أكد الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ، أهمية تحرير سعر الصرف لإنعاش الاقتصاد الوطني ، واستكمال ملف الطروحات الحكومية المتوقف بسبب وجود سعرين للدولار ، مضيفا أن انخفاض معدلات التضخم علي مدار الثلاث أشهر الأخيرة تدعو للتفاؤل في استمرار انخفاضه خلال الفترة المقبلة ليصل إلي 35%.
وعن المؤشرات الأولية لمشروع الموازنة الجديدة ، وأهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري ورؤيته للأزمات الراهنة كان لـ”المال” هذا الحوار:
سعر الصرف وراء تباطؤ الطروحات الحكومية
في البداية، أكد الدكتور فخري الفقي على أهمية تحرير سعر الصرف بالنسبة للاقتصاد الوطني ، لاستكمال ملف الطروحات الحكومية التي تعاني من التباطؤ الشديد بسبب وجود سعرين للدولار مقابل الجنيه ،مشيرا إلى أن ما يقرب من 50 أصلا و شركة تم طرحهم للقطاع الخاص أو للمشاركة مع الحكومة ولكن توقف الأمر بسبب تعدد و ازدواجية سعر الصرف.
وشدد الفقي علي ضرورة أن يكون هناك سعر صرف واحد ثم مرونة هذا السعر للقضاء علي وجود سعرين أحدهما رسمي وآخر بالسوق الموازية ( السوق السوداء) وهي مهمة الحكومة والبنك المركزي اللذان يعملان يدا بيد علي تحقيق هذا الأمر.
ولفت إلى أن توحيد السعر وربطه بمؤشر الجنيه الذي اقترحه البنك المركزي لقياس أداء العملة المصرية مقابل العملات الأخرى ، سيضمن عدم تذبذ سعر العملة إلا في حدود ضيقة للغاية وبالتالي استقرار المؤشرات الاقتصادية إلى حد كبير.
وشدد الفقي على ضرورة تحرير سعر الصرف لإنعاش الإقتصاد المصري ، لأن وجود سعرين للدولار أثر سلبا على تحويلات المصريين بالخارج ، و إيرادات السياحة إلى جانب عدم القدرة علي جذب استثمارات أجنبية مباشرة وهو ما يؤثر في النهاية على حصيلة النقد الأجنبي لمصر.
وتابع: “مسألة توحيد سعر الصرف رغم أهميتها البالغة ، إلا أن تحقيقها يحتاج إلى عدة متطلبات ضرورية حتى تتمكن الدولة من تنفيذه وإن لم تتوفر فلن تقوم بتلك الخطوة حرصا علي الأمن القومي في هذه الحالة”.
«معايرة الدخول» الأنسب مع ارتفاع الأسعار والحكومة تطبقه حاليا
وتطرق رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب لأزمة ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم ، مؤكدا أن نظام “المعايرة للدخول” هو الأنسب خلال الفترة الحالية ، وهو نظام تم تطبيقه في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة السبعينيات عندما ارتفعت معدلات التضخم ،موضحا أن “المعايرة” تقوم علي زيادة المعاشات والمرتبات كلما ارتفعت معدلات التضخم وليس بالضرورة أن تكون بنفس النسبة ولكن بنسب معقولة وهو ما تراعيه الحكومة بالفعل في الوقت الحالي.
وأشار الفقي إلى أن الأزمات العالمية بما تشمله من الحرب الروسية الأوكرانية ، بالإضافة إلي توتر الأوضاع الإقليمية في ليبيا والسودان وغزة وخلافه انعكست تداعياتها علي مصر بشكل كبير ، ونتج عنها زيادة في الأسعار .
