إن أنظمة ، كأنظمة لها رسالة إجتماعية ، تعمل على تحقيقها، لا يتصور قيامها دون مواجهة بعض المشاكل ذات الطبيعة الإقتصادية ، وعلى قدر ما تحقق من نجاح فى مواجهة الصعاب الاقتصادية يكون اقترابها من تحقيق هدفها فى كفالة تحقيق الحماية التأمينية.
وتتنوع التحديات التى تواجه قطاع ، منها ما يرتبط بالتضخم ، وبعضها له علاقة بالتغير فى أسعار الصرف، وثالثة متشابكة بمؤشر سعر الفائدة ، ومع تنوع التحديات ، تتغير السياسات ويحدث التطوير المنشود فى قطاع .
التضخم علي سبيل المثال، وما يصاحبه من ارتفاع فى المستوى العام للأسعار، وانخفاض القوة الشرائية للنقود ، ينعكس بصورة مباشرة على القيمة الحقيقية، للمزايا التى تُستحق عند تحقق الخطر ، خاصة فى نشاط على الحياة ، بما يؤثر على فاعلية الحماية التأمينية ،فى مواجهة الاثار الاقتصادية عند تحقق الخطر.
هذا الأمر ، يؤدى الى ثلاثة إتجاهات أو بمعني أدق تأثيرات، فى سوق المصرية ، أولها مرتبط بانخفاض الطلب على الوثائق الجديدة في نشاط التأمين علي الحياة، فكلما إرتفع التضخم، إنخفضت قيمة النقود، ومن ثم لن تتوافر أية فوائض لشراء وثائق تأمين علي الحياة.
وأتفق مع وجهة النظر التي تعول علي ضعف الوعي التأميني، بأنها أحد الأركان الرئيسية لإحجام بعض الأفراد عن شراء وثائق علي الحياة، ولكن هذه قصة أخري، في مقال لاحق سنشرحها تفصيلًا وسنعقد خلالها مقارنة بين تاثير ضعف الوعي والتضخم علي القوة الشرائية لوثائق التأمين الجديدة.
علي كلِ، هناك تأثير ثاني مباشر من إرتفاع معدل التضخم علي وثائق الحياة، من خلال تأكل الوثائق السارية، بمعني تأكل الشريحة التي في حوزة شركات التأمين بالفعل وليس المستهدفين منهم، أما ثالث تلك الأثار، فله علاقة بالزيادة الملحوظة في مبالغ التأمين مقارنة بعدد الوثائق.
وإذا إفترضنا جدلًا بصحة التأثيرات الثلاثة السابقة- وهي بكل تأكيد قابل للمناقشة بالأخذ منها والرد- فإننا نجد ان ظروف الاقتصاد المصرى عامة ، وأوضاع شركات على وجه الخصوص ، تثير العديد من التساؤلات والتحديات، علي الأقل ما يرتبط بالتحول نحو الاخذ بالاتجاهات الحديثة عالميًا فى مجال إصدار وثائق التأمين بصفة عامة ، ووثائق التأمين على الحياة بصورة خاصة .
وكما هو الحال، فيما يخص التضخم ، نجد أن التغيرات فى أسعار الصرف ، وتعويم الجنيه، أو ما يُعرف إصطلاحًا بتحرير العُملة، وكذلك التغيرات فى معدلات الفائدة، تؤثر على القيمة الحقيقية لمقدار المزايا .
وتأسيسًا علي ذلك، لايمكن بأي حال ، القطع بأن أغلب وثائق التأمين المرتبطة بنشاط الحياة وتكوين الأموال، المتاحة في السوق المصرية، قد حققت غاياتها المنشودة، في ترويض المخاطر وتوفير مظلة الحماية التأمينية اللازمة والكاملة لكافة المخاطر التي قد يتعرض لها العميل.
مهلًا، ليس معني ذلك أن نشاط التأمين، أصبح عاجزًا عن تحقيق أهدافه ومراميه، فيما يخص المظلة الحمائية للعميل، وإنما يشي إلي أمرًا أخر، من وجهة نظري، أراه بالغ الخطورة، وهو قصور الأساليب التي تتبعها “بعض” وليس كل شركات التأمين، في التطبيق الكامل والأمثل للتأمين، كنشاط يعتمد علي ترويض الخطر حينًا ووعد بصرف الميزة التأمينية أو المطالبة أو كما يستسيغ الغامة تسميتها بالتعويض، أحيانا.
أخيرًا وليس أخرًا، أروم أن تكون هذه القضية موضع إهتمام من أساطين صناعة التأمين، والقائمين علي تنظيمه ورقابته، لدراستها بتأن، والوصول بنتائج تخدم إستراتيجية هذه الصناعة التي تُعد ظهيرًا حمائيًا للبشر والحجر، لكن هذا لايعني أن الجهات الرقابية ممثلة في الهيئة العامة للرقابة المالية، والكيان التنظيمي ، ممثلًا في الإتحاد المصري للتأمين، لم يقوم كل منهم بدوره، بل بالعكس، النتائج التي تحققت في السوق، هي أكبر مؤشر علي الجهد المبذول من هذه الكيانات، وكل ما نسعي إليه إبتغاءًا لوجه الله، هو زيادة معدلات نمو التأمين، وزيادة مساهماته في إجمالي الناتج القومي، وهي المعركة التي لن يتخاذل كل ذي ضمير يقظ في القيام بدوره.
إلي لقاء