تأثرت إمدادات العديد من السلع الغذائية بشكل كبير بالحرب الروسية الأوكرانية التى اندلعت فى 24 فبراير الماضى، وانعكست آثارها على الاقتصادات العالمية ومن بينها مصر التى شهدت ارتفاعات فى بعض المنتجات المستوردة نتيجة زيادة أسعارها العالمية، علاوة على صعود نوالين النقل البحرى بشكل كبير وكذلك معدلات التضخم.
ونتيجة للتداعيات المختلفة لتلك الحرب أحجم عدد من المستوردين عن التعاقد على كميات جديدة وفقا للأسعار القائمة التى تعد غير مناسبة للقوة الشرائية المحلية.
بعض المنتجين فى الدول التى تعتمد عليها السوق المحلية اتجهوا إلى بدائل أخرى
وقال المهندس سمير سويلم، رئيس مجلس إدارة شعبة الدواجن واللحوم والأسماك المجمدة لدى الغرفة التجارية فى الإسكندرية – فى حواره مع «المال» – إن استمرار اندلاع الحرب حتى الآن أثر على إمدادات الغذاء العالمى التى يدخل ضمنها جميع الخامات ومستلزمات الإنتاج والأعلاف للدول ومنها مصر.
وأشار إلى أنه نتيجة للحرب تراجع بعض أصناف المجمدات خلال الشهرين الأخيرين بنسب تتراوح من 70 إلى %80 على الأقل، لافتًا إلى أنه على سبيل المثال كانت اللحوم الواردة من الهند التى تم شحنها فى مايو الماضى وتم الاتفاق عليها فى مارس السابق عليه تبلغ كمياتها نحو 30 ألف طن، وصل منها خلال يوليو الماضى 4600 طن فقط.
ولفت إلى أن واردات الدواجن شبه متوقفة، مشيرا إلى أن بعض الموانئ المصرية مكدسة بشحنات المجمدات منذ يونيو الماضى لعدم سداد قيمتها للمورد الأجنبى وبالتالى طالما أن البضائع فى الموانئ ولم يتم إنهاء إجراءاتها المستندية وسداد ثمنها والحصول على بوليصة الشحن يتم معاملتها من قبل السلطات على أنها لا تزال خارج مصر.
وكشف «سويلم» عن خطورة أن السوق المحلية الآن لا تزال تسحب من المخزونات الموجودة لديها مع ارتفاع أسعارها تدريجيًا، لكنه لفت إلى أن هناك استقرارا فى معدلات الاستهلاك التى تعد شبه ثابته.
وحذر من المشكلات المترتبة على التأخير فى خروج البضائع من الموانئ والإفراج عن البضائع، مشيرا إلى أن الكيلوجرام يتحمل 6 جنيهات ما بين غرامات وأرضيات للموانئ.
وأكد أن تلك الغرامات تكون عادة بالعملة الأجنبية للتوكيلات الملاحية الأمر الذى يسبب خسائر مضاعفة، علاوة على أن أى ارتفاعات فى تكلفة المنتج يتحملها المستهلك النهائي.
وأضاف أن أوكرانيا كانت قبل الحرب تصدر العديد من المنتجات الغذائية للعديد من دول العالم، فمثلًا كان جزء من الدواجن المجمدة المستوردة فى السوق المحلية يأتى منها.
وكشف «سويلم» عن أن توقف استيراد الدواجن من أوكرانيا أعطى البرازيل فرصة لتصديرها للأسواق العالمية؛ لاسيما وأنها تعتبر الدولة الوحيدة التى لديها الإنتاجية المناسبة والإمكانيات.
ولفت إلى أنه رغم امتلاك البرازيل الإنتاج الكافى من الدواجن، إلا أنه نتيجة استمرار الحرب على أوكرانيا أصبحت غير قادرة على تلبية الطلب العالمي، وترتب على ذلك أن تسليمها للمنتجات بات يتم فى مدة تتراوح من 3 إلى 4 أشهر مع ارتفاع أسعارها أيضا.
وأشار إلى أن سعر طن الدواجن البرازيلية كان يبلغ 1750 دولارا قبل الحرب الروسية الأوكرانية، فى حين أنه بعد الحرب سجل 2950 بزيادة %30موضحا أن الطلب على المنتجات قبل اندلاع الحرب كان يتم تدبيره خلال شهر.
