كشف محمد الكتانى الرئيس التنفيذى لمجموعة التجارى وفا بنك المغربية، عن بدء أعمال نادى افريقيا للتنمية فى مصر خلال الفترة المقبلة، ويضم الكيان الذى أسسته المجموعة رجال ونساء أعمال أفارقة فى أهم القطاعات الحيوية، وسيساعد رواد الأعمال المصريين على اختراق أسواق القارة.
وأكد الكتانى الذى استحوذت مجموعته فى مايو الماضى على كامل أسهم «»، ليحمل اسم بنك «التجارى وفا» مصر، أن استراتيجية الأخير للعمل، سيتم الانتهاء منها فى غضون الشهور الثلاثة المقبلة، وأن المرحلة الحالية، تركز على تحقيق الانسجام بين فريق العمل وزملائهم فى المجموعة الأم، والتكيف مع نظم تكنولوجيا المعلومات الخاصة بأنشطتها المصرفية المختلفة.
وأشار رئيس المجموعة المغربية فى حوار مع جريدة «المال» على هامش مشاركته فى جلسات مؤتمر الكوميسا وافريقيا 2017، الذى انعقد بمدينة شرم الشيخ مطلع الأسبوع الماضى، إلى عزم «التجارى وفا»، مضاعفة عدد فروع البنك فى مصر ليصل إلى نحو 180 فرعاً مقابل 56 حالياً.
وأوضح أن مصر تلعب دوراً محورياً فى إستراتيجية مجموعته، باعتبارها تمثل منفذاً لدول شرق أفريقيا بعدما نجح «التجارى وفا» خلال السنوات العشر الماضية فى اختراق أسواق أفريقيا الشمالية والغربية والوسطى عبر انتشاره فى 16 بلداً، من خلال شبكة تناهز 4000 فرع.
وكشف الكتانى لـ«المال» أن مجموعته تعتزم تحقيق قيمة مضافة تحتاجها السوق المصرية، فى مجال توفير التمويل للشركات الصغيرة، الذى تملك فيه «التجارى وفا» خبرات كبيرة، وكذلك فى مجال التجزئة المصرفية، الذى يتيح فرصاً كبيرة للنمو فى مصر، فى ظل انخفاض نسبة الشمول المالى وتراوحها ما بين 15 إلى %20.
● المال: كان من البديهى أن أبدأ الحوار، بسؤال كلاسيكى عن خطط واستراتيجيات عملكم فى مصر، إلا أن متابعتى لكلمتك خلال المؤتمر، أظهرت لى بوضوح، ان هدف تواجدكم بها، يتجاوز بكثير مجرد الاستفادة من سوق كبيرة الحجم، يقترب عدد سكانه من 100 مليون نسمة.. إلى أى مدى يتطابق تصورى مع الواقع؟!
– الكتانى: فى البداية، ينبغى تأكيد أن الرؤية العامة لبنك التجارى وفا واضحة، فالمرحلة الاولى من استثماراتنا الخارجية، والتى استهلكت السنوات العشر الماضية، توجهت إلى الدول الفرانكوفونية، فى أفريقيا الشمالية والغربية والوسطى،وكانت يسيرة الى حد كبير.فالمغرب كما تعلمون، بوابة أفريقيا الغربية، فاللغة الفرنسية قاسم مشترك، بغض النظر عن اللغات المحلية، ولاتنسى اننا نتمتع بتوافر 14 كيلومتر، كنقطة تماس مع القارة الأوروبية (يقصد منطقة مضيق جبل طارق).
وفا بنك: الخطة المقبلة تتمثل فى النفاذ إلى أسواق أفريقيا الشرقية
أما المرحلة الثانية، فقد شرعنا فى العمل بها العام الماضى، وتتمثل فى النفاذ الى أسواق أفريقيا الشرقية. وبالنسبة لنا، كانت مصر هى أفضل بوابة لها، فمن ناحية تجمعنا معها العروبة، علاوة على أنها تشكل كذلك منفذا حيويا لدول الخليج والشرق والأوسط، ومن هنا ظهر إصرارنا على التواجد بها،ونجحنا فى ذلك، من خلال استحواذنا على بنك باركليز مصر العام الجارى، بعد ثلاث محاولات باءت بالفشل، شملت خسارتنا المنافسة، على صفقات شراء، أذرع بنوك سوسيتيه جنرال، وبى ان بى باريبا، وبيريوس فى مصر.
