تمكنت هيئة التنمية السياحية من تحقيق عوائد مالية تقترب من المليار جنيه خلال العام المالى الماضى 2016-2017، أو 966.6 مليون جنيه على وجه التحديد، بزيادة 41% عن المستهدف، إذ كانت تخطط الهيئة لتحقيق 700 مليون جنيه فقط.
والإيرادات المحققة فى 2016-2017 أعلى بنحو 34.8% عن التى جمعتها «الهيئة العامة للتنمية السياحية» خلال العام المالى 2015-2016، والبالغة 716.7 مليون جنيه.
وأظهر الحساب الختامى لهيئة التنمية السياحية نموًا يصل إلى 100% فى الفوائض المالية المحققة، والتى تورد للخزانة العامة للدولة، إذ بلغت 863.5 مليون جنيه خلال الفترة من يوليو 2016 حتى يونيو 2017 مقارنة بـ432.4 مليون جنيه كانت مستهدفة طوال أشهر العام المالى الماضى.
وفسر سراج الدين سعد، الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية، فى حوار مع «المال» أسباب الزيادة غير المتوقعة خلال العام المالى الماضى الذى وصفه بـ«عام الانكماش»، وأرجعه إلى القرارات التى اتخذها مجلس إدارة الهيئة وساهمت فى الحفاظ على التدفقات النقدية طوال العام.
وأوضح سعد أن مجلس الإدارة ألزم الشركات بجدولة وتحريك مستحقاتها المالية بنسبة 25% من قيمتها، مع إمكانية السداد عبر أكثر من دفعة، شرط أن تسدد قبل نهاية يونيو 2017.
وأكد أن الإجراء رفع مساهمة التعاقدات القديمة التى تمت قبل بداية العام المالى الحالى، من إجمالى الإيرادات المحققة لتترواح ما بين 60 و65% بعد أن كانت 50% فى الأعوام السابقة، بينما تراجع نصيب التعاقدات الجديدة إلى ما بين 40 و45%.
وتنص ضوابط «التنمية السياحية» على سداد المستثمر 27% من قيمة الأرض، تتضمن 20% مقدمًا، و7% مصاريف إدارية، فور الترسية، يحصل بعدها على فترة سماح 3 سنوات، ويعقب ذلك سداد الباقى على 7 أقساط سنوية.
تعويم سعر الصرف ضاعف من قيمة الأقساط المتأخرة
ورغم أن تعويم سعر الصرف أثر بالسلب على قدرة المتعاقدين على سداد المستحقات المؤجلة ولكنه ضاعف من قيمة الأقساط المتأخرة، فمن المعروف أن تسعير أراضى التنمية السياحية يتم بالدولار على أن تسدد الشركات القيمة العادلة له بالجنيه وفقا لسعر التداول عند استحقاق القسط.
وأشار الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية إلى أن قيمة الزيادة الناتجة عن فروق العملة من إجمالى الإيرادات المحققة خلال العام المالى الماضى تتراوح ما بين 10 و15% فقط، واعتبرها نسبة غير مؤثرة مقارنة بحجم التراجع عن سداد المستحقات نتيجة لتلك الفروق، مما دفع الهيئة لاتخاذ قرار بتسعير أراضيها بالجنيه حتى نهاية العام المالى الجارى.
وأكد الرئيس التنفيذى لـ«التنمية السياحية» أنه يعمل بالتعاون مع فريق الهيئة على زيادة الموارد والإيرادات قائلاً: «أنا بفتش الناس وبطلع الفلوس من جيوب المستثمرين»، فى ضوء الأوضاع وحالة الانكماش التى تعانى منها السوق بشكل عام والقطاع السياحى على وجه التحديد.
وتخلى عدد من المستثمرين عن 27 قطعة أرض فازوا بها، منذ بداية مايو حتى نوفمبر من العام الماضى، ضمن 103 قطع طرحتها «التنمية السياحية»، بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار، عبر آلية الشباك الواحد، لإقامة مشروعات جديدة، بسبب عدم قدرتهم على سداد التزاماتهم المالية.
فالمستثمر الذى كان من المفترض أن يسدد 900 ألف جنيه مقابل سداد الدفعة المقدمة للأراضى التى حصل عليها وجد نفسه أمام فاتورة تصل 1.8 مليون جنيه بعد أن بلغ سعر الدولار 18 جنيها مقارنة بـ8.87 جنيها قبل نوفمبر 2016.
