أجمع عدد من خبراء وقيادات سوق التأمين على أن التأمين يجنى مؤشرات التضخم باعتباره مرآة الاقتصاد لكن المنافسة تطالب الشركات بتجنب آثاره والاستعداد بحزمة من الإجراءات الحمائية (التحفيزية) أهمها وضع خطة تسويقية مرنة ورفع أسعار الوثائق لتتناسب مع تكلفتها وضغوطات المصروفات المتوقعة بالإضافة إلى ضرورة عمل مسح مستمر على السوق ودراسات على احتياجات العملاء، بالإضافة إلى تحليل بيانات السوق لمعرفة محددات النمو ومتطلبات السوق وعلى رأسها الاستمرار فى التحول الرقمى لتبسيط تسويق وتكاليف التأمين وضمان توزيعه بأقل مصروفات إدارية.د
صابر: «الإجبارية» بالقانون الجديد تظهر ثمارها بالعام الثانى من التطبيق
وقال مدحت صابر العضو المنتدب لشركة “أروب” للتأمينات العامة إن التضخم له تأثيرات سلبية على القطاع أهمها ارتفاع تكلفة الخدمات التى تقدمها شركات التأمين والتى تنحصر فى مصروفات خاصة بالناشط ومصروفات خاصة بتكلفة التعويض مثل السيارات والطبى وغيرها من الفروع.
وأضاف أن التضخم حينما يرتفع لاتزيد أسعار التأمين فى نفس العام خاصة وأن هناك شركات تتجاوب مع الحدث وأخرى لا تتجاوب ولكن فى العام الثانى تظهر الآثار السلبية بوضوح على النتائج وتكاليف الإصلاح مما يرفع التعويضات وبالتالى ينعكس على الأقساط لذا يتم رفع الأسعار لتنضبط المنظومة ككل.
وأشار إلى أن المستلزمات الخدمية والسلعية بفعل التضخم تزيد مما يضغط على مصروفات الفرد والمؤسسات وهو مايخلق إشكالية بين شركة التأمين والعميل لقلة التدفق النقدى، خاصة أن الأخير سيقوم بالتأمين المجبر عليه فقط مثل الإجبارى أو بطلب من جهة التقسيط مثل البنوك أو المعارض التى تشترط وجود وثيقة تأمين.
وشدد على إعادة النظر فى تكلفة تأمين الممتلكات مع الرهان على الوعى التأمينى لدى مختلف الجمهور،لافتا إلى أن إقرار قانون التأمين الموحد الجديد ومابه من أنواع إجبارية لن يؤثر فى الطلب على التأمين منذ العام الأول ولكن صداه يظهر فى العام التالى له.
وأكد أنه لابد من خطة تسويقية مرنة حتى تنجو الشركات من فخ التضخم أو تخرج منه بأقل ثأثيرات، موضحا أن تطبيق معيار “ 9IFRS” فى البداية سيؤثر على جدولة أقساط التأمين للعميل، نظرا لأن التكلفة سترتفع مما يرفع من معدل الديون المعدومة لأكثر من المطبق حاليا وهو مايزيد من الخسائر مما يؤثر على الأرباح.
وأوضح أن شركة التأمين تقوم بعمل منتجات تأمينية يستطيع العميل أن يتحمل كلفتها وتستطيع الشركات تقسيطها لعدم القدرة على السداد دفعة واحدة.
ولفت إلى أن الموجة التضخمية الحالية سوف تعطى رأيا حاكما على السوق من حيث مدى الوعى وضبط إيقاع الأسعار وتقلص المضاربات إلى حد كبير بالرجوع إلى الأساسيات الفنية و إلا خرجوا من المعادلة خاسرين.
أبو العزم: لابد من التحوط بخطة تسويقية مرنة ومواصلة التحول الرقمى
من جانبه، قال مصطفى أبو العزم القائم بأعمال الجمعية المصرية للتأمين التعاونى أن موجة التضخم العالمى ستطول قطاع التأمين حتما لأن النشاط مرآة الاقتصاد مما ينذر بوجود ارتفاعات فى تكلفة وثائق التأمين وضغط على مصروفات الشركات.
