أعلنت رابطة شركات الطيران من أجل أمريكا«A4A» أن 11 شركة طيران أعادت أكثر من 12.84 مليار دولار للركاب مقابل ثمن التذاكر التى اشتروها خلال عام الوباء الذى انتشر فيه فيروس كورونا، مما تسبب فى خسائر فادحة لهذه الشركات نتيجة غلق الحدود بين الدول، وتجميد الرحلات الجوية.
وأكد نيكولاس كاليو الرئيس التنفيذى لرابطة«A4A» فى خطاب أرسله للمشرعين فى الكونجرس الأمريكى أن 11 شركة طيران أعادت للركاب ثمن التذاكر التى دفعوها ولم يسافروا بها خلال العام الماضى – والتى بلغت قيمتها 20 % من إيرادات هذه الشركات – بسبب مرض كوفيد 19 سواء الذى كان وراء إلغاء الرحلات من جانب الشركات، أو من قبل الركاب أنفسهم.
وذكرت وكالة «فوكس بيزنس دوت كوم» أن شركات الطيران الأمريكية تواجه ردود فعل عنيفة من الركاب ومن بعض المشرعين لأنها لم ترد ثمن التذاكر بالسرعة المطلوبة بعد إلغاء الرحلات بسبب الوباء لدرجة أن السناتور إدوارد ماركى، والسناتور ريتشارد بلومنتال عن الحزب الديموقراطى بولايتى ماساشوستس وكونيكتيكت على التوالى طالبا شركات الطيران برد ثمن التذاكر للرحلات التى جرى إلغاؤها خلال عام كورونا.
«بونات» لشراء تذاكر فى المستقبل
وكان كاليو قد اعترف بأن العديد من شركات الطيران شجعت الركاب على قبول بونات يمكن دفعها ثمنا لتذاكر السفر فى المستقبل بدلا من النقود، لنقص السيولة لديها نتيجة الخسائر التى تكبدتها بسبب كورونا، ومساعدتها على تحمل تداعيات الوباء بدلا من إعلان إفلاسها.
وتقدر قيمة هذه البونات من %10 إلى %15 من مبيعات تذاكر شركات الطيران الشهرية، وسط توقعات بزيادتها خلال الشهور القادمة مع تزايد تطعيم السكان بلقاحات كورونا، وإعادة فتح الأسواق والأنشطة الاقتصادية واستئناف رحلات الطيران خلال الصيف الحالى لتعود التدفقات النقدية لشركات الطيران بعد الخسائر القياسية التى تكبدتها العام الماضى.
وقال كاليو فى خطابه للمشرعين أن شركات الطيران تحافظ على التزامها القوى والمستمر تجاه المسافرين طوال عام الوباء وحتى الآن، وأنها سترد بشكل روتينى ثمن تذاكر الطيران للعملاء وفقا لجميع القوانين والقواعد التنظيمية الفيدرالية فى الولايات المتحدة.
107 آلاف شكوى
وكان الركاب الأمريكيون قدموا 107 آلاف شكوى رسمية ضد شركات الطيران منذ مارس 2020 عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا بات وباء عالميا وتتعلق هذه الشكاوى بإعادة الأموال التى دفعوها ثمنا لتذاكر الطيران، ولم يسافروا بها لإلغاء الرحلات الجوية بسبب القيود الحكومية للحد من انتشار العدوى.
وفى المقابل أعلنت العديد من شركات الطيران إنها أعادت للمسافرين مبالغ نقدية كبيرة مع تقليص جداول الرحلات، أو عندما قرر العملاء عدم السفر، غير أن المدافعين عن حقوق المستهلكين وثقوا حالات تعرض فيها بعض العملاء لضغوط حتى يقبلوا اعتمادات للسفر من خلال بونات يمكن استخدامها بدلا من النقد عند شراء تذاكر جديدة فى المستقبل.
وكان المتداول قبل كورونا أنه عندما تلغى شركة طيران إحدى رحلاتها يحق لكل مسافر استعادة نقوده، وعندما يلغى العميل تذكرته فلا يحق له الحصول على النقد ويضطر لقبول رصيد نقدى لاستخدامه فى شراء تذكرة أخرى، ولكن الوباء غير هذه القواعد وقامت العديد من شركات الطيران، مثل «أميركان إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز» بتمديد تواريخ انتهاء صلاحية بعض الائتمانات حتى عام 2022 لاستفادة الركاب من ثمن التذاكر التى تم إلغاء رحلاتها، فى حين امتنعت شركات أخرى عن التمديد.
