كشف الرئيس الأمريكى جو بايدن فى آخر مارس عن خطط إنفاق ضخمة بقيمة 2.5 تريليون دولار لمشروعات البنية الأساسية ومنها محطات شحن بطاريات واستثمارات فى المركبات الكهربائية التى تعمل بالطاقة المتجددة وشبكات كهربائية لدعم الاقتصاد الأمريكى بالطاقة النظيفة و تشجيع التكنولوجيا الخالية من الابعاثات الكربونية و مكافحة التغير المناخى ضمن استعدادات الإدارة الأمريكية للإعلان خلال أبريل الحالى عن عودة الحكومة لاتفاقية باريس للمناخ.
بايدن يخصص 2.5 تريليون دولار لمشروعات البنية الأساسية ومنها محطات شحن بطاريات
وأرسل تحالف من كبرى شركات السيارات والمركبات المبتكرة «Ai» والاتحاد العالمى للنقابات المتحدة لعمال السيارات «UAWIU» ورابطة مصنعى السيارات و المكونات «MEMA» خطابا إلى إدارة الرئيس بايدين يطالبونها بحث الكونجرس على التوسع فى برامج الحوافز والإعفاءات الضريبية لتشجيع المستهلكين على شراء سيارات جديدة تعمل بالطاقة المتجدةة.
تخطط كبرى شركات السيارات وتوريد المكونات الأمريكية والأجنبية ومنها جنرال موتورز وفورد موتور وتيسلا وهوندا موتور وتويوتا موتورز لاستثمار 250 مليار دولار لتشجيع استخدام المركبات التى تعمل بالطاقة المتجددة ولاسيما البطاريات الكهربائية وخلايا الهيدروجين فى الولايات المتحدة والحد من استعمال الوقود التقليدى بحلول العقد القادم.
وذكرت وكالة بلومبرج أن هذا التحالف الذى يضم شركات أمريكية و أجنبية ومنها جنرال موتورز وفورد موتور وتيسلا الأمريكية وهوندا موتور وتويوتا موتورز، أكد فى خطابه لإدارة بايدن أنه مستعد للعمل والتعاون معها لصياغة رؤية جريئة وشاملة ومبتكرة لجعل الولايات المتحدة تتصدر العالم فى خلق بيئة نقية ووسائل مواصلات خالية من العوادم الكربونية التى تلوث الهواء.
خطة استثمارية تريليونية ضخمة تحدث مرة كل جيل
ووصف بايدن خطتة الاستثمارية التريليونية بأنها استثمار ضخم يحدث مرة كل جيل ويستهدف تحديث شبكة النقل المتداعية وخلق ملايين الوظائف فى البلاد وتمكينها من الفوز فى المنافسة العالمية وتعزيز الاقتصاد خلال فترة ما بعد الوباء والتى تعد الثانية التى يطلقها بايدن خلال ولايته فى أقل من 100 يوم بعد الحزمة الأولى البالغة 1.9 تريليون دولار لدعم تعافى الاقتصاد والفرد الأميركى بشكل مباشر من آثار الجائحة، فى حين تختلف الحزمة الجديدة بشكل كبير فى تفاصيلها والتى تمتد على 8 سنوات.
تتضمن الحزمة 621 مليار دولار لدعم البنية التحتية لقطاع النقل والتى ستشمل الجسور والطرق والنقل العام والموانئ والمطارات وتطوير المركبات الكهربائية بالإضافة إلى 400 مليار دولار لرعاية كبار السن فى حين سيتم تخصيص 300 مليار دولار فى تحسين البنية التحتية لمياه الشرب وتحديث الشبكات الكهربائية بجانب 300 مليار دولار لقطاع التعليم و 580 مليار دولار لدعم قطاع الوظائف وأكثر من 174 مليار دولار للسيارات الكهربائية.
وتتجه الحكومة الأمريكية لتمويل هذه الحزمة من خلال زيادة ضرائب الشركات من %21 إلى %28 بالإضافة إلى اقتراح زيادات الضرائب على الأسر والشركات ذات الدخل المرتفع الذى يتجاوز حوالى نصف مليون دولار سنويا، حيث أبدى بايدن فى عدة مرات خلال حملته الانتخابية اعتزامه لزيادة الضرائب عند استلامه الرئاسة.
