مبادرات «المركزي» تساهم فى ترسيخ الاستقرار المالي
يستعد البنك المركزى لإطلاق مشروع نظام التسوية اللحظية الجديد متعدد العملات لتسوية المدفوعات بالدولار نهاية العام الحالى، وفقًا لما ذكره فى تقريره الصادر أمس الأول عن الاستقرار المالى بالمنطقة.
أشار الصندوق إلى انتهاء البنك المركزى فى أكتوبر 2018 من تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع تطوير الإصدار الحالى لنظام التسوية اللحظية لتسوية المدفوعات بالجنيه، حيث سجلت المدفوعات بين البنوك على النظام خلال 2018 نحو 45.61 تريليون جنيه بنمو سنوى %29.
كما تم إطلاق كل من النظام الإلكترونى للإيداع والقيد المركزى للأوراق المالية الحكومية CSD وإدارة الضمانات CMS كمرحلة أولى على البيئة الفعلية للنظام وتم العمل عليها مع البنوك فى ديسمبر 2018.
قانون البنوك الجديد يدعم الحفاظ على سلامة الجهاز المصرفى
ووفقا للتقرير، يستهدف «المركزي» ضم السوق الثانوى لسندات الخزانة المصرية تحت مظلة CSD وطرح آليات حديثة لسوق الأوراق المالية الحكومية مثل نظام منصة التداول الإلكتروني.
فى سياق متصل، نوه التقرير إلى أن البنك المركزى يسعى لتنفيذ مشروع تحديث نظام مقاصة الشيكات المستخدم حاليا واستبداله فى مرحلة لاحقة ليكون النظام آليا %100ً ومتوقع الانتهاء منه فى 2019.
وسجلت عمليات غرفة مقاصة الشيكات بالبنك المركزى نحو 7.595 مليون عملية، بقيمة 1.155 تريليون جنيه حتى نهاية سبتمبر الماضى، بينما سجلت العمليات خلال 2018 نحو 1.6 تريليون جنيه.
وذكر التقرير أنه على المستوى الإقليمى فقد اشترك البنك المركزى فى نظام غرفة المقاصة وتسوية المدفوعات لدول الكوميسا، لتعزيز التعاون مع القارة وتسهيل عملية تحويل الأموال بأقل تكلفة ممكنة وتهيئة بيئة استثمارية خصبة لجميع الأطراف.
على مستوى العلاقات العربية، لفت التقرير إلى أن البنك المركزى يتعاون مع صندوق النقد العربى لإنشاء نظام تحت اسم «بُنَى» للمقاصة وتسوية المدفوعات العربية البينية بين البنوك التجارية والمركزية فى أكثر من 20 دولة عربية.
تطرق التقرير إلى إعداد مشروع قانون يعده البنك المركزى المصرى لتنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى بهدف وضع إطار تنظيمى للمدفوعات غير النقدية؛ ملزم لكل من القطاع العام والخاص، ويدعم القانون توجهات الدولة فى التحول إلى مجتمع رقمى، وتحقيق الشمول المالي.
وأشار الى قيام البنك المركزى المصرى بإعداد مشروع قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى؛ وخصص بابا كاملا يختص بنظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية، ويأتى الاهتمام بتطوير الإطار القانونى والتشريعى فى هذه المرحلة لمواكبة التطوير السريع الذى يتم فى المدفوعات على مستوى العالم، وزيادة كفاءة وفاعلية النظام المالي.
كما تم الانتهاء من إطلاق منظومة الدفع الوطنية فى شهر ديسمبر لعام 2018، وذلك بهدف الاعتماد على منظومة دفع وطنية خاصة فيما يتعلق بالمدفوعات الحكومية وأيضا تقليل تكلفة خدمات الدفع للمواطنين لتحقيق الشمول المالى، وجارٍ التنسيق بين البنك المركزى المصرى والعديد من الوزارات للاعتماد على منظومة الدفع الوطنية فى صرف المستحقات النقدية للمواطنين.
شركات الصرافة
كشف تقرير صندوق النقد العربى عن تراجع عدد شركات الصرافة العاملة فى مصر بنحو %14.6 خلال عام 2018 لتسجل 70 شركة مقابل 82 سابقا.
