تعتبر معدلات الفائدة أحد أدوات السياسة النقدية ، التى يتبعها البنك المركزى لضبط الأسعار، ويتم تخفيض هذا المعدل أو زيادته حسب حالة ، وفى العادة يتم تخفيض هذا المعدل فى حالات الركود وانخفاض معدلات التضخم وزيادة معدل الفائدة الحقيقى والذى يعبرعن الفرق بين معدلات الفائدة المعلنة ومعدلات التضخم ، والهدف من ذلك تحفيز السوق وتشجيع الاستثمار فى المشروعات المختلفة ، وتختلف انعكاسات تخفيض معدلات الفائدة على كافة الأنشطة بوجه عام وعلى نشاط بنوعيه الممتلكات والحياة بوجه خاص.
ففى 3/11/2016 أعلن البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ، ونتج عن ذلك ارتفاع سعر الدولار الامريكى من 8.8 جنيه إلى 13.5جنيها تقريبا ، ونتيجة لهذا القرار واعتماد على الكثير من السلع المستوردة أرتفعت الأسعار وزادت معدلات التضخم زيادات كبيرة ، مما دفع البنك المركزى إلى زيادة معدلات الفائدة لامتصاص القوة الشرائية فى السوق وتحجيم الطلب ، وبمرور الوقت ونتيجة لكثير من اجراءات الإصلاح الإقتصادى ارتفع معدل النمو وسادت حالة من استقرار الأسعار، ثم تبع ذلك انخفاض فى الأسعار وتحسن فى سعر صرف الجنيه المصرى ، وهذا قد ساعد البنك المركزى على تخفيض أسعار الفائدة أكثر من مرة خلال عام 2020 ، لتحفيز الاستثمار ، ولتحقيق الكثير من الآثار ايجابية على معظم الأنشطة ، فخلال العام المنقضى 2020 وفى خطوة لم تحدث من قبل قام البنك المركزى بخفض معدلات الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس أى ما يعادل 4%.
وهناك الكثيرمن الآثار الإيجابية والسلبية جراء تغيير معدلات على الكثير من الأنشطة ، فعلى سبيل المثال بالنسبة للموازنة العامة للدولة فكل تخفيض لمعدل الفائدة بمقدار 100 نقطة أى 1% يؤدى إلى تقليل عجز الموازنة بمقدار 35 مليار جنيه سنويا بإعتبار أن الدين المحلى يبلغ 3.5 تريليون جنيه مصرى وذلك عند تجديد تلك الديون ، ولك أن تتخيل مدى الوفر فى الموازنة الناتج من تخفيض معدلات الفائدة من أكثر من 20% إلى معدلات الفائدة السائدة حاليا فى السوق المصرى
ومن الآثار الإيجابية أيضا على ، فكلما ارتفعت معدلات الفائدة أدى ذلك لإحجام الأفراد ورجال الأعمال عن الاقتراض لارتفاع تكلفته ، لأنه يزيد من عبء تكاليف إنشاء وتشغيل المشروعات ، وبالتالى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالى قلة الطلب من قبل المستهلكين نظرا لارتفاع الأسعار ، ومن ناحية اخرى قيام الكثير من رجال الأعمال المرتقبين بالاستثمار فى شهادات ادخار وودائع بنكية لارتفاع العائد منها بدلا من إنشاء مشروعات جديدة أو التوسع فى المشروعات القائمة ، وتخفيض معدلات الفائدة يؤدى إلى النقيض من كل ذلك.
وأما عن تأثير تخفيض معدل الفائدة على صناعة ، فهناك آثار ايجابية من ناحية وآثار سلبية من ناحية أخرى ، حيث أن صناعة أو نشاط التأمين يتكون من شقين ، شق خاص بالاكتتاب وآخر خاص بالاستثمار، ومن الصعوبة بمكان فصل بعضهما عن البعض وخصوصا فى مجال التأمين على الحياة.
بالنسبة للجانب الاستثمارى:
بلغت استثمارات شركات فى 30/06/2019 ما قيمته 102 مليار جنيه ، منها 67% تقريبا خاصة بحقوق حملة الوثائق ، و33% خاصة بحقوق المساهمين ، موزعة 58 مليار جنيه خاصة بتأمينات الأشخاص وتكوين الأموال ، و44 مليار جنيه تأمينات الممتلكات والمسئوليات ، منها ودائع ادخارية بخلاف أذون الخزانة ما يزيد عن 24 مليار جنيه ، ولك أن تتخيل مقدار النقص فى عوائد هذه الاستثمارات خلال الانخفاضات المتتالية لمعدلات الفائدة ، ومدى تأثيرها السلبى على ربحية هذه الشركات.
