أكد شعبان عبد الجواد رئيس إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، أن مصر تنتظر وصول مجموعة قطع أثرية من عدة دول بعد تهريبها للخارج، وأنه جار إنهاء الإجراءات اللازمة لعودتها ومن المقرر استلامها خلال العام الحالى 2020.
وأضاف عبد الجواد فى حواره لـ «المال» أن القطع موجودة حالياً فى سفارات التى تم رصدها بها، ومن بينها أمريكا وأستراليا، مشيرا إلى صعوبة عملية استرداد قطع أثرية لأنها ليست نزاعا بين شخصين وإنما بين دولتين لكل منهما اتفاقيات وقوانين محلية مختلفة.
كما أكد حرص الدولة على استرداد قطع أثرية تم تهريبها بطرق غير شرعية، منوهاً بأن هناك قطع خرجت من مصر بطرق شرعية نظرا لوجود وثيقة ملكية كانت تسمح بخروج الآثار قبل إصدار قانون رقم 117 لعام 1983 والذى منع تجارة الآثار أو إهداءها بالكامل.
وقال رئيس إدارة الآثار المستردة إن الإدارة تم إنشاؤها عام 2002 بقرار من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الأسبق الدكتور زاهى حواس، بغرض متابعة ورصد كل ما يُعرض من آثار مصرية فى الخارج سواء عن طريق صالات المزادات والمواقع الإلكترونية أو ما يتم ضبطه من خلال التهريب للخارج.
وأشار إلى أنه منذ عام 2015 وحتى الآن شهدت عملية استرداد قطع أثرية من الخارج طفرة كبيرة، حيث نجحت الإدارة ممثلة فى الوزارة بالتعاون مع الخارجية المصرية والإنتربول الدولى فى استعادة 23 قطعة آثرية العام الماضى.
أهم القطع التى تم استردادها خلال 2019 تابوت من الخشب المرصع بالذهب لكاهن يدعى «نجم عنخ»
وتابع، أن أبرز الدول التى تم استرداد آثار مصرية منها خلال 2019، هى «إنجلترا، إيطاليا، أمريكا، أستراليا، ألمانيا، سويسرا وهولندا»، ومن أهم القطع التى تم استردادها تابوت من الخشب المرصع بالذهب لكاهن يدعى «نجم عنخ»، كان بحوزة متحف المتروبوليتان الذى اشتراه من أحد تجار الآثار.
وأوضح أنه خلال عام 2018 تم استرداد 222 قطعة و21 ألف و660 عملة آثرية، وأكثر من 550 قطعة آثرية فى 2017، أما فى 2016 فتم استرداد 333 قطعة، بينما شهد عام 2015 استرجاع 550 قطعة.
وأكد عبد الجواد أن هذا النجاح دفع دولا مثل العراق، واليمن وأوزباكستان وغيرها إلى الاستعانة بالخبرة المصرية فى مجال استعادة آثارها المهربة.
وقال رئيس إدارة الآثار المستردة إنه من السهل اكتشاف آثار فى أرض مصر ولكن من الصعب استرجاعها بعد تهريبها للخارج، خاصة بعد أن يتملكها حائز أجنبى فى دولة لها قوانين مختلفة، ومن هنا نحاول التدخل بالدبلوماسية أو بالقانون لاستعادتها.
ولفت إلى أن وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العنانى، يولى اهتماما كبيرا لهذا الملف، كما عمل على إحياء اللجنة القومية للآثار المستردة والمُشكلة بقرار من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، برئاسة الوزير وعضوية كل من الدكتور زاهى حواس عالم الآثار، ونبيل العربى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى كافة الجهات الأمنية والمعنية باسترداد الآثار.
وأوضح أن اللجنة تعمل على الموضوعات الشائكة التى تقف عائقًا أمام إدارة الآثار المستردة، بطلب من الإدارة، رافضًا الإفصاح عن القضايا التى تعمل عليها اللجنة أو الإدارة حالياً إلا بعد الانتهاء منها والنجاح فيها حفاظًا على سريتها.
كافة المنافذ البحرية والجوية والبرية مؤمنة
وشدد رئيس إدارة الآثار المستردة على أن كافة المنافذ البحرية والجوية والبرية مؤمنة، موضحا أن هناك مجموعة من المكاتب التابعة للوزارة مختصة بعمليات الفحص لأى قطعة مشتبه فى أثريتها.