رؤية مبتكرة لتحويل الوقود التقليدى إلى طاقة متجددة
يرى تحالف Ai وUAWIU وMEMA أن الرؤية المبتكرة لتحويل وقود السيارات التقليدى إلى طاقة متجددة أكبر من أى سياسة على مستوى الحكومة الفيدرالية أو أى قطاع صناعى كما تتطلب معالجة شاملة ومستدامة تساندها مجموعة عريضة من السياسات التشريعية والتنظيمية المرتبطة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
وأعلن الرئيس بايدن أن جماعات هذا التحالف يجب أن تمارس ضغوطا على الكونجرس لكى يوافق على التوسع فى البرامج الفيدرالية لمنح الحوافز والإعفاءات الضريبية لرفعها إلى 7500 دولار للمستهلك الواحد الذى يعتزم شراء سيارة كهربائية أو تعمل بخلايا الهيدروجين.
وبدأت هذه البرامج الفيدرالية منذ عام 2018 وكان أول من طبقها شركتا جنرال موتورز أكبر شركة سيارات أمريكية من حيث حجم المبيعات وتيسلا أكبر شركة مركبات كهربائية بالقيمة السوقية بحد أقصى 200 ألف وحدة لكل شركة مع تخفيض هذا الحجم بنسبة 50 % كل ستة شهور حتى يصل إلى الزيرو أو الصفر ولذلك يطالب التحالف بتجديده والتوسع فيه.
بايدن: خطط إنفاق ضخمة بقيمة 2.5 تريليون دولار
وحدد جو بايدن فى خطط إنفاقه حوالى 174 مليار دولار من تمويل الحكومة – ضمن خطط الإنفاق المرتقبة البالغ قيمتها 2.5 تريليون دولار – لمشروعات السيارات الكهربائية ولاسيما لأوتوبيسات المدارس وعربات نقل البضائع من الموانئ وتوصيلها لمختلف المدن الأمريكية والتشجيع على عدم استعمال الوقود التقليدى مثل البنزين والسولار.
ويعتزم بايدن التوسع فى منح الحوافز والإعفاءات الضريبية من خلال برنامج لمدة عشر سنوات من الآن لدعم مشروعات الطاقة الشمسية و الكهربائية و توربينات الرياح وخلايا الهيدروجين وغيرها من أنواع الطاقة المتجددة غير أن هذا البرنامج مازال ينتظر موافقة الكونجرس رغم أن خطط الإنفاق المرتقبة ستوفر الملايين فرص العمل والوظائف للأمريكيين.
الإنفاق طويل الأجل مطلوب لمشروعات الطاقة المتجددة
قالت سوزان ليتا رئيسة قسم السياسة والاستراتيجية بشركة صانباور للطاقة الشمسية إن برنامج الإنفاق طويل الأجل الذى وضعه الرئيس بايدن مطلوب بشدة فى مشروعات الطاقة المتجددة التى تحتاج لعدة سنوات واستثمارات ضخمة حتى تحقق العائد الذى يجعلها تستمر وتنمو فى قطاعات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.
لكن الاقتصاد الأمريكى الذى أصابه الركود العام الماضى بسبب انتشار وباء كورونا مازال يكافح لإعادة فتح القطاعات المتعثرة ولاسيما شركات الطيران والمطاعم والتسلية والترفيه، غير أن التعجيل بتطعيم الأمريكيين بلقاحات مرض كوفيد 19 ساعد على تعزيز التفاؤل بتحقيق نمو اقتصادى هذا العام.
ورغم أن أسعار أسهم العديد من الشركات قفزت خلال عام الوباء بفضل استفادتها من أنشطة العمل من البيوت وتوصيل الطلبات للمنازل والابتعاد عن المواصلات العامة ومنها شركات التكنولوجيا مثل أمازون وأبل و شركات السيارات مثل تيسلا إلا أن هذه الأسعار جعلت الأسهم مرتفعة أكثر من اللازم.
أسعار أسهم تيسلا قفزت 700 % العام الماضى
ولذلك فإن شركة تيسلا التى قفزت أسعار أسهمها بأكثر من 700 % خلال العام الماضى تراجعت بحوالى 10 % هذا العام كما زادت أسعار أسهم شركة صانران أكبر شركة طاقة شمسية للبيوت فى الولايات المتحدة 7 % الأسبوع الأخير من مارس و كذلك شركة صانوفا إينيرجى انترناشيونال للطاقة المتجدة كسبت أسعار أسهمها أكثر من 11 % خلال نفس الأسبوع.
وطلب بايدن من الكونجرس منح المستهلكين حوافز ضريبية إضافية عند شراء سيارات كهربائية من معارض سيارات أنتجتها شركات محلية بأيدى عمال أمريكيين مهرة وليس شركات أجنبية مع ضمان أن أسعار هذه المنتجات فى متناول الأسرة الأمريكية ومنحها أيضا تسهيلات عند الشراء.
