كشفت ملخص دراسات الأثر البيئى لمشروع القطار السريع فى المسار الأول «العين السخنة مرسى مطروح» أن الهيئة القومية للأنفاق – التابعة لوزارة النقل، ومكتب «سيسترا» الفرنسى استشارى المشروع، سيقدمان بصفة دورية تقارير إلى الجهات الدولية الممولة للمشروع تتضمن مدى الالتزام بتنفيذ خطة الإدارة البيئية والاجتماعية له خلال فترة الإنشاءات مرورًا بسنوات التشغيل.
تسلم المعدات بجودة عالية من موردين دوليين
وأوضح تقرير الملخص التنفيذى لدراسة الأثر البيئى والاجتماعى لمشروع القطار السريع «العلمين – السخنة – مرسى مطروح» الذى حصلت «المال» على نسخة منه، أن المقرضين الدوليين للمشروع سيجرون زيارات مراقبة دورية متنوعة بين كل 3 شهور، أو نصف سنوية خلال فترة الإنشاءات، ثم سنويا أثناء التشغيل، للتأكد من وفاء الهيئة ومكتبى و«SYSTRA» و«Siemens» وجميع الأطراف الأخرى بتنفيذ توصيات الدراسة البيئية والاجتماعية للمشروع.
وتقتصر الجهات التى تم الاتفاق معها على تمويل مشروع القطار السريع «العلمين – السخنة» على بنك التنمية الألمانى KfW»» وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية SACE بإجمالى مبلغ قيمته 4.4 مليار دولار، إلى جانب مساهمة الحكومة فى المشروع الذى يمتد بطول 660 كيلومترًا من العين السخنة إلى العلمين وصولا إلى مرسى مطروح.
وتتوزع قيمة القرض بواقع 3 مليارات دولار من البنك الألمانى ستوجه لصالح الأعمال التى تنفذها شركة «سيمنز» الألمانية الطرف الذى يقود التحالف و1.4 مليار دولار من «SACE» الإيطالية لتمويل أعمال تحالف شركتى «أوراسكوم كونستركشن والمقاولون العرب».
ولفت ملخص التقرير إلى أن هناك عددا من مستويات مراقبة الالتزام بتنفيذ التوصيات، وآليات الإبلاغ للمساعدة فى تقييم الأثر البيئى للمسار حتى يتم الخروج فى نهاية المطاف بطريقة مرضية ونتائج ملموسة.
دراسات الجدوى استغرقت 18 شهرًا بمشاركة خبراء دوليين ومحليين
وأشار إلى أن المشروع أجريت عليه دراسات مستفيضة من جانب خبراء دوليين ومحليين استغرقت عاما ونصف، ويستهدف من المشروع فى الأساس تقدم خدمة أفضل للمجتمعات فى المناطق الحضرية الجديدة، وتعزيز النمو الصناعى فى جميع محافظات الجمهورية، والارتقاء بالقطاع السياحي.
ولفت إلى أنه تم عقد عدد من الاجتماعات مع بعض الجهات الحكومية المعنية فى يناير 2022 للتحقق من البيانات التى جمعها خلال مرحلة الدراسة المكتبية، مع جمع الآراء الأولية لأصحاب المصلحة الرئيسية، إضافة إلى إجراء مقابلة مع ممثلى المحافظات المعنية.
وذكر أن الهيئة باعتبارها المالك للمشروع، وضعت عددا من آليات وتلقى تظلمات أصحاب المصلحة والمتضررين سواء فى الداخل أو الخارج، إذ يشمل هذا الإجراء جميع العاملين فى الموقع، ومقدمى الخدمات والاستشاريين، والمقاولين الفرعيين، وأصحاب المصلحة الخارجيين.
وأوضح أن الهيئة أسندت إلى مكتب «سيسترا» للاستشارات الهندسية الإشراف على هذه الآلية، باعتباره جهة محايدة، فضلا عن أنها فتحت جميع القنوات لتلقى الشكاوى من مختلف الأطراف.
