يتطلع قطاع عريض من المصدرين خلال الفترة المقبلة للعمل على زيادة معدلات التصدير لبعض الأسواق الخارجية، بعد تحرير سعر الصرف بشكل كامل، وذلك للاستفادة من فروق العملة، كونها فرصة كبيرة لتنشيط حركة الصادرات، خاصة فى ظل توافر العديد من الاتفاقيات الموقعة بين مصر وبعض الدول الأوروبية والأفريقية والعربية، التى دخلت حيز التنفيذ منذ سنوات.
وتتزايد مطالبات العديد من المصدرين للجهات المعنية فى الدولة بإزالة بعض المعوقات التى قد تحول دون زيادة بعض الصادرات، ومنها توحيد جهات الإشراف والرقابة وتخفيض الرسوم لدعم التنافسية فى الأسواق الخارجية، وذلك بهدف الاستفادة من قرار البنك المركزى بتحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى، ليكون خاضعًا لميزان قوى العرض والطلب، فى إطار ما يعرف بنظام الصرف المرن.
وقال بحيرى أحمد بحيرى، رئيس مجلس إدارة شعبة المصدرين والتجارة الخارجية فى الغرفة التجارية فى الإسكندرية، إن أنشطة التصدير أحد أهم مصادر الدخل القومى الرئيسية لمصر، وأحد الأضلاع الثلاثة لمثلث جذب العملة الصعبة للبلاد، لافتًا إلى أن الفترة المقبلة تحتاج لتقديم تسهيلات كبيرة للمصدرين والشركات التى تعمل فى نشاط التصدير.
وأضاف «بحيرى» فى حواره لـ«المال»، أن قرار تحرير سعر الصرف عبر تطبيق نظام الصرف المرن الذى تم اتخاذه فى الفترة الأخيرة سيكون فى صالح المصدر إذا تم تنفيذه، كما تم الإعلان عنه بشكل كامل ويترك للعرض والطلب دون أى تدخلات من الدولة أو البنك المركزى.
واعتبر «بحيرى» أن عددًا كبيرًا من المصدرين يعلق الآمال على تحقيق طفرة تصديرية الفترة المقبلة، عقب تحرير سعر الصرف، استغلالًا لهذا القرار، شريطة تهيئة الأجواء لعملهم.
وأشار إلى أن نسبة من المصدرين المصريين بطبيعتهم مجازفون، ويقومون بالمخاطرة فى سبيل تحقيق أرباح، إلا أن هذه المخاطرة والمجازفة بالأسواق الخارجية يجب ألا تصطدم ببعض المعوقات التى تضعها جهات رسمية فى الدولة، وتؤدى لتحجيم نشاطهم، وتحد من حركة نفاذ الصادرات لبعض الأسواق.
ولم يستبعد «بحيرى» أن تؤدى سياسة سعر الصرف المرن التى تم اتخاذها فى الفتره الأخيرة إلى المساهمة فى تنشيط حركة الصادرات المصرية من بعض المنتجات إلى أسواق شهدت تراجعًا فى الآونة الأخيرة.
وأوضح أن عددًا من المصدرين يستعدون للانطلاق فى بعض الأسواق الخارجيه، لكنهم أحيانًا يجدون نفسهم مكبلين نتيجة سداد بعض الرسوم الإضافية التى يتم فرضها، وبالتالى تنعكس على تكلفة المنتجات، ما يؤثر على ثمن البيع فى الخارج.
واقترح «بحيرى» أن يتم رفع الأعباء عن المصدرين، منها على سبيل المثال تسهيل تحصيل الضريبة المستحقة عليهم، بأن يتم تحصيلها عند التصدير ولا تتم المحاسبة عنها بعد 5 سنوات، والتى نتيجة لهذه المحاسبة فى بعض الأحيان تتراكم مديونيات وفوائد تفوق مبلغ ربط الضريبة على المصدر ويتكبد أموالًا كبيرة إضافية.
وأشار إلى أن هدف الدولة بتحقيق صادرات سنوية تصل إلى نحو 100 مليار دولار يتطلب تدعيم المصدر للحفاظ على موارده المالية لاستثمارها بشكل أمثل، وتوجيهها فى الحصول على البضائع وشحنها للأسواق الخارجية.
وأوضح أن تسهيل هذه العمليات يكون عبر تذليل كل العقبات بعدة وسائل أهمها، وليس كلها، أن يتم تخفيف الأعباء، ومنها فى مجال السلع الزراعية نظام التكويد والذى تم تطبيقه قبل عامين.
ولفت إلى أن هذه الاشتراطات أدت إلى أعباء مالية إضافية يتحملها المصدر، وبالتالى تضاف على تكلفة السلع التى يتم توجيهها وتصديرها لإعادة بيعها فى أسواق خارجية، ما يؤدى إلى زيادة أسعارها فى تلك الأسواق فى ظل وجود منافسة من دول أخرى تنتج سلعا مشابهة لها، وتقوم بتصديرها لنفس الدول.
