في تقرير قدمه، يوم الأحد، إلى المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، شرح شي جين بينغ، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، مهامّ الحزب الشيوعي الصيني في العصر الجديد، حسبما ذكرت وكالة شينخوا.
وقال: “من الآن فصاعدًا، ستكون المهمة المحورية للحزب الشيوعي الصيني هي قيادة الشعب الصيني من جميع المجموعات الإثنية في جهد متضافر لتحقيق الهدف المئوي الثاني المتمثل في بناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة على نحو شامل ودفع نهضة الأمة الصينية في شتى النواحي من خلال مسار صيني نحو التحديث”.
لقد حظي نجاح المسار الصيني نحو التحديث، بالتقدير على نطاق واسع، حيث وُصف بمعجزة في تاريخ التنمية البشرية ومسعى رائد في تنمية المجتمع البشري، حيث يقدم نهجًا بديلًا لتحقيق التحديث يختلف عن نهج الدول الغربية.
وذكر مراقبون أنهم يرون أن الصين، في خطواتها الواسعة نحو التحديث، ستواصل توفير فرص تنموية للعالم، وجعل الحوكمة العالمية أكثر عدالة وإنصافًا، والعمل مع الدول الأخرى لخلق مستقبل أفضل للبشرية.
مصدر إلهام عالمي
يحتوي التحديث الصيني النمط على عناصر مشتركة بين عمليات التحديث في جميع البلدان، لكنه أكثر تميزًا بما يحمله من سمات فريدة من نوعها في السياق الصيني.
إن المسار الصيني نحو التحديث، الذي يتجذر بعمق في الصين، يتمشى مع ظروفها الوطنية. وقد ألهمت إنجازات الصين العديد من البلدان النامية للسعي إلى إيجاد مساراتها الخاصة نحو التنمية والرخاء.
وقد أشاد ثونغ مينغدافيد، الباحث في معهد الرؤية الآسيوية؛ ومقرُّه بنوم بنه، بالإنجازات التي حققتها الصين على طريقها نحو التحديث، واصفًا إياها بـ”معجزة حقيقية في تاريخ التنمية البشرية”.
وقال إن نجاح الصين في القضاء على الفقر المدقع وبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي، ألهم العديد من الدول النامية للسعي إلى إيجاد صيغة خاصة بها للحد من الفقر وتعزيز التنمية والرخاء على الصعيد الاقتصادي.
بعد قراءته عن التحديث الصيني النمط، في التقرير الذي قدَّمه الرئيس شي، في المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، ذكر قو تشينغ يانغ، الأستاذ المساعد في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، أن التحديث الصيني النمط هو نموذج تنموي ذو خصائص صينية.
وأضاف قو أن الحزب الشيوعي الصيني سيقود الشعب الصيني في بناء دولة اشتراكية حديثة عظيمة على نحو شامل ودفع مسار النهضة العظيمة للأمة، وهو أمر ذو أهمية كبيرة في عالم متغير.
عند حديثه عن الإنجازات التي حققتها الصين في خطواتها الواسعة نحو التحديث، روى سوماد فولسينا، نائب رئيس الجمعية الوطنية اللاوسية، قصة حياة عائلته في بكين خلال الستينيات. وقال إن أشقاءه ما زالوا يزورون الصين من وقتٍ لآخر في الوقت الحالي وعاصروا شخصيًّا التغييرات التي حدثت في الصين.
وأضاف أن “إنجازات التحديث الصيني النمط تبرهن على أن التحديث لا يُشابه ببساطة التغريب، وأن كل دولة يمكن أن يكون له تحديث خاص بها مناسب لدولها”.
من جانبه قال أديري كافينس، الباحث في العلاقات الدولية والمقيم بكينيا، إن “مسار الصين نحو التحديث هو لعدد هائل من السكان” ويضع الناس في المقام الأول.
وذكر أن بناء مجتمع يتمتع بالحداثة لأكثر من مليار شخص هو بلا شك مساهمة كبيرة في تقدم البشرية، مضيفًا أن الصين قدمت مثالًا جيدًا يُحتذى به للبلدان النامية الأخرى، بما في ذلك تلك الموجودة في أفريقيا، في سعيها إلى إيجاد مساراتها الخاصة نحو التحديث والتنمية.
