شارك اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في فعاليات الجلسة الافتتاحية من الملتقى الدولي الأول لبنك التنمية الجديد في مصر، الذي يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال يومي ١١ و١٢ يونيو الجاري، بالعاصمة الإدارية الجديدة، ويحمل شعار: “استكشاف آفاق جديدة”.
وحظي الحدث بتواجد وفدٍ رفيع المستوى من البنك، برئاسة ديلما روسيف، رئيس بنك التنمية الجديد، وبحضور جانب كبير من الوزراء، والسفراء، والبرلمانيين، ورؤساء وممثلي الهيئات والمؤسسات الدولية والاقليمية، وممثلي شركاء التنمية، والخبراء الاقتصاديين، وممثلي مجتمع الأعمال والقطاع الخاص، وممثلي مراكز الأبحاث الدولية والاقليمية.
وفي مستهل كلمته في الجلسة الافتتاحية، نقل رئيس الوزراء إلى الحضور، تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتمنياته بأن يكون هذا المحفل الهام مثمراً وبناءً لخدمة كافة الدول الأعضاء في تجمع البريكس وبنك التنمية الجديد.
وأعرب رئيس الوزراء عن اعتزازه باختيار بنك التنمية الجديد لجمهورية مصر العربية لتكون أول دولة من أعضاء البنك، يُعقد بها ذلك الملتقى رفيع المستوى والأول من نوعه، بهدف استعراض أنشطة البنك المختلفة التي يتيحها؛ سواء من خلال نوافذ تمويلية مُيسرة، أو دعم التعاملات بين الدول الأعضاء بالعُملات المحلية، والتعريف بآليات دعم القطاع الخاص؛ مثل المشاركة في رأس المال، وتقديم التمويل الميسر، والدعم الفني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
واعتبر الدكتور مصطفى مدبولي أن عقد الملتقى يُمثل فرصة مواتية لعرض أهم المبادرات التنموية في مصر، وأوجه التقدم المُحرز في إطار التنمية المجتمعية ومكافحة الفقر، وتشييد البنية التحتية، وكذلك جهود الحكومة لدعم القطاع الخاص.
وتطلع لعقد حوار فاعل ومثمر حول الدور الهام للشراكات الاقتصادية جنوب – جنوب، وبخاصة “مجموعة البريكس+” في تحقيق الأهداف التنموية الوطنية، ضمن إطار إستراتيجيات تُحقق المصلحة للجميع؛ مع تعظيم الاستفادة من الاستثمارات في استراتيجيات التنمية المستدامة.
وأكد رئيس الوزراء أن الملتقى يأتي في مرحلة دقيقة للغاية على خلفية تطورات إقليمية ودولية خطيرة، كان لها أثرها السلبي على العديد من اقتصاديات الدول الكبرى، والدول الأقل نموًا على حد سواء، الأمر الذي يضيف أهمية كبرى للدور المنوط ببنك التنمية الجديد لدعم الدول الأعضاء في تنفيذ خططها التنموية في ظل التراجع في سُبل الحصول على التمويلات المُيسرة، وانخفاض التصنيف الائتماني للدول نتيجة لارتفاع المخاطر، وعدم نجاح النظام الدولي الحالي بآلياته القديمة في مواجهة تلك التحديات.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أنه مع التفهم الكامل للتحديات الدولية، والحاجة للمزيد من الجهود لإصلاح منظومة الحوكمة في النظام المالي العالمي، فهناك يقين بأنه من خلال تضافر جهود الدول الأعضاء والبنك، سيتم تجاوز الأزمات الحالية والوصول إلى نظام دولي أكثر عدالة وإنصافاً.
