون 3 سنوات.
بالإضافة إلى الاستثمارات فى مصادر الطاقة المتجددة والنقل، تشمل المشاريع الخضراء محطات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحى وتحسينات فى البنية التحتية للرى للتخفيف من مخاطر انعدام الأمن المائى.
وذكر الصندوق أن هناك تسعة عشر محطة لتحلية المياه قيد الإنشاء ومن المتوقع أن تكتمل فى غضون 18 شهرًا.
وقال إنه من المتوقع أن تبلغ تكلفة محطة معالجة مياه الصرف الصحى فى بحر البقر 16 مليار جنيه مصرى، موضحاً أنه يتم بناؤها بدعم من الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى والصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية.
وأضاف أن مشاريع إدارة النفايات الصلبة سنساهم فى تقليل التلوث ؛ فى حين أن أنظمة إدارة جودة الهواء الأفضل ستساعد فى التعامل مع الأحداث المتطرفة الناتجة عن تغيرات المناخ.
وتابع: أن مصر أصدرت مؤخرًا سندات خضراء – وهى الأولى من نوعها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحقق الإصدار 750 مليون دولار، مما جذب المستثمرين الأجانب الجدد والحاليين، ومن المتوقع أن تمول العائدات بعض المشاريع الخضراء التى تعتبر مؤهلة والبالغة قيمتها 1.9 مليار دولار.
وقال الصندوق إن المضى قدما يتطلب معالجة بعض الاختناقات، موضحاً أنه كما هو الحال فى معظم البلدان، هناك حاجة إلى نقلة نوعية فى القطاع المالى لتسعير مخاطر المناخ بشكل صحيح وتسهيل تمويل الاستثمارات الخضراء.
بناء المهارات للوظائف مثل فنيى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أمر بالغ الأهمية لضمان نجاح هذه الصناعات
أضاف إن بناء المهارات للوظائف الخضراء، مثل فنيى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أمر بالغ الأهمية أيضًا لضمان نجاح هذه الصناعات.
وأشار إلى أنه يمكن أن تساعد البيئة الأكثر تمكينًا للتعاون بين القطاعين العام والخاص فى تسريع تبنى الابتكار النظيف، مضيفاً أنه يمكن أن يؤدى تحديد التكاليف والفوائد على المستوى الكلى إلى زيادة إفادة عملية صنع السياسات وتعزيزها.
19 محطة لتحلية المياه قيد الإنشاء من المتوقع أن تكتمل فى غضون 18 شهرًا
وقال صندوق النقد، فى تقريره، إن تأثير أزمة جائحة COVID-19 على نمو الاقتصاد المصرى حتى الآن كان أقل حدة مما كان متوقعًا، حيث ساعد الاستهلاك القوى فى تعويض ضعف السياحة والاستثمار، مضيفاً أنه يبدو أن التدابير المتخذة لتلبية الاحتياجات الصحية والاجتماعية ودعم القطاعات الأكثر تضرراً بشكل مباشر من الأزمة قد ساعدت فى التخفيف من تأثير الصدمة.
وأضاف إنه تمت مراجعة توقعات النمو للاقتصاد المصرى للعام المالى 2021/2020 صعودًا، لافتاً إلى إنه من المرجح أن يبلغ معدل نمو إجمالى الناتج المحلى الحقيقى نحو %2.8 فى العام المالى الجارى، مع توقع انتعاش متواضع فى جميع القطاعات باستثناء السياحة.
كان الدكتور محمد معيط وزير المالية، قال فى تصريحات لفضائية “سكاى نيوز عربية”، فى أواخر ديسمبر الماضى، إنه يتوقع معدل نمو يتراوح بين %2.8 و%4 فى العام الجارى 2021، مشيرا إلى أن أزمة كورونا أثرت على القطاعات الاقتصادية، وجرى توفير حزم مالية لمساعدة المواطنين لمواجهة الجائحة، وأضاف أن الحكومة كانت قبل الأزمة تستهدف معدل نمو يتراوح بين 5.8 إلى %6 وهو من أعلى معدلات النمو فى العالم، وكانت مصر تتجه فى طريقها لتصبح من أسرع الدول نموا فى العالم وذلك فى ظل الإصلاح الاقتصادى.
ورجح صندوق النقد تراجع حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسوق المحلية إلى نحو 5.4 مليار دولار فى العام المالى الجارى مقابل 7.1 مليار فى العام المالى الماضى، مشيراً إلى أنها سترتفع إلى 8.3 مليار فى العام المالى المقبل وستستجل 11.4 مليار فى العام المالى 2023/2022 ونحو 14.6 مليارفى العام 2024/2023 و16.3 مليار فى العام المالى 2025/2024.
وعلى صعيد إيرادات قطاع السياحة، تنبأ صندوق النقد بتراجعها إلى نحو 2.4 مليار دولار بنهاية العام المالى الجارى مقارنة مع 9.9 مليار فى العام المالى الماضى، لكنها سترتفع فى العام المالى المقبل إلي6.8 مليار لتقفز إلى 14.6 مليار فى العام المالى 2023/2022 و20.4 مليار فى 2024/2023 و25 ملياراً فى 2025/2024.