قدمت دراسة حديثة مجموعة حلول لتطوير مدينة برج العرب فى محافظة الإسكندرية، لتكون محور تنموى لسكان الثغرة، جاء فى مقدمتها إعادة هيكلة الإطار المؤسسى لمنطقة برج العرب، بحيث يتم إسناد إدارتها بالكامل إلى جهاز المدينة، وإعداد مخطط استراتيجى شامل للتنمية.
اقترحت الدراسة التى أعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إعادة النظر فى المدة الزمنية المقترحة للتنمية بالمخطط الاستراتيجى 2032، بما يتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة، ومراعاة النمو الفعلى لفرص العمل المتاحة فى الأنشطة الاقتصادية الحالية عند تحديد معدلات النمو، إلى جانب زيادة دور القطاع الخاص فى تنمية المدينة.
وشددت الدراسة على ضرورة توفير مناطق صناعية للمطورين الصناعيين، مع تسهيل الإجراءات لتأسيس المشروعات الصناعية، مع وضع خطط لشبكات النقل العام، وفصل صلاحيات مشروعات خطط النقل العام للمدن الجديدة عن هيئة النقل العام الحكومية، مع تنظيم وسائل النقل العشوائية من خلال تحديد نقاط تجمع خارج المناطق المركزية للمدينة.
وشملت المقترحات تقديم منح حوافز للسكان فى المدينة، مصحوبة بمجموعة من مبادرات المجتمع المدنى، على أن تستهدف تلك المبادرات تمويل المشروعات الصغيرة التى يمكن للشباب تنفيذها.
وبحسب الدراسة فقد أستندت فلسفة خطة العمل المقترحة لتطوير مدينة برج العرب على التحديات المتعلقة، بارتفاع كثافة السكان ومعدلات النمو السكانى مع عدم توافر مساحات للتوسع العمرانى، وتطبيق قرارات وقف البناء لمنع العشوائية التى انتشرت بشكل كبير فى السنوات الماضية.
وطالبت الدراسة بضرورة الاستفادة من التجارب العالمية والمحلية الناجحة لفهم الميزة التنافسية للمدينة، وبناء استراتيجية متكاملة، مع وجود آليات تنفيذ واضحة المعالم، لاسيما أنها تحتوى على إمكانيات تعليمية قوية من خلال الجامعات التكنولوجية الحديثة المنتشرة فيها، إذ يمكن أن تصبح مركزًا تعليميًا عالميًا وإقليميًا، خاصة فى مجال التعليم الصناعى والتكنولوجى.
وأشارت الدراسة إلى أن المدينة لم تتلق الاهتمام والتطور الكافى، خاصة أن هناك مشاكل جوهرية كبرى تعيق حركة التنمية بها.
وأظهرت الدراسة التى اطلعت عليها “المال” أن المدينة بها معوقات تنمية واضحة تختلف بها عن غيرها من المدن الجديدة فى جميع المؤشرات، إذ بلغت نسبة تحقيق المستهدفات السكنية للمدينة ما يقرب من %24، وهى بذلك أقل نسبة من بين جميع المدن الجديدة من الجيل الأول بعد مدينة السادات.
وأشارت الدراسة إلى أن العدد الفعلى لسكان برج العرب يبلغ نحو 177 ألف نسمة، فى حين أن المُستهدف 750 ألف نسمة بحلول عام 2032، وكان من المفترض تحقيق المستهدف الأولى البالغ 500 ألف نسمة خلال 25 سنة من تاريخ الإنشاء أى بحلول عام 2000 أو 2005، إلا أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.
وأشارت إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية بنت تقديراتها على عدد الوحدات التى تم بيعها بغض النظر عما إذا كانت مشغولة بالفعل أم لا، فى حين أن عددًا كبيرًا من الأسر قام بشراء الوحدات السكنية ولم يقم بها نظرًا لقلة الخدمات الأساسية المطلوب توفيرها.
وأفادت الدراسة أن حجم الاستثمارات بالمدنية فى حدود 5 مليارات جنيه، وهى نسبة أقل من معظم المدن الجديدة الأخرى.
وتطرقت الدراسة إلى الإشارة للتغييرات الجوهرية التى طالت الإسكندرية بشكل عام، خلال هذه الفترة إذ تشير معظم المؤشرات إلى تراجع نسب النمو السكانى داخل الأحياء السكنية المركزية خلال العقود الأخيرة، وذلك نظرًا لقلة المعروض من الوحدات السكنية كحى المنتزه وحى العجمى والعامرية، بالإضافة إلى القرارات الحكومية الخاصة بوقف البناء بتلك المناطق.
وتابعت: النمو السكانى، ووقف البناء، يمنح برج العرب فرصة واعدة لتكون مدنية تنموية، فى ظل عدم توفر ظهير صحراوى لمحافظة الإسكندرية، وشريط وضع مخطط تنموى واضح المعالم لتطويرها، وتوفير كافة الخدمات الاساسية بها.
وعلى صعيد النشاط الصناعى وسياسات التصنيع، أظهرت الدراسة أنه بالرغم من أن المدينة تعتبر فى الغالب صناعية وسكنية، فإن الأداء الصناعى فيها لا يزال يعانى من عدم وصوله إلى النتائج المتوقعة.
وأفادت الدراسة بأن “برج العرب” شهدت نموًا ملحوظًا فى معدلات إنشاء المصانع فى المراحل الأولى من بنائها، ولكن العديد من المعوقات الهيكلية المرتبطة بسياسات التصنيع وآليات التنفيذ تسببت فى وقف النشاط التصنيعى وفقًا للمعدلات الموضوعة وقتها.
ووفقًا للدراسة فقد بلغت الاستثمارات فى القطاع الصناعى بالمدينة نحو 7 مليارات جنيه، تحقق هذه المصانع منتجات بقيمة 21.7 مليار جنيه، بعدد عمالة 103 آلاف فرصة عمل.
أظهرت الدراسة من خلال التحليل، وجود ضعف واضح للخدمات الصحية والتعليمية بالمدينة، وكذلك البنية التحتية، إذ تعانى من مساحات واسعة جدًا غير مخططة، الأمر الذى أدى إلى انتشار المناطق العشوائية.
وتابعت: تواجه مدينة برج العرب نقصًا فى عدد المدارس المتاحة فى مختلف المراحل التعليمية، مما يؤدى إلى ارتفاع كثافة الفصول، وزيادة نسبة المتسربين من التعليم فى المدينة، إذ بلغت نسبة التسرب ما يقرب من %13 فى محافظة الإسكندرية بشكل عام.
وتعانى المدينة من ضعف التنقل، وعدم وجود وسائل نقل حضرية منتظمة، مما أدى إلى انتشار التوك توك والميكروباص، رغم إنشاء المدينة منذ أكثر من 40 عامًا.
ووفقًا للدراسة، أجرى جهاز مدينة برج العرب محاولات عديدة لإعادة تشغيل خط السكة الحديد ومفاوضات مع هيئة السكك الحديدية، على غرار مفاوضات عام 2015، ولكن تفاقمت الخلافات بين الهيئة ومجلس أمناء مدينة برج العرب، إذ تراجعت الهيئة عن الاتفاقيتين اللتين تم التوصل إليها بين الطرفين، وقدمت مقترحا ثالثًا يتطلب من مجلس أمناء المدينة دفع %60 من التكلفة الفعلية لتشغيل خط السكة الحديد، ولكن المجلس رفض هذا الاقتراح.
مها يونس