أبدى عدد من رؤساء ومؤسسى الشركات الناشئة فى مصر استعداداتهم الكامل لدعم رؤية الدولة نحو التحول الرقمى والشمول المالى تحت مظلة رؤية مصر 2030، خاصة أنها كيانات سريعة النمو، وقادرة على إحداث تغييرات جوهرية فى تطوير القطاعات الاقتصادية، بعكس الشركات كبيرة الحجم التى تعمل فى إطار قوالب روتينية مرتبطة ببيئة العمل المحيطة بها. وأجمعوا على أن الحكومة يجب عليها سرعة الربط والتكامل مع الأنظمة والحلول التى تعكف على تطويرها الشركات الناشئة من أجل المضى قدمًا فى تنفيذ ملف التحول الرقمى وتسهيل خطوات حصول المواطنين على الخدمات المنشودة على غرار التجارب العالمية الناجحة.
يذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى وجه الحكومة خلال مايو الماضى بتأسيس الشركات عن طريق الإخطار رقميًا من خلال منصة تقام لهذا الغرض، فى إطار إزالة جميع المعوقات أمام الشركات الناشئة ورواد الأعمال، والسماح بفتح الشركات الافتراضية دون التقيد بضرورة وجود مقر فعلى لها، والتوسع فى منحها إعفاءات ضريبية، وذلك بهدف توفير النفقات والتسهيل على تلك الشركات.
وقال كمال الصويني، الشريك المؤسس لشركة رابيت موبيليتي Rabbit mobility لطلب خدمات التنقل الذكي، إن الجهات الحكومية فى مصر بحاجة إلى تسهيل إجراءات الربط والتكامل مع أنظمة الشركات الناشئة خاصة التى لا تستند إلى بيئة أعمال قوية من أجل تطبيق رؤية 2030 والمضى قدمًا فى تنفيذ استراتيجية الدولة نحو التحول الرقمى والشمول المالي.
وأكد «الصوينى» أن مفهوم التحول الرقمى يرتكز على ربط مجموعة من قواعد البيانات ببعضها، ومن ثم فإنه يمكن على سبيل المثال أن تسمح هيئة مترو الأنفاق بالتكامل مع أنظمة شركة رابيت موبيلتى من أجل تحديد مواقع الدراجات الكهربائية التى يمكن للمستهلكين استئجارها، معتبرًا أن اتجاه المستهلكين خلال جائحة كورونا نحو التوسع فى خدمات الدفع الإلكترونى كان له أثر إيجابى على حجم أعمال الشركات الناشئة.
وفى سياق متصل، رأى محمد نجاتي، المؤسس، المدير التنفيذى لشركة PIE المتخصصة فى تقديم استشارات الدمج والاستحواذ، أن الشركات الناشئة تدعم بقوة توجهات الحكومة نحو التحول الرقمي، خاصة أنها تتداخل مع قطاعات اقتصادية مختلفة، وتنمو بوتيرة سريعة على غرار شركات حلول التكنولوجيا المالية ومنصات طلب المواد الغذائية أونلاين.
ورأى «نجاتى» أن الفترة الماضية شهدت ظهور العديد من تجارب الشركات الناشئة الناجحة فى مصر، والتى ساهمت فى رقمنة كل خدمات المواطنين على غرار شركات فورى وبريد فاست، إلى جانب شركات خدمات النقل التشاركي، مثل حالا وكريم وأوبر، والتى أحدث نقلة نوعية ضخمة فى تطوير منظومة النقل محليًا.
وأكد أن الكيانات الناشئة تتميز بقدرتها على تخطى إجراءات كثيرة فى وقت قصير، بخلاف الكبيرة التى تحتاج إلى فترة زمنية طويلة للتكيف مع النظم الجديدة والبيئة المحيطة، بينما تعتمد الناشئة على إحداث صدمة –على حد تعبيره- فى القطاعات التى تسهم فى تطويرها.
وشدد على ضرورة تعاقد الحكومة مع الكيانات الناشئة المصرية على تقديم الخدمات الذكية فى مشروعاتها التنموية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة.
بينما أوضح فادى عزوني، الشريك المؤسس لشركة فيت وورك Vet work – منصة العناية بالحيوانات الأليفة، أن الدولة أمامها خياران بشأن التحول الرقمي، أولهما يتمثل فى بناء تكنولوجيا خاصة بها فيما يتعلق بتطوير شبكة البنية التحتية، والثانى إعطاء الفرصة للكوادر الشابة لبناء تلك التقنيات.
