مع اتجاه الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى صوب زيادة أسعار الفائدة، والتحول نحو سياسة التشدد النقدى خلال عام 2022 فى محاولة للسيطرة على مستويات التضخم، أكد محللون ومصرفيون أن التغير فى سياسة المركزى الأمريكى سيؤثر إلى حد كبير على الأسواق الناشئة ويدفعها إلى تغيير سياستها النقدية.
وأضافوا – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن صانعى السياسة النقدية فى البنك المركزى المصرى، سيأخذون بعين الاعتبار خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية فى مارس المقبل التغيرات العالمية وارتفاع مستويات التضخم.
وتباينت التوقعات حول مدى تأثير قرار الاحتياطى الفيدرالى برفع أسعار الفائدة على قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، ففى الوقت الذى توقع فيه بعض المحللين أن تتواكب سياسة البنك المركزى مع سياسة الاحتياطى من خلال زيادة أسعار الفائدة على الجنيه، لاسيما خلال النصف الثانى من العام الجارى توقع البعض الآخر أن «المركزى» لن يتجه إلى تحريك أسعار الفائدة حتى نهاية العام.
وأعلن الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى استعداده لرفع معدلات الفائدة الأساسية، للمرة الأولى منذ خفضها للصفر مع تفشّى جائحة كورونا فى مارس 2020.
وقالت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح المسئولة عن وضع السياسات النقدية فى ختام اجتماع عادى فى يناير الماضى «مع نسبة تضخم أعلى من %2 وسوق عمل قوى، ترى اللجنة أنه سيكون من المناسب قريبا رفع النطاق المستهدف لمعدلات الفائدة للأموال الفيدرالية».
وتابع: «منذ اجتماع ديسمبر تفاقم وضع التضخم قليلاً، وإذا استمر فى التدهور فسيتعين علينا أن نعالج ذلك… من هنا نرى أن من الملائم البدء برفع أسعار الفائدة فى مارس».
وفيما يخص السوق المصرية، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصـرى فى اجتماعها يــوم 3 فبراير الحالى الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند مستوى %8.25 و9.25 % و%8.75 على الترتيب، وأبقت على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %8.75.
وفيما خسرت سندات الخزانة الأمريكية على مستوى جميع فترات الاستحقاق على خلفية ارتفاع التوقعات بتشديد السياسة النقدية، مدفوعة بارتفاع مؤشر أسعار المستهلك، بدأ تراجع سندات الخزانة فى مطلع هذا الأسبوع، إذ قام المستثمرون بتعديل أوزان محافظهم الاستثمارية لمواجهة ارتفاع معدل التضخم والمتوقع الإعلان عنه فى البيانات الصادرة عن شهر يناير بحسب التعليق الأسبوعى للبنك المركزى على الأسواق العالمية.
وازداد تراجع سندات الخزانة، خاصة ذات الآجال القصيرة، بعدما جاءت بيانات التضخم أعلى مما كان متوقعًا، وجاءت خسائر سندات الخزانة نتيجة نبرة جيمس بولارد – المسئول بالاحتياطى الفيدرالي- والتى مالت إلى تشديد السياسة النقدية، مما دعم رفع أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة خلال الاجتماعات الثلاثة المقبلة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
فى هذه الأثناء، عوضت السندات جزءًا من خسائرها يوم الجمعة الماضى، بسبب غزو روسيا لأوكرانيا مما أدى إلى تراجع شهية المستثمرين تجاه المخاطرة، كما أدت إلى تعزيز الطلب على الأصول.
عبدالمنعم: السياسة النقدية بالمركزى المصرى تتجه لزيادتها بنحو 0.5 %
وتوقع محمد عبد المنعم مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة، أن تتجه قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى إلى زيادة أسعار الفائدة بنحو 0.5 % خلال اجتماعها المقبل، عقب توقعات لزيادة الاتحاد الفيدرالى الأمريكى سعر العائد بنحو 0.25 % فى مارس المقبل.
وأوضح أنه من المرجح أن صانعى السياسة النقدية لن يختموا هذا العام قبل زيادة أسعار الفائدة بواقع %1.5 مشيرًا إلى أن مستويات التضخم الحالية تتماشى مع مستهدفات البنك المركزى كما لم تشهد أسعار السلع فى السوق المحلية زيادة كبيرة .