الكونجرس : 50 مليار دولار دعما لشركات الطيران
قدم الكونجرس الأميركى أكثر من 50 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب لدعم شركات الطيران الأمريكية خلال العام الماضى لتمويل نفقات مرتبات العاملين فى هذه الشركات التى حصلت أيضا على قروض حكومية لتغطية تكاليف أخرى، ورغم ذلك لايوجد مبلغ محدد لمجموع قيمة التذاكر الملغاة أو ائتمانات الرحلات المستحقة، التى انتهت صلاحيتها مؤخرا.
وطالب السناتوران ماركى وبلومنتال شركات الطيران بحذف أى تواريخ لانتهاء الصلاحية من اعتمادات السفر كحد أدنى، ومشيرا بأن سياسات انتهاء الصلاحية والاسترداد المعقدة، إلى جانب المخاوف الصحية المستمرة وقيود السفر تعنى أن المسافرين يتعرضون الآن لخطر فقدان مليارات الدولارات التى اضطروا فعليا إلى إقراضها لشركات الطيران حتى بدون فوائد.
اياتا: 47.7 مليار دولار قيمة الخسائر
تتوقع المنظمة العالمية للنقل الجوى (IATA) هبوط صافى خسائر شركات الطيران العالمية بنسبة 10.4 % فقط خلال العام الجارى من إجمالى الإيرادات لتهبط إلى 47.7 مليار دولار، مع تحسن صافى خسائر عام الوباء التى بلغت ما يزيد عن 126.4مليار دولار بنسبة انخفاض تجاوزت %33.9 عن عام ماقبل الوباء.
ويرى ويلى ولش المدير العام لمنظمة (IATA) أن الأزمة الصحية الراهنة أطول وأعمق من توقعات جميع المحللين، وأن كانت الخسائر هذا العام تقل كثيرا عن مثيلتها العام الماضى، وأن هناك تفاؤلا فى انتعاش الأسواق المحلية المرنة التى تخلو من القيود على السفر داخل الولايات المتحدة التى شهدت تطعيم أكثر من 300 مليون شخصاً من سكانها.
وشدد بأنه رغم سفر 2.4 مليار راكب على الرحلات الجوية خلال العام الجارى، إلا أن شركات الطيران العالمية تتكبد خسائر إجمالية تصل إلى 81 مليار دولار لأن بعض الحكومات مازالت تطبق قيودا مشددة على السفر بين البلاد، مما يقلل الطلب على الرحلات الدولية والسياحة العالمية ويؤخر انتعاش صناعة النقل الجوى حتى الشهور القليلة الأخيرة من هذا العام.
خطط التعافى
وطالب ولش حكومات العالم بوضع خطط للتعافى استعدادا لاستئناف الرحلات الجوية بمجرد انحسار الوباء وفتح الحدود بين الدول، ومشيرا بأن معظم الحكومات لم تقدم حتى الآن أى مؤشرات تبين استعادة الناس لحريتهم فى السفر برحلات الطيران، وأنه مازال هناك 88 مليون وظيفة تدعم صناعة الطيران معرضة للخطر بسب كورونا.
وتحتاج شركات الطيران للمزيد من السيولة النقدية من البنوك أو الأسواق المالية لاستئناف رحلاتها الجوية، وإن كانت هذه القروض تزيد من ديونها بجوالى 220 مليار دولار لترتفع إلى حوالى 651 مليار دولار منذ العام الماضى وحتى نهاية هذا العام، ويشجع ولش الحكومات بتطبيق تدابير تحفيزية لدعم صناعة الطيران واستعادة تعافيه بأسرع ما يمكن.
تدابير تحفيزية لدعم الصناعة
وإذا كانت قيود السفر ومنها إجراءات العزل والحجر قتلت الطلب على السفر بالرحلات الجوية فإن ولش يتوقع انتعاش السفر بالطائرات خلال العام الجارى بنسبة 43 % من مستويات عام ماقبل الوباء، مقابل 26 % عن مثيلاتها خلال العام الماضى، وملمحا بأن الرحلات الداخلية ستتعافى بسرعة أكبر من الرحلات الدولية ليرتفع عدد الركاب المتوقع بالطائرات على مستوى العام من 1.8 مليار شخصا فى عام الوباء إلى 2.4 مليار راكبا تقريبا هذا العام، ومشيرا بأن ذلك يعد أقل بكثير من المستوى القياسى الذى بلغه عام 2019 عندما قفز إلى 4.5 مليار راكب.
الرحلات الدولية انخفضت 86.6 % بسبب الوباء
ومازالت الرحلات الجوية الدولية التى شهدتها الشهور القليلة الأولى من العام الجارى أقل بحوالى 86.6 % من مستوياتها قبل الوباء، غير أنه مع تزايد تطعيم السكان ولاسيما فى الأسواق الأمريكية والأوروبية فإنه من المتوقع أن تزداد الرحلات الجوية العالمية خلال النصف الثانى من العام الجارى لتصل إلى 34 % من مستويات عام 2019.
