توقع عدد من ممثلى شركات النقل الدولى واللوجستيات، حدوث انفراجة مرتقبة فى نشاطها عقب إلغاء البنك المركزى فتح الاعتمادات المستندية عند القيام بعمليات الاستيراد، خاصة بعد حدوث عملية تكدس الواردات فى الموانئ، وإعادة قبول مستندات التحصيل لتنفيذ كل العمليات الاستيرادية، مؤكدًا أن القرار الملغى انعكس سلبيًا على نشاط الشحن، فى حين قال آخرون إن نجاح القرار مرهون بتدبير التمويل من الدولار.
والاعتمادات المستندية تكون عبارة عن التعامل بين بنك المستورد والمصدر، والبنوك لاعب أساسى بالعملية.
فيما يكون التعامل فى مستندات التحصيل بين المستورد والمصدر بشكلٍ مباشر، وبناءً على ثقة قديمة بينهما فى التعامل، ويكون دور البنك وسيطًا فقط، كما تتطلب الاعتمادات المستندية مبالغ أكبر، وتستغرق العملية وقتًا أطول مقارنة بـ«التحصيل».
فى البداية، أكد الدكتور عمرو السمدوني، الرئيس التنفيذى لشركة «فينيكس فريت» لخدمات الشحن، أن قطاع الشحن تأثر سلبيًا بشكل غير مباشر منذ بدء تطبيق القرار الأول فى فبراير الماضي، لافتًا إلى أن القرار الجديد بقبول «مستندات التحصيل» يعد خطوة جيدة، وتساعد فى تيسير عمليات الاستيراد والتصدير أيضًا، بصفته يتطلب توريد خامات ومعدات المصانع.
وأوضح أن مستندات التحصيل تقوم على الثقة المتبادلة بين المستورد والمورد الأجنبي؛ إذ تتيح تلك المستندات سداد جزء من قيمة الصفقة أولا بناء على عقد مبرم بينهما، محذرًا من القضاء على تلك الثقة المتبادلة، وفى حالة عدم تدبير التمويل المطلوب للعملة الصعبة من قبل البنك.
ولفت «السمدونى» إلى أن قرار البنك لم يوضح مصدر التمويل، وهل سيبقى البنك وحده أم سيتيح المجال أمام مكاتب الصرافة مشيرًا إلى أنه رغم مزايا القرار فإنه منقوص -على حد تعبيره– مطالبًا بتعدد مصادر تمويل العمليات الاستيرادية بجانب البنوك شريطة أن تكون تحت رقابته، ما سيصب فى استعادة شركات – مرحلى البضائع – لنشاطها.
ومن ناحيته، قال المهندس مصطفى إبراهيم، استشارى سلاسل الإمداد بشركة impact insights إن قرار مستندات التحصيل يساعد بشكل كبير فى إنهاء حالة الركود الحالية بالموانئ.
ولفت إلى أن ذلك مرهون برؤية البنوك فى تدبير العملة من الدولار أو تحديد حصص الشركات على حسب حجم أعمالها، مؤكدا أنه قرار يسهل حركة التجارة الداخلية، مشيرا إلى أن رصد نتائج ذلك القرار يتطلب مزيدًا من الوقت.
وأكد كلامه محمود قطب، مدير إدارة المبيعات والتطوير بشركة سيفا لوجيستيكس مصر، أن قرار التعامل بمستندات التحصيل سيحقق مزايا كبيرة لشركات الشحن البحرى وعملائهم من المستوردين، خاصة الذين لديهم عمليات استيرادية مبنية على الثقة المتبادلة مع الموردين الأجانب، والتى تخلق مرونة فى عمليات السداد بينهما.
وأوضح أن «الاعتماد المستندى» أجبر العميل بوضع قيمة العملية الاستيرادية كاملة دون مرونة، ما أدى إلى ضغط كبير على المستورد وقلل حجم الواردات والصادرات وارتباك سلاسل الإمداد بأكملها، متوقعًا أن يكون القرار الأخير آلية مرنة فى التعامل مع العملاء والموردين الأجانب، ويحقق رواجا فى الطلب والعرض، وبالتالى انتعاشة فى عمليات الشحن واللوجستيات.
