يرى محللون ومصرفيون تحدثت إليهم “المال”، أن المبادرات التى أطلقها البنك المركزى المصرى، مطلع العام الماضى، بالتزامن مع جائحة فيروس كورونا المستجد؛ عززت خلال 2020.
وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزى، ارتفاع قروض القطاع المصرفى المصرى بنسبة %27 أو بقيمة 509 مليارات جنيه خلال الأشهر التسعة الأولى من 2020، لتسجل 2.382 تريليون جنيه نهاية سبتمبر الماضى، مقابل 1.873 تريليون فى نهاية ديسمبر 2019.
وقال المحللون إن البنوك استطاعت تحقيق معدلات نمو جيدة خلال العام الماضى، بفعل انخفاض معدلات الفائدة ومبادرات تنشيط الاقتصاد التى أطلقها البنك المركزى، بجانب مشروعات البنية الأساسية التى تمولها البنوك الحكومية والكبرى بشكل كبير.
وخفضت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى، أسعار الفائدة الرئيسية على الجنيه على مدار العام الماضى بنحو 400 نقطة أساس، وكان آخر تخفيض فى نوفمبر بنحو 50 نقطة أساس، ليصل العائد على الإيداع والإقراض %8.25 و%9.25 على التوالى.
وأعلن البنك المركزى المصرى، عددًا من المبادرات مع بداية أزمة فيروس كورونا، شملت تأجيل كافة المستحقات الائتمانية للعملاء من الشركات والأفراد حتى نهاية 2020، وإعادة هيكلة مديونيات العملاء من بينها القطاع السياحى لمساعدتهم فى الوصول إلى تمويلات جديدة.
وأطلق البنك المركزى المصرى فى ديسمبر 2020، مبادرة تمويل مشروعات القطاع الصناعى الخاص بفائدة %10 متناقصة، قبل أن يدخل عليها تعديلات فى مارس الماضى، لتشمل أيضًا مشروعات المقاولات، والمشروعات الزراعية، مع تخفيض الفائدة إلى %8 متناقصة.
وأظهر مسح أجرته «المال» على قوائم مالية لنحو 17 بنكًا أفصحت عن مؤشراتها المالية بنهاية الربع الثالث من 2020، أن نحو 14 حققت نموًا فى محفظة القروض بنسبة تتراوح بين 2 و%30، بينما تراجعت لدى 3 بنوك فقط.
أبانوب مجدي: المصارف الحكومية الأكثر مشاركة فى التمويل عبر المبادرات
وقال أبانوب مجدى محلل أول قطاع البنوك والمؤسسات المالية لدى بنك الاستثمار “بلتون فاينانشال”، إن هناك نموا قويا جدا فى قرض الشركات خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي؛ مدعوما بشكل واضح بانخفاض سعر الفائدة، والمبادرات التى قام بها البنك المركزى خاصة مبادرة تمويل القطاع الصناعى والمقاولات والزراعى.
وأضاف أن البنوك الحكومية تعد الأكثر مشاركة فى تمويل الشركات عبر مبادرات البنك المركزى المصرى.
وقال إن قروض الأفراد شهدت نموا جيدا على مستوى القطاع ككل خلال أزمة فيروس كورونا، خاصة على مستوى البنوك الخاصة؛ نتيجة أن أغلب البنوك لجأت إلى قروض التجزئة والتى تعتبر من أقل أنواع الإقراض مخاطر خلال الأزمة، فى ظل المزيد من المخاطر الائتمانية، مشيرًا إلى أن انخفاض مخاطر تمويل قطاع الأفراد يرجع إلى صغر حجم القرض الواحد مقارنة بقروض الشركات، وثبات وارتفاع العائد.
وتابع : “قروض التجزئة كانت الأكثر ربحا بالنسبة للبنوك مقارنة بالعائد على أغلب الأوعية الادخارية، سواء التوظيف فى الإنتربنك أو أذون وسندات الخزانة الحكومية”.
ويرى أن معدلات النمو فى القروض ستستمر خلال عام 2021، لكنها بمعدل أقل، متوقعا نموا بنسبة %18 فى إجمالى حجم قروض القطاع المصرفى.
وطبقا لبيانات النشرة الشهرية للبنك المركزى، ارتفعت القروض غير الحكومية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضى، بنحو 202.5 مليار جنيه، لتصل إلى 1.554 تريليون نهاية أغسطس 2020، مقابل 1.352 تريليون جنيه نهاية ديسمبر 2019.
وبلغت قروض القطاع العائلى نحو 465.617 مليار جنيه فى أغسطس الماضى، مرتفعة من 389.7 مليار، بينما ارتفعت قروض القطاعات الاقتصادية إلى 1.083 تريليون جنيه فى أغسطس ، مقابل 975.124 مليار فى ديسمبر 2019.
محمد عبدالعال: الإنفاق فى المشروعات القومية وتشغيل شركات القطاع الخاص سحب الكثير من الحدود الائتمانية
وقال محمد عبدالعال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن استمرار نمو المحافظ التمويلية فى البنوك بدون التأثر بجائحة كورونا، جاء بدعم من مبادرات البنك المركزى، خاصة أن نسبة الاستخدام للحدود المعتمدة للعملاء مستمرة، ومواصلة تأجيل القروض للعملاء الذين يواجهون بعض الصعوبات فى السداد.