وقال الصندوق إن إجمالى أصول شركات الصرافة المصرية بلغ نحو 49.3 مليون دولار بنهاية العام الماضى، بنمو سنوى %13.1 كما بلغ إجمالى حقوق الملكية نحو 48 مليون دولار فى نهاية 2018 بمعدل نمو %4.7 مقارنة بالعام السابق.
وتابع صندوق النقد العربي: على جانب الربحية، انخفض عدد الشركات التى حققت أرباحا من 62 فى عام 2017 إلى 56 فى 2018، كما هبطت قيمة الأرباح التى حققتها تلك الشركات خلال 2018 لتسجل نحو 3.6 مليون دولار، مما انعكس على مؤشرات الربحية الخاصة بالقطاع.
ودفع هبوط الأرباح معدل العائد على الأصول للانخفاض من %14.7 فى 2017 إلى %11 فى 2018، والعائد على حقوق الملكية انخفض من %14.3 إلى %11.3 فى ذات الفترة.
واستعرض صندوق النقد العربى الإجراءات التى قامت بها البنوك المركزية على مستوى الدول العربية، ومن بينها البنك المركزى المصرى لتحقيق الاستقرار المالى، خلال الفترة الماضية.
ويتناول التقرير التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الاستقرار المالى فى المنطقة، وكذلك التطورات التشريعية المتعلقة بالاستقرار المالى فى الدول العربية، وتطورات أداء القطاع المصرفى العربى والمخاطر المحتملة، بجانب تحليل تطورات نظم البنية التحتية للقطاع المالى والمصرفي.
كما يتناول تحليلاً لنتائج اختبارات الضغط لدى القطاع المصرفى العربى، بالإضافة إلى تحليلاً لمديونية القطاع العائلى فى الدول العربية، وتداعيات التقنيات المالية الحديثة والعملات الرقمية على الاستقرار المالى، وأخيرًا تجارب الدول العربية فى تطوير مؤشرات الاستقرار المالي.
وذكر التقرير أن حجم أصول القطاع المصرفى العربى بلغ نحو 3.4 تريليون دولار بنسبة 124% من الناتج المحلى بنهاية العام الماضى، موضحًا أن البنوك العربية نجحت فى خفض التسهيلات غير المنتظمة لنحو %6.5 بنهاية 2017 وهو أقل مستوى منذ 2013، بينما سجل مؤشر العائد على الأصول %1.23 بنهاية العام الماضى، وسجل معدل العائد على حقوق الملكية %12.5.
فيما يتعلق بالبنك المركزى المصرى، ذكر تقرير الاستقرار المالى العربى أن البنك المركزى يستهدف تحسين الشفافية وتحليل مختَلف مخاطر النظام المالى وتسهيل الاتصال مع المجتمع المالى على نطاق واسع، ذلك وتماشيا مع الممارسات الدولية فى مجال التقييم والتبليغ عن مخاطر النظام المالى التى يمكن أن تهدد الاستقرار المالي.
وأشار إلى إنشاء البنك المركزى المصرى فى عام 2006 إدارة مستقلة، تحت اسم «إدارة مراقبة المخاطر الكلية»، تعنى بإعداد مؤشرات الإنذار المبكر وتحليل مؤشرات الاحتراز الكلى لتحليل القطاع المصرفى الكلى، وتركز على القطاع المصرفى، وقطاعات أخرى من الاقتصاد والأسواق المالية المصرية للكشف عن أى نقاط ضعف محتملة قد تؤثر على النظام المصرفى.
كما تتولى هذه الوحدة إصدار تقرير الاستقرار المالى السنوى، بالإضافة إلى مجموعة من التقارير الداخلية المعنية بتحليل قدرة القطاع المصرفى على مواجهة تداعيات الأزمات أخذا فى الاعتبار مؤشرات البيئة الاقتصادية الكلية، ومؤشرات السلامة المصرفية، وغيرها من مؤشرات مخاطر القطاع المصرفى، إضافة إلى القيام باختبارات التحمل بصورة دورية.
مبادرات تنشيط الاقتصاد
تطرق التقرير إلى إطلاق البنك المركزى المصرى عددًا من المبادرات والتعليمات الرقابية لترسيخ مفهوم الشمول المالى، موضحًا أن هذه المبادرات تحقق انعكاس إيجابى على الاستقرار المالى، فضلا عن إصدار تقرير رسمى عن الشمول المالى فى مصر.
