أكد خبراء أن موافقة الحكومة السودانية علي تطبيق اتفاقية تيسير التجارة العربية واتفاقية الكوميسا علي السلع المصرية المصدرة للسودان التي تم بموجبها تخفيض 80% من التعريفة الجمركية المعمول بها في السودان علي 53 سلعة مصرية خطوة إيجابية لرفع حجم الصادرات المصرية للسودان والدول الأفريقية بصفة عامة باعتبار السودان بوابة مصر للدول الأفريقية.
يذكر أن حجم الاستثمارات المصرية في السودان يصل إلي 2.5 مليار دولار ممثلة في 128 شركة في المجالات الصناعية والزراعية والخدمية في حين بلغت الاستثمارات السودانية في مصر 86.22 مليون جنيه ممثلة في 200 مشروع، ووصل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان إلي 215 مليون دولار عام 2007 و595 مليون دولار عام 2008 ثم 485 مليون دولار خلال الفترة من يناير إلي أكتوبر 2009.
ومن الملاحظ أيضاً أن الحكومة المصرية تتجه إلي إقامة مشروعات للطرق البرية للربط بين مصر والسودان مثل مشروع الطريق الساحلي بين السويس وبور سودان فضلاً عن اتفاق كل من البنك الأهلي المصري والبنك المركزي السوداني علي إقامة بنك مشترك في السودان برأسمال قدره 30 مليون دولار والتي تعتبر خطوة لزيادة التجارة البينية العربية التي لا تتجاوز 10%.
وفي هذا السياق قال محمود الشاذلي، رئيس قطاع الموازنة السابق بوزارة المالية، إن أي تخفيف للرسوم الجمركية سواء علي الواردات أو الصادرات من شأنه تنمية التجارة خاصة أن السوق السودانية سوق واعدة لمصر نظراً لكون السودان قريبة جداً من السوق المصرية مما سيؤدي إلي زيادة التعاون التجاري وتحقيق مزايا لكلا الطرفين فالطرف المصري سيستفيد من اللحوم السودانية والمنتجات الزراعية في حين يستفيد الطرف الآخر من المنتجات المتوافرة في مصر مثل الأثاث.
الشاذلي يدعو إلى زيادة حجم الصادرات المصرية
ودعا الشاذلي إلي ضرورة زيادة حجم الصادرات المصرية وليس مجرد النظر إلي نسبة الزيادة مقارنة بالصادرات الموجودة خاصة أن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية ضعيف جداً، مؤكداً أن الغرف التجارية واتحاد الصناعات ووزارة التجارة والصناعة يتوجب عليها فتح الأسواق في ظل هذه الاتفاقية خاصة أن المنتجات المصرية تنخفض أسعارها بصورة كبيرة، الأمر الذي يعزز القدرة التنافسية للسلع المصرية مع الدول الأخرى.
ودعا الشاذلي إلي ضرورة دراسة السوق السودانية باعتبارها المدخل للدول الأفريقية، وضرورة قيام المصنع المصري برفع الكفاءة الإنتاجية للسلع التي ينتجها.
حمدي الغزالي من كبار مصدري الصناعات الغذائية أوضح أن من شأن هذه الاتفاقية زيادة الحاصلات الزراعية المصدرة إلي السودان، مشيراً إلي تصديره نحو 2000 طن شهرياً من الحاصلات الزراعية إلي السودان ولكن عندما أعلنت الحكومة السودانية موافقتها علي التخفيض صدرت نفس الكمية السابقة خلال يومين فقط وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً علي نمو “الصادرات المصرية”.
وأضاف الغزالي أن هذه الخطوة ستؤدي لدعم الصادرات المصرية ليس في السودان فقط، بل في جميع الدول الافريقية مع ضرورة التوسع عربياً واقليمياً وتطبيق جميع الاتفاقيات وعدم الالتفاف عليها لتحقيق المزايا المرجوة منها.
وقال شريف دلاور، الخبير الاقتصادي، أن موافقة الحكومة السودانية علي الاتفاقيات الاقتصادية المختلفة خطوة إيجابية تستلزم تعظيم استفادة مصر من هذه الاتفاقيات خاصة أن الدول العربية دائماً تحقق استفادة أكبر من مصر، فعلي سبيل المثال المنتجات السعودية زادت في مصر في حين أن العكس لم يتحقق فضلاً عن أن اتفاقية التيسير العربية لم تؤد إلي زيادة حجم التجارة البينية العربية حيث مازال حجم التجارة البينية بين الدول العربية لم يتجاوز 10%.