وأشار إلى أن التضخم له أثر سلبى على التأمين مثل أى صناعة أخرى لذا يجب أن تدخل السوق فى مرحلة ترتيب أولويات نظرا لأن العملاء سيتراجعون بعض الشئ عن التأمين عدا المرتبطة بالبنوك للحصول على التسهيلات اللازمة لهم بالإضافة إلى ارتفاع تعويضات القطاع بحكم ارتفاع تكلفة إصلاح أى شئ بالممتلكات تحقق به حادث.
وأوضح أن هناك احتمالية كبيرة لزيادة الخطر المعنوى فى مثل هذه الظروف مما يؤدى إلى مزيد من التعويضات والتى يتبعها ارتباك بين الشركات والعميل لذا لابد أن تكون شركات التأمين جاهزة للتعاون مع عميلها وشرح وإيضاح أى إجراء تتخذه وماهو أسبابه وأن تكون حائط الصد له من أى مخاطر محتمل مواجهتها.
ورأى أن شركات التأمين التى ستتحوط بخطة تسويقية مرنة حتى تنجو من أزمة التضخم مع اتباع الأسس الفنية السليمة فى التسعير والذى سيرتفع حتما لارتفاع تكلفة الوثائق والمصروفات الإدارية بحكم التضخم، وكذا اتباع أساليب متنوعة فى إدارة محفظة استثماراتها حتى تتمكن من الحصول على عوائد جيدة توفر لها السيولة المالية اللازمة لسداد تعويضاتها وجميع التزاماتها بدون ضغوط على ربحيتها.
واعتبر أن التضخم يعد حدثا متكررا وخاضت شركات التأمين معه جولات قبل ذلك منذ بداية الاصلاح الاقتصادى فى 2016 وحتى الآن وأصبح لديها مايكفى من الخبرة للتعامل مع مثل هذه الأزمات لاحتواء التكاليف.
ولفت إلى أن الدور الكبير الملقى على عاتق إدارة الاكتتاب التى تضع تسعير المنتجات التأمينية بالشكل العادل الذى يجعل العميل لا يعزف عن التأمين ولا يسبب خسارة لشركة التأمين بالإضافة إلى دور إدارة المخاطر للتعرف على الأخطار المحتمل حدوثها والحد منها، علاوة على إدارة التحريات للتقصى عن أى تعويض يمكن أن يكون مبالغا فى قيمته نتيجة الغش أو التدليس أو فى حالات افتعال تعويضات، خاصة للمنشآت التى تكون فى ذلك الوقت متوقفة عن العمل .
وقال” أبو العزم” إن التكنولوجيا الحديثة لها دور فى تطوير التسويق والبيع بشركات التأمين عبر استخدام الأنظمة الإلكترونية الحديثة فى التسويق والبيع والتواصل مع العملاء، مثل الموبايل أبلكيشن والموقع الإلكترونى لتلقى استفسارات وطلبات العملاء وكذلك المقترحات والشكاوى.
وطالب بسرعة تأدية الخدمات للعملاء وتلبية طلباتهم سواء فى مرحلة الإصدار وسرعة تسليم الوثيقة للعميل، وكذلك عند وقوع الحادث وسرعة تسوية وتقدير الأضرار ومعاينة الخطر وصرف التعويض فى أسرع وقت لمساعدة العميل فى تعويض خسائره وتجاوزها وإزالة الضرر الذى وقع.
سعيد: الدراسات وتحليل بيانات السوق «بوصلة» تحديد اتجاهات النمو
من ناحيته، قال خالد سعيد رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع بشركة “طوكيو مارين” للتأمين على الممتلكات إن ظاهرة التضخم ليست طارئة أو حديثة الظهور، بل يمكن القول بأن العالم أَلِفَ وجودها والتعامل معها، وليس ثمة من هو بمنأى عن التأثر بها، وأظهرت إحصائيات القرن الماضى فى عدد من البلدان، خلال بعض الأزمات الحادة ، معدلات تضخم يَصعُب تصديقها أو حتى قراءة أرقامها وبالتالى فإن ماحدث الآن عالميا سوف يؤثر بطبيعة الحال على التأمين بعدة صور شأنه شأن باقى القطاعات الأخرى.
وأضاف أن هناك تخوفات من التجديدات المقبلة لعقود التأمين حال شهدت زيادة عقب رفع معيدى التأمين أسعارهم على مدار العامين الماضيين وتوقعات بالزيادة العام المقبل، مما يتوجب على شركات التامين العمل على التعامل مع هذا الوضع بل والتواصل مع عملائها وهذا يؤكد على الاهتمام بزيادة الوعى التأمينى خلال هذه الفترة.