واعتبر «بحيرى» أنه فى ظل تعدد الجهات المشرفة على العملية التصديرية، والتى تتعدد معها المصروفات الإضافية التى يتحملها المصدر، فإن هناك بعض المنتجات والأراضى الزراعية ربما لا تحتاج للتكويد، وأن هذه الخطوات بمثابة مصروفات إضافية ليس لها داعٍ فى بعض الأحيان.
وأكد «بحيرى» أن تلك الجهات تشمل الفحص فى الهيئة القومية لسلامة الغذاء والفحص فى الحجز الزراعى وغيرها ما يؤدى لزيادة الأعباء، وبالتالى ارتفاع تكلفة السلع التى يتم تصديرها.
ولفت إلى أن زيادة التكلفة عن ثمن السلعة لا يحقق ربحًا إلا إذا كانت السلعة يتم بيعها فى سوق لا توجد فيه منافسة وهو أمر نادر الحدوث.
تطبيق قرار تكويد المزارع أدى لزيادة التكلفة %20
وبدأت قبل عامين خطة تكويد المزارع عبر تقنية الاستشعار عن بُعد، والتى تستهدف حصر المزارع وتسجيلها، للمساعدة فى تحسين مناخ التصدير ومعرفة حجم ومساحة المحاصيل المختلفة فى مصر، حيث تم البدء بمزارع الموالح يتبعها خطة مماثلة لمحاصيل أخرى مثل الفاصوليا والثوم والمانجو والباذنجان والفلفل والجوافة والبسلة وغيرها.
وبدأت وزارة الزراعة عملية التكويد بالتعاون مع المجلس التصديرى للحاصلات وشركة محاصيل مصر، وتسهل عملية التكويد الإلكترونية من الإجراءات وتمنع التكرار، وتستهدف هذة المنظومة سهولة تتبع الشحنات ومعرفة مصدرها بدقة للرجوع إليها وقت الحاجة.
وأشار إلى أن قرار تحرير سعر الصرف الذى تم اتخاذه كان صحيحًا، لكنه ينتج عنه فى بعض الأحيان نتائج يكون لها انعكاس على كل القطاعات ومنها التصدير.
وقال «بحيرى» إن هناك عدة أسواق لدينا فيها فرص كبيرة تحتاج لاستغلالها، ومن أبرز هذه الأسواق بعض الدول الأفريقية التى تحتاج لعديد من السلع المتنوعة ومنتجات كثيرة، ضمن متطلباتها يمكن توفيرها من المنتجات المصرية.
واعتبر «بحيرى» أن بعض المنتجات التى تراجعت صادراتها خلال الفترة الماضية يمكن أن يكون تحرير سعر الصرف من أهم العوامل التى تدفعها خلال الفترة القادمة، لتحسين هذا التراجع وزيادة الكميات، مع إزالة المعوقات أمام المصدر إلى الأسواق الخارجية.
وطالب «بحيرى» بحصر الأكواد على وزارة الزراعة وتوحيد جهات الإشراف والرقابة، لافتاً إلى أن تلك المقترحات ضمن خطوات القضاء على المعوقات.
وأكد «بحيرى» أن المصدر عادة ما يهتم بتوفير أفضل السلع لضمان استمرارية العلاقة مع العميل فى الأسواق الخارجية، ولا تتوقف العلاقة معه عند صفقة واحدة، وبالتالى فهو حريص على وجود منتجات ذات جودة مناسبة.
واعتبر «بحيرى» أنه إذا انخفضت التكاليف والمصروفات على المصدر فإن هناك أسواقًا جديدة يمكن التوسع فيها، مثل السعودية والخليج ولبنان وغيرها من الدول التى يمكن أن تكون مجالا لزيادة الصادرات، خاصة الحاصلات الزراعية الطازجة والمجمدة.
وأوضح أن مشكلات المصدرين لا تتفاوت، وإنما مشكلات متشابهة، وحلها يكمن فى توفير كل المدخلات والسماح بتوفير مستلزمات الإنتاج وتحصيل الضريبة من المصدر أثناء عملية التصدير.
وذكر «بحيرى» أن عددا من صغار المصدرين توقفت أعمالهم خلال العامين الماضيين نتيجة جائحة فيروس كورونا وبعض المشكلات الأخرى، لافتاً إلى أن بعض البنوك تحجم عن منحهم التمويل ما أدى الى تعثر بعضهم وتوقفوا عن العمل.
«الدعم» يساعد فى تحقيق مستهدفات الدولة بالوصول إلى 100 مليار دولار سنويًا
وأشار إلى أن أعداد صغار المصدرين غير قليلة، وبالتالى فإنهم إذا تمت مساعدتهم سيكون رقم الصادرات الإجمالى للدولة فى تزايد مستمر، ويصل إلى ما تستهدفه الدولة 100 مليار دولار سنوياً.
وأفاد بأن أسعار الشحن من أهم العوامل التى تنعكس على التصدير، لافتًا الى أن هناك عوامل أخرى، مثل ارتفاع مدخلات الإنتاج كمواد التعبئة والتغليف التى شهدت أسعارها زيادة فى الآونة الأخيرة فى مصر.