أصدرت الولايات المتحدة وإسرائيل والبحرين بيانا مشتركا يوم الجمعة للإعلان عن اتفاق البحرين وإسرائيل على إقامة علاقات دبلوماسية شاملة بينهما.
تصبح البحرين بذلك رابع دولة عربية وثاني دولة خليجية تقيم علاقات مع إسرائيل.
اتفاق البحرين وإسرائيل
ويرى خبراء صينيون أن الاتفاق الجديد يأتي على غرار ما جرى بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهو ما كان للولايات المتحدة دور كبير في التوصل إليه.
ومن أجل الانتخابات الرئاسية، مارست إدارة الرئيس الأمريكي ضغوطا على حلفائها من الدول العربية لتغيير موقفها تجاه إسرائيل.
وأشاروا إلى أن مثل هذا النهج لا يفضي فقط إلى تخفيف التوترات في الشرق الأوسط، بل قد يؤدي إلى تغييرات جيوسياسية أوسع في المنطقة.
لماذا البحرين؟
تعتبر البحرين الدولة الخليجية الثانية بعد الإمارات التي ستوقع اتفاق سلام مع إسرائيل.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانا مساء يوم الجمعة، قال فيه إن الاتفاق جاء نتيجة “سنوات من العمل وراء الكواليس”.
وأوضح أن البحرين هي رابع دولة عربية تتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، وأنه سيكون هناك المزيد من الدول العربية التي ستوقع اتفاق سلام مع إسرائيل.
وسيقوم نتنياهو ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني بتوقيع “إعلان السلام” يوم 15 سبتمبر في المراسم نفسها التي سيتم خلالها توقيع الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل في البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن.
وقال باو تشنغ تشانغ، وهو باحث مشارك في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي، إنه بعد اتفاق البحرين وإسرائيل ، أثيرت تكهنات من جانب مختلف الأوساط باحتمال أن تكون البحرين الدولة العربية التالية التي تعلن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وذلك، خصوصا، بعد سماحها الأسبوع الماضي للرحلات الجوية بين إسرائيل والإمارات باستخدام مجالها الجوي، وهو ما بعث في الواقع بإشارة إيجابية إلى إسرائيل.
دور مهم للسعودية
وأشار باو إلى أنه بالإضافة إلى الولايات المتحدة، فقد لعبت المملكة العربية السعودية دورا مهما في هذه الخطوة.
وتعد المنامة مقربة جدا من الرياض وتراعي سياستها الإقليمية.
ولفتت في غضون ذلك إلى العامل الإيراني، حيث أن البحرين وإسرائيل إضافة إلى السعودية تجمعها رغبة عزل إيران دبلوماسيا.
وأكد أن الاتفاق في الوقت ذاته يعكس تراجع أهمية القضية الفلسطينية ضمن سلم أولويات السياسات الخارجية لهذه الدول أمام القضية الإيرانية.
وكانت البحرين قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في يناير 2016، في موقف جاء تضامنا مع السعودية التي قطعت العلاقات مع الجمهورية الإسلامية، بعد أزمة دبلوماسية اندلعت حينها بين البلدين.
دول خليجية أخرى
ويعتقد وو بينغ بينغ من مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة بكين أنه لا يستبعد أن تعمد دول عربية أخرى، وخاصة خليجية، إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
و شدد بأنه من المستحيل على أي دولة عربية أن تقبل ضم إسرائيل الكامل للأراضي الفلسطينية، كما أنه من الصعب قبول هذا الدعم الأحادي لإسرائيل.
وهذا ما ورد جليا في تصريحات لمستشار العاهل البحريني للشؤون الدبلوماسية ووزير الخارجية السابق الشيخ خالد آل خليفة الذي أوضح أن الاتفاق “يوجه رسالة إيجابية ومشجعة إلى شعب إسرائيل، بأن السلام العادل والشامل مع الشعب الفلسطيني هو الطريق الأفضل”.
أغراض أمريكية
خلال الشهر الماضي، قامت الولايات المتحدة بتحركات دبلوماسية متكررة في الشرق الأوسط. وفي 13 أغسطس، توصلت إسرائيل والإمارات إلى اتفاق بوساطة أمريكية، ينص على تحقيق التطبيع الكامل للعلاقات الثنائية.
بعد ذلك، قام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بزيارة خمس دول في المنطقة في أواخر أغسطس، ثم قام ومستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر بزيارة الشرق الأوسط واحدا تلو الآخر.
قمة سلام الشرق الأوسط
وعلاوة على ذلك، تخطط الولايات المتحدة لعقد “قمة سلام الشرق الأوسط” في واشنطن في 15 سبتمبر.