وأشار إلى أن التضخم يعمل على تآكل المدخرات التى قد تؤثر بدورها فى الطلب على التأمين لعدم وجود وافر من النقد الاهتمام بالوعى التأمينى نابع من أهمية التأمين كوسيلة مهمة للحد من وطأة المخاطر والعمل على التعامل معها فى حال حدوثها وأن دور شركات التأمين وقوتها ينمى الشعور بالطمأنينة وراحة البال وزيادة الاستثمارات طالما يوجد شركات تأمين قوية داعمة لعملية الإنتاج.
وأشار إلى أهمية دور الوسيط بشكل كبير فى المرحلة المقبلة والتى بدأت فعليا على حد قوله، مشيرا إلى أنه لابد أن يدرس الاحتياجات الفعلية للعميل ويلبيها له بالسعر العادل الذى تحدده شركة التأمين ولايبحث عن السعر الأقل لجلب العملية منه خاصة وأن عليه دورا أصيلا فى تقليص حدة المنافسة السعرية التى تفسد المناخ التأمينى، وتؤثر على أداء الخدمة التى هى أساس أصيل، كما عليه أيضا التعاون مع شركات التأمين والتأكيد على أهمية التأمين بالقيم الحقيقية للأصول والتى من المؤكد أنها سوف تتأثر بالزيادة جراء عملية التضخم.
وأوضح أن شركات التأمين عند الأزمات تكون فى أمس الحاجة إلى بيانات السوق وعمل مسح ودراسة وتحليل مستمر والاستعداد بخطط عملية أساسية وأخرى بديلة تستطيع بها أن تتواءم مع طبيعة وظروف التضخم من إدارات وصفها بـ “أطواق النجاة” داخل شركة التأمين وهى إدارة المخاطر والقطاع المالى وقطاع إعادة التأمين والذى سوف يظهر دورهم جليا حيث إن شركات التأمين شأنها شأن أى من القطاعات تتعرض لأخطار يجب دراستها والاستعداد لها وأن هذه الإدارات تعد بمثابة الجندى المجهول الذى يخدم على باقى القطاعات بشركات التأمين وهذا أيضا يؤكد على أهمية اهتمام شركات التأمين بالاستثمار الجيد فيهم، كما هو الحال فى باقى الإدارات الإنتاجية.
ولفت إلى أن شركات التأمين لابد أن تستعد بخطة تسويقية مرنة للحفاظ على معدل الطلب على التأمين وتوفير الحماية اللازمة للعملاء بدون رفع مستوى الضغوط عليهم، علاوة على دور القطاع المالى فى بحث كيفية تجويد الأوعية الاستثمارية التى توضع فيها أموال الشركات بالبنوك أو السندات أو أذون الخزانة أو أى أوعية أخرى.
وتابع إن التضخم له أثر سلبى على أى صناعة متوقعا أن شركات التأمين حتما ستنجح فى اختبار التضخم؛ لنجاحها فيما هو أصعب منه قبل ذلك كالأزمة المالية العالمية نهاية 2008 وأزمة “كورونا” لافتا إلى أن الآثار المباشرة للتضخم تتلخص فى ارتفاع حجم مصروفات شركات التأمين والعزوف عن شراء التأمينات الشخصية إلى حد كبير لقلة التدفق النقدى وتوفيره لمهام أخرى لزيادة الخطر المعنوى فى مثل هذه الظروف.
وأكد “سعيد” أن التضخم يؤدى إلى تصاعد تكلفة تسوية التعويضات الجزئية لارتفاع تكلفة قطع الغيار نتيجة زيادة الأسعار وهو العبء التى تتحمله شركات التأمين كاملا مما قد يعرًضها فى بعض الأحيان للنزاع من جانب بعض العملاء نتيجة عدم توصيل المعلومة جيدا وهو مايتطلب الدور الاستباقى المهم للوسيط الذى لابد من دراسته لكيفية التعامل مع مثل هذه المواقف من خلال توصيل المعلومة جيدا إلى العملاء حيث إنه أحد الأضلاع الرئيسية للمثلث التأمينى فهو طرف أصيل فى التواصل مع العملاء والتأكيد على مفهوم الخدمية وكيفية أدائها.