وقال إن «مافيا» تهريب قطع أثرية الآثار تتخذ وتبتكر طرقا كثيرة للتهريب ومن بينها وضع القطع الآثرية الأصلية داخل قطع أخرى مقلدة، أو التهريب عن طريق الكونترات، ولكن رجال الشرطة والجمارك يقفون بالمرصاد وأى ضبطية يتبعها بعد ذلك إجراء أقوى للحد من عمليات التهريب.
ونوه عبد الجواد بأن أبرز الدول التى يتم بها الاتجار فى الآثار هى «سويسرا، فرنسا، إنجلترا، إسبانيا، أمريكا» بالإضافة إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبى.
وتابع أن ألمانيا كانت من أبرز الدول التى يباع بها آثار ولكن بسبب الضغط المتواصل عليها تم تغيير القانون الألمانى، والذى أجبر صالات المزادات هناك على ضرورة وجود وثيقة إثبات الملكية للقطع المباعة، وعدم عرضها بدون مستندات ملكية، موضحاً أنه فى إنجلترا على سبيل المثال فإن صالات المزادات لا تتبع الدولة ولكنها تعد استثمارا.
وحول كيفية استرداد الآثار المصرية المفقودة أو المهربة فى الخارج يقول رئيس إدارة الآثار المستردة إن الإدارة تتابع كافة المزادات والمواقع الإلكترونية وفى حال تم رصد قطع آثرية نقوم بمخاطبة صالات المزادات لوقف البيع، كما يتم إخطار السلطات المعنية والجهات الأجنبية، للمطالبة بوقف البيع فى المزاد حتى يتم التأكد من شرعية خروج القطع الأثرية من عدمها.
وأضاف أن هناك عدة طرق للاسترداد إما عن طريق الدبلوماسية والتفاوض وفى أغلب الأحيان نلجأ إليها وتنجح، أو عن طريق اللجوء للقضاء، أو من خلال الاتفاقيات الثنائية.
مفاوضات مع السودان وليبيا واليونان للحد من الاتجار
ولفت عبد الجواد إلى أن هناك مفاوضات خلال الفترة الراهنة مع 3 دول عربية وأجنبية، بالإضافة إلى دول فى الخليج العربى، لعقد اتفاقيات ثنائية لحظر دخول القطع الأثرية المصرية لديها بطرق غير شرعية، ومن أبرزها السودان، وليبيا واليونان.
وأوضح أن الوزارة عقدت اتفاقيات ثنائية خلال الفترة الماضية، مع عدة دول للحد من الاتجار بالآثار، وخاصة الدول المجاورة لمصر أبرزها «السعودية، ولبنان، والأردن، وقبرص، وإيطاليا، وإسبانيا، وسويسرا وأمريكا».
ونوه عبد الجواد بأهمية عقد مثل هذه الاتفاقيات الثنائية للحد من عمليات الاتجار بالآثار المصرية بما يضمن حماية هذه الكنوز خاصة فى الدول التى لا تجرم تلك العمليات.
تم استرداد القطع التي تم تهريبها لايطاليا
وعن قضية تهريب آثار مصرية فى حاوية إلى إيطاليا، أكد رئيس إدارة الآثار المستردة أن الضبطية وقعت فى شهر مارس الماضى وتم استرداد القطع فى شهر يونيه، مشيرا إلى أن السبب وراء سرعة عودة القطع الآثرية هى الاتفاقية الثنائية الموقعة بين مصر وإيطاليا.
يذكر أن القطع المستردة تتكون من 21,660 عملة معدنية، إضافة إلى 195 قطعة أثرية منها 151 تمثالا أوشابتى صغير الحجم من الفاينس و11 آنية فخارية و5 أقنعة مومياوات بعضها مطلى بالذهب وتابوت خشبى ومركبين صغيرتين من الخشب و2 رأس كانوبى و3 بلاطات خزفية ملونة تنتمى للعصر الإسلامى.
وكانت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بعابدين، برئاسة المستشار محمد على مصطفى الفقى، قررت حجز محاكمة بطرس رؤوف بطرس غالى شقيق وزير المالية الأسبق وآخرين بتهمة تهريب الآثار إلى أوروبا لجلسة 15 فبراير للنطق بالحكم.
وقال عبد الجواد إن دور الوزارة انتهى بعد استرداد الآثار ولكن التحقيق والمحاسبة مسئولية الجهات المعنية.
