تتبنى صناديق رأسمال المخاطر استراتيجيات استباقية، للتحوط من ضخ رؤوس أموال جديدة فى الشركات الناشئة مع انتشار فيروس كورونا، وعدم التكهن بموعد انتهاء الجائحة، تزامنًا مع دراسة بدائل أخرى أكثر فعالية لمساندة القائمين على إدارة الشركات فى الصمود أمام المتغيرات الاقتصادية الصعبة، التى تتفاقم حدتها يوم تلو الآخر.
أجمعت مجموعة من مديرى الصناديق أن أكثر القطاعات التكنولوجية المستفيدة من الأزمة الراهنة هى «التعليم والتجارة الإلكترونية، والعلاج عن بعد» مقابل تدهور حاد فى أداء الشركات التى تعكف على تطوير تطبيقات حجوزات السفر والطيران، ما يدفع أغلبها لتغيير النشاط سريعا للبقاء وعدم الاندثار.
قال محمد عكاشة، الشريك الإدارى ومؤسس صندوق (ديسربتيك) للاستثمار فى الحلول المالية، إن صناديق رأسمال المخاطر تتعامل حاليا مع شركات التكنولوجيا الناشئة من منظورين أولهما القطاعات التى نجحت فى التعايش مع فيروس كورونا منها التعليم أون لاين والتجارة الإلكترونية، ويسلط المنظور الآخر الضوء على الكيانات المتضررة من الوضع الراهن وعلى رأسها تطبيقات حجوزات المطاعم وبرامج السفر والطيران.
أوضح عكاشة أن مديرى الصناديق يعملون على إعادة رسم رؤية جديدة لعالم ما بعد الجائحة وسط حالة ترقب مع وضع استراتيجية للتحوط من المخاطر المستقبلية المحتملة، موضحاً أن دورة حياة الشركات الناشئة تشهد تمويلات متكررة بناء على تقييمات مستوى الأداء تصل إلى 100 مليون دولار وصولا لمرحلة الربحية المتوقعة.
لفت إلى أن الفترة الماضية شهدت تخارج كيانات كبرى من بعض الشركات الناشة من أجل تدبير سيولة مالية كافية للخروج الآمن من الأزمة، وتحقيق أقل قدر من الخسائر المحتملة.
أكد أن (ديسربتيك) يستثمر حتى الآن فى شركتين هما (خزنة) للحلول المالية والمصرفية عبر المحمول ومنصة التوزيع المتكاملة (بريمور) بالتعاون مع صناديق محلية وإقليمية ودولية، ويستهدف الصندوق الاسثمار فى شركة أخرى أو اثنتين قبل نهاية العام الحالى جار التفاوض معهما.
كان عكاشة تقدم باستقالته من مجلس إدارة شركة ” فوري” لحلول المدفوعات الإلكترونية، ليقوم بتأسيس صندوق ديسربتيك للاستثمار فى شركات التكنولوجيا المالية، بحجم مستهدف 25 مليون دولار، علما أن فورى أحد المساهمين بالصندوق.
إسماعيل: التوقيت الحالى مرجح أن يكون الأنسب لضخ رؤوس أموال
رأى خالد إسماعيل، المؤسس والرئيس التنفيذى لصندوق HIMangel للاستثمار المخاطر، أن (كورونا) خلقت أزمة اقتصادية أثرت بالسلب على مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها السياحة والطيران، بينما استغلت شركات ناشئة الوباء فى تطوير حلول متطورة بمجالات العلاج والتعليم عن بعد، تطبيقا لمبدأ التباعد الاجتماعى والعزل المنزلي، منعا لتفشى الإصابة بعدوى الفيروس.
أضاف إسماعيل أن صناديق venture capital تراهن باستمرار على عامل التوقيت فى حسم قرارات الاستثمارات المستقبلية، وأن ضخ رؤوس أموال جديدة حاليا فرصة ذهبية لتحقيق هوامش أرباح معقولة بغض النظر عن الظروف الاقتصادية المحيطة، مشيرا إلى أن أغلب الشركات الناشئة ومنها منصات الإمداد وتوزيع المنتجات الاستهلاكية كانت تعانى مشكلات تمويلية وإدارية، قبل وقوع أزمة كورونا.
أضاف أن جائحة كورونا غيرت من توجه المستثمر للتركيز على الحلول التكنولوجية لإدارة المطاعم والفنادق والمجالات التقليدية الأخرى.
لفت إلى أن HIMangelيستثمر فى 17 شركة تكنولوجيا ناشئة يتوافر بها فرص نمو كبيرة وتصل متوسط نسبة استثمار الصندوق إلى %10 كما يستهدف إبرام عقود تمويل إحدى الشركات الناشئة العاملة فى مجال حلول الرعاية الصحية خلال أسبوعين.
تطرق هشام عبد الغفار، الشريك المؤسس لصندوق (مينا جوروس) لرأسمال المخاطر، إلى التقارير العالمية التى تتوقع انخفاض حجم تمويلات رواد الأعمال عالميا خلال العام الحالى بنسبة %40 ويسعى كل مستثمر حاليا لضمان بقاء الكيانات الناشئة أطول فترة ممكنة من خلال تقديم مساعدات مالية وإرشادات نصائح فنية عبر فريق متخصص من المحكمين والموجهين على أعلى مستوى.
