قد تؤدي الإضرابات العمالية المحتملة في ثلاث منشآت رئيسية معنية بانتاج الغاز الطبيعي المسال في أستراليا إلى تعطيل نحو 10% من الصادرات العالمية من الوقود وإحداث صدمة جديدة في أسعار الطاقة في جميع أنحاء آسيا وأوروبا، بحسب وكالة بلومبرج.
صوّت العمال في منشآت “شيفرون كورب” و”وودسايد إنرجي غروب” في أستراليا للموافقة على بدء إضراب عمالي في عمليات مشروع “نورث ويست شيلف” و”ويت ستون” و”غورغون”، ويبدأ بعض الإضرابات في أقرب وقت الأسبوع المقبل بموجب قوانين العمل.
شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا تقلُّباً يوم الخميس، قيّم المتداولون فيه احتمالات أي تأثير محتمَل، ليمحو بعض الزيادة التي بلغت 28% في اليوم السابق، وهي خطوة لم نشهدها منذ الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، إذ قُلبت الإمدادات العالمية من الوقود رأساً على عقب.
تهديد أمن الطاقة العالمي
تجاوزت العقود الآجلة لأسعار الغاز لفترة وجيزة 40 يورو للميغاواط/ساعة يوم الأربعاء للمرة الأولى منذ يونيو، رغم أنها لا تزال منخفضة بأكثر من 80% عن المستويات غير المسبوقة التي سجلتها في أغسطس من العام الماضي. وصل سعر العقد إلى 36.78 يورو عند الساعة 9:25 صباحاً في لندن.
قال شاول كافونيك، محلل قسم الطاقة في “كريدي سويس غروب” المقيم في سيدني: “يسلّط الوضع الراهن الضوء على أهمية الغاز الطبيعي المسال الأسترالي لأمن الطاقة العالمي، حتى مع مجرد احتمال حدوث انقطاع في إمدادات الغاز الأسترالية ترتفع الأسعار بشكل كبير في أماكن بعيدة مثل أوروبا”، لكن يُرجَّح التوصل إلى تسوية قبل أن يؤثّر ذلك مادياً في إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية”.
سلّط الارتفاع الحادّ في أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، التي نادراً ما تتلقى امداداتها من الغاز الطبيعي المسال من أستراليا، الضوء على توتر المنطقة بشأن الإمدادات في أعقاب أزمة العام الماضي التي شهدت تراجعاً في التدفقات من روسيا، التي تُعتبر تقليدياً أكبر مصدر لوقود التدفئة والكهرباء. استمرت المخاوف على الرغم من وصول مستويات تخزين الغاز في القارة حالياً عند ما يقرب من 90% ، وهو أعلى من متوسط الخمس سنوات الماضية.
قفزة محتملة في أسعار الغاز الطبيعي المسال
قد تؤدي الإضرابات العمالية التي تعطل صادرات الغاز من جميع المصانع الأسترالية لمدة شهرين -وهي مدة مماثلة لانقطاع العام الماضي في مركز إنتاج الغاز الطبيعي المسال “بريلود” التابع لشركة “شل بي إل سي” في أستراليا- إلى أن تصل أسعار الغاز إلى 50 يورو لبقية موسم الصيف في نصف الكرة الشمالي، لتصل بعد ذلك إلى 97 يورو في الشتاء، وفقاً لسامانثا دارت، المحللة في “غولدمان ساكس”.
يسعى العمال لتحسين أجورهم وظروف عملهم، كما يسعون لتحسين الأمن الوظيفي بما في ذلك فرض قيود على الاستعانة بعمالة خارجية، وفقاً لما قاله اتحاد العمال في أستراليا، الذي يضمّ أعضاء في نقابتين عماليتين رئيسيتين، في بيان.
قد تشمل الإجراءات التي يتخذها الموظفون رفض تحميل الناقلات أو السفن، أو التوقف الكامل عن العمل، وفقاً للتحالف، مُشيراً إلى استمرار المفاوضات بين العمال ومسؤولي الشركة يوم الخميس، ومن المقرر إجراء مزيد من المحادثات يوم الثلاثاء.
ذكرت الشركة أنه بعد تصويت نحو 150 عاملاً من طاقم “وودسايد”، قد يحدث اضراب عمالي في بعض مواقع المنتجين قبالة ساحل غرب أستراليا في غضون 30 يوماً، بشرط تقديم إشعار مدته سبعة أيام عمل.
يُتوقّع أن يعود قطاع الغاز الطبيعي المسال في أستراليا بعائدات تصدير تبلغ 68 مليار دولار أسترالي (45 مليار دولار أميركي) في العام المنتهي في 30 يونيو، وفقاً لحكومة البلاد. وتعني النزاعات فعلياً أن بضع مئات من العمال الذين يسعون لزيادة أجورهم يعرّضون صناعة بمليارات الدولارات للخطر، وفقاً لكافونيك. مُضيفاً: “عدم تناسق المخاطر أمر مذهل”.
أسهم شركات الغاز
ارتفعت أسهم أكبر الشركات المنتجة للغاز الطبيعي المسال في أستراليا يوم الخميس، إذ ارتفعت أسهم “وود سايد” بنسبة 1.9% في بورصة سيدني، كما ارتفعت أسهم نظيرتها الأصغر “سانتوس” بنسبة 2.6%.
“يُحرَز تقدم إيجابي إذ توصل الطرفان إلى عقد اتفاق مبدئي بشأن عدد من القضايا التي تعتبر أساسية للقوى العاملة”، وفقاً لـ”وودسايد” التي يقع مقرها في بيرث.
فيما قالت “شيفرون” في بيان: “نتواصل مع موظفينا وممثليهم فيما نسعى لتحقيق نتائج تصبّ في مصلحة كل من الموظفين والشركة”.
من شأن أي ضغط على صادرات الغاز الأسترالية أن يؤجّج المنافسة على الشحنات بين آسيا وأوروبا، التي أصبحت أكثر اعتماداً على الغاز الطبيعي المسال المنقول بحراً لأنها تتجنب صادرات الغاز الروسية. عندما يقترن هذا السيناريو بارتفاع معدلات الاستهلاك خلال الشتاء، فقد يؤدي هذا السيناريو إلى تقلُّب الأسعار في الربع الأخير من عام 2023، حسبما قال ويل هاريس، المحلل في “بلومبرغ إنتليجنس” في ملاحظة يوم الخميس.
قال وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في “آي إن جي غرويب إن في” في سنغافورة: “سيعتمد مدى ارتفاع الأسعار على ما إذا كان قرار الإضراب سيُنفَّذ، وإذا كان ذلك، فإلى متى سيستمر؟”، مُضيفاً أن “الإضراب المطول سيدفع بالمشترين الآسيويين إلى البحث عن بديل لإمدادات الغاز الطبيعي المسال، كما يُتوقع أن تشتدّ المنافسة بين هؤلاء المشترين وأوروبا على الامدادات”.