وقال لويس ديلغادو، الباحث في المركز الفنزويلي للدراسات المتقدمة المعنية بالتنمية والاقتصادات الناشئة، إن الصين مرت بتحول اقتصادي واجتماعي كبير،
مضيفًا أن تحديث الصين وفّر مرجعًا مهمًّا للعديد من البلدان التي تواجه مشكلات تنموية اقتصادية واجتماعية وتستكشف مسارات التنمية المناسبة لظروفها الوطنية.
لقد خلق التحديث الصيني النمط نموذجًا جديدًا من التقدم البشري، وقدَّم بدائل للبلدان النامية لتحقيق التحديث، هكذا قال غينادي زيوغانوف رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية.
وأضاف أن التنمية السريعة للصين تعدّ إنجازًا كبيرًا في تطور الحضارة البشرية، وأن نجاحها في التحديث سيكون مصدر إلهام للدول الأخرى التي تسعى جاهدة من أجل مستقبل أفضل.
دفعة للرخاء العالمي
ذكر تقرير الحزب الشيوعي الصيني أن التحديث الصيني النمط هو تحديث يضم عددًا هائلًا من السكان، ويتسم بالرخاء المشترك للجميع، ويشمل التقدم المادي والثقافي الأخلاقي، ويتضمن الانسجام بين الإنسان والطبيعة، ويهتم بالتنمية السلمية.
ويرى المراقبون في جميع أنحاء العالم أن التحديث الصيني النمط سيدفع الرخاء العالمي والتعلم المتبادل بين الحضارات إلى الأمام، ليقدم بذلك المزيد من الإسهامات للعالم.
لقد شهد حمدي الطباع، رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، تنمية الصين أثناء قيامه بأعمال تجارية في صناعات مثل السيارات والتأمين والتجارة في البلاد في السنوات الأخيرة، واستفاد من انفتاح الصين ونموها القوي.
وقال إن التحديث الصيني النمط، كما هو موضَّح في التقرير الذي قدَّمه الرئيس شي، يعني توفير مستويات معيشية أفضل للشعب الصيني في المستقبل، مضيفًا أنه سيعزز بقوة ازدهار الاقتصاد العالمي وتنميته على المدى الطويل.
أما فرناندو فازولاري، منسق لجنة البنية التحتية في غرفة الإنتاج والصناعة والتجارة الأرجنتينية الصينية، فذكر أن الصين حققت النصر في معركة لمكافحة الفقر لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، ورفعت دخل الناس، وتسعى جاهدة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ولفت فازولاري إلى أن ما فعلته الصين وسع السوق الصينية بشكل فعال وزاد من طلب الشعب الصيني على السلع والخدمات عالية الجودة، وهو ما يعدّ عامل جذب كبيرًا للشركات العالمية.
إن التحديث الصيني النمط الذي يجمع بين الحضارتين المادية والروحية يسلط الضوء على هدف تحقيق الرخاء المشترك للجميع وتعزيز الإنصاف والعدالة الاجتماعيين،
هكذا ذكر البروفيسور إيفاندرو مينيز دي كارفالهو من مركز الدراسات البرازيلية الصينية التابع لمؤسسة جيتوليو فارغاس.
وقال إن التحديث الصيني النمط يتبع مسارًا تنمويًّا يتميز بتحقيق زيادة الإنتاجية وحياة مزدهرة وبيئة إيكولوجية سليمة.
وقد ذكر إبراهيم الوهيب، الأستاذ بجامعة الملك سعود، أن التحديث الصيني النمط يسلط الضوء على التقدم المادي والثقافي-الأخلاقي، الذي سيستمر في دفع الثقافة الصينية نحو العالم وتوسيع القنوات من أجل تعميق التفاهم بين الصين والدول الأخرى في العالم.
وفي معرض إشارته إلى ما ورد في التقرير من تأكيد أهمية “تحديث الانسجام بين الإنسان والطبيعة”، قال أمادو ديوب، الخبير في الشئون الصينية والصحفي، في صحيفة “لو سولي” الوطنية السنغالية، إن “الصين تعدّ، اليوم، لاعبًا أساسيًّا في الحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية الخضراء”.