وتشمل المبادرات أيضًا تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، بحيث يشكل إجمالى القروض الموجهة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة %20 من إجمالى المحفظة الائتمانية لكل بنك بحلول 2020.
كذلك قام البنك المركزى المصرى بإنشاء قاعدة بيانات شاملة لتجميع وتحليل البيانات والمعلومات ذات الصلة بالشمول المالى، إضافة إلى إصدار تعليمات أخرى تعزز من الاستقرار المالى فى مصر، منها تعليمات بشأن إدارة مخاطر أسعار العائد للمراكز لغير أغراض المتاجرة، وضوابط تعامل البنوك مع الشركات العاملة فى مجال تمويل البيع بالتقسيط بهدف الحد من ارتفاع معدلات المخاطر والتعثر.
من ناحية أخرى، تمت مطالبة البنوك بإجراء تقييمات خارجية للمراجعة الداخلية مرة واحدة على الأقل كل 5 سنوات من خلال مراقب حسابات مستقل، وبحيث يتم إخطار البنك المركزى بنسخة من التقييم.
كذلك تم إصدار تعليمات خاصة بتطبيق متطلبات المعيار الدولى لتقارير المالية رقم 9 والتى ستعزز من إدارة مخاطر الائتمان لدى البنوك.
من ناحية أخرى، وافق البنك المركزى على الاعتراف بضمانة شركة ضمان مخاطر الائتمان لتغطية جزء من المخاطر المصاحبة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الأمر الذى سيعزز من وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل، ويؤثر إيجابًا على الاستقرار المالي.
كما يتم العمل حاليًا على قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى بهدف مواكبة التطورات التى حدثت على الساحة المصرفية وتدعيم استقلالية البنك المركزى المصرى ودوره فى الحفاظ على سلامة الجهاز المصرفى ودعم الاستقرار المالى، بالإضافة إلى تعزيز المسائلة الفردية والمؤسسية وحوكمة البنوك، بجانب تعزيز حماية حقوق عملاء البنوك، كما يشمل القانون فصل عن خدمات الدفع الإلكتروني.
شركات التمويل الجماعي
وخلص التقرير الصادر عن صندوق النقد العربى، إلى أن التجارب الدولية أفرزت أهمية دور منصات التمويل الجماعى فى توفير السيولة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بما ينعكس إيجابيا على الشمول المالي.
وطالب بضرورة تعزيز الوعى بأهمية شركات التمويل الجماعى فى الدول العربية وإيجاد الإطار التشريعى الملائم لها بشكل يأخذ بالاعتبار المخاطر التى من الممكن أن تنجم عن هذه المنصات، خصوصا فى ضوء أهمية دور الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة فى دعم الاقتصادات العربية وتعزيز التنمية المستدامة، من خلال خفض معدالت الفقر والبطالة وتعزيز مستويات الاستثمار.
وأشار إلى أن التباين بين المصارف والدول العربية فى ترخيص هذه الشركات ما يجعل نموها محدود، موضحًا أن مصر والكويت لديها توجه غير واضح حول ترخيص عمل هذه المنصات، والموضوع قيد الدراسة حاليًا لدى البنك المركزى الكويتى والمصرى سواء من خلال توفيق التشريعات الحالية بما يأخذ فى الاعتبار طبيعة عمل هذه المنصات أو احتمالية إصدار تشريعات جديدة.
وشركات التمويل الجماعى تعرف بأنها شركات تعمل من خلال منصات إلكترونية عبر الإنترنت تتيح لعدد كبير من الأفراد والشركات تقديم مساهمات مالية فردية صغيرة على أساس الإقراض أو الاستثمار أو التبرعات، وبالتالى جمع مبالغ كبيرة لتمويل الأفراد والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة دون وساطة المؤسسات المالية التقليدية مثل البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر.
القطاع المالى غير المصرفى
وقال التقرير إن عدد كل من شركات التأجير التمويلى والرهن العقارى والتخصيم فى مصر بنهاية 2018 بلغ 228 و15 و9 شركة على التوالي.
