تتأهب شركات التأمين العاملة فى السوق المصرية، لموجة التضخم العالمى المرتقبة خلال العام الجارى من خلال وضعها لخطط تستهدف مضاعفة النمو السنوى، عن طريق حزمة إجراءات تحفيزية لرفع حجم الأقساط التأمينية واستثمارها فى قنوات مختلفة تدرعليها عائدا مضمونا يفى بالتزاماتها من ناحية، ويجعلها تتحدى التضخم لتواصل النمو وذلك من خلال «السندات الخضراء» والتى تعد فرصة للمستثمرين من شركات التأمين، وهى من خيارات الاستثمار المتاحة لمديرى الأصول.
وفيما تستعد شركات التأمين بصورة مستمرة للتحوط من مخاطر التضخم حفاظا على استثماراتها جاء رفع البنك المركزى سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 100نقطة أساس ليصل إلى %9.25 و%10.25 و%9.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى %9.75 وهو ما سيدفعها لشراء أذون الخزانة والسندات قصيرة الأجل ذات العائد الجيد، فضلا عن شركات الحياة التى تقوم زيادة طرح المنتجات الادخارية والمرتبطة بوحدات استثمارية وكذلك صناديق الاستثمار.
نجاح: الأولوية للأدوات سريعة العائد والسندات الخضراء خيار جيد
وقال محمد نجاح مدير عام الاستثمار والبنوك فى شركة “gig” للتأمين على الممتلكات إن شركات التأمين تحاول دائما أن تتحدى التضخم لتواصل النمو عن طريق عدة أسلحة تقوم باستخدامها خاصة شركات التأمينات العامة وأبرزها أن وجوده مقرون برفع سعر الفائدة بالبنوك مما يرفع من معدلات العائد على الاستثمارات.
وأضاف أن التضخم يعنى رفع أسعار الفائدة وخفض أسعار السندات وقلة التداول النقدى وهو مايعرف فى جملته بالانكماش الاقتصادى مما يدفع شركات التـأمين إلى شراء سندات قصيرة الأجل وهى ذات عائد مجزٍ وتعد لجميع المؤسسات تمويلا يغنى عن الاقتراض.
وأشار إلى أن شركة “gig” لديها سندات قصيرة الأجل وهى شركة كبيرة لاتحتاج إلى الاقتراض نهائيا لكن لديها سندات منذ خمس سنوات وأغلبها سينتهى فى 2029 والنسبة الأقل فى 2030 وهى بكوبون معدل الفائدة فيه لايقل عن %17.
وأوضح أنه فى حال تم شراء سندات بقيمة 100 مليون جنيه يتم دفع 88 – 90 مليونا والعائد يكون من الفارق والذى يتراوح من 12-10 مليونا.
وأكد أن شركات التأمين ومديرى الأصول لديهم خيارات متاحة من الاستثمار فى السندات الخضراء والمعروفة بالـ”Green Bond” وهى سندات ذات عائد جيد تأتى نتيجة الاستثمار فى المشروعات صديقة البيئة، وتعد إحدى القنوات الاستثمارية المحفزة للشركات للدخول فيها فى مصر.
ونفى ربحية سوق العقارات بالشكل الذى يروج له بالنسبة لشركات التأمين لوجود فارق كبير بين العائد من الاستثمار فى العقار يقوم به فرد والعائد لشركة، لافتا إلى أن الإحجام عن الاستثمار المباشر بشكل عام والاستثمار فى قنوات مضمونة لغرض توفير السيولة المالية خاصة أن شركات الممتلكات أموالها قصيرة الأجل لسنة واحدة فقط وتحتاج دائما إلى الوفاء بالتزاماتها – سداد التعويضات- وتغطية الأموال المخصصة.
