فى اطار تطوراته المتلاحقة، تتطلع روسيا لجعل طريق القطب الشمالى، ممرا رئيسيا للشحن ومنافسا لطرق التجارة بين آسيا وأوروبا وعلى رأسها «قناة السويس» حيث قامت الإدارة التى يقودها فلاديمير بوتين بجذب إستثمارات دولية ضخمة لتطوير البنى التحتية البحرية مثل الموانئ وكاسرات الجليد ومنشآت التزود بالوقود.
وأكدت عدد من التقارير الدولية أن هناك نمواً كبيراً فى الشحنات على طريق روسيا فى القطب الشمالى، حيث أظهرت الأرقام الصادرة عن الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل البحرى والنهرى أن أحجام الشحن على طول طريق بحر الشمال بلغت 24.22 مليون طن فى الفترة من يناير إلى سبتمبر 2021، بزيادة %3.5 عن نفس الفترة من العام الماضى
وأضافت التقارير الروسية أنه بنهاية 2021 يصل حجم البضائع إلى 35 مليون طن، مقارنة بحمولات بلغت 32.97 مليون فى عام 2020،فى إطار السعى إلى تنفيذ طلب الرئيس بوتين بإستهداف شحن 80 مليون طن بحلول عام 2024.
وأوضحت التقارير زيادة الشحنات على الطريق بما يصل إلى 45 مليون طن فى غضون عامين فقط تلبية لطلب الادارة الروسية.
وفى السياق نفسه تعتبر روسيا طريق بحر الشمال مشروعا ذا أولوية قصوى يمكن أن يفتح فى النهاية طريقا تجاريا بديلا بين آسيا وأوروبا من خلال استحدام العديد من كاسحات الجليد التى تعمل بالطاقة النووية قيد الإنشاء، من بينها أول سفينة من طراز Lider
ويذكر ان هناك مشروعات صناعية كبرى قيد التطوير حاليا على طول ساحل القطب الشمالى الروسى، منها محطة الغاز المسال «Arctic LNG 2» ومشروع الفحم و«Vostok Oil» والذى تصل طاقته إلى 30 مليون طن من النفط بالفعل فى عام 2024، حيث تساهم تلك المحطات فى نمو هائل فى النقل البحرى والتى تستهدف أن تصل الشحنات على الطريق إلى 150 مليون طن فى 2030، يمثل الغاز الطبيعى المسال ومكثفات الغاز %60 من إجمالى حجم البضائع .
وفقا للإدارة الروسية شهد منتصف أكتوبر الجارى الانتهاء من 65 رحلةعبور، وهذا يمثل معظم الرحلات منها – 54 رحلة – ترفع علما اجنبيا، وتم ابحار 11 رحلة بين مينائين روسيين، النوع الأساسى للسفن العابرة هو البضائع العامة والبضائع الصب السائل.
كما أعلنت منتصف أكتوبر الجارى تشغيل أسطول مكون من خمسة كاسحات جليد LK60 بحلول عامين 2026 و2027 – ضمن مخطط لبناء ما يصل إلى 30 ناقلة جديدة و30 ناقلة صب و22 سفينة حاويات مخصصة للشحن فى القطب الشمالى،مستهدفين الشحن مدار العام على الطريق الشمالى بالفعل فى 2023/ 2024.
ويذكر أن الأول من أكتوبر الجارى 2021، تم خلاله نقل مليون و443 ألف طن من البضائع عبر ممر الشمال (NSR ) حيث كان الرقم القياسى السابق فى عام 2020 وصل إلى مليون و288 ألف طن .
وقال تقرير لشركة روساتوم للشحن «Rosatom» أنها وضعت مخطط لبناء سلسلة تجريبية من سفن الحاويات بسعة 6000 حاوية مكافئة،لاسيما تخطط بالفعل لإطلاق أول سفينة فى عام 2025، فى ظل توقعات بطرح مناقصة لتصميم سفن حاويات جديدة فى القطب الشمالى بحلول نهاية عام 2021، دون تحديد التكلفة الاولية لتلك السفن .
ويذكر أن روساتوم ومشغل الموانئ موانئ دبى العالمية وقعا اتفاقية تعاون فى يوليو الماضى، تنص على التطوير والتصميم المشترك لسفن الحاويات التجريبية فى إطار مشروع «ممر عبور بحر الشمال» يوفر المشروع إنشاء خط حاويات وموانئ مركزية لعبور البضائع على طول طريق بحر الشمال.