وأعرب عن التطلع بمزيد من الأمل؛ إلى الخطط المستقبلية للبنك، لتحفيز التعاملات بالعملات المحلية، والاستفادة من الآليات المبتكرة، والضمانات، والدعم الفني، الذي يتيحه البنك للقطاعين الحكومي والخاص، والمساهمة في إصلاح الهيكل المالي العالمي لإيجاد بيئة دولية أكثر دعمًا للاقتصاديات الناشئة والدول النامية.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن مصر سعت الفترة الماضية لمواجهة الأزمة العالمية وما فرضته من تحديات من خلال اتخاذ خطوات إصلاحية عميقة وحاسمة، لخفض التضخم، وتقليل نسبة الدين من إجمالي الناتج المحلي، ودعم مرونة الاقتصاد المصري عبر زيادة تنوع هيكله الإنتاجي وزيادة الصادرات وترشيد الواردات، بالتوازي مع دعم قدرات القطاع الخاص في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، وإصدار قانون المنافسة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير الحماية للفئات محدودة الدخل، فضلاً عن توفير مناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكد رئيس الوزراء أن هذه التطورات الإيجابية أسهمت في تعديل وكالات التصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر السيادي من “مستقرة” إلى “إيجابية”، مدعومة بتراجع مخاطر التمويل الخارجي على المدى القريب بسبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة والانتقال إلى سياسة سعر صرف مرنة.
وأضاف مدبولي أن حكومة جمهورية مصر العربية اتخذت توجهاً منفتحاً على كافة دول العالم ومؤسساته المالية دون تمييز أو تفضيل، لافتاً إلى أن التوجه الاستراتيجي لمصر نحو مجموعة البريكس وبنك التنمية الجديد لا يجب بأي حال من الأحوال تفسيره بأنه مُعادٍ لأية جهة، أو أنه في إطار السعي لمواجهة النظام القائم، مؤكداً أن هذا التوجه الاستراتيجي إنما يهدف للعمل على المديين المتوسط والطويل من أجل إصلاح النظام الحالي الذي كان قد تم بناؤه انطلاقاً من معطيات لم تعد واقعية.
وتابع رئيس الوزراء أن مصر ترى أن إنشاء بنك التنمية الجديد كان ضرورة حتمية لمعالجة أوجه القصور الحالية، وتسهيل النفاذ للتمويل الميسر دون توسيط معايير مجحفة وغير منطقية، مؤكداً أن انضمام أعضاء جُدُد للبنك، وتوسيع عضوية مجموعة بريكس سيساهم في تحقيق التوازن المأمول في النظام النقدي العالمي ويعطي ثقلاً دولياً للبنك، خاصة أن عدداً من الدول المُنضمة حديثاً تمتلك صناديق سيادية كبيرة، ومن كبار منتجي الطاقة، الأمر الذي سيُعزز من قدراته التمويلية وتوسيع عملياته في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا، كما أن تواجد ثلاثة من منتجي الحبوب الرئيسيين في العالم سيُعزز الأمن الغذائي العالمي.
كما أكد رئيس الوزراء، خلال كلمته، أنه في ضوء المشاركة الرفيعة التي لمسها اليوم، فإنه على يقين بأن الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد في مصر سيشهد حواراً متميزاً وبناءً، وأفكاراً مُبتكرة، تساهم في تحقيق ما نصبو إليه من رخاء ونمو.
وأعرب عن تمنياته ل روسيف بزيارة مثمرة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس غداً، للاطلاع خلالها على ما تم إنجازه من نجاحات، وكذا تمنياته لبنك التنمية الجديد بالمزيد من النجاحات، آملاً أن نشهد يوماً إنشاء أول مكتب إقليمي للبنك هنا في العاصمة الإدارية الجديدة، ليكون بوابة البنك إلى أفريقيا وأوروبا وآسيا.
وخلال فعاليات الجلسة الافتتاحية، شاهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، فيلما تسجيليا حول دور بنك التنمية الجديد في تعزيز جهود التنمية في الدول الأطراف، كما استمع إلى كلمة ديلما روسيف، رئيسة بنك التنمية الجديد، التي قدمت في مستهلها الشكر للحكومة المصرية على تنظيم هذا الملتقي، الذي يتم عقده لأول مرة، ويأتي كخطوة باتجاه افاق جديدة للتعاون بين البنك ومصر.
