تزايد حجم الطلب عالميًا على خدمات الرعاية الصحية خلال أزمة تفشى وباء «كوفيد 19»، ومن المتوقع أن تنمو فرص التوسع فى تقديم تلك الخدمات بمصر خلال السنوات المقبلة، فى ضوء الزيادة السكانية، وافتتاح المدن الجديدة، وتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل.
واتفق عدد من خبراء القطاع الصحى على كفاءة وقدرة الدولة على تطوير الخدمات الصحية المقدمة للجمهور، لكنهم أكدوا أهمية مراعاة تقليل الوقت اللازم للحصول على تراخيص، واتخاذ بعض الإجراءات التنظيمية لتعظيم فرص الاستثمار بهذا القطاع، وقدموا عددًا من المقترحات لاستغلال الكفاءات الطبية لتوفير أفضل خدمة بأسعار جيدة وجودة فائقة.
علاء عبد المجيد: التأمين الشامل سيتيح فرصة الحصول على الخدمات من أى جهة
قال الدكتور علاء عبد المجيد، رئيس غرفة مقدمى الرعاية الصحية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ القطاع الصحى جاذب للاستثمار، ويمتاز بعدم تأثره بالركود أو التضخم، فضلًا عن عدم إمكانية الاستغناء عنه تحت أى ظروف اقتصادية.
وأضاف أن مشروع التأمين الصحى الشامل سيتيح فرصة الحصول على خدمات الرعاية الصحية لكل المواطنين من أى جهة، منوهًا بأن هذه الميزة ستخلق حالة من التنافسية بين مقدمى الخدمات الطبية، وهو الأمر الذى يعتبر فى صالح المريض.
وشدد على أهمية تقديم الخدمات الطبية وفق المعايير العالمية، خاصة إجراءات مكافحة العدوى، معتبرًا أن فرص القطاع الخاص فى المنافسة على تقديم الرعاية الصحية كبيرة.
وأشار «عبد المجيد» إلى أن فرص إنشاء مشروعات لتقديم الخدمات الطبية فى المحافظات الحدودية والصعيد كبيرة، إضافة إلى المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة، واصفًا الفرص فى هذه المناطق بالواعدة، خاصة مع الزيادة السكانية بها.
وثمن دور المبادرات الصحية فى إنجاز الفحص والتشخيص للأمراض السارية، مؤكدًا قدرة الدولة على القضاء على الالتهاب الكبدى الوبائى «فيروس سى»، وإنهاء قوائم الانتظار للعمليات الجراحية، بجانب مبادرة الكشف عن الأورام، وفحص التقزم لدى طلاب المدارس المصرية.
وشدد أن تعاون القطاع الخاص مع الحكومة فى هذه المبادرات مهم للغاية لإنجاحها، مؤكدًا أنَّ استمرار تلك المبادرات يحتاج إلى تفعيل دور المجلس الأعلى للصحة، الذى يضم كل قيادات القطاع الصحى لكل القطاعات الخاصة والحكومية والجامعية، ومن خلاله تتم مناقشة السياسات العامة لتقديم الخدمات الطبية، والقوانين وتعديل البنود التى تحتاج للتحديث وفق الممارسة الفعلية.
وقدم «عبد المجيد» عددًا من المقترحات، لزيادة فرص الاستثمار فى القطاع، أهمها إنشاء شباك واحد للتراخيص، يضم كل ما يخص نقابة الأطباء والعلاج الحر، ويكون تجديد تراخيص الأقسام المختلفة بالمستشفيات بالإجراءات مُجتمعة فى نفس التوقيت؛ إذ إن أغلب البنود التى تتم مطابقتها للأقسام المختلفة تكون مشتركة، ومن الممكن أن تكون هناك ملاحظات متعارضة.
وقال إن توحيد المعايير والاشتراطات الخاصة بالبيئة ومكافحة العدوى أمر ضرورى، خاصة أن مديريات الصحة والعلاج الحر، والمحافظة تقوم بتفتيش مُنفصل، وتقدم ملاحظات متضاربة عن نفس الأمر بسبب اختلاف المعايير بين هذه الجهات.
