حذرت الشركات العاملة في مجال التشييد والبناء من استيراد عمالة من الخارج في ظل عدم توافر العمالة المدربة نتيجة وجود فجوة كبيرة بين التعليم الفني وسوق العمل، وفشل معظم البرامج التدريبية المطبقة حالياً، وأبدت هذه الشركات استعدادها لتدريب طلاب المدارس الفنية بمصانعها بهدف تأهيلهم لسوق العمل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم خلال الفترة المقبلة.
قال هشام يسري، رئيس جهاز التدريب بوزارة الإسكان إن مشكلة قلة العمالة المدربة في قطاع التشييد والبناء ناتجة عن قصور العملية التدريبية والتعليمية في مصر فهناك فجوة كبيرة بين العملية التدريبية واحتياجات الشركات العاملة في مجال التشييد والبناء بل نجد أن البرامج التدريبية في مراكز التدريب التابعة لوزارة الصناعة أو وزارة التربية والتعليم، غير موحدة بهدف الحصول علي مخرجات محددة والتي تتمثل في تكوين صف متكامل من العمالة المدربة في مجال التشييد والبناء.
مراكز التدريب تُقدم برامج لمستوي واحد فقط من 52
وليس هذا فقط بل إن مهنة التشييد والبناء تتكون من 52 مستوي مهنياً لم تقم مراكز التدريب المعتمدة إلا بإعداد برامج لمستوي واحد فقط من هذه المستويات الأمر الذي يؤكد ضعف العملية التدريبية في مصر، وهو الضعف الذي يمتد إلي ضعف إقبال طلاب المدارس الفنية علي التدريب بالمراكز التدريبية نتيجة ترسخ فكرة عدم أهمية وجدوي هذا التدريب بل إننا نجد أن بعض المراكز التدريبية التي كان يتوقع لها النجاح فشلت مثل مشروع مبارك كول الذي فشل فشلاً ذريعاً في الفترة الأخيرة فنجد أن الطلاب تخرجون دون أي تغير ملموس في مستوي مهاراتهم بل نجد أن الطلاب يعملون كعمال في هذه الوحدة مما أدي إلي فشل المشروع.
وتطرق يسري إلي أن هناك مشاكل تمويلية خاصة بعملية التدريب فنجد أن الأموال المخصصة لعملية التدريب قليلة جداً نظراً لعدم الاقتناع بأهمية الاستثمار في رأس المال البشري الذي يمثل نهضة وتنمية أي صناعة في كل الدول، بالإضافة إلي وجود مشكلة في حصول العمال علي رخصة لمزاولة مهنة التشييد والبناء، داعيا إلي ضرورة تمسك الشركات بإصدار هذه الرخص مما يشكل قوة ضغط علي الجهات المختصة للسير في هذا الاتجاه.
وأكدت نادية عبدالرازق، نائب رئيس مجلس إدارة أوراسكوم للفنادق والتنمية، أن المشكلة الأساسية للعمالة في مجال التشييد والبناء تتمثل في وجود فجوة بين العملية التعليمية واحتياجات السوق الأمر الذي يؤدي لارتفاع حجز الشركات العاملة في مجال التشييد والبناء فيما يتعلق بالعمالة المدربة في حين أن السوق ممتلئة بالشباب دون عمل.
ودعت عبدالرازق إلي وجود دراسة عن احتياجات شركات التشييد والبناء وتوفيق البرامج التدريبية لتتوافق مع هذه الاحتياجات.
وتطرقت عبدالرازق إلي تجربة الشركة في مجال التدريب حيث أوضحت أن الشركة تقوم بعملية غسيل – علي حد تعبيرها – للطلاب الجدد لإزالة ما تم اكتسابه من العملية التعليمية لعدم ملاءمتها لمتطلبات سوق العمل.
هناك بعض التجارب الناجحة في مجال تدريب العمال مثل التجربة الماليزية
وأوضح محمد شاكر، رئيس المجلس التصديري للتشييد والبناء، أن هناك بعض التجارب الناجحة في مجال تدريب العمال في التشييد والبناء مثل التجربة الماليزية التي تقوم بإعداد دراسات حول احتياجات السوق خلال الفترة المقبلة وتقوم بإعداد برامج تدريبية زمنية لتغطية هذه الاحتياجات.
وأبرز شاكر أن هناك حاجة ضرورية لحل مشكلة الحصول علي رخصة لمزاولة مهنة التشيد والبناء للتأكد من توافر المواصفات في العاملين في هذا المجال نظراً لأهمية هذا القطاع والذي يمثل 45% من حجم استثمارات أي دولة في العالم.
عصام عباس، أحد كبار المقاولين، حذر من الاتجاه إلي استيراد العمالة من الخارج لعدم توافر العمالة المصرية المدربة في مصر نتيجة فشل العملية التعليمية في مصر فيما يتعلق بالتعليم الفني والمهني فنجد أن الإطار العملي في المدارس الفنية في مصر لا يتجاوز 30% و70% مخصصة للإطار النظري.