ورد سراج الدين سعد، على مطالب المستثمرين بوضع سعر عادل أو تثبت الدولار أمام الجنيه عند أسعار ما قبل تحرير سعر الصرف، فأكد أن الحكومة لا تملك الحق القانونى فى اتخاذ هذا القرار، وأن المخرج الوحيد هو صدور حكم قضاء إدارى يلزمها بذلك فى حال اعتبار المحكمة أن قرار التعويم يصنف على أنه من “الظروف الجبرية” وبالتالى يتوجب على الدولة تعويض المتضريين وهو لم يتم حتى الآن.
“إجراءات ترشيد الإنفاق” من ضمن أسباب التحسن فى نتائج الأعمال
ومن ضمن الأسباب التى لم يرغب الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية فى تجاهلها عند تفسير التحسن المملوس فى نتائج الأعمال هى إجراءات ترشيد الإنفاق التى تمت على مدار الـ 12 شهرًا، دون توضيحها بشكل تفصيلي.
وأجاب الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية بشكل واضح عن السؤال الرئيسى خلال جلسة الحوار التى لم تتجاوز الـ60 دقيقة، ماذا عن طروحات الأراضى الجديدة؟ قائلاً: «لدينا 119 قطعة أرض بإجمالى 67 مليون متر مربع جاهزة بالفعل للطرح»، ولكن فى انتظار إقرار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد الذى صدق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أسابيع.
لأول مرة مشاركة غير حكوميين فى تسعير الأراضى
وأوضح سعد أن اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار سترسم بشكل واضح ضوابط عمل لجان تسعير الأراضى التى تضم لأول مرة خبراء من خارج القطاع الحكومى بموجب المادة 55 من القانون، وكذلك آليات التخصيص، وتشمل إما حق انتفاع أو مشاركة أو بيع.
ويعطى قانون الاستثمار الجديد الحق لهيئة التنمية السياحية فى تشكيل لجان تسعير أراضيها، وهو لم يكن موجودا فى القانون السابق الذى تم تمريره قبل ساعات من مؤتمر مصر الاقتصادى مارس 2015، وقال رئيس هيئة التنمية السياحية إن هذا الحق من شأنه تفعيل الإجراءات واختصار فترات طرح الأراضى.
وأكد سعد أن المشروعات التى سيتم طرحها من خلال «التنمية السياحية» لابد أن تكون وزارة الاستثمار أو الهيئة العامة للاستثمار على دارية كاملة به، كما أنه من المقرر إجراء استطلاع رأى القطاع الخاص حول حجم الطلب على الأراضى.
يذكر أن غالبية الأراضى التى ستطرحها هيئة التنمية السياحية خلال العام المالى الحالى تم طرحها العام الماضى ولكن حجم الطلب عليها لم يكن كافيا؛ وتعاقدت الهيئة فقط على 16.5 مليون متر مربع من إجمالى 80 مليونا تم طرحها العام الماضى فى مناطق سياحية مختلفة، من بينها الساحل الشمالى الغربى والبحر الأحمر وجنوب سيناء.
توفيق أوضاع 305 أفدنة فى قطاع «طابا – نوبيع» ضمن إجراءات استعادة أصول الدولة
وعن ملف التعديات على الأراضى السياحية المملوكة للهيئة، قال الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية إنه جارٍ التنسيق مع اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء لتوفيق أوضاع 305 أفدنة فى قطاع «طابا – نوبيع» تم التعدى عليها وإقامة مشروعات عليها غير متناسقة بواسطة الأهالى، مضيفا أن تقنين الأوضاع تتضمن وضع تسعير للأراضى ومخطط عام للاستغلال تبعا لقواعد التنمية السياحية.
وذكر سراج الدين سعد أن نحو 40 مستثمرًا تقدموا بتظلمات لمجلس إدارة الهيئة من قرارها بسحب تخصيص 4 ملايين متر مربع لعدم التزامهم بالبرنامج الزمنى، وجارى دراستها وعرضها على مجلس إدارة الهيئة المقبل.