أكد عبد الغفار أن الظروف الحالية التى يعانى منها العالم بسبب جائحة كورونا غيرت موازين القوى فى العالم، وتسببت فى قيام شركات كبرى بإعادة النظر فى استراتيجيتها الاستثمارية لتقليل الخسائر، كان آخرها تخارج منصة طلب توصيل الأطعمة أون لاين (أوبر إيتس) من 8 أسواق بينها مصر، وقرار شركة كريم الإماراتية لخدمات النقل الذكى وقف خدمة النقل الجماعى (كريم باص) لا سيما أن الوضع غير مستقر نهائيا، ولا أحد يعلم موعد انحسار الجائحة وعودة الأمور إلى نصابها مجددا.
ذكر أن «مينا جوروس» يفاضل بين أكثر من آلية للتعامل مع الشركات الأربع التى يستثمر بها منها إعادة هيكلة أنشطة بعضها أو إتاحة تمويلات عاجلة للمساعدة على مقاومة المتغيرات الاقتصادية الصعبة، معتبرا أن أزمة كورونا دفعت بعض القطاعات للنمو السريع ومنها التجارة الإلكترونية، إذ قامت مجموعة أمازون العالمية على سبيل المثال بتعيين أكثر من 100 ألف موظف جديد فى أمريكا فقط.
لفت إلى أن الشركة لديها حصص فى شركات «دكتور حالا» للخدمات الطبية وأخرى تعمل فى مجال حلول التكنولوجيا المالية، وثالثة بنشاط التجارة الإلكترونية، مشيرا إلى أن «مينا جوروس» اتخذت قرارا بزيادة آجل الاستثمار فى الشركات الناشئة من 7 إلى 10 أعوام، لا سيما مع تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد وتراجع مؤشر الإنتاج الصناعى العالمى خلال أبريل الماضي، مقارنة بمارس بسبب الوباء رغم عودة الحياة الطبيعية للصين تدريجيا.
قال طارق القاضي، المؤسس والشريك لصندوق أليكس إنجلز للاستثمار الملائكي، إن التداعيات السلبية الناتجة عن الوباء تفاوتت من قطاع لآخر، موضحا أن القطاع السياحى والفندقي» الأكثر تضررا وسط حالة شبه توقف للنشاط على حد تعبيره.
أضاف القاضى أن هناك قطاعات استفادت من الأزمة على رأسها المؤسسات الطبية، والجهات المقدمة للخدمات التكنولوجية، والتعليمية، وبرامج السوفت وير تزامنًا مع زيادة إقبال المستهلكين على خدماتها ومنتجاتها بنسب كبيرة خلال الفترة الماضية.
أكد أن العديد من المؤسسات المالية كالبنوك بدأت فى تنفيذ وتسريع الإجراءات المتعلقة بعمليات التحول الرقمى فى معظم الخدمات المقدمة للعملاء إلكترونيًا، فى ضوء مواكبة التطورات العالمية والمحلية عقب أزمة «كورونا».
أشار إلى أن صناديق الاستثمار قامت بتكثيف أعمال الدراسات والأبحاث التسويقية عند تقييم الوضع المالى للشركات الناشئة أو قيام الأخيرة بتنفيذ مشروعات جديدة نتيجة حالة عدم الاستقرار بسبب الظروف، قائلًا: «نسعى لتقليل مصاريف الشركات الناشئة بما يمكنها من الاستمرارية والتغلب على الأزمات المتوقع حدوثها فى الفترة المقبلة».
أوضح أن القائمين على «صندوق أليكس إنجلز» قاموا بالعمل على احتواء الأزمات التى تعرضت لها الشركات الناشئة من خلال اتخاذ مجموعة من إجراءات عاجلة على رأسها إتاحة تمويلات بين 500 ألف جنيه و2 مليون جنيه لكل شركة، بما يمكنها من استعادة تنشيط دورة رأس المال وتنفيذ خططها التوسعية والتسويقية.
لفت إلى أن إجمالى العمليات التمويلية الممنوحة للشركات الناشئة تعزز من تدبير السيولة النقدية لها لمدة زمنية بين 6 و18 شهرًا، قائلًا: «المراحل الأولية للكيانات الناشئة تعتمد على أعمال التطوير».
قال رفيق دلالة، رئيس لجنة الاستثمار لدى شركة إنوفينتشرز للاستثمار بالشركات الناشئة، إن الشركة تستثمر من خلال صندوق رأسمال مخاطر فى 15 شركة ناشئة بإجمالى تمويلات 10 ملايين جنيه، تم إنفاق ما يقرب من 5 ملايين جنيه، مشيراً إلى أن نصيب الشركة الواحدة بين 300 إلى 400 ألف جنيه.
أوضح دلالة أن الشركة لا زالت تنتظر موافقة مؤسسة التمويل الدولية، وبنك التنمية والتعمير الأوروبي، للمساهمة فى رأسمال الصندوق، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة نشاطا متزايدا لتطبيقات خدمات التوصيل ( الديلفرى ) والتجزئة أون لاين، ومرجحاً أن تلجأ أخرى تعمل فى أنشطة تقليدية لتغيير نشاطها.