كما أن لدى روسيا خطط لبناء كاسحات جليد تعمل بالغاز الطبيعى المسال فائقة القوة لتطوير المسار، وجعله أكثر ملاءمة للملاحة على مدار العام مستهدفة العبور طوال العام، حيث نجح لمدة 9 أشهر من العام لشحن الهيدروكربونات والموارد الأخرى إلى أوروبا.
من ناحية أخرى، أعتمدت المنظمة البحرية الدولية إطارا قانونيا الزاميا لتوفير التشغيل الآمن للسفن وحماية البيئة فى المناطق القطبية مما يحدد المتطلبات الرئيسية تتعلق بالسلامة وحماية البيئة وكفاءة البحارة
وقال المهندس وائل قدور، خبير النقل البحرى، والعضو الاسبق فى مجلس إدارة هيئة قناة السويس، ان الممر الشمالى يستهدف عبور 45 مليون طن خلال 2023 و80 طن فى 2024، ويمكن للادارة الروسية تنفيذ ذلك لانها تقوم حاليا بتنفيذ مشروعات إسالة الغاز المسال، وأخرى للبترول بطاقة 30 مليون طن،و المقرر عملها فى عام 2022 موضحا بأن الرئيس الروسى يقدم كل التسهيلات لنقل الحاويات عبر القطب لتعمل بشكل منتظم .
وأكد إلى أن أهم التطورات المتلاحقة بالطريق الشمالى تتمثل فى التخطيط لبناء مينائين محوريين فى شمال وغرب القطب الشمالى،بجانب طرح أسطول لسفن للحاويات 6000حاوية مقاوم للجليد .
خبير النقل البحرى: ضخ الدول الكبرى لاستثماراتها يعكس مدى اهميته مستقبليا فى التجارة
و قال أن روسيا تخطط لـ 7 مشروعات سواء تحت الإنشاء أو التخطيط،مشيرا إلى انه فى عام 2030 سيتم الوصول بإسالة الغاز إلى طاقة 70 مليون متر مكعب، حيث نجحت روسيا فى جذب مزيد من الاستثمارات حيث تعتبر كوريا والصين والنرويج واليابان وفرنسا اكثر الدول المستثمرة فى مشروعات الاسالة مما يعكس تطورات متسارعة جدا فى الطريق .
وقال قدور أن مجلس القطب الشمالى يتكون من 8 دول متشاطئه وهى كندا روسيا الدنمارك وايسلندا والولايات المتحدة وفلندا والسويد والنرويج، وانضمت اليهم 12 دولة من خارج دول القطب بصفة مراقب وهى اليابان سنغافورة الصين الهند فرنسا هولندا إنجلترا كوريا إيطاليا ألمانيا بولندا اسبانيا، متسائلا لماذا لاتنضم مصر بصفة مراقب لكى تتابع عن كسب التطورات التى تحدث فى القطب وتأثيرها على قناة السويس.
ومن ناحيته أكد الربان عمرو قطايا، رئيس القطاع البحرى بشركة لاند مارك للخدمات والاستشارات البحرية، أن الممر الشمالى يتطور بشكل يومى ولكن عند دراسة مدى تأثيره على حركة التجارة العابرة بقناة السويس علينا الوقوف أمام عدة نقاط رئيسية أهمها أن حركة العبور بالقطب الشمالى مقارنة بحجم العابر بقناة السويس من حيث الحمولات والاعداد، بجانب أوقات العبور حيث تعمل قناة السويس 365 يوما فى السنه مقارنة بالقطب الشمالى الذى يعمل فترة محددة فى العام.
وقال قطايا أن الخطوط الملاحية المنتظمة التى تعبر من وإلى قناة السويس تعمل بشكل اساسى بقناة السويس لنقل تجارتها من جنوب اسيا إلى أوروبا، مشيرا ان هذه الخطوط لن تضحى بالعبور الآمن لتعبر الممر الشمالي- مرتفع تكاليف العبور – مشيرا إلى حجم الخدمات المقدمة من قناة السويس للسفن مقارنة بالخدمات المكلفة للسفن العابرة بالقطب الشمالى حيث تكاليف كاسرات الثلوج الباهظة، بينما تقوم قناة السويس بتأمين العبور للسفن من خلال قاطرة مصاحبة وتكلفتها على التوكيل الملاحى.
وطالب قطايا قناة السويس بضرورة دراسة مزايا القناة وتطويرها، ودراسة مزايا الممرات المنافسة حتى ترفع القناة من قدرتها التنافسية مستغلة ادواتها التسويقية عند احتدام تلك المنافسة القادمة.