اختلفت آراء الخبراء حول تحديد أى نظم الشراكة أفضل لطرح مشروعات تنمية “محور قناة السويس”، منتقدين عدم وضوح تفاصيل المشروعات التى على أساسها يمكن تحديد نظم الشراكة الأفضل سواء بالمشاركة مع القطاع الخاص «PPP» أو بنظام حق الانتفاع «BOT»، وبينما اقترح البعض نظام الـ«PPP» من أجل التنفيذ السريع لشبكات المواصلات الخاصة بالمشروع، أبدى آخرون تخوفاتهم من أن يتسبب القانون فى تحكم القطاع الخاص بأسعار الخدمات المقدمة للمواطنين.
ونفى عاطر حنورة، رئيس وحدة الشراكة مع القطاع الخاص التابعة لوزارة المالية، البدء بأى دراسات للوقوف على أفضلية نوعيات الشراكة الأفضل لمشروعات المحور، مرجعاً ذلك إلى انتظار إصدار المخطط العام من «دار الهندسة» المسند إليه وضع المخطط العام للمشروع.
وأضاف أن مناقشة قائمة المشروعات المقترح طرحها للشراكة مع القطاع الخاص سيتم بعد إعداد المخطط العام للمشروع خلال 6 أشهر من الآن.
ورجح عبدالمطلب عبدالحميد، عميد مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات، الرأى الذى يشجع قصر الشراكة مع القطاع الخاص فى مشروعات قناة السويس بنظام الـ«PPP» على القطاع الخاص المحلى فقط، نظراً لطول مدة الشراكة الخاصة المتوقعة، والتى يشارك بها القطاعان العام والخاص بالتمويل مناصفة، ويقع بعد ذلك المشروع لفترة طويلة تحت إدارة وتشغيل القطاع الخاص ثم يعود للدولة مرة أخرى.
جدير بالذكر أن قانون الـ«PPP» أو الـ«Public – Private Partnership» هو إحدى آليات الحكومة للشراكة مع القطاع الخاص، الذى تم إصداره فى عام 2009 باعتباره أحد الأنظمة التمويلية الجديدة ولم يتم العمل به سوى فى مشروعين فقط، أحدهما مشروع إنشاء مستشفيات جامعة الإسكندرية، والآخر تدشين محطة مياه بالقاهرة الجديدة.
نظام الـ«PPP» يقوم عمل على التمويل المشترك بين القطاعين الخاص والحكومى لتنفيذ مشروعات البنية التحتية
ويقوم عمل نظام الـ«PPP» على التمويل المشترك بين القطاع الخاص والقطاع الحكومى، لتنفيذ مشروعات البنية التحتية، ويصبح للقطاع الخاص حق إدارة المشروع بعد الانتهاء منه لفترة زمنية طويلة ويعود المرفق بعدها إلى الحكومة مرة أخرى بعد تحقيق مستهدفات المستثمر.
ورشح عبدالحميد نظام الـ«BOT» حق الانتفاع كنظام للشراكة يفضل العمل به مع القطاع الخاص الأجنبى، لما يحتويه من عودة منطقة المشروع إلى الدولة بعد انتهاء عقد الانتفاع، لسنوات لا تتعدى 25 أو 50 عاماً، عدم تحميل الدولة أى أعباء مالية.. وشدد على تكامل النظامين مشيراً إلى أنه لا يمكن الاستغناء عن أى منهما لصالح الآخر.
نظام الـ«BOT» يقوم على أساس منح المستثمر حق امتياز لإنشاء أحد المشروعات وتشغيلها واستغلالها لفترة محددة
ويقوم نظام الـ«BOT» على أساس منح المستثمر حق امتياز لإنشاء أحد المشروعات وتشغيلها واستغلالها لفترة محددة سلفًا، ومن ثم يعود المشروع فى نهاية فترة الامتياز إلى الدولة ملكية كامل أدوات المشروع ومقوماته ومنشآته، دون أن يكلف هذا النظام أى أعباء من جانب الخزانة العامة للدولة.
فيما اعتبرت يمنى الحماقى الخبيرة الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن طرح مشروعات النقل والمرافق الأساسية والبنية التحتية فى مشروعات قناة السويس بنظام الـ«PPP» هو الاتجاه الأفضل.
