وكأن لسان حال السودانيين جميعا يردد مطلع القصيدة المشهورة للشاعر المتنبي ” عيد بأية حال عدتَ يا عيد … بما مضى أم بأمر فيك تجديد”.
ولأن لسان الحال دائما أبلغ من لسان المقال، فإن فرحة السودانيين بعيد هذا العام يبدو منقوصا لأنهم لم يعتادوا في الأعياد على طمس الفرح بوشاح أزمة سياسية متطاولة، ولا على قطع وشائج التواصل والتراحم بسبب ظرف اقتصادي قاهر.
فرحة منقوصة في عيد الفطر
وتزامنت الأزمتان السياسية والاقتصادية لتشكلان معا متلازمة تفسد فرحة السودانيين بعيد الفطر المبارك.
وبسبب التظاهرات المستمرة بالسودان والرافضة لإجراءات قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان بحل مؤسسات الفترة الانتقالية لم يتمكن الكثيرون من الوصول إلى الأسواق لشراء احتياجات العيد.
وقال أحمد عبد الرحمن، وهو موظف كبير بالبنك الزراعي بالخرطوم ” لا نستطيع الوصول إلى الأسواق بسبب التظاهرات وتقفيل الشوارع وإغلاق الجسور”.
وأضاف ” كما أن الوضع الاقتصادي لا يمكننا من إيفاء طلبات العيد بسبب غلاء الأسعار”.
وتابع ” نحاول توفير قدر من المال من المرتبات الضعيفة لشراء احتياجات الأطفال فقط لأنهم لا يتفهمون الوضع”.
وتثير حالة انسداد أفق الحل السياسي للأزمة الراهنة مخاوف السودانيين من مآلات مظلمة، وهي ذات مخاوف المجتمع الدولي الذي يرسل تحذيرات بذات المعنى.
وفي آخر مؤتمر صحفي له، حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان فولكر بيرتس من مآلات خطيرة، وقال ” معالجة المأزق السياسي الراهن تكتسب أهمية ملحة وإلا فإن البلد يخاطر بالانزلاق للمزيد من عدم الاستقرار وتهديد المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحققت منذ ثورة ديسمبر”.
حالة من الخوف على مستقبل البلاد
وقالت وداد حسن مهدي، وهي موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص بالخرطوم” هناك حالة من الخوف على مستقبل البلاد”.
وأضافت في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم ” الخوف والفرح لا يجتمعان، ولذلك فرحتنا بالعيد ناقصة”.
وتابعت ” الوضع مختلف تماما الآن عما كان عليه الوضع قبل ثلاثة أعوام، تغير كل شئ ولكن للأسوأ”.
وبفعل الأزمتين السياسية والاقتصادية، تسود شوارع وأسواق الخرطوم حالة من الركود العام.
ولاحظ مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) بالخرطوم قلة في حركة المارة بكثير من شوارع الخرطوم، وهي التي كانت مكتظة في مثل هذه الأيام.
أما ركود الأسواق، فتلك حالة يشتكي منها تجار الخرطوم وبصوت عال.
وقال حسام الدين حمزة، وهو تاجر بسوق (بحري)، أحد أكبر أسواق الخرطوم ” هناك ركود عام وندرة في الشراء بسبب الأزمة السياسية والوضع الاقتصادي”.
قوة شرائية ضعيفة جدا
وأضاف القوة الشرائية والإقبال على الشراء ضعيف جدا، والسيولة غير متوفرة.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن علقت الولايات المتحدة الأمريكية ووكالات دولية مساعدات بمئات الملايين من الدولارات بسبب إجراءات قائد الجيش السودانى الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضى بإعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء.
وتوقفت عملية إعفاء ديون السودان بموجب مبادرة صندوق النقد الدولي المعزز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
وسارعت واشنطن إلى تجميد 700 مليون دولار من المساعدات الطارئة ، بينما توقفت عملية دفع 500 مليون دولار من الدعم المباشر للميزانية الذي كان متوقعا في أواخر نوفمبر من وكالات التنمية.
كما لم يتم الحصول على 150 مليون دولار أخرى من ما يسمى بحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي ، والتي تستخدم لتعزيز الاحتياطيات الرسمية.
ومنذ انفصال جنوب السودان فى عام 2011 ، يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن فقد ثلثى إنتاجه النفطي.
وتنظم مجموعات معارضة تظاهرات راتبة بالخرطوم ومدن أخرى تنديدا بما تسميه “انقلاب” يقوض الفترة الانتقالية بالسودان.
ويعيش السودان، منذ 21 أغسطس 2019، فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات في يوليو 2023، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة على اتفاق لإحلال السلام، في 3 أكتوبر 2020.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة “شينخوا”الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة “المال”.