أعلنت رابطة تمويل وتأجير المعدات والآلات ELFA أن قروض الشركات الأمريكية فى استثمارات رأس المال قفزت بأكثر من %20 خلال مايو الماضى لتتجاوز 8.1 مليار دولار بالمقارنة بنفس الشهر من العام الماضى بفضل تعافى الاقتصاد الأمريكى من الأزمة الصحية مع استمرار تزايد تطعيم السكان وتخفيف قيود البقاء فى البيوت التى تسبب فيها كوفيد 19 معظم الشهور منذ ظهور فيروس كورونا العام الماضى.
ورغم ارتفاع نمو قروض الشركات الأمريكية إلى خانة العشرات خلال مايو للشهر الثانى على التوالى مع تدفق المزيد من هذه الشركات على القروض والتأجيرات والخطوط الائتمانية بالمقارنة بعام الوباء إلا أنها أقل بحوالى %17 من قروضها خلال أبريل الماضى الذى زادت خلاله إلى ما يقرب من 9.8 مليار دولار.
تمويل المعدات والآلات تريليون دولار
وأكد رالف بيتا المدير التنفيذى لرابطة ELFA التى تتخذ من واشنطن مقرا لها أن النشاط الاقتصادى لقطاع تمويل المعدات والآلات يبلغ حاليا حوالى تريليون دولار بعد أن استعاد عافيته من أزمة كورونا عقب إعطاء أكثر من 323 مليون جرعة من اللقاحات للأمريكيين حتى الآن لدرجة أن نسبة الموافقات على القروض التى طلبتها الشركات فى ارتفاع مستمر منذ بداية العام لتتجاوز %77.4 فى مايو وحوالى %76.3 خلال أبريل.
وذكرت وكالة رويترز أن الشركات الصناعية فى الولايات المتحدة سجلت أداء قويا نسبيا خلال النصف الأول من العام الجارى مما ساعد على انتعاش الطلب على التمويل رغم وجود بعض المشاكل الناجمة عن نقص فى سلاسل التوريدات فى بعض القطاعات الصناعية مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية بسبب توقف بعض الشركات العالمية عن إنتاج أشباه الموصلات.
ارتفاع مؤشر ELFA للتأجير والتمويل
وارتفع مؤشر ELFA للتأجير والتمويل الذى يقيس حجم المعدات والآلات التجارية التى يتم تمويلها فى الولايات المتحدة إلى أكثر من 72 نقطة خلال الشهر الماضى وحوالى 71.2 خلال يونيو الجارى ليؤكد تزايد الثقة فى الانتعاش الاقتصادى حيث أن ارتفاع المؤشر عن حاجز 50 نقطة يعنى نظرة مستقبلية إيجابية بينما أقل من هذا الحاجز يعنى انكماشا فى نشاط الشركات الصناعية.
وتعتمد رابطة ELFA فى وضع هذا المؤشر على مسح تجريه كل شهر على 25 شركة وبنكا عالميا من الولايات المتحدة ومن الدول المتقدمة الأخرى ومنها بنك أوف أمريكا وشركة ديل الأمريكية للتكنولوجيا وسيمنز الألمانية لمعدات الطاقة وكانون اليابانية للأجهزة الإلكترونية وفولفو السويدية للسيارات.
قروض بتريليون دولارلمواجهة كورونا
وحصلت الشركات فى أنحاء العالم خلال العام الماضى على قروض اقتربت من تريليون دولار لتواجه تداعيات فيروس كورونا بزيادة غير مسبوقة قفزت بأكثر من %12 ليصل إجمالى ديون الشركات الأوروبية والآسيوية إلى ما يزيد عن 9.3 تريليون دولار بينما ارتفع إجمالى ديون الشركات فى الولايات المتحدة إلى 11.2 تريليون دولار بسبب الجائحة، إذ أن التدنى الشديد لأسعار الفائدة وبرامج شراء السندات التابع لمجلس الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى) أتاح للشركات الاقتراض بشكل كبير للحفاظ على استقرارها وباعت الشركات غير المالية نحو 1.7 تريليون دولار من السندات العام الماضى لتقفز بقيمة إجمالى ديون الشركات الأمريكية إلى ما يقرب من نصف حجم الاقتصاد فى الولايات المتحدة.
