ضخامة الأضرار التي ستلحق بالاقتصاد والشركات الأمريكية جراء الحرب التجارية مع الصين هي التي ستحدد مصير هذه الحرب ومدى استعداد الرئيس ترامب لمواصلتها من عدمه. وتتصدر شركات التكنولوجيا الأمريكية قائمة الشركات التي ستلحق بها أكبر الأضرار مما يجعلها أشد تحمسا لممارسة ضغوط أكبر على إدارة الرئيس ترامب لحثه على التراجع عنها.
قررت الحكومة الأمريكية تمديد فترة السماح لحظر يمنع هواوي من التعامل مع الشركات الأمريكية لمدة 90 يوما بهدف تلافي أضرار محتملة على شبكات الاتصالات الأمريكية المتواجدة في الأماكن القروية.
وشملت هذه الأضرار حرمان المستهلكين الأمريكيين في الأماكن القروية من الحصول على تحديثات أمنية، حسب تصريحات لسام ساكس المتخصصة في سياسة أمن الانترنت لدى شركة نيو امريكا البحثية.
وترى ساكس أن التمديد يرجع لأسباب تقنية ولا يؤشر على أن الولايات المتحدة غيرت موقفها تجاه هواوي على المدى الطويل وأنها تتجه لتخفيف حدة الصراع التجاري مع الصين.
ويرى محللون آخرون أن التمديد يشير إلى أن الرئيس ترامب متردد بشأن قطع العلاقات مع هواوي بشكل كامل، وفقا لتقرير نشره موقع سوث تشينا مورنج بوست.
وقال مارجن راسر خبير أمن التكنولوجيا لدى مركز الأمن الأمريكي الجديد:” يعد هذه التمديد بمثابة إعتراف بصعوبة توفير سلاسل إمدادات بديلة وتعويض المصالح الاقتصادية التي تحققها الشركات الأمريكية مع هواوي.”
وأضاف أن القرار يعني أن إدارة ترامب تتجه لحل وسط مع الشركة الصينية، فإضافة 46 وحدة تابعة لها إلى الحظر ضمن قرار التمديد الأخير يعني أن الشركات الأمريكية المصنعة للشرائح الاليكترونية سيسمح لها ببيع الشرائح هواوي شريطة أن تكون أقل تقدما وتحديثا.
ويقول تومس بروزا الخبير في العلاقات الدولية لدى جامعة روتجرز أن القرار يعكس شدة الأضرار التي ستتعرض لها الشركات الأمريكية عند تفعيل الحظر كما أنه يشير إلى حقيقة ترابط شبكة الإمدادات العالمية وصعوبة الاستغناء عن خدمات هواوي التي تقدم إمدادات عالية القيمة.
خسائر بالمليارات
خسرت عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات من قيمتها السوقية في مايو الماضي عندما قررت إدارة الرئيس ترامب فرض رسوم جديدة على الصادرات الصينية بقيمة 200 مليار دولار ردا على امتناع الصين عن إبرام اتفاق تجاري معها.
وردت الصين على هذه الخطوة الأمريكية بفرض رسوم بقيمة 60 مليار دولار على واردات قادمة من الولايات المتحدة تشمل البطاريات والقهوة ومنتجات أخرى.
وهبطت أسهم شركة آبل الأمريكية بنسبة 5% لتصل إلى 186.61 دولار بينما هبطت أسهم شركة تسلا بنسبة 6% لتصل إلى 225.70 دولار.
وذكر المحلل دان إيفز في تقرير لموقع فورتشن أن مخاوف المستثمرين مبررة بالنظر إلى أن شركات وادي التكنولوجيا الأمريكية هي الأكثر تضررا من الحرب التجارية مع الصين.
وتابع:” تمثل الصين المورد الرئيسي لسلسلة الإمدادات التي تحتاجها شركات أشباه الموصلات الأمريكية وكذلك شركات التكنولوجيا العملاقة مثل آبل.”
آبل أكبر المتضررين من الحرب التجارية
تعد شركة آبل واحدة من أكبر الخاسرين في الحرب التجارية الأمريكية الصينية، حيث تعتمد الشركة على المنتجات الصينية التي تحتاجها أغلبية منتجات الشركة مثل جهاز الآي فون وأجهزة الماكنتوش. تعد الصين كذلك سوقا مهما لشركة آبل التي تحقق مبيعات هناك بمليارات الدولارات في الربع السنوي الواحد.
ويتوقع المحلل كاتي هوبرتي من شركة مورجان ستانلي أن الرسوم الجمركية الجديدة ستخفض أرباح الشركة بنحو 24% للسهم.
وبدأت آبل عام 2015 خطة لنقل مصانعها من الصين بالاتفاق مع شركاء مثل فوكسكون إلى الهند بهدف تقليص سيطرة الحكومة الصينية على سلسلة الإمدادات.
وسرعت شركة آبل وتيرة انتقالها إلى الهند منذ تصاعد الحرب الكلامية بين الدولتين. وتم نقل انتاج جهاز آي فون SE إلى الهند.
لكن إيفز يستبعد نقل كافة مصانع آبل إلى الهند بسبب توفر الأيدى العاملة الماهرة في الصين بجانب استمرار تطبيق تشريعات متشددة في الهند. ويعني هذا أن آبل لن تتمكن من نقل سوى 10% فقط من مصانعها إلى الهند.
تأثيرات سلبية على شركات أشباه الموصلات
شركات اشباه الموصلات مثل كوالكم وانتل ونفيديا ستلحق بها تأثيرات سلبية جراء الحرب التجارية. صعود الرسوم الجمركية سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف المكونات والتسبب بالتالي في رفع اسعار التليفونات المحمولة وأجهزة التابلت والكمبيوتر أمام المستهلكين الذين سيضطرون بالتالي إلى تقليص مشترياتهم من هذه الأجهزة. ويؤدي هذا إلى تخفيض أرباح هذه الشركات في نهاية المطاف.
وقال هبرتي أن فرض رسوم بنسبة 25% على منتجات آبل سيجبرها على رفع سعر آي فون XS بنحو 160 دولار حتى يمكنها المحافظة على هوامش ارباحها. تبدأ أسعار آي فون XS حاليا ب 999 دولار ومن المتوقع أن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية إلى رفعها إلى 1,159 دولار.
ضغوط شركات التكنولوجيا على إدارة ترامب
أرسلت شركة آبل العام الماضي خطابا إلى الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر لحثه على إعادة النظر في زيادة الرسوم الجمركية على الصين.
واستبعدت آبل في الخطاب أن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية إلى تحقيق الأهداف التي وضعتها الحكومة الأمريكية لتعديل سياسات الصين في قطاع التكنولوجيا استنادا إلى حجم الأضرار التي تعرضت لها الشركات والمستهلكين الأمريكيين جراء زيادة هذه الرسوم.
وشدد المدير التنفيذي لشركة نفيديا جنسن هوانج على أهمية تفادي أضرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وتعمل في الصين مصانع تابعة لشركة نفيديا تتولى توفير وظائف لعدة آلاف من العمالة.