وأوضح «قطب» أن الموانئ تشهد تكدسًا فى البضائع، ما أدى إلى تطبيق غرامات على انتظار الشحنات التى تسدد بالدولار للخطوط الملاحية، وتصل فى اليوم أكثر من 100 دولار للحاوية الواحدة، ما يتسبب فى فقدان حجم كبير من تلك العملات الصعبة التى لا تستفيد بها البلاد، بينما تفعيل قرار «مستندات التحصيل» سينهى حالات التكدس، ويوفر العملات المدفوعة بسبب انتظار فتح البنوك للاعتمادات المستندية.
ويرى «قطب» أن شركات الشحن البحرى ستشهد ارتفاعًا فى الطلب، متوقعًا أن يصاحبه ارتفاع آخر فى نوالين الشحن، خاصة الشحنات المتجهة من وإلى الصين بسبب بدء موسم الاحتفالات والإجازات فى أواخر يناير الحالي، مما يسهم فى تراجع المعروض من الحاويات مقابل زيادة طلبات الشحن.
من جانبه، قال أحمد صديق، الرئيس التنفيذى لشركة In&Out Bound للوجستيات، إن شركات الشحن شهدت تراجعًا فى شحنات الاستيراد بنسبة %80 خلال الشهور الماضية، بسبب قرار الاعتمادات المستندية، مشيرًا إلى أن شركات الشحن والتخليص والنقل ليست لها علاقة مباشرة بالاعتمادات المستندية، بينما الأمر ينحصر بين المستورد والمصدر.
وأوضح «صديق» أن وقف الاستيراد وندرة الدولار أثر سلبًا على حركة الشحن، متوقعًا نشاطا مرتقبا للصادرات بعد القرار الأخير، بالتعامل بنظام مستندات التحصيل، إذ يتجه عدد من المصنعين إلى تحويل جزء من المبيعات إلى التصدير، تمهيدًا لاستخدام عوائده فى عمليات استيراد الخامات، ما سينعكس على حركة الشحن والنقل إيجابيًا.
ويرى «صديق» أن هناك تغيرًا فى خريطة الشحن خلال الفترة القادمة لصالح أسواق جديدة، خاصة فى أوروبا وأفريقيا، بينما ستراجع عمليات الاستيراد من الصين.
وقال الدكتور أحمد الشامي، المدير التنفيذى لشركة رؤية للاستشارات ودراسات الجدوى، خبير النقل البحرى إن قرار العمل بالمستندات التحصيل لم يلغ الاعتمادات المستندية، باعتباره إجراءات رسمية فى كل دول العالم، بينما إعادة العمل بمستندات التحصيل سيؤثر بشكل إيجابى على الأسعار، خاصة أن الفترة الماضية شهدت نقصًا فى البضائع وارتباكًا فى آلية العرض والطلب.
وأوضح أن المشكلة الحقيقة ليست فى الاعتماد أو مستندات التحصيل، ولكنها فى توفير الدولار، متوقعًا حدوث انفراجة فى تكدس الموانئ بالبضائع خلال فبراير المقبل، وبالتالى تراجع أسعار السلع، ما يصب ذلك فى حركة الشحن والنقل.
من ناحيتها، أكدت دعاء مجدي، المدير التنفيذى لشركة Elite للخدمات اللوجستية، أن استعادة شركات الشحن لنشاطها لا يتوقف على طريقة دفع المستوردين، بينما فى تدبير العملة الصعبة من الدولار، خاصة أن الشحنات ستظل بالموانئ والأوراق بالبنوك حتى تدبير المبالغ المطلوبة، وفى حالة عدم التدبير لا يكون لقرار مستندات التحصيل أى فائدة.