في هذا الصدد، أشار المحللون إلى أن إدارة ترامب كانت نشطة للغاية بشأن الشرق الأوسط مؤخرا، وأن الانتخابات الرئاسية في نوفمبر تعد عاملا مهما وراء ذلك.
وذلك بعد توليه مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة، ولإرضاء الناخبين المؤيدين لإسرائيل، خالف ترامب السياسة الأمريكية الممتدة بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وكشف عن انحيازه الصارخ لإسرائيل.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يحتاج ترامب بشكل عاجل إلى إنجازات دبلوماسية.
بذل ترامب قصارى جهده لتعزيز تسهيل العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، بينما يتم تجاهل فلسطين، التي ليس لها تأثير يذكر على مصالحه الانتخابية.
وذكر سون تشنغ هاو، الخبير في الشؤون الأمريكية بالمعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، أن الإجراءات الأخيرة لإدارة ترامب في الشرق الأوسط لها غرضان رئيسيان.
أهداف ترامب
الغرض الأول هو سياسته في تعزيز “الدعم لإسرائيل في مواجهة إيران.”
والثاني هو زيادة شعبيته عبر الأداء الدبلوماسي، حيث أن الإنجيليين الأمريكيين، باعتبارهم ناخبي ترامب المتشددين، مؤيدون بشدة لإسرائيل، وتساعد إجراءات ترامب في الشرق الأوسط على اجتذاب أصوات هؤلاء.
ويعتقد باو تشنغ تشانغ أن ترامب يرغب في تحقيق اختراق دبلوماسي واستقطاب دعم سياسي له في الانتخابات الرئاسية وتحويل الاتهامات المحلية فيما يتعلق بمكافحة حكومته غير الفعالة لوباء كوفيد-19.
وعلى الساحة العالمية، يعد الشرق الأوسط أكثر المناطق ترجيحا لتحقيق اختراقات دبلوماسية للإدارة الأمريكية.
التأثيرات والتداعيات
اعتبرت القيادة الفلسطينية في بيان صحفي صدر الجمعة أن اتفاق البحرين وإسرائيل “خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية (…) ودعما لتشريع جرائم الاحتلال الإسرائيلي البشعة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني”.
وأضاف البيان “وتنظر القيادة الفلسطينية إلى هذه الخطوة بخطورة بالغة إذ أنها تشكل نسفا للمبادرة العربية للسلام وقرارات القمم العربية والإسلامية والشرعية الدولية”.
وتلا ذلك استدعاء فوري للسفير الفلسطيني المعتمد لدى البحرين.
وأفاد المحللون أنه بالرغم من رد الفعل القوي من الفلسطينيين، فقد يكون من الصعب تغيير الاتجاه العام لتقارب بعض الدول العربية مع إسرائيل.
تهميش متعمد
وأشاروا إلى أنه في ظل سياسة الشرق الأوسط التي تنفذها الولايات المتحدة وتطور الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط، فإن القضية الفلسطينية الإسرائيلية قد تشهد تهميشا تدريجيا متعمدا.
وأوضح باو تشنغ تشانغ بأنه بالإضافة إلى التغييرات في السياسة الأمريكية، فإن تطور النمط الجيوسياسي في الشرق الأوسط هو سبب مهم آخر لتهميش القضية الفلسطينية الإسرائيلية.
شرط إقامة الدولة الفلسطينية
ولطالما اعتبرت الدول العربية إقامة الدولة الفلسطينية شرطا أساسيا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بيد أن التغييرات التي طرأت على الوضع الإقليمي في السنوات الأخيرة خففت من حدة هذا الموقف.
وشاطره سون تشنغ هاو في الرأي، قائلا إنه في السنوات الأخيرة، أظهرت الولايات المتحدة اتجاها للانكماش الإستراتيجي في الشرق الأوسط ككل.
اتفاق البحرين وإسرائيل وإيران
ونتيجة لذلك توسع نفوذ بعض القوى الإقليمية، وخاصة إيران، إن كان في سوريا أو العراق أو اليمن أو دول أخرى، مما أثار حفيظة بعض الدول العربية ودفعها إلى تقارب تدريجي مع إسرائيل.
ويرى باو أن تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل بعد الإمارات سيظهر تأثيره جليا على الإجماع العربي في المنطقة حيال القضية الفلسطينية، ما يجعل الوضع الفلسطيني أكثر هشاشة.
وبالنسبة لإيران، فإن المنافسة الجيوسياسية مع دول بالمنطقة ستدفع الأخيرة في نهاية المطاف إلى إبرام اتفاق يناظر اتفاق البحرين وإسرائيل ، مما سيزيد من تفاقم البيئة المحيطة بإيران.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.