واقترح التنسيق بين المستشفيات التى بُنيت قبل سنوات، مع أجهزة الحماية المدنية لرفع كفاءتها دون إغلاقها، ما يؤثر على تقديم الخدمات الطبية، مشددًا على أهمية دعم خدمات المرافق مثل الكهرباء والمياه، معتبرًا أن المستشفيات تعامل كالجهات الفندقية فى الوقت الحالى.
وأتم «عبد المجيد» تصريحاته بضرورة تدشين هيئة مستقلة مخصصة للموافقة على بناء المستشفيات، تراعى الموقع المناسب، وتراقب تطبيق الأكواد الهندسية للمنشآت الطبية، وتشرف أثناء الإنشاء على توافر مقومات مكافحة العدوى، وتتابع إمكانيات استقبال المرضى وتقديم الخدمات لهم.
خالد سمير: مصر بحاجة إلى 50 ألف سرير بتكلفة 150 مليار جنيه خلال 5 أعوام
وقال الدكتور خالد سمير، عضو مجلس إدارة غرفة مقدمى الرعاية الصحية فى القطاع الخاص باتحاد الصناعات، إن تعدد الجهات التى تصدر القرارات المُنظمة للاستثمار فى القطاع الصحى يربك المنظومة، ويهدر فرصًا سهلة لنمو الاستثمارات.
وأضاف أن مصر بحاجة إلى استثمارات فى هذا القطاع خلال السنوات المقبلة تصل إلى 150 مليار جنيه، لتغطية 50 ألف سرير، بتكلفة 3 ملايين جنيه للسرير الواحد.
لكنه أكد أهمية توحيد جهات إصدار التراخيص، لتكون من خلال شباك واحد، يضم كل الهيئات المشرفة، سواء من ناحية تخصيص الأرض، أو المرافق الخاصة بأى مشروع، وترخيص مزاولة النشاط، إضافة إلى تحديد آليات التخارج من المشروعات لزيادة الثقة لدى المستثمرين.
وانتقد «سمير» قرار عدم السماح بتداول أسهم المؤسسات الصحية بالبورصة دون موافقة وزارة الصحة، داعيًا المُشرع المصرى للسماح بطرح أسهم المشروعات القائمة وتطبيق آليات السوق المفتوح.
وأكد أن هذا القرار يُمثل عقبة كبيرة فى طريق دخول مستثمرين جدد إلى السوق المصرية، فضلًا عن ضبابية آليات الخروج من السوق، وعدم وجود هذا النظام فى أى سوق استثمارية أخرى.
وأضاف أن هذه المنظومة تمنع المستثمر من فرص بيع الحصص بعد الحصول عليها لأى سبب، أو إضافة شركات أو أفراد للمساهمين بغرض التوسع، ما سيمنع المستثمرين من دخول السوق أصلًا.
وشدد على أهمية تقليل الجهات التى تصدر التراخيص، خاصة فى المشروعات الخدمية للقطاع الصحى، بداية من المراكز الصحية المتخصصة، وحتى المدن الطبية المتكاملة.
ولفت إلى أن إنشاء مشروعات من العدم تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، وتقدر تكلفة المراكز الطبية بـنحو 90 مليون جنيه، فى حين تصل تكلفة تجهيز مستشفى بسعة 50 سريرًا إلى 150 مليون جنيه، والمسشفيات الكبرى تصل إلى 500 مليون بسعة 200 سرير، بينما لن تقل تكلفة المدن الطبية عن 3 مليارات جنيه.
وأشار إلى أن فرص تنشيط قطاع السياحة العلاجية كبيرة، وتعد مصدرًا للعملة الصعبة، مضيفًا أن زيادة فرص السياحة العلاجية يعتمد على معايير كثيرة، أهمها تقليل توقيت الحصول على تأشيرة العلاج للمرضى فى مدة لا تتخطى ثلاثة أيام، إضافة إلى حصول المستشفيات المصرية على معايير الجودة المطلوبة لتقديم خدمة طبية بالشروط العالمية.
