رجح عدد من قيادات سوق التأمين تشدد شركات الإعادة العالمية فى تجديدات اتفاقاتها للعام المقبل بسبب الخسائر الكبيرة التى تكبدوها بسبب جائحة كورونا المستجد (كوفيد- 19) والتى ستدفعهم حتما إلى رفع الأسعار والحزم فى وضع الشروط والصراحة فى الاستثناءات لضمان تحسن الاكتتاب الفنى والمالى لديهم على حساب أى شئ آخر.
وتوقع الخبراء أن تؤثر نوعية اتفاقات الإعادة فى شكل الزيادات التى سيتم طرحها من جانب معيدى التأمين على الأسواق التأمينية بالإضافة إلى تأثر فروع بعينها مثل البحرى والحريق والممتلكات بشكل عام نظرا لأن الجزء الأكبر من التعويضات يأتى منهم إلا أن السوق المحلية ملزمة بوضع حلول لتجاوز الأزمة مما يعد اختبارا حقيقيا لها.
حنفى: تكهنات بصرامة الشروط لحفاظ الشركات العالمية على مستوى اكتتاباتها
وقال محمود حنفى العضو المنتدب لشركة اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة إنه يتوقع موجة تشدد من معيدى التأمين العالميين بعد حصرهم لإجمالى الخسائر الناتجة عن تفشى فيروس كورونا والتى وصفوها بالضخمة.
وأضاف أن شركات إعادة التأمين العالمية سوف يشهد ارتفاعا فى الأسعار خاصة وأنها كانت تغطيه ضمن الوثائق الأساسية فى الحياة والطبى، لافتا إلى أن هذا العام سيشهد تغيرات فى الأسعار والشروط بتجديدات العام المقبل.
وتوقع أن يشهد التأمين على الحياة على سبيل المثال شروطا أكثر فيما يتعلق بالعجزين الكلى والجزئى بوثائق الحياة وأسعارا أعلى على خلفية التعويضات التى صرفتها شركات الإعادة فى الدول التى تعمل بها كافة.
ورجح أن تقوم شركات التأمين على الحياة ببحث العديد من السبل للخروج من هذا المأزق الذى سيظل مدة لاتقل عن سنة كاملة أبرزها طرح منتجات تأمينية على الحياة تتناسب مع الفجوات التى يمكن أن تحدث فى دخول المواطنين بسبب التأثير الاقتصادى السلبى لفيروس كورونا، علاوة على محاولات البعض خفض الربحية بشكل مؤقت لتجاوز الأزمة وآخرها اللجوء إلى رفع السعر بنسبة طفيفة فى حالة الاضطرار لذلك حفاظا على العملاء ووثائقهم والربحية الفنية للأعمال بجانب وضع الأموال فى أوعية استثمارية أفضل للحصول على عائد مجزى.
واعترف بأن المنافسة حاليا بين شركات التأمين على الحياة ترتبط بالكيان القادر على توفير التغطية التأمينية بالحياة والطبى ضد الأوبئة، علاوة على سرعة أداء خدمة التعويضات مما يؤثر على عمق تفاوض كل شركة تأمين هذا العام مع معيدى التأمين لضمان حماية عملائه.
وأكد تفاوض شركته حاليا مع أكثر من معيد تأمين ذو تصنيف أول “First Class” وأنه يستحيل اللجوء لمعيد أقل من ذلك فى الدرجة لضمان الوفاء بالتزامات العملاء مهما تكن الظروف.
وتابع أن 2022 سيكون عاما هادئا إلى حد ما عن العامين المنصرمين لانخفاض التعويضات المسددة من جانب معيدى التأمين ووجود فاكسين لعلاج كورونا وتحوله من وباء مفترس إلى مرض يمكن علاجه بنسبة كبيرة، فضلا عن تعايش العالم بشكل طبيعى بعد الوباء مما يعيد الأمور لطبيعتها تدريجيا.
دكرورى: التوازن بين الجانبين المالى والفنى شرط تجاوز السوق للأزمة
ومن ناحيته، قال محمد الدكرورى مدير الشئون الفنية والعمليات بشركة “أروب” للتأمينات العامة إن تشدد شركات الإعادة العالمية وارد لامحالة فى اتفاقيات العام المقبل خاصة بعد خسائرها الضخمة الناجمة عن فيروس كورونا.
وأضاف أن تجديدات اتفاقيات العام المقبل سيحكمها عدة أشياء أهمها حدوث انفجار مرفأ بيروت والذى سيلقى بظلاله على الاكتتاب بأسعار أعلى بفرع التأمين البحرى، علاوة على الكوارث الطبيعية التى تم سداد تعويضاتها الكبيرة والأخرى المتوقعة للعام القادم التى لم تسدد بعد.