الحوافز الضريبية لأفراد الطبقة المتوسطة والمنخفضة
أعلن مركز السياسة الضريبية الذى يحلل دخول الأسر الأمريكية أنه من المستهدف منح الحوافز الضريبية للأفراد من الطبقات ذات الدخول المتوسطة إلى الطبقات ذات الدخول المنخفضة تنفيذا للخطط الضريبية التى حددها الرئيس بايدن فى حملته الانتخابية، والذى يؤكد على تطبيقها اعتبارا من العام الحالى ومنحها للذين يشترون سيارات كهربائية.
ويركز بايدن فى برنامج الإنفاق على توسيع المساعدة الغذائية وتقديم شيكات تحفيزية للأمريكيين ذوى الدخل المنخفض للغاية ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولارًا فى الساعة للقوى العاملة فى المؤسسات الحكومية وأيضا منح شيكات تحفيزية أكبر ومزيد من المساعدات للعاطلين عن العمل والذين يواجهون الإخلاء وإخراج 12 مليون مواطن من دائرة الفقر علاوة على تقديم دعم إضافى للشركات الصغيرة والحكومات المحلية وزيادة التمويل للتطعيمات واختبارات فيروس كورونا فى الوقت الذى تواجه بلاده أسوأ أزمة اقتصادية فى العصر الحديث.
أبل فى سباق السيارات الكهربائية
تسعى شركات التكنولوجيا للاستفادة من خطط إنفاق الرئيس الأمريكى ومنها أبل للكمبيوتر والموبايل و الانترنت أكبر شركة فى العالم بالقيمة السوقية والتى دخلت مؤخرا سباق السيارات الكهربائية بالتعاون مع وحدة فيتيسكو تكنولوجيز الألمانية للقاطرات الكهربائية وغيرها من المكونات اللازمة لصناعة المركبات الكهربائية والتى تقدم حلولا لهذه المنتجات المبتكرة التى تعمل بالطاقة المتجدة والابتعاد عن محركات الاحتراق الداخلى التى تعمل بالبنزين أو السولار كما تحاول شركة أبل ابتكار سيارات كهربائية ذاتية القيادة بالتعاون مع شركات عالمية ومنها هيونداى موتور الكورية الجنوبية ولكن المحادثات بينهما تجمدت مؤخرا.
وأوضح أندرياس وولف الرئيس التنفيذ لشركة فيتيسكو تكنولوجيز أن التعاون فى إنتاج سيارة أبل الكهربائية يمثل تطورا شيقا للشركة الأمريكية المتخصصة فى الكمبيوتر و الموبايل والاكسسوارات الشخصية ولاسيما مع تنافس شركات العالم فى مجال المركبات التى تعمل بالطاقة المتجددة لدرجة أن فولكس فاجن أكبر شركة ألمانية بالقيمة السوقية وأكبر شركة سيارات من حيث المبيعات فى أوروبا أعلنت مؤخرا أنها تحاول أن تتفوق على تيسلا الأمريكية لتصبح أكبر شركة سيارات كهربائية فى العالم بينما أكدت شركة BMW الألمانية للسيارات الفاخرة أن ما يقرب من 50 % من إجمالى مبيعاتها سيكون مركبات كهربائية بحلول 2030.
صافى أرباح BYD الصينية زاد 162 % العام الماضى
استفادت جميع الشركات العالمية من انتعاش مبيعات ومنها BYD الصينية التى يستثمر فيها الملياردير الأمريكى وارين بوفيت صاحب شركة بيركشاير هاثاواى للاستثمارات والتى قفز صافى أرباحها بأكثر من %162 العام الماضى لارتفاع الطلب فى الصين أكبر سوق للسيارات فى العالم بعد أن استطاعت حكومة بكين احتواء فيروس كورونا منذ بداية أبريل الماضى رغم أنه ظهر فى مدينة ووهان أصلا وانتقل منها إلى بقية دول العالم.
