أثارت التعليمات التى أصدرها البنك المركزى المصرى، فى فبراير الماضى، شهية البنوك العاملة فى السوق المصرية، نحو التأسيس والمساهمة فى صناديق مخصصة للاستثمار فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أو تأسيس صناديق الصناديق «FUND OF FUNDS».
ووافق مجلس إدارة البنك المركزى، فى فبراير الماضى على إضافة مساهمات البنوك فى رءوس أموال صناديق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بما فيها الناشئة منهما ضمن الـ %25 المقررة من إجمالى محفظة التسهيلات للبنك الموجهة لهذا النوع من الشركات والملزم بالوصول إليها بنهاية العام المقبل.
كان «المركزى» أعلن زيادة النسبة المخصصة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى %25 من إجمالى محفظة التسهيلات لكل بنك، وتخصيص %10 كحد أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، خلال عامين تنتهى فى ديسمبر 2022.
ووضع «المركزى» ضوابط أخرى لمشاركة البنوك فى رءوس أموال الصناديق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الصادرة، والتى تتضمن حدودا قصوى لقيمة استثمارات البنوك فى رءوس أموال الصناديق، على ألا تتجاوز إجمالى قيمة استثمارات البنك نسبة %10 من رأس المال الأساسى للبنك، وفى حالة زيادة تلك النسبة يتعين خصم الزيادة من رأس المال الأساسى لدى حساب معيار كفاية رأس المال.
كما تتضمن الضوابط ألا يتجاوز إجمالى حصة البنك نسبة %50 من رءوس أموال الصناديق أو الشركات حتى لا تدخل ضمن المجموعة المصرفية.
وتضمنت تعليمات «المركزى» النظام الأساسى للصندوق إمكانية تخارج البنك بدءا من السنة الرابعة من تاريخ بداية أعمال الصندوق خاصة فى حالة عدم تحقيق أرباح لمدة 3 سنوات متتالية لاحقة.
وفى وقت سابق من الشهر الجارى قال أحمد السعيد رئيس مجموعة الاستثمار وأمناء الاستثمار بالبنك الأهلى المصرى، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، إن بنوك الأهلى، ومصر، والقاهرة، وقناة السويس، تستعد لإطلاق «صندوق الصناديق» للاستثمار فى صناديق تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وكشف محمد الإتربى، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، الأسبوع الماضى، عن إطلاق اسم «طيبة» على صندوق الاستثمار فى الصناديق «FUND OF FINDS» المقرر تأسيسه بمشاركة بنوك «الأهلى» و«القاهرة» و«قناة السويس».
وقال رئيس مجلس إدارة بنك مصر إن صندوق الصناديق «طيبة» سيتم إطلاقه خلال شهر، ويبدأ عملياته بمليار جنيه على أن ترتفع إلى مليارى جنيه فى المرحلة الثانية.
كما يعتزم بنك مصر إطلاق صندوق استثمار عقارى بقيمة 550 مليون جنيه خلال الربع الأخير من العام الجارى، عقب الحصول على موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية، بحسب ما كشفت عنه مصادر فى البنك لـ«المال».
ويدرس بنك القاهرة المساهمة فى تأسيس عدد من الصناديق، حيث قال طارق فايد رئيس مجلس إدارة البنك – فى تصريحات خاصة لـ«المال» فى يونيو الماضى – إن مصرفه مهتم بضخ استثمارات فى تلك الصناديق خلال المرحلة المقبلة فى ضوء الفرص المتوافرة، وبدعم وتشجيع من البنك المركزى بعد إتاحة ذلك للبنوك؛ بهدف دعم منظومة التحول الرقمى والشمول المالى داخل السوق المصرية.
وترى البنوك أن صناديق الاستثمار فرصة جيدة فى تعظيم محافظها الاستثمارية، والوصول بمحفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى %25 من المحفظة الكلية داخل المصارف ضمن توجيهات البنك المركزى المصرى.
وقال مصرفيون إن هذا النوع من الاستثمار يحقق عائدا كبيرا للبنوك على المستوى البعيد للعميل والبنك، كما يخلق عميلا كبيرا لدى البنوك يستخدم خدماتهم المصرفية، ويساعد البنوك فى الوصول إلى بعض العملاء، لم يكن لهم القدرة على تغطيهم.
وأضاف المصرفيون أن الفترة المقبلة تشهد توجها كبيرا من البنوك فى المساهمة فى صناديق الاستثمار المهتمة بتمويل المشروعات التكنولوجية والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة لتحقيق عائد كبير.
وتعتبر صناديق الاستثمار، وعاء من المال يشارك فى ملكيته مجموعة من المستثمرين، وتتم إدارته من قبل مُتخصصين فى مجال الاستثمار المالى، والذين يتخذون قرارات البيع أو الشراء لمجموعة من الأوراق المالية، مثل السندات والأسهم، مما يسهم فى تنوع الملكية الخاصة لكل مساهم فى الصندوق الاستثمارى، وتوفير أعلى العوائد المالية مع وجود أقل مخاطرة ممكنة.
وتتكون صناديق الاستثمار من صناديق الأسهم، وصناديق الدخل الثابت، وصناديق السوق المالية، والصناديق المتوازنة، والصناديق الدولية، والصناديق المتخصصة، والصناديق الإقليمية، الصناديق الاجتماعية، وصناديق المؤشرات.
وقال محمد رجائى، رئيس قطاع الاستثمار فى بنك القاهرة إن البنوك تولى اهتماما كبيرا بالمساهمة فى صناديق الاستثمار ومنها المهتمة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، لتحقيقها النمو الاقتصادى، ودعم تلك القطاعات فى السوق المصرية.
