إن المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو، بما يحمله من خطاب مناهض للصين، كشف عن سعى واشنطن للهيمنة والتحريض على المواجهة بين التكتلات من خلال تشويه صورة الدول الأخرى واستغلال المنظمة للحفاظ على هيمنتها في جميع أنحاء العالم.
فقد وافق قادة الناتو يوم الأربعاء على المفهوم الاستراتيجي لعام 2022، وهو مخطط يحدد أهم الضرورات والتحديات للعقد المقبل. ويحدد الموقف المشترك للحلف من التحديات الناشئة، واصفا روسيا بأنها “التهديد الأكثر أهمية ومباشرة” لأمن الناتو ومتهما الصين بفرض “تحديات منهجية” لأول مرة.
سعي واشنطن للهيمنة
باعتباره أحد مخلفات الحرب الباردة، أصبح حلف الناتو، الذي كان ينبغي حله منذ فترة طويلة، أداة متاحة في يد الولايات المتحدة لاحتواء دول أخرى، ولا سيما الصين وروسيا. من الواضح أن الوثيقة الجديدة، التي تغطي أولويات وأهداف الحلف للسنوات العشر القادمة، قد صُممت بالفعل لتوجيه الناتو بشأن كيفية العمل على الحفاظ على الهيمنة الأمريكية في المستقبل.
هذه النوايا التي تخدم مصالحها الذاتية تستحق حالة تأهب قصوى من أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ على السواء. ومن خلال وثيقة الناتو المحدثة، تحاول الولايات المتحدة تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية– وهي إثارة المواجهة بين أوروبا وروسيا لعرقلة روسيا باستمرار؛ وحث أوروبا على تعزيز دفاعها واستخدام الموارد الأوروبية لتخفيف الضغط على الدفاع الأمريكي في أوروبا؛ وإجبار حلفاء الولايات المتحدة على التكاتف في قمع الصين.
وهذا يفضح عقلية الحرب الباردة الراسخة لدى أمريكا، التي تشكل فيها آسيا وأوروبا ورقتين جيوسياسيتين للبلاد، وإنه فقط من خلال تخريب العلاقات بين القارتين، يمكن للقوة العظمى الوحيدة في العالم أن توطد هيمنتها.
استراتيجية مثيرة للانقسام
للأسف، على الرغم من تصريح الناتو مرارا أن مكانته كحلف إقليمي لم تتغير، إلا أنه فعل العكس تماما. ففي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، انضم الحلف إلى الولايات المتحدة في تنفيذ إستراتيجية الأخيرة المثيرة للانقسام وأجندتها المناهضة للصين من أجل الهيمنة الغربية في المنطقة.
وفي السنوات الأخيرة، عمل بعض أعضاء الناتو أيضا مع الولايات المتحدة لإرسال طائرات وسفن حربية إلى المياه المجاورة للصين للقيام بعمليات عسكرية، في محاولة لتأجيج التوتر وإثارة الصراعات.
غير أن النوايا الخبيثة للولايات المتحدة وحلف الناتو وأفعالهما أثارت يقظة الأشخاص ذوي البصيرة في جميع أنحاء العالم، الذين عارضوا علنا توسع الناتو بقيادة الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ودعوا إلى تعزيز التعاون مع الصين.
فقد قال الأمين العام الأسبق للناتو خافيير سولانا إن توسع الحلف وسعيه لوجود أقوى في آسيا سيجعل من الصعب على أعضاء الحلف التفاعل مع دول أخرى لا ترى للصين أو روسيا كأعداء أو خصوم، ولا تريد الانحياز إلى جانب بين الصين وروسيا والغرب. وحذر سولانا من أن تشكيل “ناتو عالمي” أو “ناتو بلس” يمكن أن يقسم العالم إلى كتل متناحرة.
وقبل إصدار المفهوم الاستراتيجي الجديد، تفاوض أعضاء الناتو بعناية حول “اللغة التي تصف القضايا الأمنية التي تطرحها الصين على المنطقة الأوروبية الأطلسية مع تجنب الخطاب الذي قد يعتبره بعض الحلفاء استفزازيا للغاية”، وفقا لما ذكره المنفذ الإعلامي الأمريكي ((بوليتيكو)) يوم الثلاثاء.
ونقل عن وزير الخارجية البرتغالي جواو جوميز كرافينيو قوله “ليس لدينا حدود مع الصين، لذا فالسياق مختلف تماما”.
سياسة محكوم عليها بالفشل
لقد أثبت التاريخ أن التعاون متبادل المنفعة، وليس ممارسة سياسة التكتلات، هو وحده القادر على كسب ود دول المنطقة. وبالتالي، فإن نوايا واشنطن الجيوسياسية التي تخدم مصالحها الذاتية ومحاولاتها الشريرة لدق الأسافين في جميع أنحاء العالم محكوم عليها بالفشل.
إن الصين دائما من بناة السلام العالمي والمساهمين في التنمية العالمية والمدافعين عن النظام الدولي. إن الصين لا تثير المشكلات، لكنها لا تخاف عندما يفعل الآخرون ذلك. وسوف ترد الصين بحزم وقوة على أي عمل ينتهك مصالحها.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.