وكانت وكالة موديز الأمريكية للتقييم الائتمانى أعلنت فى تقرير حديث صدر هذا الشهر أن الشركات الأمريكية التى تعانى من ديون هائلة تعتمد بدرجة كبيرة على موارد وخامات طبيعية، ولا سيما تلك التى تعمل فى قطاعات البترول والغاز الطبيعى والشحن والتعدين لأن رأس مالها يتعرض لمخاطر طبيعية منها التلوث والاستهلاك المفرط وتغير النظام البيئى والتصحر وفقدان التنوع الحيوى مما جعل وحدة إدارة الاستثمار بشركة اكسا للتأمين تحذر من أنها ستوقف الاستثمار فى الشركات التى تساهم فى تفاقم هذه المخاطر الطبيعية.
ديون مستحقة هذا العام بقيمة 8.3 تريليون دولار
وأشار تقرير وكالة موديز أن هناك شركات أمريكية أخرى تعمل فى قطاعات الأجهزة المنزلية والمنتجات الاستهلاكية المختلفة والملابس تعانى من ديون مستحقة هذا العام بقيمة 8.3 تريليون دولار ولكن تعرضها للمخاطر الطبيعية متواضع نسبيا غير أنه قد يتفاقم مع إتجاهات الحكومات قى الدول المتقدمة لفرض قواعد تنظيمية جديدة للحفاظ على الموارد الطبيعية النادرة ولحماية كوكب الأرض من الملوثات ولاسيما التلوث الهوائى الناجم عن الانبعاثات الكربونية من السيارات والمصانع وغيرها.
وتأسست فى بداية الشهر الجارى وحدة «تاسك فورس للإفصاح المالى» المرتبط بالموارد الطبيعية فى الولايات المتحدة لمساعدة الشركات على تقييم المخاطر والفرص فى استثمار الموارد الطبيعية استعدادا لتجمع العديد من الحكومات فى مؤتمر منظمة الأمم المتحدة عن التنوع البيولوجى فى أكتوبر القادم فى مدينة كونمينج بالصين والذى من المحتمل أن توافق فيه الحكومات على إطار عمل لحماية الطبيعة وتعزيز مواردها.
وترى لوسيا لوبيز خبيرة التقييم الائتمانى بوكالة موديز أن المخاطر المحتملة للشركات والمستثمرين المرتبطة برأس المال الطبيعى كبيرة ومتعددة ومنها على الأقل مخاطر ترتبط بوصف المجتمع الأمريكى للشركات أو المستثمرين بالسمعة السيئة إذا تسببوا فى فقدان التنوع الحيوى وتغيير طبيعة الأرض مما يجعل البنوك والمؤسسات المالية تتجنب منح قروض أو تمويلات لها.
الشركات الأمريكية عليها قروض بتريليونات الدولارات
ومع ذلك تحظى الشركات الأمريكية بعدة تريليونات من الدولارات النقدية التى اقترضتها للنجاة من صدمة فيروس كورونا خلال العام الماضى وحتى الآن ليصل حجم قروضها ما يزيد عن 2.5 تريليون دولار فى أسواق السندات فى عام الوباء حيث كان هذا التمويل ضروريا لبقائها على قيد الحياة فلا تزال الشركات المنكوبة بسبب الوباء، مثل شركات الطيران ومشغلى دور السينما، والفنادق وغيرها تستهلك أموال التمويل على أمل العودة إلى طبيعتها عندما يبدأ الناس فى السفر والتواصل الاجتماعى مرة أخرى.
