تعكس الاستراتيجية “الوطنية 2050 للتغيرات المناخية” جدية الحكومة المصرية في مواجهة التغير المناخي الذي يؤثر بالفعل على قطاعات عديدة في البلاد، بحسب خبراء مصريين، أكدوا أن تنفيذ هذه الاستراتيجية التي تقدم “رؤية تكاملية” من شأنه تحسين جودة الحياة للمواطنين.
وأطلقت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، قبل أيام الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، مؤكدة أن “مصر واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ على قطاعات مثل السواحل والزراعة والموارد المائية والصحة والبنية الأساسية”.
مصر تطلق الاستراتيجية الوطنية 2050
وحذر مدبولي، من أن تغير المناخ يؤثر على خطط التنمية والأمن الغذائي وتوافر المياه، وبالتالي الأمن القومي، مشيرا إلى أن حكومته تتخذ إجراءات عديدة للتكيف مع تغير المناخ من بينها مشروعات تحلية المياه، وتفعيل نظام الإنذار المبكر، وبرنامج مرونة النظام الغذائي، ومشروعات الطاقة المتجددة والنقل المستدام وزراعة الغابات والإدارة المستدامة للمخلفات.
ويأتي إطلاق هذه الاستراتيجية قبل شهور من استضافة ورئاسة مصر لأعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ “كوب 27″، والمقررة في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ.
وقال الدكتور مجدي علام أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إن “الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 ستمكن مصر من تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة ودعم تحقيق غايات التنمية المستدامة وأهداف رؤية مصر 2030 باتباع نهج مرن ومنخفض الانبعاثات للتصدي بفاعلية لآثار وتداعيات تغير المناخ”.
وأضاف علام، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن تنفيذ هذه الاستراتيجية “سوف يساهم في تحسين جودة الحياة للمواطن المصري وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والحفاظ على الموارد الطبيعية مع تعزيز ريادة مصر على الصعيد الدولي في مجال تغير المناخ”.
الاستراتيجية تغطي القطاعات الرئيسية الستة
وأوضح الخبير المصري، أن “الاستراتيجية تغطي القطاعات الرئيسية الستة التي تنتج غازات الاحتباس الحراري وهي قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والزراعة والإسكان والسياحة، وانبعاثات مصر لا تتجاوز 0.6% من إجمالي الانبعاثات في العالم، وليس لدي قلق من انبعاثات مصر لأنها صغيرة جدا”.
وتابع أن “مصر تضررت من الاحتباس الحراري دون أن تتسبب فيه، حيث بدأت هذه المشكلة منذ الثورة الصناعية في أوروبا واستخدام الفحم”.
وتتمثل أهداف الاستراتيجية الوطنية في “تحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال تنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة والتوسع فيها بإنشاء مزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية والتوسع في استخدام الطاقة الحيوية”، وفقا للخبير المصري.
وتشمل هذه الأهداف “تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ من خلال تحديد أدوار ومسؤوليات مختلف أصحاب المصلحة من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية وجذب المزيد من الاستثمارات”، فضلا عن “تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية.. وزيادة الوعي بشأن تغير المناخ”.
تشكيل مجلس وطني للتغيرات المناخية
وأكد علام، أن “إطلاق هذه الاستراتيجية يعكس جدية الحكومة المصرية في مواجهة التغيرات المناخية، وأول التزام قانوني نفذته الحكومة هو تشكيل مجلس وطني للتغيرات المناخية وإضافة قطاع جديد هو قطاع المناخ لوزارة البيئة”.
وأردف أن “إطلاق هذه الاستراتيجية قبل شهور من قمة المناخ في شرم الشيخ يعد استعدادا جيدا للقمة، لأنه أولا: التزام مصري أمام العالم بأن مصر لديها خطة تفصيلية للتأقلم مع المناخ والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وثانيا: مصر تقدم نفسها كدولة ذات اقتصاد أخضر ومدينة شرم الشيخ سوف تتحول إلى مدينة خضراء من بين مدن قليلة على مستوى العالم”.
واستطرد أن “مصر تحاول أن تقدم نموذجا للاقتصاد الأخضر، حيث أن الحل الوحيد لتغير المناخ هو أن تتحول البشرية إلى الاقتصاد الأخضر، وهذا الاقتصاد لا يحرم الدول من الإنتاج لكنه يعدل مسار الطاقة إلى طاقة واقتصاد نظيف”.
واعتبر أن “استهداف مصر التحول إلى الاقتصاد الأخضر وزيادة الاستثمارات الخضراء الممولة حكوميا إلى 50% من إجمالي الاستثمارات العامة بحلول عام 2025 خطوة تقدمية كبيرة”.
تحد كبير
واستدرك “لكن ذلك تحدي كبير أيضا لأنه يعني أن تقوم الدولة بتغيير وسائل النقل والاعتماد على الطاقة النظيفة”.
وختم أن “مصر لديها محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان ومحطة الزعفرانة لطاقة الرياح، وهذا اقتصاد اخضر، واتوقع أن تحقق مصر المستهدف من التحول إلى الاقتصاد الأخضر”.
من جهته، قال الدكتور ماهر عزيز الخبير في شؤون الطاقة والبيئة وتغير المناخ إن “الاستراتيجية الوطنية لتغيرات المناخ تستهدف خفض غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات الاقتصادية في الدولة، وبالتالي تحدد الإجراءات الواجب اتخاذها في كل قطاع للوصول إلى هذا الهدف”.
وأضاف عزيز، وهو عضو مجلس الطاقة العالمي، لـ ((شينخوا)) أن “الاستراتيجية الوطنية تقدم رؤية تكاملية لمكافحة تغير المناخ بجميع قطاعات الدولة مثل قطاعات الطاقة والنقل والتصنيع والزراعة، وتتضمن تصورات ممكنة ومشروعات قابلة للتطبيق للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بكل هذه القطاعات”.
وزاد أنه “دون شك، إطلاق هذه الاستراتيجية يؤكد عزم الحكومة على اتخاذ خطوات جادة لخفض غازات الاحتباس الحراري، كما أن إطلاقها قبل مؤتمر (كوب 27) يمثل نقطة هامة جدا تعزز مكانة مصر واستعداد جيد للمؤتمر”.
وأشار إلى أن “استهداف مصر الوصول إلى زيادة الاستثمارات الخضراء إلى 50% من الاستثمارات العامة يعد طموحا، وإذا نجحت الحكومة في تحقيقه سيحسب ذلك نجاحا كبيرا جدا “.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.