وأكدت ديلما روسيف، أهمية تعزيز قدرة اقتصادية وتنموية للدول الاعضاء، ومحاربة الفقر، وزيادة القدرة على مواجهة الصدمات العالمية، مشيرة إلى أن الدول الأعضاء لديها امكانات كثيرة يجب استثمارها، قائلة: “دول البريكس لديها قدرات تنموية كبيرة، والمشاركة والتعاون بين تلك البلدان تزيد من قدراتها وتدعم خططها، كما أنها تساهم في مضاعفة حركة التجارة، وتحقيق فائدة بخاصة للاقتصادات الناشئة”.
ونوهت ديلما روسيف إلى أن الآليات التي ينتهجها البنك تساعد الدول في حل المشكلات التي تواجهها، مضيفة: ما زال الطريق صعبا، ولكننا مستمرون في نهج المشاركة، حتى تحقيق الأهداف المرجوة.
وأشارت ديلما روسيف إلى دور مصر المهم في الاقتصاد العالمي، وذلك بالنظر لموقعها المتميز، وباعتبارها بوابة لقارتي أفريقيا وأسيا، مؤكدة دعم البنك لها بقوة خلال الفترة القادمة.
كما تطرقت لأهمية قناة السويس، وما تتيحه من مقومات وميزة للتجارة، موضحة أن مصر من أكثر الدول الصناعية في أفريقيا، وتتمتع بوجود عمالة ماهرة، وأنه بتوسعات قناة السويس والمنطقة الاقتصادية ستشهد تطوراً وجذبا لمزيد من الاستثمارات، وبخاصة للقطاع الصناعي، مؤكدة أن تعاون مصر مع دول البريكس سيكون فاعلا.
وأضافت أن قيام الحكومة باستكمال بناء العاصمة الإدارية الجديدة، يوضح قدرتها على التطور، ومصر لديها رؤية شاملة للتنمية، وتحويلها لاقتصاد قادر على المنافسة، مؤكدة أن الشراكة بين مصر والبنك ستدعم خطط مصر التنموية وتحقق الرخاء للشعب المصري، قائلة:” اولوياتنا قائمة على أولويات الدول الأعضاء”.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن البنك يتشرف بدعم مصر في تنفيذ رؤيتها التنموية التي تحظى برعاية القيادة المصرية، وتتماشى مع أهداف البنك.. في المشاريع التي توليها الحكومة أولوية على اجندتها في القطاعات المستهدفة وطنيا، قائلة:” بالمشاركة قادرون معاً على تحقيق مستقبل أكثر تكاملا وتنمية”.
وخلال كلمته، استعرض الدكتور محمد معيط، وزير المالية، عدداً من مؤشرات الموازنة العامة الجديدة فيما يخص قطاعات التنمية والخدمات التي تمثل داعماً للاستثمار، مؤكداً التزام الحكومة بتحقيق أهداف التنمية بمختلف القطاعات.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، في كلمتها، إلى أهمية انعقاد هذا الملتقي، في هذا التوقيت، وإلى دوره في دعم وتعزيز خطط مصر التنموية، والتي تأتي في إطار أهداف بنك التنمية الجديد ومساعيه الجادة في هذا الصدد.
وأكدت أهمية الملتقي في فتح افاق جديدة للتعاون الاقتصادي، واتباع آليات جديدة ومبتكرة لتعزيز اقتصاديات الدول الأعضاء، بالإضافة إلى دوره في تعريف مجتمع الأعمال بآليات البنك، مستعرضة خلال كلمتها فرص النمو في مصر.
وفى مستهل كلمته قدم ناند كيشور سينغ، رئيس اللجنة المالية الخامسة عشرة، رئيس معهد النمو الاقتصادي بالهند، الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على دعمه ورعايته للمنتدى، مؤكدا أن فترة الرئيس السيسي مثلت نقطة تحول ساهمت في وصول العلاقات بين مصر والهند الى قدراتها الكامنة، وهي علاقات تاريخية مهمة.