وأدى وباء كورونا إلى إعلان مايقرب من 350 شركة أمريكية إفلاسها منذ التأكيد على أن كوفيد 19 بات وباء عالميا فى مارس الماضى وحتى نهاية ديسمبر الماضى بسبب الأزمات المالية العميقة التى تعرضت لها هذه الشركات مع تطبيق سياسات الإغلاق والتباعد الاجتماعى التى تبنتها البلاد للسيطرة على الوباء مما جعل هذه الشركات غير قادرة على الوفاء بالتزامتها المالية تجاه الدائنين.
تسبب فيروس كورونا فى زيادة معدلات تقدم الشركات فى الولايات المتحدة بطلبات الحماية من الإفلاس فى عام الوباء بنسبة %172 لتصل إلى 393 شركة أمريكية لتسجل أعلى مستوى منذ مايقرب من 11 عامًا عندما تقدمت 290 شركة للحماية فى عام 2009 بسبب الأزمة المالية العالمية مقارنة مع 144 شركة خلال 2019.
وزارة الخزانة تتوقع اقتراض 2.279 تريليون دولار
وتتوقع وزارة الخزانة الأمريكية اقتراض أكثر من 2.279 تريليون دولار خلال السنة المالية الحالية منها أكثر من 821 مليار دولار خلال الربع القادم ةالأخير من سنة ميزانية 2021 بعد أن اقنرضت حوالى 460 مليار دولار خلال الربع الماضى المنتهى يونيو ارتفاعا من 401 مليار دولار فى الربع السابق المنتهى مارس الماضى، بالمقارنة مع أكثر من 4 تريليونات دولار فى عام الوباء مع استمرار الحكومة الفيدرالية فى الإنفاق على تدابير التخفيف من تداعيات وباء كورونا ومساعدة الشركات والأفراد على سداد قروضهم ومنح إعانات البطالة للعاطلين عن العمل.
وأدى اقتراض وزارة الخزانة وغيرها من الإدارات فى الحكومة الفيدرالية إلى ارتفاع عجز الميزانية إلى أكثر من 3.1 تريليون دولار فى عام الوباء والذى سجل أعلى مستوى فى تاريخه وتوقع ارتفاعه أيضا هذا العام إلى 3.4 تريليون دولار مما يبين ضخامة الدعم الحكومى لمواجهة تداعيات فيروس كورونا خلال عام الوباء وحتى الآن نتيجة الإغلاقات المستمرة للعديد من الشركات والأنشطة الاقتصادية والتى أرغمت الشركات الأمريكية على الاقتراض بأحجام غير مسبوقة.
تزايد ديون الشركات العالمية
وعلى مستوى الشركات العالمية، أدى وباء كورونا إلى تزايد قروض البنك المركزى للشركات اليابانية لتصل قيمتها إلى أكثر من 100 تريليون ين يابانى ( 926 مليار دولار أميركى) لتسجل زيادة قياسية فى الإقراض حتى الآن فى خطوات غير مسبوقة لدعم الشركات المتضررة من الوباء لمساعدتها على استمرار أنشطتها خلال الركود الاقتصادى الذى تشهده البلاد.
وعلى العكس من ذلك تراجع اقتراض الشركات الصينية المملوكة لحكومة بكين هذا العام إلى أدنى مستوى منذ حوالى 10 سنوات بفضل تعاف اقتصاد الصين من جائحة فيروس كورونا حيث استطاعت احتواء الوباء منذ بداية أبريل من العام الماضى برغم أن فيروس كورونا ظهر فيها أصلا منذ ديسمبر 2019 ولكنها تمكنت بتدابيرها المتشددة من عدم انتشاره فى أنحاء الصين.
وتواجه 74 شركة صينية فقط ضغوطا لسداد سندات تستحق قريبا بإجمالى 46.8 مليار دولار وتضم قائمة الشركات المتعثرة ماليا تلك التى أعلنت عن الغموض المحيط بإمكانية سداد ديونها، لكنها لم تعلن توقفها عن السداد، والشركات التى قالت مؤسسات التصنيف الائتمانى إنها تعانى صعوبات فى السيولة النقدية وتراجع وضعها لخفض تصنيفها الائتمانى إلى مستويات أقل.
