دولة إسرائيل لا تنتمى إلى الزمن الحاضر

دولة إسرائيل لا تنتمى إلى الزمن الحاضر
شريف عطية

شريف عطية

7:13 ص, الأحد, 23 مايو 21

لا تكف إسرائيل- المدللة طويلًا من المجتمع الدولي- عن المطالبة بالمزيد من الامتيازات، ابتداءً من الحصول على «وعد بلفور» بوطن قومى يمثل قاعدة ثابتة للغرب الاستعمارى شرقى قناة السويس 1869 من أهم الشرايين الملاحية العالمية- إلى الحصول على ضوء أخضر أميركى باحتلال كامل أراضى فلسطين التاريخية 1967، ومن التطلع لمرّة ثالثة فى قرابة نصف قرن ونيف.. نحو تطويع «سيناء» المصرية لغاياتها الاستيطانية.. إلى السعى لإرواء ظمئها عبر مياه دول أعالى نهرى النيل والفرات، فى الحبشة وتركيا، وما إلى غير ذلك من تحقيق أهداف توسعية، سبق لوزير خارجية أميركا «جيمس بيكر» وصفها، مطلع التسعينيات، بـ«اللاواقعية»، بحيث أصبحت إسرائيل من فرط ضخامة قضماتها المتلاحقة.. أعجز عن القدرة فى هضمها، ذلك قبل أن تتفاجأ مؤخرًا باشتعال حركة تمرد مفتوحة من عرب 1948 الذين يمثلون %20 من التعداد الإسرائيلى، ومن قطاع غزة، من بعد الظن بأنهم كمجرد جثة هامدة فى إطار تشريعات الفصل العنصرى الإسرائيلية 2018، إلا أن الاستبسال الفلسطينى ذا التسليح البدائى من الناحية التكنولوجية تمكَّن من الصمود فى مواجهة آلة الحرب الجهنمية الإسرائيلية، ما بات يشكل عاجلًا أو آجلًا حدًّا فاصلًا فى تاريخ إسرائيل، الأمر الذى يمثل كذلك ما يعتبر صدمة «إفاقة» لعرب آخرين استناموا طويلًا لهوان العسف الإسرائيلى بمصالحهم الحالية والمستقبلية، إذ يبزغ فى اليقين العربى جراء حشود الاقتتال فى الشوارع وعبر الصواريخ المتبادلة، بين العرب واليهود، أن التهديد الأكبر لصولات إسرائيل الإقليمية فى الحاضر والمستقبل، إنما يكمن فى داخلها، حيث من غير المحتمل أن تفلح الإجراءات الإسرائيلية فى ردع التمرد الفلسطينى بالمطلق، حتى ولو كرر السياسيون الغربيون من جديد مقولتهم القديمة بأن «لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها»، إلا أن شجاعة الاقتتال الفلسطينى، ربما على غرار انتفاضة أطفال الحجارة 1987اجتذبت الرأى العام الدولى إلى جانب قضيتهم من جديد، بما فى ذلك عواصم «الإعلان الثلاثى» الغربى 1950لصالح إسرائيل، واشنطن- لندن- باريس، إذ تتخذ فرنسا، اليوم، مواقف متقدمة إلى جانب الفلسطينيين، لو انضمت إليها بريطانيا، لأمكن تعديل الانحياز المطلق الأميركى لإسرائيل، ناهيك من جانب آخر عن تدخل الصين- لأول مرة- فى معالجة القضية الفلسطينية، باقتراحها- وعلى غرار روسيا- استضافة محادثات سلام بين قادة فلسطينيين وإسرائيليين، ذلك فى الوقت الذى ترتبط فيه العاصمتان الشرقيتان الكبيرتان بمقاربات شرق أوسطية مع كل من طهران وأنقرة، ما قد يشير إلى أى من الجانبين الفلسطينى أو الإسرائيلى سوف تباشران، موسكو وبكين، دور الوسيط النزيه، بأقلِّه لمعادلة الفشل المزمن للوساطة الأميركية خلال ربع القرن الأخير، ذلك فيما أدينت إسرائيل من جانب منظمة «هيومان رايتس ووتش» فى 224 صفحة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتمثل فى التمييز العنصرى والاضطهاد، بحيث بات وشيكًا أن تلحق بمصير دولة جنوب أفريقيا فى إلغائها التفرقة العنصرية مطلع التسعينيات، إذ تبدو إسرائيل على نحو متزايد فى مواجهة أخطار عديدة فى عالمنا الواسع، ووفق مقولة أحد الصهيونيين القدامى.. بأن إسرائيل تشكل كيانًا لا ينتمى إلى الزمن الحاضر