ودعا عباس إلي توحيد المناهج التعليمية والتدريبية بمراكز التدريب بالإضافة إلي ضرورة زيادة الجانب العملي والتطبيقي، في المدارس الفنية بزيادة عدد الساعات المخصصة لها.
رفع تنافسية الكوادر المصرية يعظم حصولها علي فرص عمل متميزة في الداخل والخارج
وأوضح الدكتور إبراهيم شيكة، رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أنه لاشك أن رفع تنافسية الكوادر المصرية في مجال التشييد والبناء بما يعظم حصول هذه الكوادر علي فرص العمل المتميزة في الداخل والخارج يسهل مهمة المؤسسات والشركات العاملة بقطاع المقاولات من الحصول علي احتياجاتها من الكوادر المحلية والمدربة ويرفع من قدراتها علي الإضافة إلي الدخل القومي.
ويساهم في حل مشكلة البطالة التي تشتد حدتها يوماً بعد يوم والتي تمثل أعداد خريجي التعليم الفني والتدريب المهني أعلي معدلاتها في حين يحتد ظمأ قطاعات الإنتاج والخدمات وفي مقدمتها قطاع التشييد والبناء للفنيين ذوي الكفاءات العالية الذين تحتاجهم مؤسساتها بأعداد كبيرة نتيجة عجز التعليم الفني والتدريب المهني عن إعداد الفني المؤهل تأهيلاً مناسباً قادراً علي مواكبة حاجات السوق دائم التطور لأسباب متعددة منها تزايد أعداد المتدربين علي امكانيات التدريب عدداً وعدة، وانخفاض الكفاءة فنياً وإدارياً، بالإضافة إلي نقص إدراك قطاعات الإنتاج والخدمات نفسها مواصفات المهارات المطلوبة وأعدادها وافتقارها للأساليب ذات الكفاءة القادرة علي توفير احتياجاتها بناءً علي منظومة ديناميكية فعالة تلم بمخرجات التعليم والتدريب المهني وتعي بحاجات سوق العمل وتقوم بالتوفيق بينهما.
ويضاف إلى ما سبق الغياب الفعلي للمرجعية التي تحدد وتوصف المهارات التي يجب أن يتقنها ويؤديها العامل الفني علي اختلاف مهنته، وتدرج مستوياته، وغياب مرجعية تحديد من له حق مزاولة المهنة والمستوي الذي يمكنه الإلتحاق بالعمل فيه، ثم تعينه علي الارتقاء بمستواه والتدرج والترقي علي سلم مهارات مهنته.
وأكد أن مهن التشييد والبناء تأثرت بهذه المشاكل بدرجة كبيرة لاتساع حجم سوق العمل الفني في قطاع التشييد مقارنة بغيره من قطاعات الخدمات والإنتاج الأخري فنشاط التشييد أكبر الأنشطة حجماً وأوسعها انتشاراً ومن ثم اتسعت قدرته علي استيعاب أعداد كبيرة للعمل بها دون مهارة أو خبرة.
الحاجة الملحة لدي الشركات أدت إلي القبول بتشغيل ذوي المهارات المحدودة
والحاجة الملحة لدي الشركات والمقاولين للعمال أدت بها إلي الاهتمام بإنجاز العمل والتضحية بالثقة فيه، والقبول بتشغيل ذوي المهارات المحدودة وساعد علي ذلك إنحدار المستوي المقبول لدي بعض العملاء نتيجة فترات طويلة عاني فهيا المجتمع من الإنغلاق عن التطور التقني العالمي، واعتماد النشاط في معظمه علي مقاولي الباطن والعمال المؤقتين الذين لا ينتمون إلي شركات، أو مؤسسات تحرص علي تنمية مهاراتهم والرقي بها فضلاً عن اعتقاد العاملين في مهن التشييد، خاصة حديثي العهد بها، أنها مهن سهلة لاتحتاج إلي تدريب متخصص لامتلاك مهاراتها ومرافقة أحد العاملين بها كصبيه في البداية، مما أدي إلي تدهور المهة جيلاً بعد جيل حيث لا يمتلك العامل مهارة نقل الخبرة إلي صبيانه، أو لأنه لا يقوم بذلك بأمانة مخافة منافستهم له في سوقها مستقبلاً.
بالإضافة إلي عزوف كثير، ممن لديهم القدرة علي اكتساب المهارة عن العمل اليدوي عموماً بالأخص في مجال التشييد الذي يمارس أعماله في ظروف صعبة للعمل في العراء، وفي مناطق نائية، والمخاطر التي تحوط بالكثير من الأعمال كارتقاء السقالات، واحتياج بعض المهن لمجهود عضلي حتي مع توفر الآلات التي يسرت الكثير منها.