ويتميز العامان الماضى والحالى بأنماط طلب متناقضة، فقد بدأ عام الوباء قويا وانتهى ضعيفا، بينما بدأ العام الجارى ضعيفا ولكنه يزداد قوة، غير أن محصلة نمو الرحلات الجوية الدولية خلال هذين العامين ستكون زيرو ولكن الرحلات المحلية ستتعافى خلال النصف الثانى من هذا العام بحوالى %96 من مستويات ما قبل الوباء وبحوالى 48 % من أداء العام الماضى.
رحلات السلع والبضائع تتفوق
وتفوقت الرحلات الجوية الخاصة بنقل السلع والبضائع على رحلات الركاب منذ بداية الأزمة الصحية وحتى الآن، ومن المتوقع أن تزداد انتعاشا بقية شهور العام الجارى لدرجة أن الطلب عليها ينمو بأكثر من 13 % ليصل إجمالى حجم البضائع حوالى 63.1 مليون طنا ليقترب من الحجم القياسى الذى بلغه عام 2018 عندما وصل إلى أكثر من 63.5 مليون طنا بالمقارنة بعام الوباء الذى ارتفع خلاله أيضا بحوالى 9 % .
وجاء فى تقرير منظمة IATA الصادر مؤخرا أن الإيرادات المتوقعة هذا العام من شركات الطيران على مستوى العالم تصل إلى حوالى 458 مليار دولار، ولكنها لا تمثل إلا %55 من مثيلتها عام 2019 عندما صعدت إلى أكثر من 838 مليار دولار، وأنها توقفت فى عام الوباء عند 372 مليار دولار.
شركات الطيران تتعرض لأسوأ خسائر
تعرض قطاع الطيران لأسوأ خسائر بين القطاعات الصناعية بسبب القيود التى تم فرضها على الانتقال بين الدول لدرجة أن حصته فى الناتج العالمى انكمشت بحوالى 49 % لتهبط إلى 4.7 تريليون دولار فى عام الوباء، وتسببت فى تسريح 162 مليون عامل فقدوا وظائفهم مع تجميد شركات الطيران العالمية للرحلات الجوية لمدة 13 شهرا عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن كورونا بات وباء عالميا فى مارس من العام الماضى.
وبدأت شركات الطيران تشعر بالانتعاش بعد أن انتشار أنباء عن مفاوضات بين واشنطن وبروكسيل لاستئناف سفر السياح الذين تلقوا تطعيمات من لقاحات مكافحة الفيروس اعتبارا من شهور الصيف هذا العام لدرجة أن كبرى الشركات الأمريكية «يونايتيد ايرلاينز وأمريكان ايرلاينز ودلتا اير» أضافت رحلات جوية جديدة لدول مثل آيسلندا واليونان فى محاولة لاستقبال مسافرين من معظم الدول الأوروبية طالما تم تلقيحهم باللقاحات اللازمة للوقاية من الوباء المميت.
ومن المتوقع استعادة 90 % من طاقة رحلات شركات الطيران التى قامت بها فى عام ماقبل الوباء حيث تخطط لاستعادة %65 من طاقة رحلاتها عبر الأطلنطى بفضل الجهود الدولية، ومنها المفوضية الأوروبية التى أوصت حكومات الدول الأعضاء بتخفيف القيود على السفر اعتبارا من شهر يونيو الحالى لتعزيز صناعة الطيران المتعثرة .
أوروبا أكبر خسائر … وأمريكا أقلها
أما بالنسبة لمناطق العالم فقد تكبدت أوروبا أكبر خسائر هذا العام لترتفع إلى22 مليار دولار، لأنها تعتمد أساسا على الرحلات الدولية ورحلاتها المحلية لا تمثل إلى %11 من إجمالى حركة الركاب، بينما الخسائر فى أمريكا الشمالية توقفت عند 5 مليارات دولار فقط لأن 66 % من رحلاتها تطير بين مدن الولايات، ومنطقة آسيا الباسيفيكى بلغت خسائرها خلال نفس الفترة 10.5 مليار دولار حيث تبلغ حصة رحلاتها المحلية حوالى 45 % من إجمالى الرحلات الجوية.
كما استفادت شركات الطيران فى أمريكا الشمالية من السرعة التى تمت بها تطعيم سكانها هذا العام حتى الآن ليزداد الطلب على الرحلات المحلية، ولاسيما فى الولايات المتحدة التى تشهد نموا قويا فى اقتصادها مما ساعد على زيادة الطلب على نقل البضائع والسلع بالطائرات لتنكمش خسائرها إلى أقل مستوى بين مناطق العالم فتهبط إلى 2.7 % من إجمالى الإيرادات بالمقارنة بحوالى 26.8 % العام الماضى.