وأشارت إلى أن مشروع تنمية المحور والممتد على مساحة تقترب من خمس محافظات يحتاج إلى شبكة مواصلات كبيرة فى اسرع وقت ممكن، وأنه من الممكن مشاركة القطاع الخاص فى توفير خطوط نقل واتصالات ومرافق أساسية فى وقت قياسى، لصعوبة توافر تلك التمويلات الضخمة لدى الحكومة.
وأشارت إلى أنه من الممكن استخدام نظام الشراكة مع القطاع الخاص أيضاً لتدشين محطات توليد كهرباء لافتة إلى أن تكلفة إنشاء تلك المحطات أرخص لدى القطاع الخاص عن القطاع العام.
وأوصت بضرورة تفعيل عمل وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية بما يجعلها أكثر اتصالاً وتفاعلا مع الوزارات المختلفة وجهات الشراكة المختلفة، مما يجعلها أكثر فاعلية لتوفير أفضل الفرص للمشروع، لافتة إلى أن مشروعات المحور تتوفر فيها فرص متعددة للمشاركة مع القطاع الخاص، من المهم التحضير لها بشكل جيّد.
ورأى الدكتور صلاح العمروسى، الخبير الاقتصادى، أن الأفضل أن تنفذ الحكومة مشروعات البنية الأساسية عموماً حتى لا تتاح الفرصة للقطاع الخاص لرفع أسعار الخدمات على الشعب، وخاصة فى مشروعات تدشين محطات الكهرباء.
العمروسى: الحكومة تعانى أزمة فى تمويل مشروعات البنية التحتية
ولفت العمروسى فى السياق نفسه إلى أن الحكومة تعانى أزمة فى تمويل مشروعات البنية التحتية ، مما يضطرها إلى فتح باب المشاركة مع القطاع الخاص، مشيراً إلى أنه من الممكن استثناء ضرورة قيام الحكومة بالدور المحورى فى مشروعات البنية التحتية فى مشروعات تنمية “محور قناة السويس”.
جدير بالذكر أن أنظمة الشراكة المتعددة مع القطاع الخاص ظهرت فى تسعينيات القرن الماضى لتنفيذ مشروعات ضخمة تحتاج إلى تمويل كبير، مثل مشروعات البنية التحتية، لعدم كفاية الاستثمارات الحكومية فى الدول لذلك.
وقد لجأ العالم إلى الشراكة بعد أن واجهت التنظيمات المؤسسية المنفصلة والمستقلة تحديات وصعوبات فى تحقيق أهدافها، فتم الاعتماد على حشد وجمع كل إمكانيات المجتمع بما فيها من طاقات وموارد وخبرات كل من القطاعين الخاص والعام للمشاركة فى تنظيمات مؤسسية.
وتتجه معظم الدول إلى شراكة القطاعين العام والخاص كنموذج متطور لأنشطة الأعمال للوفاء بالتزامات المجتمع من السلع والخدمات، بسبب محدودية الموارد المالية والبشرية لدى القطاع العام.
من جانبه قال المهندس علاء طوبار، رجل الأعمال، العضو السابق فى جمعية رجال الأعمال والاستثمار الدولى «ايبيا»، إنه يتمنى أن تأخذ إجراءات طرح المشروعات اللاحقة بمشروعات محور تنمية قناة السويس وقتها، ومن ثم يتم تحديد أنواع الشراكة الأمثل والأنسب للقطاع الخاص الأجنبى والمصرى مع الحكومة، بعد الدراسة المتأنية.
وأضاف طوبار أن فى جميع الأحوال يجب أن تتوافر قوانين واضحة للشراكة مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أن القوانين المتاحة حاليأً جيدة ولكن المستثمر يريد ضمان عدم تغيير القانون المنظم للعقد على الاقل مدة عمل المشروع الذى يتم على أساسه التعاقد.
ونفى «طوبار» تخوفات البعض من أن تساهم الشراكة مع القطاع الخاص «PPP» فى التحكم فى ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة للجمهور، لافتاً إلى أن الحكومة هى المستثمر الرئيسى، خاصة فى قطاع البترول والطاقة ولا يستطيع القطاع الخاص منافسته فى ذلك، بما سيضطره إلى تقديم الخدمة بنفس سعر الحكومة، أو تحكم الحكومة كشريك فى المشروع فى أسعار الخدمة.