وانفردت «المال» خلال أغسطس الماضي، بنشر قائمة 12 شركة مقاولات، فازت الفائزة بتنفيذ الأعمال الإنشائية والتجهيزات اللازمة للمحطات الإقليمية والرئيسية فى القطار الكهربائى السريع، بتكلفة تقترب من 23.5 مليار جنيه، قبل قرار تحريك أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري،
وجاء فى صدارة القائمة المقاولون العرب التى فازت بتنفيذ محطتى محمد نجيب الإقليمية، والقاهرة المركزية، بينما حصل تحالف «ريدكون» و«كونكريت بلس» على أعمال محطتى مرسى مطروح، ومحمد نجيب.
واقتنصت شركة «إيدكس» تنفيذ الأعمال الإنشائية لمحطتى حدائق أكتوبر، والعياط، ونالت «أبناء حسن علام» أعمال محطتى وادى النطرون، والعلمين، و«بتروجت» إنشاء «السادات» و«النوبارية» واكتفاء «أوراسكوم» بإقامة محطة برج العرب.
فى سياق متصل، تناول التقرير أسباب لجوء الحكومة ممثلة فى وزارة النقل وتابعتها الهيئة القومية للأنفاق، لتنفيذ شبكة بهذا الحجم فى ذلك التوقيت، رغم ارتفاع تكاليفها الإنشائية.
4 أسباب محورية دفعت الدولة لتشييد الشبكة رغم الظروف الاقتصادية
وأشار التقرير إلى أن الأسباب الرئيسة لتنفيذ شبكة القطار السريع، تتلخص فى 4 عوامل رئيسة: الأولى منها، هي أن شبكة سكك حديد مصر الحالية والتى يبلغ أطوالها أكثر من 10 آلاف كيلومتر، ليس لديها القدرة على تلبية حجم الطلب المتوقع، نتيجة الزيادة السكانية الهائلة على مدار القرن الماضى.
والعامل الثانى: معاناة مرفق السكة الحديد من نقص الصيانة اليومية وسواء صيانة العربات وتقدم البنية التحتية القائمة خلال السنوات الماضية، لافتا إلى أنه رغم الاهتمام الأخير شهده المرفق إلا أنه غير كاف على الخروج من أزماته المتراكمة.
والسبب الثالث: يتمثل فى أن عوامل التشغيل بشكل عام غير فعالة والأعطال المتكررة سواء فى الأنظمة أو الوحدات المتحركة كانت أحد الأسباب الرئيسية فى تكرار الحوادث فى السنوات الماضية، والعامل الأخير : يكمن فى أن جميع العربات الحالية والتى يتم شراؤها تعمل بالديزل، وارتفاع أسعار الطاقة على مدار السنوات المقبلة سيخلق فجوة بين إيرادات ومصروفات التشغيل.
وتعكف «سكك حديد مصر» بمشاركة أحد المكاتب الاستشارية العالمية، على إعداد برنامج لتحسين أداء القطاع عبر إطار قانونى وتنظيمى يحكم وضع التعريفة وعمليات التشغيل وإدارة الأصول، فضلاً عن وضع برامج أخرى لهيكلة التعريفة وتحصيل الرسوم وإدارة تدفق الإيرادات والنفقات، إضافة إلى إعداد تصور عام عن حجم الطلب على خدمات الهيئة، وتحليل طرق استرداد التكلفة الاستثمارية للمشروعات الجديدة.
وذكر ملخص التقرير أن شبكة القطارات السريعة والتى تضم 3 خطوط متكاملة مع بعضها البعض، تقوم فى الأساس على توفير آليات الربط الشامل بين الموانئ والمناطق الصناعية المصرية، مرورًا بمواقع التنمية والعاصمة الإدارية الجديدة.
وتابع الملخص فى شرحه: « على سبيل المثال سيوفر المسار الأول الذى سيطلق عليه عن التشغيل الخط (الأخضر) طريقا مباشر من ميناء العين السخنة على البحر الأحمر، مرورًا إلى مدينة العلمين الجديد على شاطئ البحر المتوسط فى 3 ساعات، لافتا إلى أنه يعول أن تحدث هذه الشبكة تحول كبير فى أنظمة النقل بشكل عام، ووسائل المواصلات الكهربائية بشكل خاص».