وتتوقع شركة BYD التى تتخذ من مدينة شينزين الصينية مقرا لها ارتفاع صافى أرباح بحوالى %166 خلال الربع الأول من العام الجارى ليصل إلى ما يقرب من 300 مليون يوان بالمقارنة مع 113 مليون يوان خلال نفس الربع من عام الوباء بعد أن ربحت حوالى 4.2 مليار يوان (644 مليون دولار) خلال العام الماضى وحققت إيرادات تشغيل تجاوزت 153.5 مليار يوان
وأسس شركة BYD الملياردير الصينى وانج شوانفو فى عام 1995 لتصبح ضمن أكبر شركات السيارات الكهربائية الصينية وشهدت موجة طلب مرتفعة منذ أبريل الماضى بعد انحسار وباء كورونا مما ساعد على ارتفاع أسعار أسهمها خلال العام الماضى بحوالى %400 فى بورصة هونج كونج وبأكثر من %308 فى بورصة شنغهاى مع خروج الصين من انخفاض فى مبيعات السيارات خلال العامين السابقين بفضل تحفيزات حكومة بكين للمستهلكين الذى يشترون سيارات كهربائية لدرجة أن مبيعات المركبات الكهربائية قفزت إلى 1.37 مليون وحدة فى عام الوباء لتتصدر دول العالم وفقا لتقرير الرابطة الصينية لمصنعى السيارات.
تيسلا تواجه منافسة الشركات المحلية ومنها BYD
مع تزايد الطلب على المركبات الكهربائية فى سوق الصين التى باتت شديدة التنافس تحاول شركة تيسلا الأمريكية التى لها مصانع داخل الصين منافسة الشركات المحلية ومنها BYD التى طرحت موديل «هان» فى يوليو الماضى وباعت منه حوالى 41 ألف وحدة مع نهاية العام الذى طرحت فيه أيضا موديلات سونج بلاس و تانج خلال النصف الثانى من عام 2020 وتتنافس تيسلا أيضا مع شركات نيو وشبينج و جيلى و SAIC موتور المحلية.
وساعد وباء كورونا على زيادة أرباح شركة BYD خلال العام الماضى بسبب اتجاهها لإنتاج ماسكات الوجه لبيعها فى السوق المحلية وتصديرها أيضا للخارج للحد من تفشى انتشار العدوى فى الدول المجاورة لدرحة أنها باتت فى مارس من العام الماضى أكبر منتجة فى العالم – فى غضون شهرين من ظهور الوباء فى مدينة ووهان – للماسكات و الأدوات الوقائية من فيروس كورونا كالقفازات والملابس والأقنعة المختلفة وقامت بتصنيع منتجات أخرى مثل البطاريات الكهربائية و أجهزة تخزين الطاقة واكسسوارات الموبايلات.
انتعاش مبيعات السيارات الكهربائية فى الصين
من المتوقع انتعاش مبيعات المركبات الكهربائية فى الصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة هذا العام أيضا لأن نصف المستهلكين الصينيين يخططون لشراء سيارة جديدة ومن الطبيعى أن تكون سيارة كهربائية بفضل الحوافز التى تمنحها حكومة بكين للذين يستخدمون مركبات تعمل بالطاقة المتجددة للتخلص من العوادم الكربونية بعد أن خصصت 52 مليار يوان (8 مليارات دولار) لدعم إنتاج المركبات الكهربائية واستخدامها وتوفير البنية التحتية اللازمة لها لدرجة أنها شيدت 112 ألف محطة شحن للبطاريات الكهربائية فى ديسمبر الماضى فقط بما يعادل أكثر من مثيلتها الموجودة فى جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وتتوقع الرابطة الصينية لمصنعى السيارات ارتفاع عدد السيارات الكهربائية فى الصين 29 مرة بحلول عام 2035 ليتجاوز 160 مليون وحدة وهذا يعنى ضرورة بناء ملايين محطات شحن البطاريات لأنه يوجد حاليا عمود شحن واحد لكل ثلاث سيارات كهربائية بإجمالى حوالى 1.7 مليون عمود فى أنحاء الصين.
وتواجه الصين أيضا مشكلة إهلاك البطاريات الكهربائية التى تم ابتكارها واستخدامها لأول مرة فى السيارات الكهربائية منذ عام 2008 وباتت قديمة وغير صالحة للعمل و يتعين استبدالها بمنتجات جديدة ولكن يجب التخلص منها بطرق مبتكرة حتى لا تسبب مشاكل بيئية كما يجب استخراج المعادن النادرة مثل النيكل والكوبالت والليثيوم من المناجم بكفاءة عالية لتصنيع البطاريات المطلوبة رغم أن البطاريات الهالكة يمكن ان تمد المصانع بحوالى 39 ألف طن من الكوبالت و 125 ألف طن من النيكل بحلول عام 2035 مما سيساعد على تعويض النقص من إنتاج المناجم.