22.2 مليار دولار خسائر «الأوروبية»
وتعتمد شركات الطيران الأوروبية بدرجة كبيرة على إيرادات ركاب الرحلات الدولية لتصل خسائرها هذا العام حوالى 23.9 % أو ما يعادل 22.2 مليار دولار من إجمالى إيراداتها خلال خمسة شهور الأولى من العام الجارى، مقابل 43 % أو 34.5 مليار دولار فى عام الوباء لأن الرحلات الدولية التى تمثل %89 من الإجمالى تأثرت سلبا مع تباطؤ تطعيم سكان القارة العجوز لنقص اللقاحات، وانخفاض عدد الأسواق الدولية التى فتحت أبوابها ومازالت تطبق قيود كورونا لمنع انتشار العدوى.
وتشهد شركات الطيران فى منطقة آسيا الباسيفيك رحلات محلية بنسبة 45 % من إجمالى إيرادات الرحلات الجوية بين دول المنطقة، ولاسيما الصين التى حققت انتعاشا قويا فى اقتصادها وقوة الطلب على نقل البضائع لدرجة أن الخسائر التى تتعرض لها شركات الطيران فى المنطقة تحسنت من %31.1 أو ما يعادل 35 مليار دولار من إجمالى الإيرادات فى 2020 إلى 8.8 % أو 10.5 مليار دولار هذا العام.
الشرق الأوسط ينتعش مع سرعة التطعيم
ومن المتوقع أن تشهد شركات الطيران فى منطقة الشرق الأوسط انتعاشا واضحا هذا العام مع سرعة تطعيم العديد من الأسواق المحلية، ولاسيما فى منطقة الخليج العربى وسط توقعات بأن تقل خسائرها هذا العام إلى 13.8 % أو 4.2 مليار دولار من إجمالى إيرادات شركات طيرانها، بالمقارنة مع %28.9 أو ما يعادل 7.9 مليار دولار فى عام الوباء، ولكنها قد تواجه بعض المتاعب من بعض الاقتصادات الناشئة التى ترتبط بالمراكز التجارية الكبرى فى منطقة الخليج، ولاسيما الهند التى تعانى من ارتفاع عدد الإصابات بمرض كورونا طوال شهر مايو الماضى والذى بلغ أكثر من 29 مليون حالة لتتصدر قارة آسيا، وتحتل المركز الثانى على العالم بعد الولايات المتحدة.
«المحلية» تستعيد نشاطها فى أمريكا اللاتينية
وتتمتع أيضا أمريكا اللاتينية بنسبة كبيرة من الرحلات المحلية والتى تبلغ 48 % من إجمالى إيرادات الرحلات الجوية الدولية، ولاسيما فى البرازيل التى ستقل خسائرها بحوالى الثلثين هذا العام لتنزل إلى 20.4 % أو 4 مليارات دولار من إجمالى إيراداتها بالمقارنة مع 80 % أو 11.9 مليار دولار فى عام الوباء، رغم أنها مازالت تحتل المركز الثالث بعد أمريكا والهند فى عدد الإصابات التى زادت إلى 17 مليون حالة والوفيات لأكثر من 473 ألف ضحية حتى الآن لتتصدر دول أمريكا اللاتينية فى عدد المرضى والوفيات من كورونا.
مليارى دولار خسائر.. القارة السمراء تعانى
تعانى شركات الطيران فى أفريقيا من هبوط الرحلات الدولية بسبب تباطؤ تطعيم سكان الدول فى القارة السمراء والنمو الضعيف نسبيا فى اقتصادها وانخفاض حصة الرحلات المحلية التى لا تتجاوز 14 % من إجمالى الرحلات الجوية، ولكن صافى خسائرها سيتحسن من 32 % من إجمالى الإيرادات خلال العام الماضى إلى 24 % هذا العام أو مايعادل مليارى دولار إلى 1.7 مليار دولار على الترتيب.
كورونا تحصد 3.7 مليون ضحية
بلغت الحجوزات على شركات الطيران العالمية خلال الصيف الحالى 20 % بالمقارنة بنفس الفترة من عام 2019 قبل اندلاع وباء فيروس كورونا، ويتوقع الخبراء استمرار انخفاض الرحلات الجوية حتى نهاية الربع الثالث من العام الجارى على الأقل مع تفاقم الإصابات من مرض كوفيد 19 التى قفزت إلى أكثر من 173 مليون حالة، ووفاة ما يزيد عن 3.7 مليون ضحية على مستوى العالم، برغم تطعيم أكثر من 2.1 مليار شخصا حتى الآن بلقاحات مكافحة فيروس كورونا.