طوبار: كل مشروع لديه ظروفه الخاصة التى يتحدد على أساسها نظم الشراكة الأفضل
وأضاف أن كل مشروع لديه ظروفه الخاصة التى يتحدد على أساسها نظم الشراكة الأفضل «BOT» أو «PPP» أو غيرهما لكن الأفضل هو احتواء التعاقدات على شروط تحفظ حقوق المستثمر والحكومة على حد سواء.
وقال مصطفى عبدالمعز، رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لمجموعة المعز القابضة، إن اتجاه الحكومة للشراكة مع القطاع العام يعد الحل الأمثل فى مشروعات ضخمة مثل مشروعات تنمية “محور قناة السويس”، مشيراً إلى أنه هناك قطاعات عديدة تصلح للشراكة مع القطاع الخاص، مما تتعدد معه آليات الشراكة سواء بنظام حق الانتفاع «BOT» أوالشراكة التمويلية المتناصفة الـ”PPP”.
وأشار إلى أنه رغم فرص الشراكة الكبيرة المتوافرة فى مشروعات المنطقة، فإن القطاع الخاص يواجه صعوبة فى تحديد نوعيات الشركة ونوعيات الاستثمارات التى قد يشارك من خلالها الحكومة لعدم وضوح الرؤية بشكل كامل فى مشروعات “القناة السويس”.
ولفت إلى أنه ضمن المستثمرين الذين يريدون المشاركة فى مشروعات “قناة السويس”، وتتوقف خططهم على توضيح الخطوط العريضة لمشروعات القناة، مشيراً إلى أن الوقت الحالى هو الأنسب للكشف عن الخطوط العريضة التى يبنى عليها المستثمرون مستهدفاتهم للبدء فيها بعد عام من الآن أى بعد الانتهاء من القناة الجانبية.
وأضاف رجل الأعمال أنه الأفضل أن تقوم الحكومة بدراسة أفضل التجارب التى تم العمل بها من قبل، سواء بنظام الـ«BOT» أو بأى نظم أخرى، لانتقاء الأفضل منهم.
وتعد المشروعات المنفذة والمقترح طرحها بميناء شرق بورسعيد من أحد أهم التجارب القائمة على نظام الـ«BOT»، حيث فازت العام الماضى شركة مشرق للبترول بتوقيع اتفاقية امتياز مع هيئة ميناء بورسعيد «تيدا» بمقتضاها يتم تنفيذ إقامة محطة تخزين وتداول المنتجات البترولية فى ميناء شرق بورسعيد شمال قناة السويس لخدمة حركة التجارة العالمية وتموين السفن بالوقود لحق انتفاع لمدة 25 عاماً.
موانئ البحر الأحمر تعتمد على تمويل المشروعات بنظام الـ«BOT»
وتعتمد هيئة موانئ البحر الأحمر التابع لها ميناء شرق بورسعيد على تمويل مشروعات الميناء بنظام الـ«BOT» من خلال طرح مناقصات عالمية على المستثمرين المصريين والأجانب بخلاف محطة الحاويات الثانية التى تم طرحها على الشركات المصرية بنسبة لا تقل عن 75% ونسبة 25% للمستثمر الاجنبى بحجم استثمارات تصل إلى 3 مليارات جنيه، بحسب تصريحات احمد شرف رئيس الهيئة فى تصريحات سابقة.
ويتفوق نظام الـ«BOT» على نظام الـ «PPP» بعدم تحميل الدولة أى تكاليف مالية، مما يُعد ملائماً أكثر للعمل به حاليا فى ظل مستهدفات الدولة بخفض عجز الموازنة للعام المالى الحالى 2014-2015 إلى 10%.
وتتضمن مشروعات المحور مختلف القطاعات الاستثمارية بما فيها تطوير موانئ، ومجتمعات عمرانية جديدة، وبنية تحتية، وقرى سياحية، ومشروعات تكنولوجية، ومشروعات تدشين مزارع سمكية، وغيرها الكثير.