لا تعديات لـ«زهير جرانة».. وتنازل عن أراضى الهيئة بعد ثورة 25 يناير
وفى سياق متصل، نفى سعد ما تردد عن استيلاء إحدى الشركات التابعة لوزير السياحة الأسبق زهير جرانة على أراضٍ تابعة لهيئة التنمية السياحية فى البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن «جرانة» سبق وأعاد للدولة تلك الأراضى بعد ثورة 25 يناير2011، ويوجد بعض التعديات عليها من أفراد وتم إزالتها ضمن الحملة التى تقوم بها الدولة بتوجيه من الرئيس لاستعادة أراضى الدولة المُتعدَى عليها.
وفيما يتعلق بتطورات إنشاء وإقامة مطار رأس سدر ومنتجع سياحى مجاور، أكد الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية أن الطرح تديره وزارة الطيران المدنى ممثلة فى الشركة القابضة للمطارات، رافضًا التعليق عن عدم استجابة الشركات للطرح، ومن المقرر إقامة المطار على مساحة 40 مليون متر مربع، بينهم 6 ملايين متر مخصصة لإقامة منتجع سياحى بمنطقة شمال عيون موسى، وكانت هيئة التنمية السياحية، ووزارة الطيران، قد أعلنا أنه يمكن للمستثمر الحصول على كراسة الشروط مقابل 10 آلاف دولار، على أن يتم تسليم العطاءات 17 سبتمبر المقبل.
وقال مصدر مطلع لـ«المال» فى وقت سابق إن الشركة القابضة للمطارات، وهيئة التنمية السياحية يعكفان حاليًّا على دراسة الأسباب الرئيسية لإحجام المستثمرين، خاصة أن 16 شركة كانت قد أعربت فى وقت سابق عن نيتها للتنافس على المشروع، ومن بينها «مصر – إيطاليا» و«حسن علام للإنشاءات»، و«أوراسكوم للإنشاءات»، و«حداد جروب»، و«الدولية للمطارات» التى تدير مطار العلمين، و«بترو جلف مصر».
يذكر أن المطار أحد المطالب الرئيسية للعاملين برأس سدر، لتسهيل انتقال الوفود السياحية من وإلى المنتجع من مختلف دول العالم.
استغلال أراضى «التنمية السياحية» فى أسوان لا تمثل أولوية فى الوقت الحالى
وعن آلية استغلال أراضى «التنمية السياحية» فى أسوان، قال الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية إنها لا تمثل أولوية فى الوقت الحالى، لافتًا إلى اشتراطات وزارة الرى فى استغلال تلك الأراضى فى غاية الصعوبة، خاصة أنها قريبة من بحيرة ناصر، ولاعتبارات الحفاظ على مياه النيل.
واختتم سعد الحوار بالحديث عن المشروعات السياحية الجديدة التى أعلنها الأمير الوليد بن طلال فى شرم الشيخ بالشراكة مع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، مؤكداً أنها تتم بالتنسيق مع وزارة الاستثمار ومحافظة جنوب سيناء.
وأعلن الأمير السعودى وطلعت مصطفى عن نيتهما لضخ استثمارات سياحية بقيمة 800 مليون دولار بالسوق المحلية.
أما فيما يتعلق بمشروعات المستثمر السعودى الشيخ عبدالرحمن الشربتلى، ذكر الرئيس التنفيذى لهيئة التنمية السياحية أنها تتوزع بين استغلال 7 ملايين متر مربع فى منطقة نبق فى جنوب سيناء لإقامة مشروع للتنمية المتكاملة و9.9 مليون متر فى سفاجا لإقامة مشروع مماثل.
ويعتزم المستثمران السعوديان عبدالرحمن الشربتلى وفهد الشبكشى ضخ استثمارات مشتركة بالسوق المحلية تصل إلى 2.15 مليار دولار فى مشروعات سياحية وعقارية ومواد بناء، وفقًا لما أعلنته وزارة الاستثمار منذ أيام.
وتتوزع الاستثمارات بواقع مليار دولار فى مشروعين سياحيين فى شرم الشيخ بمنطقة نبق، وفى الغردقة بخليج سوما إلى جانب ضخ 150 مليون دولار لتنفيذ الخط الثانى لشركة جنوب الوادى للأسمنت، فضلاً عن مشروع باستثمارات مليار دولار تنفذه الشركة العربية للتنمية العقارية «أركو».