وأوضح شيكة أن الاتحاد شارك في مجموعة من المشروعات التي توجهت نحو وضع الأسس التي تؤدي إلي تفعيل منظومة تراخيص مزاولة المهنة والتي تعتبر أهم السبل لتطوير مهن التشييد والارتقاء بمستوياتهم وضمان ألا يدخلها إلا من تتوافر له الكفاءة والقدرة والمهارة وأخلاقيات وسلوك المهنة.
مشروع بناء مستويات المهارة من أهم المشروعات القومية الداعمة للتدريب ومخرجاته
ومن أهم المشروعات والأنشطة القومية الداعمة والمنظمة للتدريب ومخرجاته، مشروع بناء مستويات المهارة بهدف إعداد وتنفيذ مؤهلات الجدارة المهنية المصرية قياساً علي المعايير والمستويات الأوروبية، حيث تم تنفيذ مخرجات 52 مهنة في قطاع التشييد والبناء، وتمت مطابقة «Benchmarking» للخرائط الوظيفية «Fanclianal maps» لعدد 24 مهنة في قطاع التشييد وعدد 58 معياراً للمهارة «Skill Standards» كنموذج لمواصفات التوظيف للمهنة ومشروع بناء الإطار القومي للمؤهلات «NQF» والذي يهدف إلي توضيح أكيد للعلاقة بين أنوع المؤهلات المهنية والأكاديمية التي تمنحها نظم التعليم علي اختلاف أنواعها ومستوياتها وتوصيف أوضح للمهارات التي يكتسبها الخريجون من مختلف مسارات التعليم والتدريب، ومواءمة المؤهلات لاحتياجات سوق العمل، وفتح المسارات المغلقة من نظم التعليم والتدريب لتيسير التنقل والتحول بينها، ووضع قواعد للاعتراف بالمؤهلات من خارج نظم التعليم والتدريب الرسمية.
كما يشارك في مشروع التوجيه والإرشاد في مصر الذي يهدف إلي توجيه وإرشاد الأفراد وتزويدهم بمعلومات عن أنفسهم وعن سوق العمل وتوجهاتها لمعاونتهم في اتخاذ قراراتهم بشأن التعلم والعمل وزيادة قدرة الفرد علي اتخاذ قراره.
ضرورة تفعيل تشريعات مزاولة المهن في جميع القطاعات وعلي الأخص في “التشييد والبناء”
وأكد شيكة ضرورة تفعيل تشريعات مزاولة المهن في جميع القطاعات وعلي الأخص في قطاع التشييد والبناء، إلا أن ذلك يتطلب البدء علي مستوي تدريجي من خلال البدء بمرحلة انتقالية يتم فيها توفيق أوضاع العمالة والشركات والقطاع بشكل عام، والترويج لمبادئ ومزايا وفوائد تفعيل التشريعات لضمان قبولها لدي الجميع، ووضع خطط تحدد أولويات المهن والمستويات التي يجب البدء بها وبناء منظومة للتدريب وإعادة التدريب من خلال إعادة تطوير المنظومة الحالية والتي تكون قادرة خلال الفترة الانتقالية علي تدريب أكبر نسبة من القوي العاملة الحالية لرفع قدراتها حتي تتوافق مع سوق العمل بقطاع التشييد وتدريب مسئولي الموارد البشرية في الاتحاد والجمعيات والشركات علي إرشاد العاملين الحاليين وتأهيلهم لتقبل إعادة التدريب ومساهمة الجميع، وتضامنهم من أجل إنجاح المبادرة والحرص علي فعالياتها، واستمرارها وعدم تحولها إلي إجراءات شكلية لا تعبر عن الواقع.
ومن جانبه أكد فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء، حصر عدد الطلاب في المدارس الفنية والمهنية ومعرفة احتياجات الشركات العاملة في هذا القطاع بهدف التوفيق بين احتياجاتها ومنظومة التعليم، موضحاً استعداد الشركات لتدريب طلاب هذه المدارس للعمل بها وتأهيلهم لسوق العمل.
فيما قال هاني منيب، رئيس قطاع التدريب بوزارة التربية والتعليم، إن الحل الوحيد لحل مشكلة ندرة العمالة المدربة في قطاع التشييد والبناء هو دخول الشركات العاملة بالقطاع في شراكة وزارة التعليم لتدريب طلاب المدارس الفنية لتحقيق التكامل بين منظومة العملية التعليمية، واحتياجات السوق خاصة أن هذه التجربة أثبتت نجاحها في العديد من المدارس في المنيا، وأسيوط، والقاهرة وأدت إلي رفع قدرة الطلاب في معرفة متطلبات القطاع.
وأكد منيب أن الوزارة تسعي لزيادة عدد سنوات التعليم الفني بهدف تأهيل الطلاب للحصول علي درجة البكالوريوس.