وفا بنك: الانتهاء من إستراتيجية «التجارى وفا مصر» خلال 3 أشهر
● المال: ما خطة العمل التى اتبعتموها حتى الآن فى «التجارى وفا» مصر؟
– الكتانى: المرحلة الحالية ذات طبيعة حساسة، فمن خلالها يحقق زملاؤنا فى مصر مع زملائهم فى المغرب، التوافق وادخال نظم تكنولوجيا المعلومات الخاصة بنا والانسجام معها، وسيتم الانتهاء منها فى مايو 2018.
● المال: من واقع ما سمعته منك داخل جلسات المؤتمر فان مسألة نظم تكنولوجيا المعلومات وحدها لا تكفى، وان الأهم من واقع خبرات «التجارى وفا»، هو التواصل الشخصى المادى مع العملاء، وبصفة خاصة فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وبالنظر الى الحجم الكبير جدا لفروع البنك داخل المغرب وبدرجة أقل خارجها، تبدو لى طريقة عملكم فى هذا المجال، أقرب لأساليب الشركات المتخصصة فى التمويل متناهى الصغر.. هل هذه الملحوظة صحيحة؟
– الكتانى: نحن نركز بشكل كبير على التجزئة المصرفية «Retail Banking»، ونعنى به استهداف شريحة الطبقة الوسطى، والشركات المتوسطة والصغيرة. و«التجارى وفا» يملك ما يزيد على قرن من الخبرة فى العمل البنكى فى هذا الميدان، ولدينا فى المغرب وحدها نحو 2400 فرع، وهذا يمثل سياسة قوية. بالنسبة للشركات الصغرى، ولكننا لا نعمل فى مجال التمويل متناهى الصغر.
على الجانب الآخر، لدينا ادارة قوية للخدمات البنكية للشركات والمجموعات الكبرى”Corporate Banking”.
وفا بنك: مضاعفة عدد الفروع من 56 إلى 180 خلال 5 سنوات
● «المال»: قياسا على هذا الحجم الضخم من الفروع فى المغرب وآخذا فى الاعتبار اختلاف عدد السكان، كم فرعاً ينتظر أن تفتحوها فى مصر؟
– الكتانى: أولا استناداً إلى ما نملكه من خبرات واسعة،نحن نستعد مع زملائنا فى مصر، لوضع إستراتيجية لاختراق سوق تمويل الشركات الصغيرة. وثانيا ينبغى أن تلاحظ أن نسبة الشمول المالى تتراوح فى مصر مابين 15 و%20، ويشكل ذلك فرصا هائلة للعمل والنمو، وبالذات فى الشرائح الصغرى والمتوسطة، مقارنة بالمغرب التى تصل فيه هذه النسبة الى %75. ولذلك فإن خطتنا التنموية خلال السنوات الخمس المقبلة، تشمل مضاعفة عدد الفروع القائم حاليا نحو ثلاث مرات، ليصل لحوالى 180 مقارنة مع 56 فرعاً حالياً.
المال: ألا يعد ذلك العدد قليلاً قياسا على النموذج الذى تتبعونه فى المغرب؟
– الكتانى: العبرة ليس بعدد الفروع ولكن –وهذا هو الأهم- بما سيوفره الاستثمار فيها من مساهمة فى نشر لثقافة جديدة، وتكوين الكوادر البشرية المؤهلة. وكل ماسبق بحاجة الى وقت ودراية وخبرة ضرورية، فى ميدان مواكبة الشركات الصغرى، التى هى فى نهاية المطاف، بحاجة الى تقنيات وآليات وخدمات ومنتجات خاصة، تختلف تماماً عن قطاع تمويل الشركات الكبرى.
وفا بنك: فى كل بلد ندخله نساعد العملاء المحليين على بناء العلاقات مع الشركات متعددة الجنسيات
● المال: ما تعريف الشركات الصغيرة الذى تعملون عليه فى السوق المغربية؟
– الكتانى: هو الشركة التى يبلغ حجم ايرادتها أقل من مليون دولار، ولا ندرى بعد ان كنا سنتبع نفس المعيار فى مصرام لا، فزملاؤنا يعكفون حاليا على دارسة السوق فى هذا المجال، ولم ينتهوا منها بعد، لأنهم بحاجة لبعض الوقت، لتكون خلاصتها مفيدة لإستراتيجية بنك التجارى وفا مصر.
● المال: ومتى يتم الانتهاء من إعداد الإستراتيجية نفسها؟ وما حجم الاستثمارات التى رصدتم ضخها فى مصر خلال السنوات الخمس المقبلة؟!
– الكتانى: الإستراتيجية سيتم الانتهاء منها فى غضون الشهور الثلاثة المقبلة. وحجم الاستثمارات سيتم تحديده بناء عليها، وبالتالى لا أعلمه الآن.