وأضاف أن لجنة السياسات النقدية ستضع فى الاعتبار أولاً أوضاع السوق، وتأثيرمعدلات التضخم واتجاهاته فى ظل ما يحدث مؤخرا وفى ظل التطورات عالميا.
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار العائد وتحسن أداء العملة المحلية أحد الأسباب الرئيسية التى تجعل السوق المصرية من الأسواق الجاذبة لاستثمارات الأجانب فى الأذون والسندات الحكومية.
السويفى: ارتفاع التضخم عالميًا وصعوده محليا له دور فى تحريك الأسعار
وتوقعت رضوى السويفى رئيس قطاع البحوث فى بنك الاستثمار فاروس القابضة أن لجنة السياسة النقدية ستتجه إلى رفع أسعار العائد على الجنيه خلال العام الجارى، مدفوعة بشكل رئيسى بتأثير تحرك أسعار الفائدة للاحتياطى الفيدرالى المرتقب حدوثه فى مارس المقبل.
وأشارت إلى أن ارتفاع التضخم عالميًا إضافة إلى صعوده على المستوى المحلى قد يكون له دور فى تحريك أسعار الفائدة على الجنيه المصرى.
وقال محمد عبد العال الخبير المصرفى إن أحد التحديات التى تواجه السوق العالمية، وفى مقدمتها الدول الناشئة هو تحول السياسة النقدية الأمريكية فى الآونة الأخيرة من سياسة تيسيرية إلى تقييدية وبداية رفع أسعار الفائدة لديها مع مطلع شهر مارس المقبل من 25 نقطة وحتى 50 نقطة بغرض كبح جماح التضخم الأمريكى.
ويرى أن تلك السياسة النقدية الأمريكية لن تؤتى ثمارها بالسرعة المطلوبة خلال تلك الفترة فى محاصرة التضخم لديها، مشيرًا إلى أن ارتفاع مستويات التضخم لا يعود إلى ارتفاع المعروض النقدى لديها بل عائد إلى صعود أسعار السلع والخدمات من أسعار الطاقة تكاليف خامات السلع لديها، إضافة إلى المقاطعة الصينية، وارتفاع تكاليف الشحن، لاسيما أن الأبعاد الجيوسياسية بين أوكرانيا وروسيا والاتحاد الأوروبى كان لها دور فى زيادة مستويات الأسعار.
وأكد أن رفع أسعار العائد لدى البنك المركزى الأمريكى ستكون له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الأسواق الناشئة أولها ارتفاع تكلفة الدين الخارجى لدى الأسواق الناشئة إضافة إلى زيادة أعباء الدين الخارجى مما يزيد الضغوط على قيمة العملة لدى الدول الناشئة نتيجة زيادة فى عجز الميزان التجارى لديهم.
وفيما يخص تأثير تغير أسعار الفائدة فى السوق الأمريكية على السوق المصرية، قال «عبد العال» إن تأثيره سيكون هامشيا على معدلات التضخم بمصر نتيجة الإجراءات الاستباقية التى اتخذتها الدولة على مستوى السياسة المالية والسياسة النقدية منها وجود إعفاءات على القيمة المضافة، ووجود عقود آجلة لمشتريات من مخزون سلع تموينية، إضافة إلى سياسة نقدية استخدمت كل أدوات التيسير النقدية المتاحة لها.
وأكد أن البنك المركزى اتخذ مسارًا جديدا وهو حوكمة وهيكلة عملية الاستيراد داخل السوق المحلية، مشيرًا إلى أن ارتفاع معدلات الاستيراد 3 مرات خلال الشهرنفسه يعد أمرا لا يجب الوقوف أمامه مكتوفى الأيدى، وهو ما دفع البنك المركزى إلى حوكمة تلك العمليات.
وأشار إلى أن «المركزى» لن يرفع الفائدة حتى نهاية العام الجارى، موضحا أن ذلك سيكون له تبعات كثيرة على السوق المحلية.
