كشفت دراسة حديثة أسباب وملامح ترهل الجهاز الإدارى للدولة، وأبرز الحلول لمواجهة تلك الظاهرة، وسيقوم «المركز المصري للدراسات الاقتصادية» برئاسة الدكتورة عبلة عبد اللطيف، بنشرها خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ذكرت الدراسة التى أعدها الدكتور طارق الحصري، وكيل كلية الدراسات العليا فى الإدارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، والتى اطلعت عليها «المال»، أن الجهاز الإداري للدولة يتكون من 33 وزارة ويلحق بها 14 مصلحة، و217 هيئة عامة، فضلا عن 27 محافظة.
وأوضحت الدراسة أن بكل محافظة 11 مديرية خدمية بإجمالى 297، كما تتكون المحافظات من 188 مركزا و226 مدينة، و91 حيا و1325 قرية، فضلا عن أجهزة المدن الجديدة وعددها 25، وبذلك يكون إجمالى كيانات الجهاز الإداري للدولة 2443 كيانا، وهو عدد ضخم جدا وفقا للمعايير الدولية.
وقالت إن مصر تمتلك أكبر عدد من الوزارات على مستوى العالم، تتساوى معها إندونيسيا فقط، مقارنة بـ15 وزارة فقط فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وكوريا الجنوبية، و16 وزارة بفرنسا، و10 باليابان و12 فى سنغافورة.
وأوضحت الدراسة أن تداخل بعض الوزارات وتفتيت المهمة بين أكثر من وزارة وعدم وجود أهداف محددة وتضارب الصلاحيات والمسئوليات يمثل تحديا كبيرا.
ووفقا للدراسة فإن هناك أمثلة واضحة لتداخل اختصاصات الوزارات مثل التداخل بين اختصاصات وزارة الخارجية ووزارة شئون المصريين بالخارج، حيث تختص وزارة الخارجية بتولى رعاية المصالح المصرية فى الخارج واتخاذ الإجراءات لحمايتها.
فيما تختص وزارة شئون المصريين بالخارج بحماية مصالح المواطنين المصريية بالخارج.
وهذه الاختصاصات المقررة لوزارة الهجرة يستحيل تنفيذها إلا من خلال البعثات الدبلوماسية والقنصلية فى الخارج والتى تتبع وزارة الخارجية.
وأوضحت الدراسة أن هناك فصلا تاما بين نشاطين متكاملين مثل وزارتى الكهرباء والبترول، حيث تختص «الكهرباء» برسم السياسة ووضع الخطة العامة بما يتماشى مع التطور العلمى والتكنولوجى، والإشراف على تنفيذ هذه السياسة ومتابعة ومراقبة أوجه النشاط المختلفة فى مجالات الكهرباء والطاقة.
وتختص «البترول» بتدعيم وتطوير وتنمية مصادر الثروة البترولية والمعدنية والعمل على حسن استغلالها بما يكفل تحقيق أهداف التنمية وزيادة الدخل القومى للبلاد.
وأشارت إلى أن الكهرباء تعد من أهم أوجه استخدام البترول، وهو ما سبب مشاكل كثيرة فى فترات سابقة من انقطاع الكهرباء بسبب نقص إمدادات البترول.
وذكرت الدراسة أن المكون الثانى للجهاز الإداري للدولة يعانى من التضخم وقد جرت العادة على استحداث هيئات جديدة وعدم النظر فى إلغاء القديمة أو دمج القائمة.
وضربت الدراسة مثلا بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى والتى أنشئت بقرار من رئيس الجمهورية عام 1963، وتختص بتنفيذ قانون الإصلاح الزراعى واللوائح والقرارات التنظيمية له، وهذا الدور قد انتهى من عشرات السنين ولا تزال الهيئة تمارس عملها حتى اللحظة، وتضم 13 ألفا و267 موظفا.
وذكرت أن الهيئة الزراعية المصرية أنشئت عام 1898، تحت اسم الجمعية الزراعية الملكية كأول جهة تخدم الزراعة، وتقوم الهيئة بالأبحاث وتحسين الإنتاج الزراعى والحيوانى بالإضافة إلى تربية الخيول العربية، وحاليا لا تقوم إلا بوظيفة تربية الخيول ومن الممكن أن تنتقل هذه الوظيفة لهيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة.
تعدد جهات تنمية الصادرات عقبة كبيرة
ووفقا للدراسة فإن تعدد الجهات التى تعمل فى مجال تنمية الصادرات، يمثل تحديا حكوميا كبيرا أيضا، فهناك الهيئة العام لتنمية الصادرات، وصندوق تنمية الصادرات والبنك المصرى لتنمية الصادرات والشركة المصرية لضمان الصادرات.
وذكرت الدراسة أن المكون الثالث من مكونات الجهاز الإدارى للدولة يعانى أيضا من التكدس والترهل، فالمحافظات وعددها 27 محافظة تواجه تحديات أبرزها عدم منح الأقاليم الاقتصادية الشخصية الاعتبارية المستقلة.
وتتعارض اختصاصات المحافظين مع السلطات المخولة للوزارات، فضلا عن تقادم التشريعات المنظمة لإدارة المحلية، وكذلك ضعف الموازنات المخصصة لوحدات الإدارة المحلية، وضعف الاعتمادات المدرجة للتدريب بالموازنة العامة للدولة، وكذلك عدم وضوح العلاقة بين السلطة المركزية واللامركزية، وعدم تفعيل المراكز التكنولوجية لخدمات المواطنين.
ووفقا للدراسة، فإن الجهاز الإداري للدولة يعانى من تضخم العمالة وسوء توزيعها وارتفاع تكلفتها وانخفاض إنتاجيتها.
ويضم الجهاز الإدارى للدولة 5.77 مليون درجة وظيفية، منها 2 مليون فى الوزارات والمصالح تمثل 35.7% و2.8 مليون درجة فى الإدارة المحلية تمثل 48.9% و574 ألف درجة بالهيئات الخدمية 9.2%، و342 ألف درجة بالهيئات الاقتصادية تمثل 5.9%.
موظف لكل 15 مواطنا
وبهذه الإحصائيات يصبح هناك موظف لكل 15 مواطنا، مما يعكس تكدسا كبيرا فى الجهاز الإدارى للدولة.
وأكدت الدراسة أهمية الاهتمام بالعنصر البشرى وتحويل إدارات شئون العاملين والأفراد إلى إدارات موارد بشرية لجذب المواهب وتدريبهم، واتباع النظم الحديثة فى إعداد الموازنة العامة للدولة بنظام البرامج والأداء، ونظم حديثة ومتكاملة لإعداد خطط التنمية القصيرة والطويلة الأجل، وزيادة التواصل والشفافية مع المواطن.