● المال: ذكرت آثناء كلمتك فى مؤتمر الكوميسا، أنكم بارعون فى لعب دور الوسيط فى بناء العلاقات بين الكيانات والعملاء المحليين بالأسواق التى تعملون بها والشركات متعددة الجنسيات..هل تعتزمون القيام بنفس الأمر فى السوق المصرية؟
– الكتانى: نحن سنتبع نفس النموذج، الذى نجح فى المغرب، وفى الدول الأفريقية الموجودين بها، وسيوفر لرواد الأعمال المصريين، نافذة أعمال على افريقيا، كما أتاحها لنظرائهم التونسيين والافوراريين والسنغاليين ولغيرهم،وسيساهم فى دعم حركة صادراتهم ووارداتهم فى مناطق عديدة من القارة، عبر شبكة بنوكنا بها.
هذا بخلاف النمو الذى يتيحه هذا النموذج للمؤسسات المصرفية التى تستحوذ عليها. وعلى سبيل المثال تضاعف السعر السوقى لسهم بنك التجارى وفا تونس، منذ عام 2005 حتى منتصف 2017 آكثر من 5 مرات، وارتفع عدد فروعه من 92 إلى206 فروع، ومع ذلك، فقد تقلصت نسبة الديون غير المنتظمة من إجمالى محفظته من 16 إلى %8.
وفا بنك: نستهدف اختراق شرق أفريقيا والخليج انطلاقاً من القاهرة
● المال: ما أنشطة التجزئة المصرفية التى يعتزم بنك التجارى وفا مصر تقديمها؟
– الكتانى: المجموعة تملك خبرات كبيرة فى مجالات التجزئة المصرفية،خذ عندك مثلا التمويل العقارى. من كل 100 منزل فى المغرب يتم شراؤه بهذه الآلية، يمول التجارى وفا 40 منزلاً، أى لدينا حصة سوقية تبلغ %40من اجمال هذا النشاط، وتصل آجال السداد إلى 20 و25 عاماً. وقد جلبنا التمويل العقارى لدول أفريقيا الغربية، ونحن ندرس حاليا السوق المصرية من ناحية الرسوم العقارية وغيرها.
كما نبحث سعر الفائدة على وجه الخصوص، الذى أعتقد أن مستواه الراهن، لا يتيح لموظف من الطبقة الوسطى، تحمل تكلفة قرض بأجل سداد يمتد الى 25 عاما لتمويل شراء وحدة سكنية، ولكنى أعتقد أن مستوى سعر الفائدة سيتجه للانخفاض العام المقبل، كما أننا لم ندرس بعد إمكانية الاستفادة من مبادرة البنك المركزى المصرى فى هذا المجال.
● المال: دعنى أوجه اليك سؤالاً، بالتأكيد سبق أن وجهته اليك الصحافة فى بلدك الأم: لماذا لا تتوسع أكثر فى المغرب بدلاً من الاستثمار فى الاستحواذ على بنك فى مصر؟
– الكتانى: بكل صراحة.. نحن نعمل فى المغرب مع 16 بنكاً، ويأتى التجارى وفا فى المقدمة بحصة سوقية تبلغ نحو%30 وبحكم هذا التمركز القوى، أصبح لا يمكننا خلق قيمة اضافية جديدة للمجموعة، دون الدخول إلى أسواق جديدة، ومصر الآن فى المرتبة الأولى، بالنسبة لاستثماراتنا، فهى ثالث أكبر اقتصاد فى القارة الأفريقية، بعدد سكان يقترب من 100 مليون نسمة، ونسبة شمول مالى تدور ما بين 15 و%20.
هذا بخلاف ما ذكرته لك من قبل عن تميز موقعها الجغرافى، كبوابة لشرق افريقيا ودول الخليج والشرق الأوسط.
● المال: إلى أى مدى حققت السياسة التوسعية للمجموعة فى أفريقيا أهدافها؟!
– الكتانى: مجموعة التجارى وفا الآن هى صاحبة أكبر شبكة بنكية فى أفريقيا، باجمالى عدد فروع يناهز 4000، فى 16 دولة، يعمل معها نحو 9 ملايين عميل، ويبلغ اجمالى حجم أصولها نحو 40 بليون دولار. وفى هذا السياق، دعنى أعلن من خلال جريدتكم اليوم، عن بدء أعمال نادى أفريقيا للتنمية فى مصر خلال الفترة المقبلة، وهو كيان أطلقه البنك، ويضم رجال ونساء أعمال أفارقة،فى كل القطاعات الحيوية،وسيتيح نافذة لرواد الأعمال المصريين، لاختراق أسواق القارة.