وتابع بقوله: “لقد عملت من أجل الحد بشكل كبير من التلوث البيئي وتطوير الاقتصاد الأخضر في البلاد”. وأكد، لدى إشارته إلى سياسات إعادة التحريج المطبقة في المناطق الصحراوية بالصين، أن مشروعات الحماية الإيكولوجية هذه وفرت الخبرة للبلدان الأخرى، كما أن تشجيعها لاستخدام الطاقة المتجددة يلهم العالم أيضا.
وقال إدواردو ريغالادو، كبير الباحثين في المركز الدولي لبحوث السياسات في كوبا، إن التحديث الصيني النمط، الذي تم اتباعه على طريق التنمية السلمية، سيضخ المزيد من الطاقة الإيجابية في تحسين الحوكمة العالمية.
وأضاف الخبير أن الصين تلتزم راسخًا بسياسة خارجية مستقلة قائمة على السلام وتتمسك بالأعراف الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية والإنصاف والعدالة الدوليين، مضيفًا أنه يأمل أن تجلب التنمية الجديدة للصين فرصًا جديدة للعالم.
من أجل حوكمة عالمية أفضل
يقف العالم مرة أخرى عند مفترق طرق، حيث يتوقف مساره المستقبلي على خيارات شعوب جميع البلدان.
يقول التقرير، الذي قدّمه الرئيس شي إلى المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، إن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية وخلق شكل جديد من أشكال التقدم البشري، شرطان أساسيان للتحديث الصيني النمط.
إنه يبين أن الصين ستعمل دائمًا، وهي تمضي في مسارها نحو التحديث، على جعل الحوكمة العالمية أكثر عدلا وإنصافا، وهي مستعدة دائما للعمل بشكل مشترك على خلق مستقبل أكثر إشراقا للبشرية.
إن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية يعد رؤية عظيمة بشأن تحسين الحوكمة العالمية، تقدم للعالم طريقة تفكير صينية لتحقيق السلام والرخاء، حسبما قال روبرت لورانس كون، رئيس مؤسسة كون.
وقال تعليقًا على مهمة الحزب الشيوعي الصيني “إنه يحمل على عاتقه مسئولية تمثيل جميع أبناء الشعب وبناء البلاد”.
وأضاف كون أن “مفهوم الفلسفة المتمحورة حول الشعب يمثل في الواقع أساسًا للكيفية التي يرى بها الحزب الشيوعي الصيني، الحزب الحاكم في الصين، مهمته”، مشيرًا إلى أن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية يجلب للعالم نفس الفلسفة المتمحورة حول الشعب.
وذكر ديفيد مونياي، مدير مركز الدراسات الأفريقية الصينية في جامعة جوهانسبرغ، إن المسار الصيني نحو التحديث هو عمل رائد في تنمية المجتمع البشري. فمن تقاسمه للفرص التنموية إلى تقاسمه للخبرات التنموية، أتاح التحديث الصيني النمط مسارًا تنمويًّا أكثر إنصافًا.
وقال مونياي إن تجربة التنمية الصينية سيكون لها تأثير عميق على العالم، وخاصة على الدول الأفريقية وغيرها من الدول النامية.
وذكر إسماعيل دبش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، الذي يشغل منصب رئيس جمعية الصداقة الجزائرية الصينية منذ التسعينيات، أن الصين تُولي اهتمامًا كبيرًا بصحة الشعب ورفاهه، وتنفذ بصورة نشطة إستراتيجيات نهضة البلاد من خلال العلوم والتعليم، وتحمي الأمن والسلم والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأضاف دبش أن الصين ستتقاسم فرصها التنموية مع الدول النامية الأخرى، وستساعد الدول الأخرى على تطوير وتحسين معيشة شعوبها، وتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وهو ما يعكس أهمية الشعب في المسار الصيني نحو التحديث.
وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة، أكدت الصين أهمية الشراكة والمنفعة المتبادلة والروابط الأكثر وثاقة في المبادرات التي اقترحتها.
وقال ديف بروميتش، وهو خبير في الشؤون الصينية من نيوزيلندا، إن “الالتزام بالقانون الدولي القائم على الأمم المتحدة، وإعلاء السلام ونبذ الصراع، وتحقيق الوئام العالمي في عالم متعدد الأقطاب سيكون رسالة واضحة من المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني”.
وأضاف أن صينا مستقرة واقتصاد قوي تنعم به أمران لهما أهمية عالمية كبيرة.