الاكتتاب بنشاط الحياة:
1- وثائق على الحياة فى معظمها فى السوق المصرى وثائق محددة القيمة ، وبالتالى فشركة تتعهد بدفع مبالغ محددة فى حالة وفاة المؤمن عليه خلال مدة التأمين أو بقاءه على قيد الحياة حتى نهاية مدة التأمين أو حسب نوع وشروط عقد التأمين ، وتمثل نسبة الوثائق المشتركة فى الأرباح فى السوق المصرى النسبة الأكبر من الوثائق المصدرة والسارية ، ومن الناحية الاكتوارية فمن المحددات الرئيسية فى حساب قسط على الحياة معدلات الوفاة ومعدل الفائدة الفنى وتحميلات القسط ، ومعدل الفائدة الفنى يرتبط بمعدل الاستثمار المحقق بعلاقة طردية ويرتبط بالقسط بعلاقة عكسية ، فكلما ارتفع معدل الفائدة الفنى انخفضت قيمة القسط ، ونظرا لأن الأسعار محددة مقدما بما يعرف بالتعريفة ، فإن ذلك ينعكس على توزيعات الأرباح والتى تزيد بزيادة الانحرافات المواتية فى معدل الفائدة الفنى والعكس صحيح ، وبالتالى فإن تخفيض معدل الفائدة يؤدى إلى تخفيض الأرباح المحققة وبالتالى تخفيض الأرباح الموزعة.
2- تخفيض معدلات الفائدة يؤدى إلى زيادة السيولة فى أيدى الأفراد نتيجة انخفاض تكلفة الاقتراض ، واحجام بعض الأفراد عن الادخارلانخفاض العائد منها ، وبالتالى بحث الفرد عن منتجات بديلة لاستثمار أمواله ، وهذا يشجع وييسيرعملية إبرام وثائق تأمين جديدة من العميل المتوقع ، وسهولة تحصيل الأقساط الخاصة بالوثائق المصدرة بالفعل لتوافر السيولة بيد الأفراد.
3- مع تخفيض معدلات الفائدة واستقرار الأسعار وثبات معدلات التضخم ، يكون من السهل اقتناع العميل المتوقع من جدوى ، وخاصة أن وثائق التأمين على الحياة تمتد لفترات طويلة نسبيا قد تتعدى 20 سنة ، وبالتالى لا يجد العميل المتوقع أى غضاضة فى إبرام وثيقة التأمين على عكس حالات التضخم الجامحة والتى لا يرى العميل المتوقع أى جدوى من الحصول على مبلغ التأمين بعد 20 سنة مثلا.
الاكتتاب بتأمين الممتلكات والمسئوليات:
كما ذكرنا من قبل بأن تخفيض معدلات الفائدة يزيد من السيولة النقدية ويحفز على الاستثمار واقامة المشروعات والانفاق بوجه عام ، وهذا بدوره يساعد كثيرا فى نشاط تأمين الممتلكات والمسئوليات ، فكلما زاد الانفاق سواء الاستهلاكى او الاستثمارى وزاد البيع بالتقسيط وزادت معه المنح والقرض ، انعكس هذا ايجابيا على المجتمع وعلى معدلات النمو وبالتالى على صناعة التأمين .
فعلى سبيل المثال تمثل صافى أقساط السيارات التكميلى ما نسبته 29% من صافى أقساط التأمينات العامة المصدرة فى السوق المصرى حسب الأرقام المنشورة فى 30/06/2019 ، وكذلك صافى التعويضات الخاصة بهذا الفرع من التأمين تمثل ما قيمته 32% من صافى التعويضات الخاصة بالتأمينات العامة فى ذات الوقت ، وعلى هذا إذا تكلمنا عن التأمين التكميلى على السيارات فنجد أن تخفيض معدلات الفائدة يؤثر تأثيرا ايجابيا على معدلات النمو ، فتخفيض معدلات الفائدة يساعد على زيادة عمليات البيع بالتقسيط ، مما يشجع على المزيد من عمليات الاكتتاب.