نيفين الأنطوني: استثمارات بأكثر من 120 مليار جنيه لتحسين النشاط
وقالت الدكتورة نيفين جورج الأنطونى، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، إن القطاع الصحى يعد من أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمار فى مصر فى الوقت الراهن، بالتزامن مع بدء تنفيذ منظومة التأمين الصحى الشامل الذى سيتيح الاعتماد على مستشفيات القطاع الخاص بنسبة كبيرة فى تنفيذه، إضافة إلى توافر الكفاءات الطبية المطلوبة، وانخفاض التكلفة مقارنة بكثير من الدول أخرى، مضيفة أن الفضل يعود فى ذلك إلى اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بملف القطاع الصحى، بعد أن وضعه على رأس أولوياته؛ نظرًا لكونه أحد أبرز الملفات التى تمس المواطن المصرى بالدرجة الأولى.
وتابعت نيفين الأنطونى أن الدولة اتبعت بعض الإجراءات لزيادة فرص الاستثمار فى القطاع الصحى، وانطلقت جهودها نحو مسار التطوير وإعادة التأهيل، سواء للبنية التحتية الصحية، أو تطوير العنصر البشرى والوحدات الصحية بالقرى.
وقالت إن الدولة اتجهت نحو إطلاق حزمة من الإصلاحات الصحية العاجلة التى تمثلت فى العديد من المبادرات الصحية، وذلك لرفع كفاءة ومستوى الخدمة المقدمة، كما قامت بتوجيه استثمارات ضخمة تقدر بأكثر من 120 مليار جنيه لتحسين القطاع الصحى، ما أحدث طفرة فى هذا القطاع، وخلق نوعًا من الجذب للكثير من الاستثمارات، بعد أن نفذت الدولة خلال الفترة بين عامى 2014 وحتى 960 مشروعًا فى مجال الصحة والسكان، بإجمالى 81290 مليون جنيه.
ولفتت إلى البيانات الحكومية التى عرضت حجم استثمارات القطاع الخاص خلال العام المالى 2018 / 2019 فى قطاع الرعاية الصحية، التى بلغت نحو 9.3 مليار جنيه، بما يمثل %42 من إجمالى استثمارات القطاع خلال نفس العام، كما استحوذت منشآت الرعاية الصحية التابعة للقطاع الخاص على ما يزيد على %25 من حجم أسرة المستشفيات فى مصر، أى ما يعادل 36 ألف سرير تقريبًا.
وتابعت أنه من المتوقع أن تزداد حجم الاستثمارات بهذا القطاع فى السنوات العشر المقبلة، كما يتضح فى صفقات الدمج والاستحواذ الكبيرة فى مجال الرعاية الصحية خلال عام 2020، الذى شهد أكثر من 19 صفقة دمج كبرى فى هذا المجال.
وقالت نيفين الأنطونى إن قطاع الصحة يتضمن معايير عالمية للجودة تطبق بالمستشفيات كتطبيق بروتوكولات العلاج، وإجراءات أمان المريض، وتفاصيل كل إجراء وخدمة، ومعايير أمان استخدام الأدوية الخطرة، والعلاج الكيماوى، وحقوق وتثقيف المريض وأهله فيما يخص المرض، وكيفية العلاج والتعامل معه، والمعايير العالمية فى الممارسات التمريضية والطبية التى أهمها مكافحة العدوى، وتأهيل وتدريب العاملين فى المجال الطبى، وأيضًا معايير أمان ونظافة وصيانة المنشأة، وسلامة الغذاء المقدم للمرضى، بعد أن استطاعت المستشفيات، سواء فى القطاع الخاص أو التابعة لوزارة الصحة، تحقيقها على أعلى مستوى الجودة، واستطاع كذلك أغلبها الحصول على شهادة الجودة.
على عوف: سوق الدواء تنمو بنسبة تتراوح من 10 إلى %15 سنويًا
وقال على عوف، رئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة التجارية، إن الفرص الاستثمارية فى القطاع الصحى واعدة، خاصة أن السوق المصرية كبيرة، ويخدم عددًا كبيرًا من السكان.