ومن ناحية أخرى خصص الاتحاد الأوروبى حوالى 1.074 تريليون يورو للتعافى الاقتصادى من وباء كورونا، ولكن يبدو أن تأثير الفيروس أشد، وتواجه الشركات «تسونامى إفلاس» لدرجة أن هيئة مراقبة المخاطر الرئيسية فى الاتحاد الأوروبى تحذر من خطر تعرض منطقة اليورو لموجة إفلاسات قاسية بسبب انتهاء خطط الدعم الحكومية للشركات فى ظل مواجهة تداعيات كوفيد 19 مما يعنى احتمال أن تواجه الشركات أزمة خانقة خلال الفترة المقبلة.
وأعلنت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزى الأوروبى، بأن الشركات قد تكافح من أجل أن تبقى قادرة على الوفاء بالديون رغم اعتمادها على الدعم المالى الطارئ وقد تواجه مخاطر تراكم الديون وبالتالى تهديد من حالات الإفلاس ولاسيما أن الشركات فى منطقة اليورو طالبت بما يبلغ إجماليه 1.5 تريليون يورو (1.82 تريليون دولار) على شكل منح وتأجيلات ضريبية وقروض خلال الوباء.
بيع أدوات دين بقيمة تريليون دولار
بدأ الاتحاد الأوروبى فى تلقى طلبات المستثمرين، مع إطلاق خطته الخمسية لبيع أدوات دين بقيمة تصل إلى تريليون دولار، لتمويل برنامج للمنح والقروض للدول أعضاء الاتحاد، لدعم تعافيها من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة ومن المتوقع أن يجلب الطرح الأول ضمن الخطة، لسندات لأجل 10 سنوات، حصيلة قد تتجاوز 12 مليار دولار، بعد بدء تسعير السندات كما أشادت رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريتسين لاجارد بالبرنامج باعتباره خطة “لتحسين مستقبل أوروبا”.
وإذا كان عدد حالات الإفلاس فى جميع أنحاء أوروبا هبط بحوالى %20 خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر من العام الماضى مقارنة بما كان عليه قبل الوباء إلا أن توقعات المحللين ترى ارتفاعا بنسبة %32 فى حالات الإفلاس فى جميع أنحاء غرب أوروبا خلال العام الجارى وزيادة أكبر تصل إلى %34 فى منطقة وسط وشرق أوروبا بسبب تراجع إجراءات الدعم.
الارتفاع الحاد فى حالات فشل الشركات يشل البنوك
وقال محللون فى المراكز البحثية الأوروبية أن الارتفاع الحاد فى حالات فشل الشركات يمكن أن يشل البنوك فى منطقة اليورو حيث يؤدى ارتفاع حالات التخلف عن سداد القروض إلى إضعاف قدرتها على تمويل الانتعاش لأن تزايد حالات الإفلاس سيقلص قدرة بعض الدول الأعضاء فى الاتحاد على التعافى من صدمة كورونا مما يؤدى إلى تدهور جودة الأصول فى القطاعات المصرفية للدول وإلى عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى الذى قد يمتد إلى بقية دول التكتل الأوروبى.
ولذلك تسعى عدة حكومات فى دول الاتحاد الأوروبى لتخصيص 1.82 تريليون يورو من ميزانيته الحالية فى محاولة جديدة لمساندة الشركات المعرضة للإفلاس بسبب قروضها الضخمة نتيجة تداعيات فيروس كورونا المميت الذى تسبب حتى الآن فى وفاة أكثر من 3.9 مليون ضحية على مستوى العالم وإصابة ما يزيد عن 183.9 مليون حالة برغم تطعيم ما يقرب من 3.2 مليارات جرعة من لقاحات مكافحة الفيروس حتى الآن.