على غير العادة في أيام الجمعة، بدت شوارع بيت لحم بالضفة الغربية خالية من المارة الفلسطينيين نظرا لتواجد آلاف من عناصر الأمن لتأمين وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن للمدينة من أجل لقاء نظيره الفلسطيني محمود عباس.
وبصعوبة بالغة تمكن انطوان عيسى من بيت لحم الوصول إلى مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين بالمدينة للمشاركة في مسيرة مناهضة لزيارة بايدن، حيث تم تفتيشه من رجال الأمن أكثر من مرة في طريقه إلى مكان تجمع المتظاهرين.
وأعرب “عيسى” عن امتعاضه من تلك الترتيبات المبالغ بها لاستقبال رئيس الولايات المتحدة في حين أن “الجميع يعلم جيدا بأنه لم يأت للمنطقة سوى لدعم إسرائيل أمنيا واقتصاديا وسياسيا في الشرق الأوسط وليس لنصرة الشعب الفلسطيني”، على حد تعبيره.
الشعب الفلسطيني سئم الدبلوماسية الأمريكية
ويقول عيسى (39 عاما) بينما كان حاملا راية سوداء لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الشعب الفلسطيني “سئم الدبلوماسية الأمريكية في تعاملها مع الصراع المستمر بيننا وبين الإسرائيليين”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة على مدار عقود أثبتت أنها “الداعم الأساسي لإسرائيل، غير آبهة بالحقوق الفلسطينية ولا بقضيتنا”.
وأضاف “لقد سمعت مرارا وتكرارا من رؤساء أمريكيين بدءا من بيل كلينتون حتى بايدن بأنهم يدعمون حل الدولتين لإنهاء صراعنا مع إسرائيل، لكن الواقع يختلف تماما عن تلك الشعارات الباهتة وهم (الزعماء الأمريكيون) يعززون وجود الدولة العبرية اليهودية”.
وعلى مقربة من عيسى، وقفت سماح أحمد من بيت لحم مع مجموعة من النساء الفلسطينيات اللواتي توشحن بالكوفية الفلسطينية، تراقبن رجال الشرطة الفلسطينية الموجودين في المكان.
وقالت سماح أحمد، بينما كانت تشير إلى عناصر الأمن الفلسطيني لـ ((شينخوا)) إن عناصر الأمن يحاولون منع اقترابنا من “بايدن وهو رجل مخادع وكاذب ولا يؤمن بالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وأضافت “بايدن ينفذ خطة صفقة القرن التي بدأها سلفه دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل في عام 2018 وأجبر دول عربية على التطبيع معها، مشيرة إلى أن بايدن يعمل على توسيع دائرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل وحمايتها بشتى الوسائل”.
وأوضحت أن الشعب الفلسطيني “لم ولن يحقق أي إنجازات سواء كانت سياسية أو اقتصادية طالما بقيت الإدارة الأمريكية هي التي ترعى المفاوضات لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي”.
ووصل بايدن اليوم إلى بيت لحم في زيارة قصيرة للقاء عباس، بعد قضائه 40 ساعة في إسرائيل ولقاء مسئولين إسرائيليين.
وقبيل لقاء عباس، زار بايدن مستشفى المطلع (مجمع أوغوستا فيكتوريا)، حيث أعلن خلال مؤتمر صحفي عقده داخل المستشفى عن تقديم 100 مليون دولار لشبكة مستشفيات القدس الشرقية التي تضم 6 مؤسسات صحية وتعمل لخدمة الشعب الفلسطيني.
نتائج الزيارة معروفة مسبقا
في مدينة رام الله، كان الوضع مختلفا تماما، حيث اكتظت الأسواق الشعبية بالزبائن لشراء المواد التموينية الأسبوعية الخاصة بهم، وتوجه الفلسطينيون إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة، فيما بدت حركة السير طبيعية.
ولم تبدو نتائج زيارة بايدن لبيت لحم مهمة بالنسبة لمحمد عرام من المدينة لأنها “معروفة مسبقا” على حد تعبيره، قائلا “بايدن سيدفع الأموال للسلطة في رام الله كي يخففوا من ضغوطاتهم على إسرائيل لفترة معينة لتتمكن من إنجاح جهود التطبيع مع الدول العربية”.
وقال عرام، الذي كان يرتدي جلبابا للتوجه للصلاة، لـ ((شينخوا)) إن “أمريكا تمارس الدبلوماسية الخارجية فقط مع إسرائيل، لكنها تتعامل بعجرفة وهنجهية مع القضية الفلسطينية وتعطيهم الأوامر للتنفيذ دون السماح لهم بالمناقشة أو إبداء الرأي”.
وعزا عرام تراجع أهمية القضية الفلسطينية على المستوى الدولي إلى ضعف الدول العربية ومسارعتها على التطبيع مع إسرائيل بأوامر أمريكية، بالإضافة إلى ضعف الفلسطينيين أنفسهم بسبب الانقسام الداخلي ما بين حماس وفتح.
انقسام داخلي
وعانى الفلسطينيون من انقسام داخلي منذ عام 2007 عقب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية عليه بالقوة بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية برام الله.
ويرى إبراهيم صرصور من مدينة غزة أن أمريكا هي “رأس الأفعى” التي ساهمت في إضعاف القضية الفلسطينية على مدار الأعوام الماضية، من خلال دعمها المستمر لإسرائيل عسكريا واقتصاديا وسياسيا وحمايتها من المساءلة القانونية على ارتكابها جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وقال صرصور لـ (شينخوا) إن الولايات المتحدة كشفت عن وجهها الحقيقي عندما تعاملت “بازدواجية مع الصراع الروسي-الأوكراني، معتبرا إياها دولة “إرهابية في حين أنها تتجاهل جميع الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في مقدمتها عدم إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.