وأكد أن استثمارات “gig” للتأمين على الممتلكات تجاوزت بنهاية يناير الماضى 1.6 مليار جنيه، لتنوع محفظة استثماراتها، لافتا إلى أنه كلما زاد حجم محفظة استثمارات شركة التأمين كلما زادت قدرتها على المخاطرة والتنوع فى ذلك، علاوة على أن سياسة كل شركة تأمين تختلف عن الأخرى.
شحاتة: تغييرات إيجابية فى ضوابط الاستثمار بالقانون الجديد والتوازن «كلمة السر»
من جانبه، قال عثمان شحاتة، المستشار المالى فى شركة «ثروة» للتأمينات العامة إن أغلب استثمارات شركات التأمين ستتأثر بالسلب بفعل التضخم خاصة وأن نسب الأموال الحرة والاستثمارات المخصصة بالقانون الحالى وبحكم اللائحة التنفيذية تتراوح مابين %80-75.
وأشار إلى أن هناك تغييرات إيجابية بضوابط الاستثمار الجديدة بقانون التأمين الموحد الشامل المنتظر إقراره العام الجارى لكن لن يغير أو يساعد بصورة كبيرة فى رفع عائد الاستثمار بشركات التأمين العامة، لافتا إلى أن محفظة متوازنة هى «كلمة السر» فى مجابهة تحديات التضخم العالمى المرتقب والذى سيلقى بظلاله على عوائد استثمارات جميع المؤسسات.
وطالب شركات التأمين بتنويع استثماراتها والعائد عليها ما بين مضمون العائد وذو مخاطرة منخفضة وآخر ذو عائد جيد لارتباطه بمخاطرة أكبر أو أعلى.
ولفت إلى أن شركات التأمين الخاصة لا تفضل الاستثمار المباشر لأن المساهمين بها يريدون عوائد سريعة لاستثماراتهم ولذلك يفضلون الاستثمار فى أذون وسندات الخزانة العامة وكذلك الودائع البنكية وشهادات الاستثمار.
وأضاف أن الاستثمار المباشر يستغرق وقتا لبدء عمل المشروع على أرض الواقع والحصول على إيرادات وأرباح وتوزيع أرباح على المستثمرين قد يستغرق عدة سنوات فى حين أن حوالى %80من استثمارات شركات التأمين الخاصة تخص حملة الوثائق وليس المساهمين لذا فهناك مخاطرة من التوجه نحو الاستثمار المباشر للحفاظ على حقوق حملة الوثائق لأنه قد يتم الاستثمار المباشر فى شركة وتخسر ولا تحقق ربحية.
وأشار إلى أن الشركات فى حاجة إلى تنويع استثماراتها ما بين البورصة وأذون الخزانة والسندات والودائع البنكية المحددة بسقف من قبل البنك المركزى، علاوة على الصناديق النقدية وهى صناديق ذات دخل ثابت وعليها إقبال من المستثمرين لارتفاع العائد منها.
وأوضح أن شركات التأمين لابد أن تسعى إلى زيادة حجم الأقساط التأمينية لها سنويا، من خلال رفع نسب النمو المستهدفة للتمكن من استثمار هذه الأموال وبالتالى قوة الملاءة المالية والقدرة على الاستثمار فى أوعية متدرجة المخاطر وذات عوائد ثابتة ومتغيرة لكنها جيدة لشركة التأمين، وتحافظ على تنامى استثماراتها والعائد منها.
يسرى: الصناديق وأذون الخزانة وعاء آمن لضمان حقوق حملة الوثائق
من ناحيته، قال أمير يسرى رئيس القطاع المالى فى شركة اللبنانية السويسرية تكافل –مصر لتأمينات الحياة إن عيوب التضخم دائما أكثر من مزاياه فهو يعمل على تآكل المدخرات بسبب ارتفاع متوسط أسعار السلع مما يقلل التدفق النقدى اللازم لشراء وثائق التأمين خاصة طويلة الأجل مما يحد من الطلب على التأمين.