وفيما يخص قطاع التأجير التمويلى تشير النتائج إلى تضاعف قيمة العقود لهذا النشاط بنحو 6 أضعاف حيث بلغ إجمالى قيمتها فى نهاية 2018 نحو 2.3 مليار دولار بمعدل نمو %45.8 مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس حجم التطور فى هذا النشاط واعتماد الشركات عليه كإحدى آليات تمويل شراء الأصول.
ومن المتوقع أن يواصل القطاع نموه بمعدلات كبيرة، خاصة فى ظل إنشاء الهيئة للسجل الإلكترونى للضمانات المنقولة، مما سيكون له أثر كبير على تيسير وتشجيع عمليات التمويل خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
سياسات «المركزي» دعمت الاستقرار المالى
أوضح الصندوق أن سياسة البنك المركزى المصرى فى الحد من المخاطر التى يتعرض لها القطاع المصرفى أدت، إلى نتائج إيجابية وتحسين الظروف المالية الكلية ودعم استقرار النظام المالي.
وتابع التقرير: تمثلت هذه السياسات فى تطبيق معايير بازل 2 وبازل 3 ومواكبة أحدث الممارسات الدولية، وكذلك إصدار التعليمات التنظيمية والرقابية لمواكبة التطورات الاقتصادية المحلية خاصة المتعلقة فى تدعيم دور شركة ضمان مخاطر الائتمان فى تغطية جزء من المخاطر المرتبطة بتمويل الشركات والمنشآت المتوسطة والصغيرة، التى تفتقر إلى الضمانات الكافية.
ذلك إضافة إلى إصدار تعليمات تتضمن منهجية لتحديد البنوك ذات الأهمية النظامية محليًا استعدادًا لتطبيق متطلبات إضافية لرأس المال وذلك للحد من المخاطر النظامية التى قد تنشأ عنها، وكذلك التعليمات الخاصة بتطبيق المعيار الدولي FRS9.
القطاع العائلى وأثره على الاستقرار المالي
ذكر التقرير أن ارتفاع نسبة الائتمان الخاص الممنوح للقطاع العائلى وقطاع الأعمال للناتج المحلى، تدعم النمو الاقتصادى على المدى الطويل، لكن هذا لا يحمى من حدوث أزمة مالية فى حالة حدوث تباطوء اقتصادى وتحول الدورة المالية، مما يؤدى إلى ركود اقتصادى وأزمات مالية.
وأوضح أن هذا يتطلب من القطاع المصرفى تكوين دفاعات رأسمالية خلال فترات التوسع المالى لتخفيف النمو المفرط فى الائتمان والتمكن من الاستمرار فى تمويل الاقتصاد الحقيقى خلال فترات الانكماش المالى دون التأثير على ملائته المالية.
كما أشار التقرير إلى أن مديونية القطاع العائلى تصبح مصدرًا لعدم استقرار القطاع المالى فى حالة تعرض دخول الأفراد لصدمة سلبية تزامنا مع ارتفاع حجم مديونياتهم وعدم قدرتهم على مزيد من الاقتراض مما يضطرهم لخفض الاستهلاك وبالتالى تحقيق انعكاسات سلبية على مستوى معجلات التوظيف، موضحأ أن الإفراط فى منح القروض خاصة للقطاع العائلى كان أحد أسباب الأزمة المالية 2008.
ولفت إلى أن مصر تأتى من أقل الدول فى نسبة الائتمان الخاص (قطاع الأعمال والعائلي) نسبة للناتج المحلى فى العام الماضى حيث تصل لنحو %28 فى ليبيا %17 والعراق %8 بينما تصل نسبة الائتمان العائلى إلى الائتمان الخاص فى مصر لنحو %23 وتسجل نسبة الائتمان العائلى للناتج المحلى الإجمالى نحو %6 فقط.
بينما على صعيد القروض الشخصية والاستهلاكية فإنها تستحوذ على نحو %98 من قروض القطاع العائلى فى مصر.
وخلصت الدراسة التى استعرضها الصندوق إلى أن الارتفاع فى مديونية القطاع العائلى تزيد من احتمالية حدوث أزمة مصرفية خلال 3 سنوات ويزداد هذا التأثير وضوحًا عندما تصل مديونية القطاع العائلى لنحو %65 من الناتج المحلى الاسمى مما يشير إلى صعوبة الاستمرار فى الاقتراض بالنسبة للأفراد.