وأشار ناند كيشور سينغ، إلى دور الملتقي وأهميته في تعزيز خطط الدول الأعضاء ودفعها نحو النمو، والبحث عن افاق جديدة في هذا الإطار، مستعرضا قدرات البنك ومجالات وفرص تعاون الهند معه، وما تحقق من ثمار نتيجة لهذا التعاون.
كما استعرض ناند كيشور سينغ عدداً من التحديات التي يجب العمل على تذليلها لتحقيق الأهداف المرجوة، وبعض الجوانب التي يجب مراعاتها من جانب الدول الأعضاء، مؤكدا أن تجمع البريكس يمكن ان يلعب دورا هاما في العديد من المبادرات التنموية، مشيرا إلى أهمية التوقيت الذي يعقد فيه هذا الملتقي، قائلا: “يأتي انعقاد الملتقي في وقت بالغ الأهمية.. وسط تحديات تتطلب تحركا سريعا وآليات مبتكرة”.
وحضر رئيس الوزراء، فعاليات جلسة حوارية حول “البريكس”، جمعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وناند كيشور سينغ، رئيس اللجنة المالية الخامسة عشرة، رئيس معهد النمو الاقتصادي بالهند.
تجدر الإشارة إلى أن الملتقى الذي ينظمه بنك التنمية الجديد في مصر بالتنسيق مع وزارة التعاون الدولي، يمثل فرصة للتعريف بعمليات البنك، وسبل معاونة الحكومة والقطاع الخاص في الاندماج بالعمليات التنموية، ومناقشة إمكانية التعاون المستقبلي بـين أعضاء تجمع البريكس الحاليين والجـدد لتعظيم اسـتفادة مصـر مـن الانضمام إلى تجمع البريكس وإلى بنك التنمية الجديد.
ويشهد الملتقي على مدار يومي انعقاده مناقشات جادة حول محاور النمو والاستثمار، ويتضمن عدة جلسات يعرض خلالها بنك التنمية الجديد الأدوات المالية المبتكرة التي يمكنها تسريع التقدم، وتتناول الجلسات الجهود الاستراتيجية التي تبذلها مصر لتصبح مركزا اقليمياً ودولياً للنقل والخدمات اللوجستية، فضلاً عن زيادة التعاون بين بلدان الجنوب. ويهدف التنوع الكبير للمتحدثين إلى تقديم رؤى شاملة حول التحديات والفرص في مجالات تمويل التنمية والبنية التحتية والتعاون الدولي.
وتشمل جلسات المؤتمر محاور: خطة مصر متعددة الأبعاد نحو النمو والاستثمار، في ضوء امكاناتها، ودور بنك التنمية الجديد في حشد الاستثمارات لاستراتيجيات التنمية في مصر، ومستقبل مصر كمركز للربط بين قارات العالم، وكذا كمركز للربط بين قارات العالم من خلال استكشاف امكاناتها ورؤية الحكومة في التطور كمركز للربط.
إضافة الى دفع التنمية العالمية من خلال التعاون جنوب – جنوب.
ويعد البنك أحد أدوات تطوير التعاون الاقتصادي بين الدول المساهمة فـي رأس ماله، حيث يولي اهتمامًا خاصًا بمجالات مثل تسهيل نقل التكنولوجيا، وتعزيز الابتكار، وحل مشكلات أمن الغـذاء والطاقة، وتطوير البنية التحتية المستدامة، ودعم التنمية.
ويدعم البنك المشاريع العامة أو الخاصة مـن خلال القـروض والضمانات والمشاركة في رأس المال والأدوات المالية الأخرى؛ فضلًا عن تقديم المساعدة الفنية للمشاريع التي يدعمها ومنها مشروعات تمثل أولوية للاقتصاد المصري وفـي مقدمتها: مشروعات النقل، والمياه والصـرف الصحي، والطاقة النظيفة، والبنية التحتية الرقمية، والتنمية الحضرية.