وأضاف، أن سوق الدواء تنمو بنسبة تتراوح من 10 إلى %15 سنويًا، وهى أكبر نسبة بين الأسواق فى المنطقة، موضحًا أنه خلال أزمة انتشار فيروس «كوفيد 19» لم يحدث أى نقص فى أى صنف للدواء متعلق بعلاج الوباء، أو الأدوية الأخرى الخاصة بعلاج الأمراض المزمنة.
وأشار «عوف» إلى أن استثمار القطاع الخاص بالمستشفيات خاصة فى الأماكن التى تحتاج إلى تقديم خدمات الرعاية الصحية ستكون له فائدة مزدوجة، وهى تحقيق أرباح للمستثمر، وفى نفس الوقت تخفيف العبء عن مستشفيات الدولة.
وأكد أن البنية الأساسية للقطاع الصحى فى مصر قوية، لكنها تحتاج للتدعيم من خلال القطاع الخاص لما لديه من خبرة فى الإدارة والقطاع بصفة عامة، مشددًا على قدرة مصر لجذب الاستثمارات فى قطاع السياحة العلاجية لتحقيق رواج سياحى، فضلًا عن الاستفادة من قدرات أطباء مصر.
نصيف الحفناوي: تطبيق «المشروع الشامل» سيحدث رواجًا فى الاستثمار الصحى
وقال الدكتور نصيف الحفناوى، عضو مجلس الشيوخ، إن فرص الاستثمار فى القطاع الصحى كبيرة، فى ضوء الاتجاه الحكومى للاعتماد على المستشفيات الحاصلة على معايير الجودة.
وأضاف أن مشروع التأمين الصحى الشامل سيعتمد المستشفيات الحالية بعد تحقيق المعايير المطلوبة، وسيفتح الباب أمام المشروعات الجديدة للمنافسة، الأمر الذى سيحقق طفرة ملحوظة فى استثمارات الرعاية الصحية.
وأكد «الحفناوي» أنَّ تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل خلال السنوات العشر المقبلة بمقابل مادى، سيفتح المجال لضخ استتثمارات بأرباح مضمونة، لافتًا إلى أن المستشفيات الحالية التى حصلت على معايير الجودة العالمية لا تتعدى 5 مستشفيات فى مصر، سواء فى القطاع الخاص أو الحكومى.
وثمن إطلاق منظومة التأمين الصحى فى محافظة بورسعيد، لأنها ستفتح الباب أمام معرفة مميزات تطبيق المشروع على أرض الواقع، وتلافى العيوب بعد الممارسة الفعلية.
ولفت إلى أن شراء الأجهزة الطبية وتجهيزات المستشفيات سيتم عبر هيئة الشراء الموحد التى نجحت فى توفير المستلزمات الطبية خلال جائحة كورونا، وغلق ما وصفه بالأبواب الخلفية للتوريدات الطبية.
وأعلنت وزارة الصحة زيادة مخصصاتها بنحو 47 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الماضى 2021/2020، لتصل إلى نحو 258.5 مليار، مقارنة بنحو 175.6 مليار فى 2019/2020، وزيادة مخصصات الأدوية بنسبة %21 لتصل إلى 11 مليارًا، مقارنة بـ9.1 مليار جنيه خلال تلك الفترة، فضلًا عن زيادة قيمة العلاج على نفقة الدولة بحوالى %6 لتصل إلى نحو 7 مليارات فى العام المالى 2020/ 2021 مقارنة بـ6.6 مليار جنيه فى 2020/2019.
كما ارتفع خلال تلك الفترة بدل أعضاء المهن الطبية من 400 إلى 2200 جنيه، بإجمالى 2.6 مليار جنيه، وتم تخصيص 81.6 مليون لتطوير المعامل الطبية، وازدادت استثمارات مشروع الحجر الصحى بنحو %52 لتصل إلى نحو 20.5 مليار، مقارنة بـ13.5 مليار فى فترة المقارنة السابق ذكرها.
وبلغت تكلفة إجمالى المبادرات الموجهة للصحة خلال العام المالى الماضى نحو 16.3 مليار جنيه، وتكلفة استمرار التنفيذ التدريجى لمنظومة التأمين الصحى الشامل والتوسع فيه 4.2 مليار جنيه، ليشمل أكبر عدد من المحافظات.