وتخوف دلاور من تأثير حالة التدهور الأمني علي جذب الاستثمارات المصرية للسوق السودانية الأمر الذي يقلل من حجم الاستفادة من هذه الاتفاقية، مشدداً علي أن السبيل من الاستفادة من هذه الاتفاقية هو تحديث هيكل الصناعة المصرية والبحث والتطوير وتدعيم الدراسات الاستراتيجية السوقية فضلا عن تدريب العنصر البشري.
فخري الفقي: الاتفاقية تمثل بداية الاستفادة من السوق السودانية
وأوضح فخري الفقي الخبير الاقتصادي، أن الاتفاقية تم التفاوض عليها لفترة طويلة مما يدل علي أن بها العديد من المزايا لصالح مصر من خلال تحفيز ضخ استثمارات مصرية في السودان، وزيادة الصادرات المصرية وبالتالي رفع حجم التجارة البينية العربية التي لم تتعد 8%، ولذلك فإن الاتفاقية تمثل البداية من الاستفادة من السوق السودانية التي تعتبر الفناء الخلفي للدول الافريقية فضلاً عن دورها في تخفيف عجز الميزان التجاري في مصر.
من جانبه قال عادل العزبي، مستشار غرفة الصناعات النسيجية إن موافقة الحكومة السودانية تعتبر خطوة إيجابية بشرط الالتزام بالخطوات المطبقة خاصة أن التعاملات الدولية ليس فيها آلية للإلزام.
ودعا العزبي إلي ضرورة اجراء دراسات سوقية للترويج للمنتج المصري عبر وسائل الإعلام المختلفة في السوق السودانية والتوجه إلي إقامة معارض دائمة للسلع المصرية بواسطة شركات القطاع الخاص المصري المنظم للمعارض الخارجية والتي لها تجارب ناجحة في هذا المجال، وتشجيع المشاركة في هذه المعارض والتنسيق بين رجال الاعمال لتخفيض نفقات المشاركة وتعظيم الاستفادة من خلال الاتفاق علي احجام الشحن المتاحة، ومساحات العرض وتوفير مساحات تخزينية للبضائع المصرية بالاسواق السودانية لجدول زمني محدد، للوقوف علي أرض الواقع الفعلي للسوق السودانية، وإيفاد باحثين لإعداد دراسات تفصيلية عن السوق السودانية، خاصة أن من أكبر المشاكل في مصر افتقادها الدراسات السوقية عن الدول المصدرة لها المنتجات المصرية.
أوضح أشرف عباس، أستاذ بمعهد البحوث الزراعية أن اتفاقية الكوميسا من أهم الارتباطات التجارية لمصر لأنها تتيح الحصول علي تفضيلات تجارية واتاحة علاقات متميزة في الدائرة الافريقية التي تمثل بعدا استراتيجياً لمصر خاصة في دول حوض النيل.
عباس: “الأدوية ومنتجات التصنيع الغذائي” أهم الصادرات المصرية لأفريقيا
وأشار عباس إلي أن أهم السلع التي تصدرها مصر إلى الدول الافريقية تتمثل في الادوية ومنتجات التصنيع الغذائي والمنتجات الجلدية، ومن ثم فإن من شأن موافقة السودان علي هذه الاتفاقيات تنامي تلك الصادرات للسوق السودانية التي لا يقتصر التعامل معها في كونها دولة عضواً في “الكوميسا” إنما عضو في منطقة التجارة الحرة العربية فضلا عن علاقات الجوار مع العديد من الدول الافريقية الأخري، مما يجعلها بوابة للسوق الافريقية.
ودعا عباس إلي ضرورة اجراء دراسة شاملة للمشروعات التنموية التي تحتاجها السوق السودانية، من خلال الاستعانة بالمراكز البحثية المتخصصة في هذا المجال لاجراء الدراسات اللازمة لهذه المشروعات خاصة أن هناك مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة المتوافرة في السودان ويمكن الاستثمار فيها واستغلالها.