وأشار إلى أن دعم تلك الصناديق يأتى تماشيا مع مبادرة البنك المركزى المصرى، لاسيما أنها تأتى ضمن %25 من المحفظة الائتمانية التى خصصتها البنوك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويرى محمد البيه الخبير المصرفى أن البنوك تتجه إلى تدشين أو المساهمة فى صناديق استثمار بهدف تحقيق عائد كبير لكلا الطرفين (المصرف والعميل) ومنح منتج جديد للعميل غير الودائع الادخارية، إضافة إلى خلق عميل كبير مثل الصناديق تستفيد من الخدمات المصرفية التى يقدمها البنك، مضيفا أنها تعمل على تعظيم المحفظة الاستثمارية الخاصة بالبنك، نتيجة لتحقيقها أرباح كبيرة.
وعلى مستوى المخاطر الخاصة بالاستثمار فى صناديق الاستثمار، أكد «البيه» أن ذلك النوع من الاستثمار يحمل مخاطر كبيرة إلا أن البنوك تتجه للاستثمار فيه لأنه يحقق لها عوائد كبيرة.
وعلى مستوى تأثير هذا الاستثمار على المحفظة الائتمانية، أوضح أن المبادرات الأخيرة الخاصة البنك المركزى المصرى بتخصيص %25 للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالى المحفظة الكلية الخاصة بالبنك وإضافة الـ %20 من استثماراته فى الصناديق على رصيد «SME٫s» يدعم من المؤسسات الصغيرة ويتماشى مع خطة الدولة.
وأكد أن أغلب البنوك خلال السنوات المقبلة تتجه بقوة إلى المساهمة فى صناديق الاستثمار وبشكل خاص المهتمة بالمشروعات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وفى مقدمتهم التى تعمل فى قطاعات الدفع الإلكترونى، للوصول إلى %25 من المحفظة الائتمانية، ولتحقيق عائد كبير.
من جانبه، قال ماجد فهمى الخبير المصرفى ورئيس بنك التنمية الصناعية السابق إن اتجاه القطاع المصرفى للمساهمة فى صناديق الاستثمار لن يكون له تأثير واضح على المحفظة الائتمانية الخاصة بالبنوك.
وأوضح أن البنوك توظف ودائعها بأشكال مختلفة داخل السوق المصرية سواء على شكل قروض أو كاستثمار فى الشركات، وكان أبرزها فى الآونة الأخيرة هو الاستثمار فى الصناديق، لاسيما أن لها دورا كبيرا فى تعظيم المحفظة الاستثمارية الخاصة بالبنك.
وأشار إلى أن البنوك تستثمر فى بعض الأحيان فى صناديق الاستثمار عبر إصدار الصكوك للعملاء بهدف تنويع المنتجات التى يقدمها القطاع المصرفى للعملاء، لاسيما أن أسعار العائد عليها مرتفعة مقارنة مع المنتجات الأخرى داخل البنوك.
وأضاف أن البنوك تلجأ إلى إنشاء صناديق الاستثمار، وإدارتها عبر مختصين لهم خبرة كبيرة فى هذا القطاع، مما يحقق للبنوك ربحية كبيرة على المدى البعيد.
وأرجع استثمار البنوك فى الصناديق المختصة بتمويل قطاعات معينة، مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وشركات التكنولوجيا، والشركات الناشئة، إلى ثلاث أسباب.
وأضاف أن أول تلك الأسباب هو أنه يتماشى مع خطة الدولة لدعم تلك القطاعات، والثانى يعود إلى أن البنوك ترى أن تلك القطاعات ستحقق لها عائدا كبيرا فى الوقت الراهن مثل شركات التكنولوجيا المالية التى تحقق طفرات ربحية حالية.
وعن السبب الثالث أوضح أن البنوك تدعم الصناديق للوصول إلى قطاعات ليست قادرة على تغطيتها بشكل كامل منها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فتلجأ إلى الصناديق والجمعيات وشركات التمويل.
وأشار «فهمى» إلى أن دخول البنوك بدور المساهم يمنح لها عائدا أكبر، كما يعطى للمشروع قوة وثقة لدى العملاء، نتيجة دخول مؤسسة مصرفية مساهمة فى الصندوق.
وعلى مستوى المخاطر، قال إن البنوك تعامل الصناديق مثلها مثل باقى أنواع الاستثمارات حيث تقوم بدراسة مخاطرها بحسب نوع الصندوق المستهدف المساهمة له، ووضع مخصص له يناسب تلك المخاطر، متوقعا توجه البنوك بشكل كبير خلال الفترة المقبلة إلى دعم الصناديق المهتمة بالشركات الإلكترونية ووسائل الدفع الإلكترونى بهدف تحقيق الشمول المالى.
فيما يرى طارق متولى الخبير المصرفى نائب رئيس بنك بلوم السابق أن البنوك تتجه للاستثمار فى صناديق الأسهم لأنه لا يمكن للبنوك المساهمة بشكل مباشر فى البورصة، يجب أن يكون هناك وسيط مثل الشركات أو الصناديق، مشيرا إلى أن هذا النوع يحقق عائدا كبيرا للبنوك.
وعلى مستوى الصناديق المختصة بتمويل قطاعات المشروعات الصغيرة المتوسطة، قال إن البنوك لا تستطيع تغطية كافة العملاء، إضافة إلى أنها تحتاج إلى عمالة كبيرة، ويزيد ذلك التكلفة الكلية على البنك، لذلك تلجأ إلى وسيط مثل الصناديق للوصول إلى تلك الفئة، يحقق لها تحقيق عائد مضمون بتكلفة أقل.