أطاح تراجع أسعار البترول بعوائد الاستثمار في الصخور النفطية الأمريكية وخسر المستثمرون ما يقرب من 340 مليار دولار خلال العقد الماضي، وبرغم هذا لا توجد نهاية قريبة لهذه الصناعة.
رحلة انفجار الفقاعة
ويسرد تقرير لوكالة بلومبرج رحلة انفجار فقاعة هذه الصناعة وتحولها من ثورة عظيمة ضمنت للولايات المتحدة تحقيق استقلاليتها في قطاع الطاقة إلى مصدر لاستنزاف أموال المستثمرين.
كان إنتاج الولايات المتحدة من البترول لا يزيد عن 5 ملايين برميل يوميا عام 2008.
وفي مارس الماضي قفز الإنتاج إلى 13 مليون برميل وتحولت من دولة مستوردة إلى مصدرة للبترول.
بات يتعين على المستثمرين في الوقت الراهن سداد 1.10 أو 1.20 أو 1.50 دولار نظير كل دولار يتحصلون عليه.
ويعني هذا أن استثماراتهم في الصخور النفطية باتت غير مجدية بل مكلفة للغاية.
وقال لورد جون بروني المدير التنفيذي السابق لشركة “بي بي” البريطانية إن المستثمرين ينبغى أن يتحلوا بقدر كبير من الحرص قبل الاستثمار في قطاع البترول لعدم الوثوق بالعوائد النقدية المتحققة منه.
وشهد العقد الحالي نموا غير مسبوق في الإنتاج الأمريكي من البترول والغاز.
ومقابل هذا، اتسم قطاع البترول بالأداء الأسوأ ضمن قطاعات الأسهم المدرجة على مؤشر ستاندر آند بورز 500.
ويضاف إلى هذا إفلاس 26 شركة منتجة للبترول والغاز العام الجاري.
قبل اكتشاف الصخور النفطية الأمريكية
وقبل اكتشاف الصخور النفطية اعتادت الولايات المتحدة استيراد بعض احتياجاتها البترولية من السعودية وروسيا خلال الفترة الممتدة من سبعينات القرن الماضي إلى عام 2000.
وحصل المنتجون على موارد ضخمة من البترول بفضل الصخور النفطية التي تقع داخل مسافات عميقة من التربة.
وتحقق هذا بفضل المزج بين تكنولوجيا التنقيب الأفقي والتكسير المائي للحصول على كميات وفيرة من البترول والغاز.
لكن عام 2020 شهد تراجع حاد في الطلب على البترول بسبب وفرة المعروض من البترول المستخرج من الصخور النفطية والتداعيات الكارثية لفيروس كورونا.
بدأت الفقاعة في الانتفاخ خلال الفترة من عام 2010 إلى 2014 التي شهدت صعود أسعار الخام إلى 100 دولار للبرميل.
ويوضح الجراف التالي تطور أسعار الخام منذ أربعينات القرن الماضي بالدولار الأمريكي لكل برميل:
واجتذب القطاع المزيد من الاستثمارات على الرغم من التكاليف الباهظة اللازمة لاستخراج البترول من الصخور النفطية مقارنة بآبار البترول التقليدية.
ويرجع السبب إلى أن الإنتاج من الصخور النفطية يبدأ قويا ثم يفقد بعد عام تقريبا نسبة 70% من قوته.
ويحتم هذا ضرورة البحث عن آبار جديدة.
وحصل لذلك المدراء التنفيذيون في الشركات المنتجة للبترول من آبار الصخور النفطية على مرتبات ضخمة نظير النمو الذي حققته شركاتهم رغم خسائرها.
وكان هذا بمثابة الدافع القوي الذي شجع هذه الشركات على مواصلة النمو والبحث عن آبار جديدة.
بداية السقوط
وبدأت رحلة سقوط هذه الصناعة يوم 26 نوفمبر عام 2014 الذي عرف باسم مذبحة عيد الشكر عندما هبطت أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي بنسبة 6.92% لتصل إلى 68.59 دولار.
وأعلنت أكثر من 100 شركة إفلاسها.
وبرغم هذا استمرت هذه الصناعة في اجتذاب مليارات الدولارات جراء إعادة اكتشاف احتياطيات ضخمة في ولاية تكساس حملت اسم حوض بيرميان.
السبب الآخر لاستمرار ضخ استثمارات في هذه الصناعة هو التراجع الشديد في أسعار الفائدة وعدم وجود أصول أخرى مغرية بالقدر الكافي للاستثمار فيها.
واستمر صعود أسعار البترول بعد ذلك التاريخ حتى أشعلت روسيا والسعودية في مارس 2020 حرب أسعار.
وقررت الدولتان ضخ المزيد من الانتاج مما أدى إلى هبوط أسعار البترول.
وبجانب هذا أثارت جائحة فيروس كورونا مخاوف الدخول في ركود عالمي.
الأسعار تصل إلى سالب 37 دولارا
وهبطت الأسعار إلى أقل من 30 دولار للبرميل ثم إلى سالب 37 دولارا عندما اضطر المستثمرون إلى سداد أموال لاستلام شحنات البترول التي تعاقدوا عليها بآلية العقود الآجلة.
وصعدت أسعار البترول منذ ذلك الحين بينما عجزت عن الصمود الشركات العاملة في هذه الصناعة التي وفرت وظائف لنحو 4 ملايين أمريكي منذ الأزمة المالية عام 2008.
ومن هذه الشركات، شركة تشيسبيك انيرجي التي قادت ثورة الصخور النفطية، حيث أعلنت إفلاسها في يونيو 2020.
وبرغم هذا حصل المدراء التنفيذيون في شركات الصخور النفطية على مكافآت ضخمة وحققوا نسبة 100% من المكافآت المستهدفة.
وذلك على الرغم من أن عوائد هذه الشركات أو أسهمها ظلت سلبية.