اختارت السلطات الإيرانية، نهج القمع في التعامل مع الاحتجاجات التي اندلعت في أكثر من خمسين مدينة ضد يوم السبت، وقوبل المتظاهرون بعنف كبير من رجال الشرطة وعناصر الحرس الثوري وقوات “الباسيج”، وفق سكاي نيوز عربية.
سعر البنزين يطلق شرارة الاحتجاجات
وأدت عملية القمع، التي أطلقتها السلطات الإيرانية، إلى سقوط قتلى، وإصابة عدة أشخاص.
فيما قام المتظاهرون بحرق صورة المرشد الإيراني، ومهاجمة مبان حكومية ومحطات التزود بالوقود.
وتأججت موجة الاحتجاجات ضد رفع أسعار البنزين، في أكثر المدن الإيران حيوية وكثافة.
ففي طهران وشيراز وأصفهان وتبريز والأهواز، خرج آلاف المواطنين للتعبير عن غضبهم ضد القرار الأخير.
وترك بعض المحتجين سياراتهم في الشوارع حتى يشلوا حركة المرور في العاصمة طهران.
فيما هاجم آخرون بعض المستودعات النفطية في مدينة سرجان، وسط إيران.
أعنف موجة من التظاهر
أما مدينة بهبهان، الواقعة جنوب غربي إيران، فشهدت أعنف موجة من التظاهر.
حيث أضرمت النار في فرع “المصرف الوطني” بالمدينة.
وأعقب ذلك إطلاق القوات الإيرانية النار على المتظاهرين لتفريق الاحتجاجات.
وأفادت مصادر إيرانية معارضة بمقتل 4 متظاهرين.
وطالب المحتجون الغاضبون بتحسين أحوالهم المعيشية.
الإنكار وقطع شبكة الإنترنت
كما استنكروا إنفاق النظام لعائدات البلاد على قوات “الباسيج” وفيلق القدس.
لكن السلطات الإيرانية لجأت إلى الإنكار وقطع شبكة الإنترنت للحد من التغطية الإعلامية للاحتجاجات.
وعمدت قوات الشرطة وعناصر الحرس الثوري، والباسيج، إلى إطلاق النار والغاز المسيل للدموع على الحشود.
وهذا أوقع ضحايا في صفوف المتظاهرين، أتبعتها بشن حملة اعتقالات في صفوف المحتجين.
إيران ترفض التراجع
وتأتي موجة الاحتجاجات الحالية في وقت تتشبث فيه سلطات طهران، بالقرار الذي تبنته الجمعة.
ويقضي القرار بتقنيين ورفع أسعار البنزين، وذلك بحجة الرفع من مستوى معيشة ملايين الإيرانيين.
فيما يتوقع أن يفاقم القرار الأخير، موجة الغلاء.
التأثير على مستقبل البلاد
وترى الخبيرة في الشأن الإيراني، منى السيلاوي، أن عددا من المدن التي اشتعلت فيها المظاهرات مثل تبريز وأصفهان وكرج، تحظى بثقل سياسي وتاريخي كبير.
وأضافت السيلاوي في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، : “بالتالي، فهي قادرة على أن تؤثر بقوة في مستقبل البلاد”.
خطأ كبير
وأوضحت أنه في حال استمرت المظاهرات بالدول التي دأبت إيران على التباهي بإخضاعها لنفوذ الملالي مثل العراق ولبنان، فإن الاحتجاجات الحالية قد تسفر عن تغيير فعلي في إيران.
وأشارت إلى أن السلطات الإيرانية ارتكبت خطأ كبيرا، في وقت ذي حساسية.
وقالت إنها أقدمت على زيادة أسعار المحروقات، علما أن الانتخابات التشريعية باتت قريبة جدا، لأنها مرتقبة في فبراير المقبل.
ونوهت إلى أنه جرت العادة في البلاد أن يتم تقديم بعض الامتيازات للشارع في مثل هذه المحطات السياسية المهمة.
عقوبات واشنطن وراء ضربات موجعة لإيران
واعتبرت السيلاوي أن النظام الإيراني اضطر إلى إقرار هذه الزيادة، حتى يسد نسبة من العجز المتفاقم في الميزانية.
وقالت إن اقتصاد البلاد تلقى ضربات موجعة بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عقب انسحابها من الاتفاق النووي في مايو 2018.
ولفتت الباحثة إلى أن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أكد في مدينة كرمان، قبل أيام، أن ثلثي الميزانية الإيرانية تأتي من خلال مبيعات النفط، وهذه الموارد تراجعت بصورة كبيرة، من جراء القيود الأميركية الصارمة.
زيادة سعر البنزين ستلهب الأسعار الأخرى
وأوضحت السيلاوي أن تأثير هذه الزيادة في المحروقات سيؤدي إلى التهاب أسعار مواد أخرى استراتيجية مثل القمح والخبز، وأضافت أن غياب مواصلات عامة على مستوى مقبول لنقل الناس صوب وجهاتهم وأعمالهم، بسبب ضعف البنية التحتية، يدفع بشكل كبير إلى الاعتماد على السيارات الخاصة.
وأضافت السيلاوي أن النظام الإيراني كان يشجع على شراء السيارات والإنتاج الداخلي، ولذلك، بات هناك اليوم ما يقارب عشرين مليون سيارة في البلاد، وبالتالي، فإن المشكلة ليست قضية محروقات فحسب، وإنما أزمة “حياة بأكملها”.
واستغربت الباحثة كيف أن النظام الإيراني الذي يقدم دعما هزيلا لمواطنيه، يغدق الأموال بسخاء على ميليشيات إرهابية مثل حزب الله الذي أكد حصوله على صواريخ من إيران، هذا إلى جانب أذرع أخرى لطهران في عدد من البلدان مثل اليمن.
وأكدت أن الشارع الإيراني فطن، بشكل كبير، إلى نهب موارده وإهدارها لأجل إذكاء الفوضى والفتن في الدول العربية.
وتابعت: “كان النظام يصور تدخله بمثابة نصرة للقضية الفلسطينية، وهو أمر تبين زيفه، بعدما صار المحتجون يخرجون في عدة دول عربية وهم يحرقون صور المسؤولين في النظام الإيراني”