وأضاف: “عملية الإنفاق الحكومى فى المشروعات القومية الضخمة جدا والتعاون عبر تشغيل شركات القطاع الخاص الكبرى، سحب الكثير من الحدود الائتمانية التى ضمنت استمرارية الزخم التمويلى وتحقيق نتائج إيجابية”.
ويرى أن القطاع المصرفى سيواصل معدلات النمو الجيدة فى الإقراض؛ بفضل المشروعات القومية بالإضافة إلى قيام البنك المركزى من حين إلى آخر يقوم بتجديد المبادرات القائمة، أو استحداث مبادرات جديدة لضمان سد أى فجوة فى التمويل أو ضعف فى النشاط، “مثل مبادرة تمويل المركبات بفائدة 3%، بالإضافة إلى المشروع القومى لتطوير الريف”.
وأشار إلى أن الفترة المقبلة تتطلب التركيز على تمويلات القطاع الخاص فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأنها المحرك الرئيسى للنشاط الاقتصادى.
وتابع : “معدلات توظيف القروض إلى الودائع نحتاج الوصول بها إلى %60 فى القطاع المصرفى المصرى، حتى يتمكن الاقتصاد من تحقيق معدلات نمو متزايد بين 5 – %6 فى الظروف العادية”.
وطبقًا لأحدث بيانات من البنك المركزى، ارتفعت معدلات توظيف القروض إلى الودائع بالقطاع المصرفى المصرى، لتصل إلى %47.1 فى نهاية يونيو 2020، مقابل %44.8 فى ديسمبر 2019.
طارق متولي: قرارات الحكومة بعدم الإغلاق الكلى للاقتصاد خلال الأزمة لها دور جيد فى استمرار معدلات منح الائتمان
ويرى طارق متولى الخبير المصرفى، أن مبادرات تأجيل السداد والفوائد ومنح البنوك لتمويلات جديدة عبر مبادرات البنك المركزى، بجانب المشروعات الجديدة فى البنية الأساسية التى نفذتها الحكومة، ساعدت على تحقيق معدلات نمو جيدة فى الإقراض خلال العام الماضى.
وأضاف أن بنوك القطاع العام قادت البنوك فى منح تمويلات جديدة للمشروعات الحكومية بجانب بعض البنوك الكبرى؛ مما ساهم فى نمو محفظة تمويل القطاع فى المتوسط بشكل قوى.
ويرى أن قرارات الحكومة بعدم الإغلاق الكلى للاقتصاد خلال الأزمة، كان لها دور جيد فى استمرار معدلات منح التمويل، خاصة مع استمرار الشركات والمصانع فى عملها بشكل جزئى، مضيفا :”من الدول الوحيدة التى اتخذت قرارا صحيحا فى التعامل مع أزمة جائحة فيروس كورونا دون إغلاق تام، وقطاع الإنشاءات كان محرك الاقتصاد”.
وقال إن عام 2021 سيكون أفضل من ناحية معدلات النمو فى قروض القطاع المصرفى المصرى مقارنة مع العام الماضى، إلا أن هناك بعض التأثيرات متوقفة على الاقتصاد العالمى فى الموجة الثانية للجائحة واتجاه بعض البلدان للإغلاق.
ووفقًا للمسح الذى شمل القوائم المالية للبنوك، قفزت محفظة القروض لدى مصرف أبوظبى الإسلامى بنسبة 29.65% خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام الماضى، لتسجل 39.8 مليار جنيه فى سبتمبر 2020، مقابل 30.7 مليار فى ديسمبر 2019.
وصعدت محفظة القروض لدى بنك القاهرة بنسبة %14.4 لتسجل 84.7 مليار جنيه نهاية سبتمبر 2020، مقابل 74.12 مليار نهاية ديسمبر 2019.
وفى البنك الأهلى الكويتى، أظهرت القوائم ارتفاع القروض بنسبة %13 لتصل إلى مستوى 21.2 مليار جنيه فى سبتمبر الماضى من 18.7 مليار جنيه فى ديسمبر السابق عليه.
وبحسب المسح، نمت محفظة القروض لدى بنك QNB الأهلى بنسبة %6.2 بنهاية الربع الثالث من العام الماضى، لتسجل 165 مليار جنيه، مقابل 154.7 مليار بنهاية 2019.
كما رفع بنك الإمارات دبى الوطنى، محفظة قروضه بنسبة %11.2 لتصل إلى 34.2 مليار جنيه نهاية سبتمبر 2020.
وزادت محفظة القروض لدى بنك الإسكندرية بنسبة %11.4 فى التسعة أشهر الأولى من العام الماضى، لتصل إلى 46.6 مليار جنيه فى سبتمبر 2020، مقابل 41.8 مليار فى ديسمبر 2019.
وطبقا للقوائم المالية، تراجعت محفظة القروض لدى البنك التجارى الدولى، طفيفًا خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام الماضى، لتسجل فى نهاية سبتمبر 119.145 مليار جنيه، مقابل 119.321 مليار فى ديسمبر السابق عليه.
كما تراجعت القروض فى بنكى المصرى الخليجى وبلوم بنسبة 5.12 و%1 على التوالى فى نهاية سبتمبر 2020، مقارنة بنهاية ديسمبر 2019.