الملاذ الآمن للمصدرين والمستورد لتداول البضائع من الموانئ للمدن الصناعية مقارنة بالشاحنات والطائرات
وأشار ملخص الدراسة إلى أن القطار السريع تتماشى أهدافه ومهامه مع “رؤية مصر 2030” إذ تسعى الحكومة من خلاله إلى تعزيز البنية التحتية للنقل فى السوق المحلية، ولا سيما أن المسارات مصمصة على تشغيل 3 فئات من القطارات، لتراعى بذلك أكبر عدد من الركاب بمختلف فئاتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أنه سيتم تسيير 15 قطار إكسبريس – سريع – بسرعات 230 ك/س، و34 قطار للركاب بسرعة 160 كيلو فى الساعة و14 قاطرة لخدمة نقل البضائع.
وكشف التقرير أن هيئة الأنفاق عملت على تقليل حجم الأراضى المتوقع الاستحواذ عليها لبناء الخط الأول ( العين السخنة – مرسى مطروح) كما عملت على تقليل التأثيرات المحتملة على البيئة والبشر الذين يعيشون بالقرب من مسار الخط.
وأشار إلى أن إجمالى أطوال الشبكة ستصل بنهاية تنفيذها إلى 1985 كيلو مترا، وتربط بين القاهرة وصعيد مصر والبحرين الأحمر والمتوسط، وتتوزع بواقع 660 كيلو من الخط الأخضر من مرسى مطروح إلى العين السخنة، والثانى «الخط الأزرق» من القاهرة إلى أسوان بطول 1100 كيلو، والخط الأحمر من الأقصر إلى سفاجا بطول 225 كيلومترًا.
إقامة 15 جسرا على طول المسار للعبور فوق طرق برية وخطوط سكك حديدية
وكشف التقرير عن أن مسار الخط الأول البالغ طوله 660 كيلومترًا يتضمن تشييد 15 جسرَا تعبر من فوق طرق برية وخطوط سكة حديد حاليا، إضافة إلى أنه سيمر على 220 طريقا بريا فى 465 موقعًا و124 مجرى مائيًّا بأبعاد متنوعة سيتم تحديدها وفقًا للدراسات الهيدرولوجية، وطرق التعامل مع كل مصرف على حدة.
وتستكمل وزارة النقل فى الفترة الحالية تنفيذ قائمة المشروعات التابعة لهيئاتها، والتى تتوزع بواقع 23 بقطاع الجر الكهربائي، بتكلفة تتجاوز تريليون جنيه، و80 بالموانئ البحرية بتكلفة 129 مليارًا من خلال مشاركة 100 كيان قطاع خاص، وبمشاركة 88 كيانًا بالقطاع الخاص تنفذ هيئة سكك حديد مصر 90 مشروعًا بتكلفة تصل إلى 225 مليارًا و15 مليارًا لأعمال مخطط تشييدها بقطاع الموانئ البرية والجافة.
ولفت إلى أنه سيتم الاكتفاء بورشة مركزية بالقرب من محطة حدائق أكتوبر، لينفذ بها كل أعمال الصيانة الثقيلة، وضمان تنفيذ مهام التشغيل بطريقة احترافية تتماشى مع المعايير العالمية المتطورة.
وذكر التقريرأنه يستهدف أن يبدأ تشغيل خدمة القطار السريع بحلول عام 2024 عبر 100 قطار سيتم تسييرها على مدار العام، ومن ثم تقليل حركة المرور بشكل طفيف خلال عدد من أيام العام، لافتًا إلى أن أوقات الذروة للسفر ستكون بين الساعة التاسعة صباحا، والخامسة والسابعة مساء.
تشغيل 3 فئات من الوحدات المتحركة والقطار يستوعب 500 – 600 راكب فى الرحلة
وتابع: «الشركة التى ستتولى إدارة وتشغيل القطار ملزمة وفقا للتعاقد بالأخذ فى الاعتبار طلبات الركاب المتزايدة خلال المناسبات الخاصة؛ ومنها « فترة رمضان وغيره من الأحداث المدنية والرياضية والدينية» وسيوفر الخط الخدمة لحوالى 500 – 600 راكب جالس فى كل قطار.
واتفقت وزارة النقل، خلال أغسطس 2022 مع شركة سكك حديد ألمانيا – دويتشه بان – على تشغيل وإدارة شبكة القطار الكهربائى السريع بخطوطه الثلاثة، لفترة 15 عاما قابلة للتجديد لمدة مماثلة، مقابل حصولها على %2 من إجمالى الإيرادات المحققة من نقل الركاب والبضائع على الشبكة، على أن يتم تحويل %98 من الحصيلة للهيئة القومية للأنفاق المالك للمشروع.