وأوضح أن إمدادات العديد من المواد الغذائية توقفت نتيجة الحرب، وكان لابد على جميع دول العالم أن تُكيف نفسها مع هذا الوضع، خاصةً أن القمح والذرة منتجان مؤثران فى الاستهلاك البشرى والحيوانى مع ضرورة البحث عن أسواق بديلة وعدم توافر الكميات المطلوبة منهما بسهولة.
وأشار «سويلم» إلى أنه على الجانب الآخر، تعتبر روسيا مستهلكة للحوم، وأوكرانيا تصدر الدجاج، منوهًا بأن الأخيرة كانت تستحوذ على 10 إلى %15 من واردات مصر منها، وكان يتم تدبير النسبة المتبقية من البرازيل.
وأوضح أن واردت الدواجن الأوكرانية لمصر ليست كبيرة، لكن واردات بعض الدول العربية مثل السعودية مثلاً كانت أكبر بكثير حيث كانت تستورد 120ألف طن سنويًا من كييف.
وتابع إن ارتفاع سعر البترول خلال الأشهر الماضية أدى إلى زيادة أسعار الشحن بنسبة %30 لافتا إلى أن أسعار الشحن البحرى كانت تتراوح قبل الحرب من100 إلى 120دولارا للطن مقابل من 300 إلى 400 دولار بعدها.
ولفت إلى أنه فى ظل تلك الأسعار لم نعد نستطيع استيراد الأسماك المجمدة من الشرق الأقصى والصين، خاصةً أن سعر شحن الطن يقارب ثمنه .
طن السمك يسجل 800 دولار وشحنه يتكلف 500
وتابع إن سعر الطن من تلك الأسماك يبلغ حاليا نحو 800 دولار، وسعر شحنه 500 دولار، وهو ما أدى إلى إحجام المستورد عن التعاقد على كميات جديدة وفقا لهذه الأسعار غير المناسبة للقوة الشرائية المحلية.
وأشار إلى أن الفترة الحالية تشهد شبه استقرار فى الأسعار، وفى حال استمرار هذه الحرب فإن تأثيراتها لن تكون كما كانت فى الأيام الأولى من اندلاعها؛ إذ امتصت الأسواق بعض نسب الغلاء التى شهدتها أسعار المنتجات والتى تراوحت من 30 إلى %40.
وأشار إلى أن عدم القدرة على استيراد الدواجن البرازيلية نتيجة الأسباب السابقة أدى إلى زيادة أسعارها المحلية بصورة ملحوظة، موضحًا أن الإنتاج الداجنى المحلى يعتمد بنسبة %70 على المدخلات المستوردة من الأعلاف والأمصال وغيرها.
وذكر أن اللحوم المجمدة المستوردة محليا ذات منشأ برازيلى وهندى بنسبة %50 تقريبا، منوهًا بأنه لا توجد مناشئ أخرى يمكن التفكير فى الاستيراد منها فى الوقت الراهن، فى حين أن الأسماك يتم استيرادها من الاتحاد الأوروبى والشرق الأقصى.
وقال إن ارتفاع أسعار الشحن، وكذلك المنتجات، وسعر صرف العملات الأجنبية قفز بمعدلات التضخم بنسبة تعدت الـ%30 عالميا.
وأشار إلى أن بعض الإجراءات التى اتخذتها الدولة خلال الأشهر الماضية أدت إلى الحد من استمرار تدفق الواردات من المجمدات بشكل طبيعى من المنافذ الجمركية والموانئ، كما كان الوضع قبل اتخاذ تلك الإجراءات الاقتصادية؛ نتيجة الفترة اللازمة لتدبير النقد الأجنبى من قبل البنوك.
وقدر التراجع فى استيراد اللحوم من الخارج بنسبة %80 من الواردات المحلية مقارنة بما كانت عليه قبل اتخاذ القرارات الاقتصادية.
بعض المنتجين فى الدول التى تعتمد عليها السوق المحلية اتجهوا إلى بدائل أخرى
وأوضح أن المنتجين فى الأسواق التى يتم الاعتماد عليها فى التوريد يتجهون لتوفير احتياجات أسواق أخرى قادرة على توفير أسعار الشحنات، لافتا إلى أن عدم الوفاء بسداد قيمة البضائع التى يتم استيرادها فى الوقت المحدد لها أدت إلى توقف الموردين عن الاستمرار فى التوريد لمصر والبحث عن أسواق بديلة يكون النفاذ إليها أسهل.