هدمت السلطات الإسرائيلية اليوم (الثلاثاء) بناية سكنية لعائلة فلسطينية في شرق مدينة القدس وسط تنديد فلسطيني واتهامات لإسرائيل بمحاولة إفراغ المدينة لصالح التوسع الاستيطاني.
وقالت مصادر فلسطينية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن آليات إسرائيلية هدمت البناية المكونة من خمس شقق موزعة على طابقين في بلدة “سلوان” جنوب المسجد الأقصى وتأوي 35 فردا من عائلة الرجبي بينهم نساء وأطفال.
وأضافت المصادر أن عناصر الشرطة الإسرائيلية فرقت سكان البناية بالقوة من المكان ما دفع إلى حدوث اشتباك بالأيدي، في وقت حظرت على الصحفيين التواجد وعرقلة عملية الهدم بحجة البناء دون ترخيص.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس بأن طواقمها تعاملت مع 5 إصابات جراء الاعتداء بالضرب من قبل عناصر الشرطة الإسرائيلية في المكان إحداها لصحفية.
هدم بناية سكنية في القدس
وتعالت صرخات وتكبيرات أصحاب البناية الذين تم إبعادهم إلى تلة رمال مطلة عليها، فيما ذرفت عيون النساء بالدموع على فقدان ذكرياتهن التي عشنها داخل البناية على مدار الأعوام الماضية.
وتقول إم محمد الرجبي الحاجة السبعينية، بينما تراقب لحظات الهدم الأولى للصحفيين، إن البناية تم بناؤها قبل 8 أعوام من تعب وجهد سنوات لتهدم في دقائق معدودة، داعية الدول العربية والمجتمع الدولي لوقف “الجرائم” الإسرائيلية ضد سكان القدس.
وعلى مقربة منها يقف نجلها زهير (45 عاما) بينما ذرفت عيونه الدموع قائلا:” خمس عائلات بينهم أطفال ونساء تهدم بنايتهم في لحظات ويصبحون دون مأوى في الشارع … هذا الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الممنهجة في داخل القدس”.
وأضاف زهير أن العائلة تقدمت مرارا وتكرارا للحصول على ترخيص البناية لكن قوبلت بالرفض من قبل بلدية القدس، مشيرا إلى أن العائلة مكبلة دون عمل شيء في ظل فرض الطوق الأمني في محيط البناية.
كما تبدد حلم الشابة ربحية التي كانت تستعد لحفل زفافها الأيام المقبلة من الخروج من بيت والدها وهي ترتدي فستانها الأبيض بعد أن فقدته تحت أنقاض البناية.
وتقوم السلطات الإسرائيلية بانتظام بعمليات هدم لما تعتبره مباني ومنازل غير مرخصة قانونيا في القدس والضفة الغربية، علما بأن إسرائيل تمتنع عن إصدار تصاريح أو أذون بناء للفلسطينيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وتضع بلدية القدس شروطا “تعجيزية” للسماح للفلسطينيين بالبناء وتفرض رسوما ضريبية باهظة لذلك، مما يضطر السكان في المدينة المقدسة للبناء دون إذن لحاجتهم للمأوى والسكن بحسب مسؤولين فلسطينيين، معتبرين أن الشروط الإسرائيلية تهدف إلى تقليص حجم الوجود الفلسطيني في المدينة.
40 % من المنازل مهددة بالهدم
وقال عضو لجنة الدفاع عن أراضي بلدة سلوان فخري أبو دياب لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن أكثر من 40 في المائة من المنازل في بلدة سلوان مهددة بالهدم، ولم يحصل سكانها على ترخيص واحد منذ 10 أعوام.
وأضاف أبو دياب أن أهالي سلوان تقدموا بأكثر من 13 ألف طلب لاستصدار تراخيص رفضت جميعها، في الوقت الذي يستولي فيه المستوطنون على الأراضي والمنازل، ويقومون بالبناء دون ترخيص.
بدوره قال مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية أحمد الرويضي لـ ((شينخوا)) إن بناية عائلة الرجبي واحدة من 22 ألف بناية مهددة بالهدم في مدينة القدس أكثر من 600 منها خلال 6 شهور قادمة، محذرا من “مجزرة” إسرائيلية ترتكب بهدف التهجير القسري للسكان.
وذكر الرويضي أن الجانب الفلسطيني يعمل في مسارين لمواجهة سياسة الهدم عبر البعد القانوني أمام المحاكم الإسرائيلية، والتحرك السياسي مع قناصل الدول العاملة في القدس بما فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي حيث تم إطلاعهم على صورة ما يجري.
وانتقد الرويضي تأخر المحكمة الجنائية الدولية في فتح تحقيق “بالجرائم” الإسرائيلية أسوة بملفات أخرى حول العالم.
من جهته قال وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي أن المدينة المقدسة تتعرض “لهجمة” إسرائيلية من خلال هدم المنازل ومحاولة فرض واقع جديد في المسجد الأقصى والتنكيل بالسكان في محاولة لإنهاء الوجود الفلسطيني بالمدينة.
حماية المدنيين
ودعا الهدمي في البيان المجتمع الدولي خاصة الإدارة الأمريكية بالانحياز للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية بشأن حماية المدنيين والضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها أحادية الجانب في القدس.
وفي السياق ذاته، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية عملية هدم البناية “جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية” وجزء من عمليات التطهير العرقي التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ضد سكان القدس بهدف ترحيلهم وتهجيرهم بالقوة من مدينتهم.
وحملت الوزارة في بيان الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن “الجريمة”، معتبرة عائلة الرجبي وبنايتها ضحية لإسرائيل و”ازدواجية المعايير الدولية وتخاذل مجلس الأمن الدولي في تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية”.
وطالب البيان دول العالم بفرض “عقوبات” على إسرائيل لإجبارها على وقف عدوانها المستمر على القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها، ودفعها إلى الانصياع لإرادة السلام الدولية.
ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم المستقبلية، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.