وبسؤاله عن أبرز الصعوبات التى تواجه مصر فى استرداد آثارها، أكد أن القطع الأثرية غير المسجلة والناتجة عن الحفر خلسة فى المناطق الأثرية، من أبرز المعوقات التى تواجه الإدارة، مشيرا إلى أن عمليات الحفر انخفضت عن عام 2011.
وقال إنه بعد ضبط قطع آثرية فى الخارج تطالب صالات المزادات بسند الملكية وصور القطع والنشر العلمى لها، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ إجراءات للحد من عمليات تهريب الآثار من بينها أى بعثة أجنبية تعمل فى مصر عليها تسجيل كل قطعة آثرية فور اكتشافها، بالإضافة إلى وجود مرافقين مصريين لكل البعثات العاملة.
وأوضح أن الأزمة تكمُن فى أن مصر الجديدة مبنية على مصر القديمة، فالدلتا وشريط وادى النيل الذى يعيش فيه المصريون حالياً هو نفس المكان الذى عاش فيه القدماء.
هناك مشروعا قوميا تعمل عليه الوزارة حاليا لتسجيل كافة الآثار الموجودة
وأضاف أن هناك مشروعا قوميا تعمل عليه الوزارة حاليا لتسجيل كافة الآثار الموجودة، والمفقودات مع إبلاغ الإنتربول المصرى والدولى لمتابعتها.
ولفت إلى أن غسيل الآثار المصرية يعنى خروج القطع من مصر بطريقة غير مشروعة، ويجرى عمل وثائق جديدة لها عبر تسجيل الأثر بسندات ملكية مزورة، وتقوم بذلك «مافيا» دولية تعمل على تأريخ الأثر بتواريخ تعود إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، حتى لا تطبق عليها اتفاقيات حماية الآثار.
التابوت المذهب «نجم عنخ» ضمن قضايا «الغسيل».. ومتحف المتروبوليتان سدد 5 ملايين دولار لشرائه
ونوه بأنه من أبرز القضايا فى ملف غسيل الآثار – والتى لاقت رواجا على مستوى العالم – هى استرداد قطعة نادرة عبارة عن تابوت من الخشب المرصع بالذهب لكاهن يدعى «نجم عنخ»، كان بحوزة متحف المتروبوليتان بعدما اشتراه من أحد تجار الآثار.
وأضاف أن المتحف كان يمتلك وثائق ملكية تعود لعام 1971 ولكن بعد مجهودات لنحو عام ونصف مع مكتب المدعى العام الأمريكى، اكتشفنا أنها مزورة والمتحف اشترى القطعة من أحد تجار الآثار الفرنسيين بعد سداد 5 ملايين دولار.
وقال إن عودة التابوت لم تُكلف الوزارة أى مبالغ مالية، فقد أجبرنا المتحف على تولى عملية التغليف وساهمت «مصر للطيران» فى نقله بدون مقابل.. مضيفا «احنا مش بندفع فلوس لاسترداد الآثار إلا فى حالات رفع القضايا أو القيام بأعمال الشحن والتغليف».
احتمال تعديل «بنود اليونسكو» ضعيف ونعوض ذلك بالاتفاقيات الثنائية
وحول إمكانية تعديل اتفاقية اليونسكو، قال إن هناك بعض البنود التى لا تتماشى مع مصر فى الاتفاقية والمشارك فيها 139 دولة، من بينها عدم تطبيق الاتفاقية بأثر رجعى، موضحاً أن الوزارة تعوض ذلك من خلال الاتفاقيات الثنائية.
وأضاف، على سبيل المثال عقدنا اتفاقية مع أمريكا لوضع قيود على استيراد وتصدير القطع الآثرية من وإلى أمريكا، مشيراً إلى أن الاتفاقية ساعدت كثيراً فى عودة الآثار المصرية المهربة، إلا أن تعديل البنود صعب لآن ذلك يحتاج إلى اقناع دول كثيرة مشاركة فى الاتفاقية والتى تضم دولا متضررة ودول الأسواق المباع بها الآثار.
واختتم بالإشارة إلى أهمية زيادة الوعى الآثرى وقيام وسائل الإعلام والدراما المصرية بتسليط الضوء على مخاطر الاتجار بالآثار، مضيفاً أن الدراما أحياناً تشجع البعض على البحث عن الآثار بهدف الثراء السريع.