وأشار إلى أن السوق المصرية تتميز بأن حوادثها قليلة مقارنة بالدول الأخرى بالإضافة إلى أنه لم يكن لديه تأمين توقف أعمال ضد الأوبئة مما قلل من حجم التعويضات بالإضافة إلى تواضع تعويضات الحريق والحوادث والهندسى، بالإضافة إلى أن السوق المحلية صغيرة ومربحة لشركات الإعادة.
ولفت إلى أنه لن يوجد تشدد بشكل عام فى فرع السيارات التكميلى لأن فترة الإغلاق الحكومى للسيطرة على فيروس كورونا خفضت من حجم التعويضات رغم قلة الأقساط أيضا الداخلة فى المقابل.
وتابع أن التشدد يمكن أن يكمن فى البحرى لضخامة حوادثه فى المنطقة خاصة حادث بيروت والحريق كذلك لأن معيدى التأمين ينظرون للتجديدات كمنطقة أولا ثم سوق ثم كل شركة على حدة.
وأوضح أن شركات التأمين يقع على عاتقها عبء كبير العام المقبل يمكن تجاوزه بالتوازن بين الجانبين المالى والفنى للحفاظ على حجم الأعمال من ناحية والحفاظ على تحسن الاكتتاب والربحية الفنية منه من ناحية أخرى بالإضافة إلى أداء الخدمة بشكل سريع ومتابعة العميل أولا بأول لضمان توفير الحماية التأمينية له.
واعترف بأن معيدى التأمين العام المقبل سيكون لديهم مقاييس واشتراطات ثابتة على جميع شركات التأمين يشوبها التشدد فى الأسعار والاستثناءات بكل الأسواق لكن الشروط الإضافية سوف تكون بتسعير خاص ومنفصل.
وأشار إلى احتمالية تقليل بعض شركات إعادة التأمين للطاقة الاستيعابية أو رفع المحاذير بشأن تأمين النسيج أو البلاستيك أو الورق ووضع حد أقصى للخسارة بهم لتفادى أى تعويضات ضخمة بأى فرع خلال هذه الفترة الحرجة.
إمام: النوعية تؤثر فى شكل الزيادات المتوقعة على الكيانات المحلية
ومن جانبه، قال محمد إمام مساعد المدير الإقليمى السابق للشركة الأفريقية لإعادة التأمين “ Africa-Re “ إن السمة التى ستسود اتفاقيات الإعادة على مستوى المنطقة والعالم لعام 2021 هى التشدد بلاشك نظرا للخسائر التى تكبدها معيدو التأمين بسبب جائحة كورونا.
وأضاف أن سوق التأمين المصرية لاتزال صغيرة بالنسبة لحجم الأسواق العالمية الأخرى التى يتعامل معها معيدو التأمين وسوف تحدد نتائج اتفاقيات الإعادة بالسوق إلى أى مدى ستشهد تجديدات 2021 تشددا من جانب معيدى التأمين ومدى اقتصار شروط التجديد على التعديلات المالية فى الشروط أو امتداد تعديلات معيدى التأمين إلى التعديلات الفنية أيضا من حيث استثناء بعض التغطيات أو منحها بحدود مالية أقل من الحد الأقصى للاتفاقيات، لذا سوف يشهد العام المقبل الكثير من المحاذير أو ما يعرف بالشروط الصريحة والمحددة وكذا الاستثناءات، فضلا عن الاتجاه المؤكد بزيادة الأسعار.
وأوضح “إمام” أن نوعية الاتفاقيات سوف تؤثر فى شكل الزيادات المتوقعة من جانب معيدى التأمين حيث من المتوقع أن تشهد الاتفاقيات غير النسبية الجانب الأكبر من الزيادة المتوقعة التسعير بالمقارنة مع الاتفاقيات النسبية والتى تسود بشكل أكبر فى سوق التأمين المصرية.
ومن المعروف أن الاتفاقيات النسبية تعمل على تحديد الحصة التى تريد أن تتحملها الشركة من حجم التأمين وتسند الرصيد المتبقى إلى معيد التأمين وهنا يتم الاعتماد على أكثر من معيد تأمين ويتم توزيع أقساط التأمين والخسائر المترتبة بالتناسب بين شركة التأمين أو شركات إعادة التأمين.
وأضاف أن شركات التأمين عليها عدد من المهام التى لابد من تنفيذها أبرزها التوازن بين تحقيق النمو فى محفظة الأعمال مع تحقيق نتائج فنية مرضية من عمليات الاكتتاب ثم يأتى بعد ذلك العائد على استثماراتها لتحسين نتائج العمليات بشكل أكبر.
وطالب شركات التأمين بإعادة النظر فى أسعار الفروع التأمينية التى تكتتب فيها كافة حال رفع معيدو التأمين الأسعار فى اتفاقيات 2021 وذلك للحفاظ على نفسها من الآثار السلبية للمضاربات السعرية وكذا أموالها وحصتها بالسوق، لافتا إلى أن ذلك يتطلب بحث آليات السوق بدقة لتنفيذ ذلك باحترافية دون الإضرار بأى طرف فى العلاقة التأمينية.