وأضاف «عزونى» أن تعاقد الجهات الحكومية مع الكيانات الناشئة من شأنه أن يخدم رؤيتها نحو التحول الرقمي، معتبرًا أن الحكومة من الأفضل لها استغلال الشركات الناشئة فى تطوير وتكامل الأنظمة الخاصة بها.
وأكد ضرورة تسهيل الإجراءات الخاصة بتأسيس الكيانات الناشئة، إلى جانب إعفائها من أى رسوم ضريبية لفترة معنية لحين استقرار أوضاعها الاقتصادية، مضيفًا أن تلك التسهيلات من شأنها أن تزيد من قيمتها السوقية، وترفع قدرتها التنافسية فى حصد العوائد المتوقعة.
وأوضح أن الشركات الناشئة وأنظمتها الرقمية تعد بمثابة مراكز بيانات ضخمة، موضحًا أن شركة فيت وورك الناشئة على سبيل المثال تعد مركز بيانات ضخمًا، يتم من خلالها حصر أعداد الحيوانات الأليفة فى مصر.
على صعيد آخر، رأى مختار عثمان، المدير التنفيذى لمنصة نفهم التعليمية، أن جائحة كورونا سرَّعت من خطوات الاقتصاد المصرى نحو تبنى مفهوم الشمول الرقمى عمومًا والمؤسسات الاقتصادية بشكل خاص، مثل البنوك التى نجحت فى ميكنة العديد من الخدمات البنكية والمدفوعات، ما أسهم فى جذب استثمارات مصرية وأجنبية للشركات الناشئة التى تقدم خدمات رقمية.
وذكر “مختار” أن منصة نفهم تدعم مفهوم التحول الرقمى من خلال مسارين، أولهما يهدف إلى مساعدة المعلمين على رقمنة خدماتهم التعليمية المقدمة للطلاب من دروس ومراجعات، بينما يتمثل المسار الآخر فى أتمتة عمليات المنصة بالكامل وتجربة المستهلك النهائي، التى تتضمن جميع الخدمات التعليمية الرقمية، مثل إرسال تنبيهات notifications للحصص القادمة للطلاب.
وشدد على ضرورة إتاحة بنية تحتية قوية للشركات الناشئة التى توفر الخدمات الرقمية على غرار القطاع المصرفي، فضلًا عن تأهيل وتدريب أعداد كافية من الكوادر للتعامل مع الأنظمة التكنولوجية الحديثة التى لديها سابق خبرة فى سوق العمل.
وأشار إلى أهمية تدريس مفهوم الرقمنة داخل المؤسسات التعليمية، مثل المدارس والمعاهد والجامعات، وهى خطوة تأخر تطبيقها رغم أهميتها الشديدة فى بناء كوادر مؤهلة لتطبيق التحول الرقمى بشكل كامل.
وأوضح علاء عفيفي، الرئيس التنفيذى لمنصة «بيكيا» لإعادة تدوير وجمع المخلفات، أن المنصة توفر قنوات اتصال رقمية بين جامعى القمامة ومتلقى الخدمة، إلى جانب تحصيل قيمة الخدمة رقميًا من خلال توفير خدمات دفع عبر المحافظ الإلكترونية، مثل «فودافون كاش».
وتابع «عفيفى» أن العمليات التى تم رقمنتها تشمل التجميع ومصانع تدوير المخلفات، إلى جانب إنشاء مركز بيانات ضخم يضم كل المعلومات عن حجم المخلفات المراد تجميعها والمواد المصنوعة منها، علاوة على بيانات تحليلية لسلوك المستهلكين.
وأشار إلى أن الشركات الناشئة جزء محورى من الاقتصاد العالمي، خاصة أنها أصبحت تمتلك الحلول التكنولوجية التى تسهم فى إيجاد حلول وبدائل للعديد من المشكلات المجتمعية، منوهًا بضرورة دعم الحكومة للكيانات الناشئة عبر إجراء تعديلات قانونية على إجراءات تأسيسها، إضافة إلى زيادة وعيها بأهمية دور هذه الشركات فى تنمية الاقتصاد القومي.
وأضاف أن الدولة يجب عليها أيضًا حل «أزمة الثقة» -على حد تعبيره- بين المستهلك المصرى والخدمات الرقمية، خاصة فيما يتعلق بخدمات المدفوعات الإلكترونية، الأمر الذى يسهم فى استكمال خطوات التحول الرقمى وتنفيذ رؤية الدولة مصر 2030 بكل سهولة.