الأزمات العالمية والإقليمية جعلت من مصر اقتصاد “مضاربة”
وأوضح رئيس خطة النواب أن في وقت الأزمات، عادة ما يتحول الإقتصاد بصفة عامة في أي دولة إلي إقتصاد “مضاربات” ، وهو ما يجعل الحكومة غير قادرة علي السيطرة علي الأسعار مهما كانت قوة أجهزتها الرقابية لأنها لن تكون رقيبة علي الجميع، ولكن حال هدوء الصراعات الدولية والإقليمية المحيطة بمصر ، بالتزامن مع سيطرة الدولة علي التحديات الثلاثة التي يواجهها الاقتصاد الوطني وهي الغلاء والمعروف اقتصاديا بـ”التضخم” ،والثاني تحرير سعر الصرف ومرونته إلي جانب الحماية الاجتماعية سيعود الاقتصاد إلي طبيعته المعتادة بعيداً عن المضاربات .
انخفاض مرتقب لمعدلات التضخم
وأشار إلى أن بمتابعة معدلات التضخم نجدها في إنخفاض مستمر وهذا أمر مبشر، لافتا إلى أن علي مدار الشهور الثلاثة الاخيرة ، لوحظ انخفاض معدلات التضخم منذ سبتمبر الماضي ليصل إلى 39.7 % ،مقابل 40.4% في أغسطس الماضي ، ثم انخفض في أكتوبر إلى 38.1% ، ليسجل في نوفمبر 36.4% .
وتوقع الفقي أن يستمر التضخم في الانخفاض بحيث يصل إلى 34 أو 35% خلال يناير الجاري .
وأرجع رئيس الخطة والموازنة بمجلس النواب أسباب انخفاض معدلات التضخم لهذه المستويات لما تبذله الحكومة من جهود لتثبيت سعر الصرف الرسمي واستمرارها في شراء وتوفير السلع الأساسية التي تمس شريحة عريضة من المواطنين والبسطاء في مصر، إلى جانب تعاون الحكومة مع وزارة المالية لإعفاء 7 سلع أساسية من الجمارك والرسوم لضمان إنخفاض معدلات التضخم و تخفيفا للأعباء المعيشية علي المواطنين .
ونوه إلى أن وجود سعر صرف بـ31 جنيها والتمسك به ، على الرغم من ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية ووجود فارق بينهما يتسع مع مرور الوقت ، إلا أنه السبب في هذا هو حرص الدولة علي فتح الإعتماد للسلع الأساسية كالقمح والأدوية و المنتجات البترولية حرصا علي توفير احتياجات المواطنين الأساسية.
جهود الدولة لمراعاة البعد الإجتماعي
وعن جهود الدولة فيما يخص البعد الأجتماعي، أكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب مراعاة الحكومة للبعد الإجتماعي في الفترة الماضية مع إرتفاع الغلاء بدرجة كبيرة ، لافتا إلي قيامها بزيادة المرتبات و المعاشات وبرامج الحماية الإجتماعية ومنظومة رغيف العيش والسلع التموينية ،بالإضافة إلي المبادرات الرئاسية ورفع حد الإعفاء الضريبي وخلافه حرصا علي المواطنين ومساندتهم علي غلاء المعيشة في ظل الأوضاع الإقتصادية الراهنة .
موازنة 24/25
وعن المؤشرات الأولية لموازنة العام المالي 2024-2025، توقع الفقي استمرار جهود الحكومة في تحقيق الإستقرار الإجتماعي عند إعدادها الموازنة الجديدة ، و زيادة تقديرات الباب الأول الخاص بالأجور ، بالإضافة إلى الباب الرابع الخاص بالدعم والمنح والمزايا الاجتماعية و فض التشابكات الخاصة بين المالية والتأمينات الاجتماعية وزيادة القسط الذي تسدده المالية للهيئة سنويا بنسبة 6% وهو ما ينعكس علي زيادة المعاشات أيضا .
وأعرب عن آمله في زيادة مخصصات الاستحقاقات الدستورية الخاصة بالتعليم والصحة والبحث العلمي عن النسب الدستورية والمقدرة بـ 10% من الناتج القومي الإجمالي بمشروع الموازنة القادمة .