وأشار إلى أن التضخم يؤدى إلى تراجع القيمة الشرائية للنقود مما يؤثر بالسلب على قيمة العائد من الاستثمار، موضحا أنه قد يقوم البنك المركزى بمواجهة هذا الأثر السلبى برفع معدلات الفائدة لتشجيع العملاء سواء من الأفراد أو الشركات على الاستثمار.
وأوضح أن شركات التأمين ستركز خلال الفترة المقبلة على المنتجات الادخارية ذات العائد الثابت وقليل المخاطر لحين وضوح الرؤية الاقتصادية للسوق خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن شركته ستلجأ إلى الاستثمار فى صناديق الاستثمار وأذون الخزانة والسندات لارتفاع معدل الفائدة بها، بخلاف أنها وعاء آمن يهدف للحفاظ على حقوق حملة الوثائق والمساهمين وعدم المخاطرة بأموالهم.
ولفت إلى أن شركات التأمين فى حال زيادة التضخم وكإجراء وقائى تلجأ لضغط مصروفاتها وتقليص التوسعات الخاصة بها أو القيام بها بشكل حذر، علاوة على أنها تحاول تعظيم الأرباح عن طريق إعادة استثمار العوائد، وهو أيضا من طرق الحد من تأثير التضخم على الشركات.
ولفت إلى أهمية متابعة شركات التأمين على الحياة للدراسات اليومية للسوق من خلال شركات إدارة محافظ الاستثمارو القنوات الرسمية وذلك لاقتناص المزيد من الفرص الاستثمارية.
وتحاول شركات التأمين أن تساعد عملاءها على مواجهة التضخم عن طريق عرض عدد أكبر من الوثائق المرتبطة بوحدات استثمارية وهى وثائق تتمتع بمرونة أكبر وتمنح لحامل الوثيقة حرية أكبر وحق اختيار استثمار أموال الوثيقة حيث أطلق عليها اسم الوثائق المرتبطة بوحدات استثمارية ومشتركة فى الأرباح.
وأوضح «يسرى» أن هناك زيادة فى الإقبال على الوثائق المرتبطة بوحدات استثمارية بكل صورها خلال السنوات الخمس الأخيرة حيث تم تقديم هذه الوثائق على أساس الربط بين الوثائق المرتبطة بوحدات استثمارية والوثائق المشتركة فى الأرباح، وفيها يضاف العائد الخاص بالوثيقة بأحد طريقتين الأولى طريقة معدل العائد «Bonus rate» وفى هذه الطريقة يتزايد سعر الوحدة الاستثمارية باستمرار طبقا لمعدل الربح المعلن عنه، بما يؤدى إلى زيادة مبلغ التأمين تبعا لزيادة قيمة الوحدات الاستثمارية.
ولفت إلى أن الطريقة الثانية هى طريقة وحدات العائد «Bonus unit» وفى هذه الطريقة يتحدد العائد فى صورة عدد من الوحدات الاستثمارية تضاف فى نهاية كل سنة، وبذلك يزيد مبلغ التأمين مع زيادة عدد الوحدات الاستثمارية المخصصة لحساب الوثيقة والتى يتزايد عددها من سنة لأخرى.
وأكد أنه سواء استخدمت الطريقة الأولى أو الثانية فإن هناك ضمانا بأن معدل العائد على الاستثمار لا يقل عن حد معين.
وأوضح أنه بمقارنة الوثائـق المرتبطة بوحدات استثمارية بوثائق التأمين التقليدية، فإن الأخيرة تقدم مبلغ تأمين محدد فى حال الوفاة أو الحياة، إذ يتم توزيع خطر الاستثمار فى أنـواع عــدة ولمـدة طويلـة فى حين تهدف الوثائق المرتبطة بوحدات استثمارية إلى تحميل حامل الوثيقة لخطر الاستثمار فى النوع الذى يريده وفى السوق التى يحددها، مع استخدام تأمين الحياة كغطاء منفصل.