ولفت إلى أنه لن يكون هناك تأثير كبير من رفع الاتحاد الفدرالى الفائدة على الاستثمار الأجنبى المباشر داخل السوق المصرية، لأنه مازال هناك فارق حقيقى بين العائد على الجنيه المصرى ومعدلات التضخم داخل السوق المحلية المصرية مقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى، إضافة إلى أن الفائدة على أدوات الدين مستقلة عن العائد على الإيداع والإقراض.
وواصل متوسط العائد على أدوات الدين المحلية قصيرة الأجل الارتفاع ، خلال مزادات الأسبوع الماضى، إذ سجل المؤشر الذى يقيس متوسط أسعار الفائدة على أدوات الدين المحلى قصيرة الأجل المتاحة داخل السوق المصرية 12.530 نقطة جمعها من مزادات الأسبوع الماضى مقابل 12.526 فى مزادات الأسبوع قبل الماضى بزيادة قدرها 0.004 نقطة.
وقالت منى بدير محلل الاقتصاد الكلى فى بحوث بنك استثمار برايم إن هناك شكوكا كثيرة حول قدرة الفيدرالى الأمريكى على العودة لمعدلات تضخم مرتكزه حول مستهدفات التضخم الخاصة به عند %2.
وأشارت إلى أن الفيدرالى الأمريكى سيتجه إلى تقليص الميزانية العمومية الخاصة به، مما يؤثر على السيولة الدولارية وبالتالى سيؤثر على مستويات تدفق رءوس الأموال، إضافة إلى أن ارتفاع العوائد فى الولايات المتحدة سيؤثر على تقييم أصول الأسواق الناشئة خاصة فى بيئة ترتفع فيها المخاطر.
وأوضحت أن سياسة التشديد النقدى التى يتخذها البنك المركزى الأمريكى تؤثر على تكلفة الاقتراض للأسواق الناشئة وذلك سيؤثر على قدرتها على تمويل احتياجاتها الخارجية.
وأضافت أن التحركات فى سعر الصرف سيكون لها تأثير مباشر على معدلات التضخم داخل الأسواق الناشئة، إضافة إلى أن الأسواق العالمية تشهد فى الوقت الراهن موجات تضخمية مدفوعة بزيادة أسعار الطاقة والسلع، وذلك سيكون له تأثير على السوق المحلية المصرية، لا سيما أن مصر تتوقع تضاعف معدلات النمو لديها وذلك يولد ضغوطا تضخمية.
وتابعت إن السيناريو الأقرب لدينا أن السياسة النقدية المصرية ستشهد تحركًا خلال العام الجارى وسيكون خلال النصف الثانى من العام الجاري
وقال البنك المركزى فى تعليقه الأسبوعى إن ارتفاع مؤشر الدولار بنسبة (%+0.625)، يرجع إلى حدة التوترات فى أوكرانيا ، وارتفاع مؤشر أسعار المستهلك التى صدرت يوم الخميس، مما زاد من توقعات السوق بحدوث رفع لأسعار الفائدة بشدة فى وقت أبكر مما كان متوقعًا.
وتخطى سعر برميل النفط عتبة المئة دولار، الخميس الماضى، للمرة الأولى منذ أكثر من 7 سنوات، عقب إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن شن «عملية عسكرية» فى أوكرانيا.
وسجل سعر برميل برنت 100.04 دولار مع تنامى المخاوف بشأن حرب واسعة النطاق فى أوروبا الشرقية.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، لأجل عامين للأسبوع الثامن على التوالى، مسجلة زيادة بمقدار 19.2 نقطة أساس لتصل إلى %1.505. وفى يوم الخميس الماضى، ارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل عامين بمقدار 21.6 نقطة أساس، وهو أعلى ارتفاع يومى لها منذ عقد، إذ وصلت إلى %1.582، مسجلة بذلك أعلى مستوى لها منذ يناير 2020. وارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل 5 أعوام إلى 8.6 نقطة أساس، لتنهى بذلك تداولات الأسبوع عند %1.856 بعدما وصلت إلى %1.952 الخميس الماضى، وهو أعلى مستوى لها منذ مايو 2019.
وعلى صعيد عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل، ارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل 10 أعوام، وأجل 30 عامًا بحوالى 3 نقاط أساس، ليصل إلى %1.941.