وستكون شركة السويدى إليكتريك، شريكا أساسيا للجانب الألمانى فى عملية الإدارة والتشغيل، وستحصل على أتعابها من «دويتشه بان» وفقا لاتفاق تم وضع تفاصيله تحت إشراف وزارة النقل.
فى سياق متصل، أشار ملخص الدراسة إلى بحث وكالة «CCRA» الانتقالية التى أجرته على المشروع، والذى لفت إلى أن ارتفاع أسعار الكهرباء فى المستقبل يتوقع أن تؤدى إلى زيادة تكاليف العمليات واستبدال المعدات على المدى الطويل، لكن فى الوقت نفسه توجد فرص من شأنها المساعدة فى تحسين عائدات المرفق، منها ارتفاع أسعار وقود الديزل، ومن ثم السفر بالقطار سيكون أكثر فعالية من حيث التكلفة للركاب وناقلى البضائع، مقارنة مع استخدام السيارات والشاحنات والطائرات.
وذكر أن المشروع سيعمل بمكوناته الأساسية لمدة تقارب 15 عاما، ليتم فيما بعد تطوير وإحلال المكونات المادية والكهربائية لتتناسب مع التقنيات الأكثر تقدما وأفضل المعايير المعمول بها.
وأكد ملخص الدراسة، أنه تم تحديد تقييم الآثار البيئة والاجتماعية المتوقع حدوثها عبر مراحل العمل فى المشروع، مصحوبة بعدد من الإجراءات المناسبة للمساعدة فى تجنب وتخفيف آثارها السلبية، وفقًا لآليات مراقبة وتقييم فعال، تتوافق مع اللوائح المصرية والممارسات والمعايير الدولية الجيدة المحددة من جانب البنك الدولي.
وأشار إلى أن الهيئة القومية للأنفاق ستدفع مقابلا ماديا مناسبا للأراضى التى سيتم نزع ملكيتها لصالح الخط، موضحا أن المسار يعبر عددا من المناطق المكتظة بالسكان داخل القاهرة، ومن ثم فإن حرم الطريق يبدأ من 30 مترا، وقد يقتصر إلى 18 فى بعض المناطق الأخرى.
كانت مصادر كشفت لـ«المال» فى مايو الماضى أن الهيئة القومية للأنفاق، صرفت نصف مليار جنيه، شريحة أولى من تعويضات المتضررين من نزع ملكية الأراضى الواقعة فى مسار القطار، مقابل مساحة أرض تقدر بنحو 160 ألف متر مربع مملوكة للأهالى تم تحويلها إلى المنفعة العامة لاستغلالها فى توسعة بعض مناطق المسار فى المسافة من برج العرب إلى مدينة مطروح.
يمر بمواقع «إرث ثقافى» وضم ممثل من الجهات المعنية للاطلاع على المستجدات وتقديم المشورة
وأوضح ملخص تقرير دراسة الأثر البيئى والاجتماعى لمشروع القطار السريع « العين السخنة – مرسى مطور» أن الدراسات التى أجريت فى السابق، حددت 15 موقعا منصفا رسميا كـ«إرث ثقافي»، بما فى ذلك موقع التراث العالمى لليونسكو- مدينة ممفيس ومقابرها- بالإضافة إلى أنه تم تصنيف 57 موقعًا على أنهم لهم حساسية عالية، و44 ذوى حساسية متوسطة، و50 لهم حساسية منخفضة.
وأشار إلى أن الهيئة القومية للأنفاق أخذت فى الاعتبار ضرورة معالجة والاهتمام بالإرث الثقافي، ومن ثم ستقوم بتنفيذ عدد من الإجراءات، من بينها مطالبة الجهات المعنية بالمناطق الأثرية أن يكون لها ممثل للاطلاع على سير العمل خلال مراحل المشروع.
وأكد ملخص الدراسة أنه تم إجراء 3 جلسات تشاور فى مناطق «الجيزة، ومدينة العلمين، وبرج العرب» من جانب استشارى المشروع، والهيئة القومية للأنفاق، ومؤسسات هامة أخرى لتبادل المعلومات والأخذ فى الاعتبار مقترحات المشاركين، والعمل على دراستها.